منار بنت د. طيب تيزيني ترثي أباها

( لا أملك الكلمات المناسبة لأشكركم على كل هذه المحبة الغامرة، وهذا الوفاء للطيب التيزيني الحبيب.
أعتذر عن عجزي على الرد على كل الكلام الطيب الذي يقال بحقه، والرسائل المعزية، فما زالت الصدمة تهز كياني، والحزن يكبّل يدي، ويصعب عليّ تصديق ذلك. لم يكن أبي فقط كان أباً لكل من يعرفه، وكان شجرتي الباسقة في صحراء عالمنا القاحلة.
كان حلمه سوريا فقط، وعمل بكل ما استطاع لهذا الحلم، ورغم كل الانكسارات لم يفقد الأمل يوماً وبقي حتى في فترة مرضه القصير، يهذي بالبلد والناس الطيبين والعلم والفقراء وكل الأشياء التي تشبهه.
حين كنّا في المشفى طلب مني أن أحضر ورقة وقلما وأكتب من بعده بعض الملاحظات، كان يتصرف كأنه يلقي محاضرة في مدرج الجامعة، ثم بعد أن تحدث لدقائق، صمت وبكى وقال لي:
- لا أدري إن كنت قادراً على متابعة هذه المحاضرة المشلولة..
لقد كان حزنه وانكساره سبباً من أسباب رحيله، ولكن رهانه وأمله سيبقى حياً فينا، نحن الذين كل ما يئسنا كان يحب أن يشجعنا بقوله:

" أيها الانكسار الأعظم!
لقد لطختنا بعار رجالك القادمين
من خرائب التاريخ!
وأنتِ يا نجمة الصبح البهيّة
لك العلمُ أننا، كالطّود،
نغذّ السير إليك، بشوق وحكمة واقتدار!"

صادف رحيله، ذكرى استشهاد الرجل الذي أحبَّه كثيراً مهدي عامل، الذي لم يغب يوما، برفقة حسين مروة عن أحاديثه ولم تجف دموعه لموتهما يوماً..
أتمنى يا أبي أن تجتمع بهما تاركاً قهرك تحت تراب حمص الذي ضم قهر آلاف الحماصنة.
كانت المحبة أسلوب حياته دائما، وكانت محبتكم الغامرة هذه خير تكريم له..
شكراً من القلب للجميع.)

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى