أبو صخر الهذلي - رائية أبي صخر الهَذَلي..

لليلى بذات الجيش دار عرفتها = وأخرى بذات البين آياتها سطر
كأنهما ملآن لم يتغيرا = وقد مرّ للدارين من عهدنا عصر
وقفت بربعيها فعيّ جوابها = فقلت وعيني دمعها سرب همر
ألا أيها الركب المخبّون هل لكم = بساكن أجراع الحمى بعدنا خير
فقالوا: طوينا ذاك ليلاً وإن يكن = به بعض من تهوى فما شعر السّفر
أما والذي أبكى وأضحك والذي = أمات وأحيا والذي أمره الأمر
لقد كنت آتيها وفي النفس هجرها = بتاتاً لأخرى الدهر ما طلع الفجر
فما هو إلا أن أراها فجاءة = فأبهت لا عرف لديّ ولا نكر
وأنسى الذي قد كنت فيه هجرتها = كما قد تنسّي لبّ شاربها الخمر
وما تركت لي من شذىً أهتدي به = ولا ضلع إلا وفي عظمها كسر
وقد تركتني أغبط الوحش أن أرى = قرينين منها لم يفزّعهما نفر
ويمنعني من بعض إنكار ظلمها = إذا ظلمت يوماً وإن كان لي عذر
مخافة أني قد علمت لئن بدا = لي الهجر منها ما على هجرها صبر
وأني لا أدري إذا النفس أشرفت = على هجرها ما يبلغن بي الهجر
أبى القلب إلا حبها عامريةً = لها كنيةً عمر وليس لها عمرو
تكاد يدي تندى إذا ما لمستها = وينبت في أطرافها الورق الخضر
وإني لتعروني لذكراك فترة = كما انتفض العصفور بلله القطر
تمنيت من حبي علية أننا = على رمث في البحر ليس لنا وفر
على دائم لا يعبر الفلك موجه = ومن دوننا الأعداء واللجج الخضر
فنقضي هموم النفس في غير رقبة = ويغرق من نخشى نميمته البحر
عجبت لسعي الدهر بيني وبينها = فلما انقضى ما بيننا سكن الدهر
فيا حب ليلى قد بلغت بي المدى = وزدت على ما ليس يبلغه الهجر
ويا حبها زدني جوىً كل ليلة = ويا سلوة الأيام موعدك النضر
هجرتك حتى قيل: ما يعرف الهوى = وزرتك حتي قيل: ليس له صبر
صدقت أنا الصب المصاب الذي به = تباريح حب خامر القلب أو سحر
فيا حبذا الأحياء ما دمت حيةً = ويا حبذا الأموات ما ضمك القبر
أعلى