بشير السباعي - رماد الأزمنة الجميلة..

كنتُ أبتسمُ
إذ أرى الممرضة ذاهلةً
من اللامبالاةِ المرتسمةِ على وجهيَ
في وجهِ الخطر
وكنتُ، ككل الأطفال، لا أخاف الموت
وكنتُ أستقبلُ الوحدةَ الجبريةَ
والأسرَ في الميناء
دون أن تفارقَ وجهيَ الابتسامة
وكنتُ أقول إن الخُلدَ الأحمر
يحفر تحت السور
وكنتُ أرى على ظهر الكوكب
غاباتٍ من أعمدة النور
وفي التيهِ الأسودِ آلاف الخرائط
وعلى كل خريطةٍ ألفَ علامة
وكنتُ أُقبِّل، على أرصفة اللحظة العابرة،
فتياتٍ لا أعرفهن
حبًّا لكل ما أبْدَعَتْهُ الأزمنةُ الجميلة فيهن
من رقة الشعور ومن سحر الوسامة
وكنتُ أترك قهوتي
لأضُمَّ إلى صدري سوسنةً عابثة
لا تُمارسُ الحب إلاَّ على فراشِ الأرض
وكنتُ … وكنتُ …
لكن الأزمنة الجميلةَ استحالت رمادًا
وغَشِيَني الخوف
إذ خلت الدروبُ من البشر النوارس
وامتلأت بتبكيت الضمير
فأشفقتُ على نفسي من سوء المصير

30 أبريل 1989

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى