محمد زعل السلوم - لماذا الانتحار؟

هز العالم مؤخرا أربع حالات انتحار تزامنت بوقت واحد واهتمت لها كافة وسائل الاعلام هي حادثة انتحار نادرة في مكة المكرمة لشاب فرنسي من أصل جزائري رمى بجسده فوق رؤوس المعتمرين بصحن الحرم المكي الشريف وتوفي على الفور وعمره ستة وعشرون عاما ويدعى عزوز بوتوبا من سكيكدة بالجزائر ومتزوج منذ ثماني سنوات ولديه ثلاثة أطفال ويعيش في باريس وانتحر بذات يوم ميلاده الثامن من حزبران بحجة شعوذة غريبة واحتمال رغبته الدفن بجوار والدته التي توفيت في مكة قبل سنوات كذلك انتحرت مصممة الأزياء الأمريكية كايت سبايد في شقتها بنيويورك بعمر خمسة وخمسين عاما وحققت شهرة واسعة وثروة هائلة وتزامن معها انتحار الطاهي الأمريكي الشهير أنتوني بوردن بعمر واحد وستين عاما بأحد فنادق فرنسا وله برامج شهيرة وكتب ناجحة على مستوى العالم وحاصل عل جوائز الإيمي لبرامجه التلفزيونية الرائعة وله أعمال روائية بفن الحياة والسعادة ومن مشاهير المنتحرين أيضا شقيقة ملكة هولندا الأرجنتينية مكسيما والتي تدعى أنييس وكانت وصيفة شقيقتها قبل ستة عشر عاما في حفل زفافها من ولي عهد هولندا آنذاك وكان والدها وزير سابق في حكومة دكتاتورية أرجنتينية وكانت تهتم بالشأن العام في بلدها الأرجنتين وترعى شقيقتها الصغرى ذات الاحد عشر ربيعا وانتحرت بعمر الثالثة والثلاثين .

الانتحاربالحقيقة هو لغز بالنسبة لأولئك المقريبن من الشخص الذي يقوم بذلك الفعل ويعد صدمة للمجتمع فا لشخص الذي يضع حداً لحياته يطرح تساؤلات بكل ما حوله ، سواء كانت هناك أسباب محددة أم لا ، سواء كان قد أظهر من قبل علامات من المعاناة ، أو الاشمئزاز من الحياة ، أو الجنون

ينتقد المجتمع ظاهرة الانتحار ، سواء أكان متكتماً أو متفاخراً ويتوقع روابط اجتماعية أوثق كما تدل على ذلك الطقوس التي تتبع اكتشاف انتحار ما في مجتمعات مختلفة

يموت مليون شخص بسبب الانتحار كل عام حول العالم ففي فرنسا يبلغ عددهم حوالي ثلاثة عشر ألفًا في عام ألفين وثلاثة بينما بلغ عدد محاولات الانتحار حوالي مائتي ألف وفي اليابان يصل معدل الانتحار إلى حوالي اثنان وعشرون ألفا كل عام بينما يصل الرقم بالولايات المتحدة الأمريكية إلى خمسة وأربعون ألفا عام ألفين وستة عشر

وحسب عالم الاجتماع اميل دوركهايم في كتابه الشهير حول الانتحار فهناك أربعة أنواع من الانتحار هي الانتحار الأناني وهو فردي عكسي للمجتمع نتيجة انحلال الروابط الاجتماعية سواء الأسرية أو السياسية أو الدينية وانتحار الإيثار أو الانتحار الغيري كانتحار الزوجات بعد موت ازواجهن أو انتحار الجنود بعد موت قادتهم أو انتحار المسنين خشية الاثقال عل ذويهم وزيادة معاناتهم والانتحار الفوضوي نتيجة الاضطرابات والخلل داخل المجتمع من كافة النواحي الاقتصادية والسياسية والانتحار القاتل الناجم عن انضباط قاتل من قبل أفراد تجاه أنفسهم بلا رحمة حيث يقومون بقمع عواطفهم بقسوة واسكات مستقبلهم كانتحار زوجات لم ينجبن أطفال أو انتحار أزواج صغار بالعمر وغيرهم ممن يفرطون بتنظيم حياتهم

أخيرا يعد الانتحار ظاهرة سلبية في المجتمع لما فيها من خسارة بالأرواح البشرية وارتكاب نوع من العنف الجماعي على المجتمع لما يسببه من صدمة ويخلق تاريخ مأساوي لمقربي المنتحروالغريب معظم من يرتكب الانتحار أناس ليس لديهم أي سبب لقتل أنفسهم من فقر أو عوز أو حاجة بل على العكس من ذلك تماما

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى