فوزية العلوي - الغزالة والنهر.. شعر

في العصور الأولى
عندما كان القمر رجلا
والشجرات أمهات
كنت امرأة بعينين دافئتين
وعنق كالجمار وقلب كرغوة النهر
كنت عاشقة للنهر وكان يهفو لي
إذ أضع قدمي على الحصى
فيلثم جسدي بشفاه الأسماك الصغيرة
كنت امرأة أسري مع الفجر
أجمع القش والأعواد واوقدها
حتى إذا تنفس الفجر
وجد البن في فناجين الخزف الأحمر
وخبر الحنطة الدري
ورغوة العنزة الشاردة
كنت أجري مع النهر وكان يجري بي
كان يغني وكانت تراقصني الريح
حتى إذا تعب خلخالي
اسلمني للقبرات يمسحن ظفائري
بزيت جوز وعرق الجميز
وعطر جنيات الغابة
لكن ريح الثلج هبت
وسواد الظنون الجبلية
فسدت عين النهر
وانضبت الماء
ماتت كل اليرقات والأسماك
والحلازين الحزينة اللولبية
وتقعر مجرى النهر حتى صار دخانا
رحلت كل النساء غاسلات الصوف
ماشطات الشعر في عدوة النهر
لم يعد النحل أخضر
والفراشات لبسن مرقعات المجاذيب
والصدى لم يعد يردد صوت خلخالي
عندما استيقظت في ثلث الليل
وجدتني غزالة باكية
انا الان اهيم في كل السفوح بحثا عن النهر
اتحسس بقرني مسرى الماء
وأذكر كل الخرير العسجدي
عندما كنت امرأة.


فوزية العلوي

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى