فنون بصرية عماد بن صالح - في رمزيّة الألوان.. الأحمر و الاصفر

اللّون الأحمر :باعتباره مكوّنا أساسيّا للدّائرة اللّونية، يعتبر الأحمر لون العواطف المتأجّجة بامتياز. وهي رمزيّة خالدة يستمدّها من كونه أحد أهمّ الألوان الحارّة. فهو رمز للدّفء وللحرارة بل وللنّار الملتهبة، ومن هنا كان رمزا خالدا للثّورة والتّوق إلى الانعتاق والحريّة. كثيرا ما يستعمل للدّلالة على الغضب والتمرّد على الوضع، بل للفكر الحرّ والخلّاق والمبدع. وهو كذلك رمز الحياة والدّيمومة، يستمدّ هذه الدلالة من لون الدماء المتدفّقة في عروقنا، فتنعش الروح وتبعث الحياة في الجسم بل وتجعله متوهّجا ومتألّقا يتّقد حيويّة ونشاطا. في عديد الثقافات، يتّخذ هذا اللّون دلالة الانتماء إلى العائلة والعشيرة والقبيلة. فيضع الفرد نفسه على ذمّتها ويسخّرها للذّود عنها والتضحية من أجلها. وهو ما جعله من أكثر الألوان اعتمادا في في الرّايات الوطنيّة، يسجّل حضوره بكثافة فيها تكريما لدماء الشهداء وللدّلالة على استعداد الأحياء للشّهادة كذلك من أجل الوطن. ونجد هذا اللّون مجسّدا في الراية الأمازيغيّة بالحرف “الياز” في أبجديّة التيفيناغ. فهو يمثّل الرجل الحرّ ويرمز للأنفة والكرامة وللحياة والمقاومة. وقد كان الاعتقاد سائدا في القديم أنّ قدسيّة هذا اللّون تمنحه مفعولا سحريّا، فيحمي الأحياء من الحسد ويبعد عن الأموات الأرواح الشرّيرة. وهو ما يفسّر كثافة استعماله في الأثاث الجنائزي، من ذلك اعتماده لطلاء جدران القبور الجلموديّة. وفي هذا الإطار، فقد بيّنت التحاليل المخبريّة لجوء الانسان القديم إلى استخراج هذا اللّون من مصادر حيوانيّة وأخرى نباتيّة. من ذلك اعتماد الجلّنار وقشور الرمّان والحنّاء لصبغ شعر الميّت وأجزاء كثيرة من جسده بهدف الوقاية من الأرواح الشرّيرة.

اللّون الأصفر: باعتباره أحد الألوان الحارّة، يحمل هذا اللّون عدّة دلالات في مختلف الحضارات. فهو رمز لقرص الشّمس ولنورها الوقّاد ودفئها المتوهّج. وتبعا لذلك فهو لون زاه وجذّاب وساحر، اكتسب بعدا قدسيّا من خلال لمعانه وبريقه. وهو لون ثمين يضاهي في قيمته الذهب، بل ويفوقه أحيانا لدّلالة على الثروة والنفوذ. وقد اعتبره علماء النفس لون الحكمة والتفاؤل والقدرة على الابداع. وهو ما أفضى بعلماء سيميلوجيا الألوان للقول أنّ “اللّون الأصفر يرمز إلى الشمس. فهو لون الدفيء والحيويّة، يجعل النفس معتدلة ويكسبها مرحا وانشراحا فتقبل على الحياة بأمل وتفاؤل”. ثمّ تضيف الدكتورة “نوركنث” أنّ “اللّون الأصفر مصدر طاقة، فهو بمثابة المحرّك والمنشّط للرّوح والأعصاب”. للّون الأصفر أهميّة كبرى وقيمة ثابتة لدى الأمازيغ كما لدى بقيّة الشّعوب. فنجده مجسّدا في الرّاية الأمازيغيّة، حيث يرمز لكثبان الرمال في الصحراء الكبرى. كما نسجّل كثافة حضوره في التراث الاثنوغرافي. فهو اللّون الزاهي الّذي لا يكاد يغيب عن لباس المرأة وحليّها للتّفاخر بجمال الجسد ورقيّ الروح. كما يستعمل أيضا للدّلالة على الثروة والنفوذ والوجاهة والمكانة الاجتماعية.

يتبع …


* منقول عن:
https://www.intelligentsia.tn/في-رمزيّة-الألوان-الأحمر-و-الاصفر/

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى