دانيال روي - لاكان والطفل Lacan et l’enfant – النقل عن الفرنسية: ابراهيم محمود

العلة الفرويدية The Freudian Cause، ع " 79 " صص 249- 252.
"لا نعبر الباب إلى حجمه أبداً On ne franchit jamais qu’une porte à sa taille "
جاك لاكان ، " تكريم لويس كارول"

حرية الطفل La liberté de l’enfant :


1 -لا بد أن يقال من البداية: يوفّر جاك لاكان للمحللين النفسيين المجال لجعْل الأطفال الذين يُقابلونهم أكثر حرية. إنه يفتح الطريق أمام كل طفل لاستكشاف الجزء الأكثر تفراً مما هو عليه plus singulière de ce qu’il est ، دون الحاجة إلى الوعد بأي ميراث héritage . ما أردناه من التحليل النفسي، - كما اهتم به المحللون النفسيون – هو أن يكون ضامناً لأفضل عبور بين الأجيال ، ويكون الأطفال من مهام لاشعورهم et faire des enfants les notaires de leur inconscient ، بما أنهم يريدون التماهي مع طفل. فبشكل لا لبس فيه ، يعيّن لاكان للمحلل مهمة مع طفل "لمنعه من الإجابة كمثال ، حتى مع سلطتنا ، أنا طفل je suis un enfant "" 1 " .... وبذلك يفتح الطريق أمام كل محلل نفسي ليتحرر من مُثُل الطفولة ، ومثل طفولته – وهذا أقل المطلوب - وإنما خاصة، تلك التي حملتها الخطابات الزمنية. ما الهدف ؟ للسماح للطفل بعبور الهويات croiser les identifications التي لها أكبر قيمة بالنسبة له ، والتي تبنَّت كل قيمتها لتكون علامات اجتماع ،مع مطلق الغيرية l’absolue altérité، أو من خاصية السرور المار عبر الجسم .كيف ؟ ذلك يرتبط بمسار الأثر العميق المتروك لهذا اللقاء/ المقابلة rencontre في صميم كلمات الطفل ، حيث لا تعليمية فارضة لتوجيه المعنى .
2 – والذي يُكتَشَف ، وهي ذي تجربة العلاج التحليلي للطفل ، أن حرية هذا الطفل تكمن في اللاتطابق discordance في صُلب ما يعتمد عليه.
3- لقد كان لاكان رائدًا في استكشاف هذا الاعتماد على الطفل ، إنه اعتماد حقيقي ، مع الدعم القائم في بداية تعليمه حول "الولادة المبكّرة " الخدّيجة " المحددة للإنسان prématuration spécifique de la naissance chez l’homme " " 2 "... لوضع الأساس الذي سيقوم عليه الاعتماد التخيلي ، والاعتماد على صورة مماثلة مما يندرج تالياً قريباً من الاعتماد الرمزي ، على الآخر من اللغة والكلام ، والذي يسبق الموضوع دائماً. حتى نهاية تعليمه ، في حين أن النماذج التي يرتبها ستتحرك ، ويرى لاكان أن الطفل "متكلم est parlé " من قبل والديه ، إنما هذا لا يعني أن "اللغة" ليست ميراثاً بأي حال من الأحوال . فمن المؤكد تماماً أنه في الطريقة التي يتم بها التحدث باللغة وسماعها بهذا الشكل وبخصوصيتها ، سيحدث شيء ما في الأحلام ، يتضمن كل أنواع العثرات trébuchements، وبكل أنواع طرق قولها." 3 " .
4- ولأنه كان رائداً في هذا الاستكشاف الذي استطاع أن يكتشف ، في نسْج هذه التبعية ، تلك البوتقة forge التي تنشأ عنها قوى الانفصال ، والتي تندمج في أكثر القوى ظهوراً ، تلك الأشياء الصغيرة المنفصلة عن الجسم.
تلك هي الحركة الكبرى التي تمر عبر تعليم لاكان. من ناحية ،حيث إن الطفل في تفكيك صورته في مرآة الآخر ، في النقائص ، الانقطاعات ، وصمت الخطاب الذي يحيط به ، يواجه اللغز الذي يسمح له بالعثور على سكن مؤقت loger ؛ ومن ناحية أخرى، يكتشف الطفل ، مع فقد أشياء من جسمه ، وهو جسم شفهي ، جسم شرجي ، نظرة ، صوت ، منفصل عنه ومن منفصلين عنه ، طرائق جديدة لتوسيع عالمه وتوسيعه وتعميقه عبر الدوافع pulsions : اشتهاء العيش والتعطش للمعرفة والهدايا وحالات التعاطي وسعة الحقول والأغاني.
إن حرية الطفل ، التي تتفعل في أعمال لاكان كافة ، هي أنه في كل خطوة يستطيع الوقوف. فهو هرمس في كل لحظة ، إله مفترق الطرق ، التجارة والطرق السريعة: إنه يختار ، نعم أو لا ، إنه يدخل في التفاوض négocie ، يرسمه. يطيع نفسه ، وهو طفل مطيع ، إلى أقاربه: بدافع الحب ، بينما يتغلبون على سلطتهم! يثور ، ثمة بذرة سيئةmauvaise graine: وذلك عن طريق الإخلاص ، وليس مخالفة الصورة التي ركَّبها عن وجودهم !

عمل الطفل Le travail de l’enfant :

8 – يكون طفل لاكان عاملاً travailleur . فهو في مهمة بناء جسم ، متصدياً لما هو متوقع منه ، ليكون مسئولاً عن الأشياء الغريبة التي تحدث له. ذلك هو بالضبط ما يكتشفه فرويد تحت اسم "النشاط الجنسي الطفولي sexualité infantile " ، وبالنسبة إلى لاكان ينعكس في خيال الجسد الجنسي الطابع ، في رمز التبادلات وفي الواقع الذي يصطدم به. إنه مكوّن النماذج ، حيث يقوم بفك الرموز ، وهو déchiffreur de codes وهو مغامر في عالم من الثقوب والمصاعب trous et d’arêtes، إذ يكوّن منها الجروح والصدمات. أنعتبره مصدوماً traumatisé ؟ لا يرفض لاكان المصطلح ، إنه فرويديّ ، وهو يستخدمه: من الصدمة ، لا يوجد شيء آخر: الرجل صنيع سوء فهم l’homme naît malentendu " 6 " !
9 – سوى أنه بارع كذلك. إذا لم نفلت من سوء الفهم ، إذ لا يزال هناك عمل كثير والذي يتعين القيام به للطفل اللاكاني. ذلك هو الدرس العظيم الذي يحثنا لاكان لاكتشافه في قراءته لحالة هانز الصغير: يستطلع هذا العبث، الخرافات، الأساطير الفرويدية العظيمة للأب ، أوديب والأب العشيري père de la horde ، وإنما من أصل متواضع بالمقابل ، من اللقلق cigogne ، مما يصيّره أفضل استخدام. ولديه موارد أخرى أيضاً في صندوق أدواته الشخصي: إذ ينادي بالحدادين الذين يصنعون الحصان ، والسبّاك الذي يكسر حوض الاستحمام ويفكه ... وما هو "خلفه derrière ".
10 - ويقوم طفل لاكان في العمل بتعرية déboulonne الأب الفرويدي ، حيث يكون متدين في القلب دائماً ، ويختزله في لقب والده القديم / السالف d’ancien géniteur ، كما يقولون " المخضرم ancien combattant " " 7 " .وهو في الواقع يمكنه أن يخدم أمراً آخر ، مع إعطاء النسخة التي هي لقاؤه مع امرأة. ويعلمنا طفل لاكان في العمل أن الأم ليست "المقعد المنتقى لما هو محظور le siège élu des interdits " للطفل فحسب ، إنما تعدّه لما هو "تنكري mascarade " ، و"تعلم طفلها أن يكون مستعرِضاً. إنها مهارة جديدة للطفل لتعلم كيفية التعامل مع الخطاب ، لتعلم استيعاب أكثر السمات الفردية في تاريخه لتكون مكاناً أكثر مرونة في الخطاب المشترك plus souple dans le discours commun . حيث يستخدم لاكان في "الحلقة الدراسية الرابعة " ، "منطق المطاط une logique en caoutchouc " " 9 " ، إذ يعبر هانز الصغير وليوناردو دافينشي العظيم ليوناردو ، متخذاً منطق الحقيبة préfigurant la logique de sac وحبلاً آخر تعليماً له.

حظ الطفل La chance de l’enfant :
11- ويحفّز عمل لاكان الطفل على اغتنام فرصته. وهي فرصة متناقضة، كثيراً ما ترِدُ في هيئة فشل أو عثرة أو غير كافية ،حيث كل الأشياء التي يرحب بها المحلل النفسي فيما يتعلق برفعها إلى حالة الأعراض symptôme. إن طفل لاكان عضو في أرستقراطية الأعراض. هو ضرب "من النبل [...] من المقاومة" [10] ، حامل خاتم المواجهة مع متعة "غريبة عليه " jouissance qui « lui est étrangère » " 11 " ، ص ... ، ويحمل بسرور "رقى/ تعاويذ الخواف/ الرهاب blasons de la phobie " " 12 " ....
ويبث الفوضى مسلحًا بقوة ، والصخب pagaille ، فهو نه ديونيسوس ، إله الطفل الذي ينبثق من حيث لا يتوقع n’est pas attendu، يوتّر السيد aveugle le maître ويجنّن الأمهات rend folles les mères.
13 – سوى أنه هاملت وأنتيغون كذلك ، الشاب غيد Gide وجويس . إنه " نموذج " دورا Dora " درة الحاد الصغير والطفل المتسول ، وجميع أطفال الحظ ، أطفال الفرصة التي رصدها ولم يتم إطلاقها كلياً ، وهو ما يمكننا قوله للجميع ما يقوله لاكان عن غيد، إذ: " مهما كان بخيله بعد كل تفرده ، فهو مهتم به ، والعالم الذي يحرض عليه ، مهتم به يحاسَب على ذلك حتى إلى ما بعد تفرده ، كونه منشغلاً به ، والعالم الذي يثيره من أجله ، منشغل به. Quelque chétive après tout que soit sa singularité, il s’y intéresse, et le monde qu’il agite pour elle, y est intéressé..." " 13 " .
14 - ولا تزال بداية العلاج التحليلي مع الطفل. ومع هذا الانشغال intérêt والذي كان قادراً على إثارته ، يتحرّى محلل نفسي مع الطفل "باباً يناسب حجمه une porte à sa taille " " 14 " ، وليس ما يخص حجم طفله في مقابل حجم بالغ ، وإنما هو باب حتى مع الأدوات التي أعطيُتْ له وتلك التي قدمها لنفسه ، إذ إنه يقطع نفسه في حبكة الخطابات التي تنسج تاريخه trame des discours qui tissent son histoire، ما هو على الجانب الآخر من هذا الباب ، والتاريخ لا يقول ذلك ، لأنه باق متوقفاً لاجتيازه l’histoire ne le dit pas, car il reste à la franchir .

Notes
[1]
Lacan J., Le Séminaire, livre viii, Le Transfert, Paris, Seuil, 1991 / 2001, p. 287.
[2]
Lacan J., « Le stade du miroir comme formateur de la fonction du Je… », Écrits, Paris, Seuil, 1966, p. 96.
[3]
Lacan J., « Conférence à Genève sur le symptôme », Le Bloc-notes de la psychanalyse, no 5, 1985, p. 12.
[4]
Lacan J., « Allocution sur les psychoses de l’enfant », Autres écrits, Paris, Seuil, 2001, p. 362.
[5]
Lacan, Le Séminaire, livre v, Les formations de l’inconscient, Paris, Seuil, 1998, p. 331.
[6]
Lacan J., « Le malentendu », Ornicar ?, no 22-23, 1981, p. 12.
[7]
Cf. Lacan J., Le Séminaire, livre xvii, L’envers de la psychanalyse, Paris, Seuil, 1991, p. 108.
[8]
Ibid., p. 89.
[9]
Lacan J., Le séminaire, livre iv, La relation d’objet, Paris, Seuil, 1994, p. 371.
[10]
Lacan J., « La direction de la cure et les principes de son pouvoir », Écrits, Paris, Seuil, 1966, p. 634.
[11]
Lacan J., « Conférence à Genève sur le symptôme », op. cit., p. 13.
[12]
Lacan J., « Fonction et champ de la parole et du langage en psychanalyse », Écrits, op. cit., p. 281.
[13]
Lacan J., « Jeunesse de Gide ou la lettre et le désir », Écrits, op. cit., p. 757.
[14]
Lacan J., « Hommage rendu à Lewis Carroll », Ornicar ?, Paris, Navarin éditeur, 2002, no 50, p. 11.*
*-نقلاً عن موقع www.cairn.info، العلة الفرويدية The Freudian Cause، تاريخ النشر، في 3- 2011، ع " 79 " صص 249- 252.أما عن كاتب المقال فهو محلل نفسي فرنسي.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى