سحبان السواح - من آيات الله..

على عجل استداعني القدير لأعاليه، استغربت، لم يعتد أن يستدعيني إلى ملكوته، فما من بشر دخل بيته في الأعالي، ومسرعا توجهت إليه ممتطيا البراق الذي أرسله إليَّ.. دخلت بيته، دهشت من تواضعه الشديد، بيت عادي لا شيء يميزه سوى طاقة منيرة يتفرج منها على العالم، يجلس على كنبة عادية، وليس على عرش، لم يترك لي مجالا للكلام إذ بادرني قائلا:
ـ أجلس هنا .. هنان بجانبي
ارتبكت فكرسيه الإلهي مهيب أشعرني بقشعريرة وأنا أجلس قريبا منه، اعتاد أن يترك مسافة بيننا. قال
ـ لست بقادر على رفع صوتي دخان وأبخرة حربكم السامة آذتني
مستغربا قلت:
ولكنك الله القدير؟
نعم أنا القدير الذي انتصر عليه الشرير.. كم من لبوس لبس على أرضكم، وكم من شخصية بدل. بفضل ضعاف النفوس على أرضكم، استطاع الانتصار عليَّ .
كأنك ربي لم تحاول الوقوف في وجهه؟
لم أفعل سابقا لأفعل اليوم عبادي هم من يقفون بوجهه.. ولكنه كان أقوى منهم هذه المرة.. أتباعه تمرسوا بالشر وشربوه مع دماء ضحاياهم ولحوم من يقتلون من ابرياء. هم أكثر قوة من ذي قبل، هو يحرضهم ويحرض من يدعمهم. لحاهم التي تشبه مكانس زبالي الأرض، متقربين للشرير بها تجعل منهم أشبه بآكلي لحوم البشر..
انهم آكلي لحوم البشر يا الله.. هم يقومون بافعال لايفعلها بشري.
أنه هو الشرير يوسوس لهم.. يجعلهم طغاة على أرضي., على الشام شامي.. على قاسيون قاسيوني .. لينتقم مني.
صمت مكتئبا.. ثم نظر إلييَّ واهنا وابتسامة تكاد تظهر على وجهه وقال

ـ ماهذا الذي تكتبه عني؟؟
قلت:
أية في مديح الجمال يا الله فأنا عملي الكتابة.
أمسك ورقة وقرأ:
حين أراد الله أن يتقاعد عن الخلق، قرر أن يقدم نموذجا لايجاريه فيه أحد، وأن يقدم نموذجا للجمال الكامل البهاء ، ومثالا يحتذى، أن يتجاوز كل جميلات الأرض، ابتدأ بوضع خطوطك الأولى.. كان مبتهجا ومحموما وهو يرى نتيجة ما تصنع يداه.. رسم الوجه.. كور النهدين ، تمتع وهو يبتكر السرة، وينزل ليبدع الساقين .. حينما انتهى قال للجميع هذه آخر إبداعاتي في الخلق .. فكنت أنت.

التفت إلييَّ هي آية فعلا من آياتي..
المرأة قلت..
المرأة وما كتبته عنها
ارتبكت، قلت:
هي هذايانات عاشق يارب، لا تؤاخذني إن أنا أخطأت.
مبتسما قال لي:
بل أنا سعيد بها فهي آية في البلاغة.. قل لي أتستحق كل ذلك.
أنت أكثر علما بها مني يا رب
قال:
وهل تظن أنني أتذكر كل ما صنعت يداي.
ولكنك قلت هذه آخر إبداعاتي في الخلق
ابتسم، أنت من قال ولست أنا.. وإذا أردت القول ربما قلت قد تكون هذه من أجمل إبداعاتي. صفها لي.
هي المرأة الكاملة
مبتسما قال:
أليس الكمال لي وحدي
كمالك ربي كمال إلهي.. ولنا نحن البشر كمالنا..
وأيضا: ربما كنت تريد أن تمحو بخلقها بشاعة ما تراه.. تريد أن تقول مهما قتلتم، ومهما دمرتم فأنا ما زلت قادرا على خلق الجمال، وهذا ما لاتستطيعونه أنتم.. الشر لا يصنع سوى القبح..
ـ أليس بقادر على صنع الجمال الشرير؟
ـ يمكنه.. ولكن الشر الذي بداخله ينعكس عليه فيتحول جماله إلى قبح.
استدار إلى الجهة الأخرى وهو يقول:
أكتب الكثيرعنها هي تستحق.. أنت تصنع الجمال من الجمال..
واستراح على وسادته منهيا اللقاء..
غادرته سعيدا بأني أرضيته في لحظات كان يحتاج فيها إلى مثل هذا الرضى.

* نقلا عن:
Alef

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى