حميد العقابي - ثلاث قصائد عن القطار..

1

ما كانَ ثمّةَ من قطارٍ
أنتَ مذ عشرين عاماً، واقفاً
مازلتَ تنتظرُ القطارْ
العشبُ غطّى سكّةً حرفتْ مسارَ رحيلها
ومحطةٌ أخرى أقيمتْ في المدينةِ
ربما تشتاقُ للأطلالِ ــ مثل قصيدةِ الأسلافِ ــ
أو… ما عادَ يغريكَ الرحيلُ
سوى الرحيلِ إلى المدى المجهولِ
وحدكَ…
واقفاً
متوجساً
متلذذاً بالصمتِ أو بالإنتظارْ

2

وَصَلَ القطارُ ولم تكوني فيهِ
قلتُ :
” سأنتظرْ
فلربما تأتينَ في البعدِ الأخيرِ “
الثلجُ يهطلُ، والرياحُ شديدةٌ
وأنا دخلتُ بطانتي ( متقنفذاً )
شبحٌ بعيدٌ
( لا أراهُ، سوى اتّقادِ الجمرِ في الغليونِ )
نحويَ قادمٌ
هو ضائعٌ مثلي
ومثليَ ربما
هو بانتظارِ حبيبةٍ لم تأتِ بعد
…………………..
…………………..
ألقى ذراعاً فوقَ كتفي
وهو ينظرُ للسماءِ بنظرةٍ ملأى بسخطٍ أو عتابٍ
ثم قالَ مربّتاً كتفي، بحزن :
” وصلتْ ولكن لم تجدْكَ…. فغادرتْ ؟ “
وأشارَ نحو اللاجهةْ
فهرعتُ حيث أشار

3

ليسَ شريداً
بلْ ( وعلى العكسِ تماماً ) فهو أنيقٌ جداً
وتلوحُ على وجههِ آثارُ النُعمى.
يمضي بهدوءٍ.
يسحقُ عقْبَ سجارتهِ.
بخطى الواثقِ يصعدُ.
يخلعُ معطفَهُ الصوفيَّ،
يعلّقهُ بالخطّافِ الناتئ فوقَ المقعدِ.
يجلسُ مستنداً بوقارٍ.
وبمنديلٍ رطبٍ يمسحُ نظّارتَهُ.
يقرأُ في الكوميديا…. ( فصلَ المطْهرِ )
أو يتطلعُ للأفقِ بعيداً
………………………….
………………………….
ليسَ شريداً
لكنْ لا يعرفُ أين سيمضي.


* نقلا عن:
حميد العقابي : ثلاث قصائد عن القطار (ملف/14)

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى