عمر عبدالرحمن إبراهيم الخليفة – مستر هوب.. قصة قصيرة

"سأطفو فوق بحر اليأس.. رغم تكسر المجاديف.. وضياع ذاك الشيء الذي يشبه البالون والذي كنت أتشبث به خوف الغرق.. أنظر إلى مفاصل أصابعي لا زالت تمتلئ روحاً وحركة لتملئ الكون كلمات بألوان قزح.. عضلات الأرجل لم يصيبها العطب بعد.. ستتحرك في بلاد الله الواسعة.. ستعبر المحيطات والقارات بحثاً عن الجديد والمثير في دنيا البشر.. وهذه العدسات لا زالت تتفاعل مع الضوء الذي ينعكس عليها.. سأمتعها بالخضرة والأزهار.. وهذه الستة جرامات لا زالت متكورة وتدور في محيطها.. سأفكك بها إشكاليات الوجود.. ستنتج أفكاراً وأفكاراً.. تملأ المجلدات.. وتلك العضلة ما انفكت تمارس ضخ الدم وتعمل بنشاطها المعهود.. سأملأ رئتي أوكسجيناً ثم أزفر الكآبة وأواصل المشوار...".
هو ذا مستر هوب يستعرض خواطره وأفكاره التي يهتم جداً بتدوينها ضمن دفتر يومياته.. ولا زالت إشكاليات الوطن تعترضه كلما أراد الحراك إلى الأمام.. هو ذا يصارع حظه النحس هذه المرة عاقداً العزم على اللاعودة.. السجن كبير جداً والزنزانات مصنوعة من فولاذٍ شديد الصلادة.. ولكن وحده العقل يستطيع أن يصهر الحديد! تستقر الفكرة الأخيرة في عقله بشكل أكثر تركيزاً.. يتساءل لماذا كل شيء يبدو صعباً في بلدي؟ لماذا تبدو الحقوق وكأنها أهداف سامية بينما تندفن الغايات العالية تحت تراب الجري وراء ما هو حق؟ أي تناقض هذا؟ لماذا الرجل المناسب لا يتوافر دوماً في المكان المناسب؟ أم لماذا الأشياء القريبة تبدو بعيدة والبعيدة لا ترى بمجرد النظر؟ لماذا الغلاء؟ لماذا؟ لماذا؟ لماذا؟ انهمرت الأسئلة على رأسه وكأنها حنفية أصابها العطب حتى صار الماء ينسكب من غير ما انتظام ليملأ المكان.. استسلم مستر هوب لنوم عميق.. يرى أنه تحول إلى طائر قوي الأجنحة.. حلق مستر هوب عالياً باسطاً أجنحته في سماء الحلم يغزو الكواكب والنجوم... تجاوز ذاك الجسر الفاصل بين الواقع والحلم بشجاعة الفرسان.. حطّم الجسر ساعة وصوله ضفة الحلم!


عمر عبدالرحمن إبراهيم الخليفة – السودان

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى