ديوان الغائبين يوسف الورغي - تونس - 1956 - 1991

يوسف الورغي
يوسف بن علي الورغي.
ولد في ولاية جندوبة (تونس)، وتوفي فيها.
تعلّم في الكتّاب القرآني، ثم التحق بالتعليم الابتدائي، فالثانوي، وبعد نيله شهادة السيزيام توجّه إلى مدرسة ترشيح المعلمين، وحصل منها على شهادة ختم
الدروس الترشيحية.
عمل معلمًا في المدارس الابتدائية بولاية جندوبة.
كان عضو اتحاد الكُتّاب التونسيين. اشترك في حركة الديمقراطيين الاشتراكيين، وفي فرع رابطة حقوق
الإنسان، ويعدّ أحد مؤسسي لجنة مساندة العراق بمدينة جندوبة.

الإنتاج الشعري:
- له ديوان بعنوان «البحر يجامل قرصانه» - مطبعة الكواكب - تونس 1987.

الأعمال الأخرى:
- له عدد من الرسائل مع بعض أصدقائه من الأدباء، وله مقالات سياسية نشرها في جريدة المستقبل، المعبرة عن حركة الديمقراطيين الاشتراكيين.
شاعر مجدد، ينتمي إلى مدرسة الشعر التفعيلي والكتابة على السطر الشعري، والميل إلى الاختزال والتكثيف، ويقف بالقصيدة على أعتاب قصيدة النثر، ويعبر شعره موضوعيًا عن هموم الإنسان المعاصر، وتشظيه ورغبته في الانفلات من المادية والمدن الموجعة، يتداخل في شعره العاطفي مع النضالي، وينعكس في قصائده توجهه السياسي وإحساسه بالغربة، ورغبته في التخلص من مآزق الواقع عبر القول الشعري، وتزخر القصيدة بالصور الشعرية، والدلالات الرمزية في كثير من الأحيان.

مصادر الدراسة:
1 - عمر بن سالم: كتاب من تونس - دار سحر - تونس 1995.
2 - الدوريات: عادل العرفاوي: عن يوسف الورغي شاعرًا ومثقفًا وإنسانًا - جريدة الشروق - تونس، يونيو 1991.


* منقول عن معجم البابطين



[SIZE=6]شيخ[/SIZE]

تُراوده الرؤَى في الوَضْحِ
يرتجفُ
يُخبِّئُ وجهَه المشبوهَ في الطينِ
وينتحبُ
تُعاوده الطفولةُ
تعتريه الرجفةُ الأولى
يُناوِئُ خوفه متنصّلا
شيخٌ تعرَّت للرياح مناكبُه
ذا هاجسُ الموتِ
على شفتَيك يضطربُ
فكن شهمًا مع الموتِ
دعِ الأرياحَ تضربُ
في المجالاتِ
فإنك لا تقدِّرُ موعْدَ الصوتِ
وخذ بيدَيْك نورسَةً
قُبيلَ رحيلكَ الأكبرْ

***

لك المجدُ يا وطني


أنا
حين أقبعُ مختليًا
يُخلخِلُني هاجسُ التوقِ والاصطفاءِ
و«صَبْرا»
تُسيِّجُني بالدماء
وصَبْرا
تعلِّمني الفرحَ/ الجرحَ
أغنيةً للجنوبْ
وبيروتُ كانت بقايا نساءٍ
على الصدر أنشودةً لم تغازلْ
سوى الموتْ
والرفاقُ الذين انتفَوا
وسمُّوا الدربَ عشْقًا وشَوْكا
ونحن كما نحن أنَّى نكونُ يولَّى
علينا
لنا الكلماتُ
و«للآخرين» البداءاتُ والفِعلُ
أن يزهوَ القولُ
يا أيها الشعراءُ
عروشُ القداسةِ تسّاقط الآنَ
وهمًا وحلما
أنا
شاعرٌ جئتُ من رَحِمِ الفَجَواتِ
مُسربلةً بالسماءِ رُؤاي
ورِجْلاي في ذا الثرى سائِخَة
البحرُ عشقِيَ
والشمسُ بدْءُ نشيدي
لكَ الجسمُ يا وطني


***

اعترافات حمَّام الشط


الآنَ أصيخُ إليكَ
وهذا الموجُ الهادر يختلطُ بالأشلاءْ
بيروتُ تمدُّ بقايا من يدها الحمراءْ
يا حمامَ الشَّطِّ
«وصورُ» تُناديكِ أيا «قرطاجْ»
هُبِّي قد أزِفَ الوجعُ الشرقيُّ
على الأبواب تدقُّ نواقيسُ الوحشْ

وتظلُّ أيا حمامَ الشطِّ
بحرًا يَسْتشوِف رؤيا الصوتْ
إذ يأتي في الوَضحِ قطارُ الموتْ
تَسَّـاقطُ أيدي
يمتزجُ الدمُ بالأنقاضِ
وطعمُ القصفِ بلَعْلعة الأطفالْ
وقرطاجُ كما هي قرطاج
تحمي وجهَها في الرملْ


***


صُوَرٌ


أحتسي قهوتي
والسجائرُ في الصمتِ
تُلهِبني
والعقاربُ في ساعةِ
الصفرِ
ظَمْأى إلى السفرِ

صُورٌ تَمحَّي
والصَّدى
وَجَعٌ للمدَى
كيف أجمعُ ذاكرتي؟
كلُّ ما بيننا خافتٌ
مثلُ هذا الشتاءْ



***


هكذا أقرأ العالم


حينَ أدلفتُ من الجرحِ إلى الجُرحِ
تراءَتْ لي بلادي
بامتدادِ الشمسِ والأرضِ خيوطُ العنكبوتْ
قلت: لاشكَّ يجيء
وَهَجُ الصوتِ من بعد السكوتْ
مُدنفٌ هذا المساءْ
بين أعتابِ البيوتْ
ربما أقْتاتُ في وجهِ المسافات هباءْ
وأُسمِّي فرحتي أغنيَّةً للفقراءْ
ربما أحملُ غيثًا وترابا
وأعيدُ اللونَ
لكن ليس لي أن أقرأ العالم إكْسيرا
هناك انثالَ دمي
فارتشَفوا نسْغي على كفِّ الصباحْ
ليس لي أن أُنكرَ الآن قصيدي بامتداد الشمسِ والأرضِ
أموتْ
إنما يذبحُني عِشْقي الضَّوِيء
وقتَها أُرتجَ بابُ البحرْ

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى