علجية عيش - مُعَادَاةُ السَّامِيَّة Anti - Sémitisme

تعويذة سحرية تُسَمِّمُ العالَمُ الإسلاميُّ

لا يقصد بمصطلح "معاداة السامية" anti - sémitisme معاداة العرق السامي، و إنما يقصد به معاداة اليهود، و معاداة السامية هي مجرد أداة للحركة الصهيونية كما يقول المؤرخون، و أطلق هذا المصطلح في أوروبا و لأسباب تخص أوروبا و الغرب بشكل بحت، لكن وقع التباس في ترجمته و تفسيره لغويا و قانونيا ، فإذا عبّرت دولة ما ، عن رفضها لثقافة دولة أخرى، فهذا الموقف في نظر القانون السّالف الذكر يُعَدُّ عملا عنصريا، كما أن الاعتراض على بناء المستوطنات في فلسطين يعد عملا عنصريه يرفضه قانون تجريم معاداة السامية، الذي هو في الحقيقة غطاء لجرائم إسرائيل في حق الشعب الفلسطيني ، و الجدير بالإشارة أن هذا القانون جعل من إسرائيل كيانا لا يمكن المساس به أو التعدّي عليه، و قد كتب الإسرائيلي "هيليل هالكين" : " إن لإسرائيل هي دولة اليهود، و الصهيونية هي عقيدة الإيمان بأن اليهود يجب أن تكون لهم دولة، و بالتالي فإن تشويه صورة إسرائيل تعد بمثابة تشويه صورة اليهود، و من ثمّة معاداة للسامية"، و قد ساهمت وسائل الإعلام الغربية و حتى العربية التي أنظمتها تمارس التطبيع مع الكيان الصهيوني في بث رسائل معاداة السامية، و حشد التأييد السياسي و الإعلامي للجمعيات و المنظمات، و استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، و الدليل أن إسرائيل اليوم تتكلم عربي عبر هذا الفضاء المعلوماتي.

و قد جعلت الولايات المتحدة من الصراعات الطائفية أو المذهبية و ما ينجم عنها من توترات أمنية و سياسية ذريعة أو حجة في التدخل في الشأن الآخر، فأعلنت أمام المجتمع الدولي بأن تدخلها هو من أجل نشر الديمقراطية في تلك الدول التي تعيش غليان داخلي، ومحاربة الإرهاب الذي يشكل خطرا على الأمن و السلم الدوليين، و شكلت في هذا اثنتا عشرة معاهدة تشكل سلاحا مهما في الحرب الدائرة ضد الإرهاب ، و الحقيقة هي تعمل على تعميق الانقسامات الداخلية، كما تسعى في إعادتها صياغة العالم أن تضفي حمايتها بكل الطرق و الوسائل الممكنة على "إسرائيل"، من خلال إصدار قانون تجريم معاداة السّاّمية عالميا" و هو مشروع طرحه "توم لانتوس" عضو الكونغرس اليهودي عن ولاية كاليفورنيا، و المشهور لعدائه الشديد للعرب، و صادق عليه الكونغرس الأمريكي في 10 أكتوبر 2004 ، و وقع عليه الرئيس الأمريكي جورج بوش في السادس عشر من نفس الشهر و السنة، في سياق حملته الانتخابية، و ألزم وزارة الخارجية بإحصاء الأعمال المعادية للسامية حول العالم، و أنشأت لهذا الغرض مراكز و معاهد كثيرة ( معهد أيباك Aipac، و مامري Memri ، منظمة أدي آل ADL ، رابطة ليكرا Licra و هذه ألأخيرة هي منظمة فرنسيّة معروفة بمساندتها اللاّمشروطة لدولة إسرائيل تحت غطاء التّصدّي لمعاداة السّاميّة، وليس لها من هدف سوى الدّفاع عن مصالح إسرائيل، فإذا كان شخص ما مناهضا للصّهيونيّة وإذا دافع عن حقوق الفلسطينيين فهو في نظرها معاد للسّاميّة ، هذه الهيئات ركزت اهتمامها بكل ما يتعلق بالعالمين العربي و الإسلامي بعد أحداث سبتمبر 2001، و لم تتسم مهامها بالبراءة، لأن القانون جاء متحيزا لصالح فئة ضيقة، و فاضحا لجملة من المصالح السياسية.

و من جهتها فرنسا، فقد سنّت هي الأخرى قانونا يشبه إلى حدٍّ ما، القانون الأمريكي لمعاداة السامية، و دعمت الاستيطان اليهودي في كل الدول التي استعمرتها، خاصة دول المغرب العربي، و على سبيل المثال استخدم الاحتلال الفرنسي في الجزائر الأقلية من اليهود لخدمة أهدافه و مصالحه للسيطرة على الأرض و السكان، و كان عدد اليهود في الجزائر عام 1830 أثناء دخول الاستعمار الفرنسي للجزائر سبعة عشر (17) ألف يهودي موزعين في أربع مدن كبرى هي : ( مدينة الجزائر خمسة ألاف يهودي، قسنطينة ثلاثة آلاف يهودي، وهران ألفين و ثلاثمائة، تلمسان ألف و خمس مائة) بالإضافة إلى اليهود الرحل الذين أقاموا على أطراف الصحراء بجنوب مدينة قسنطينة و يهود منطقة "الزّاب"، و في سنة 1931 ارتفع عددهم إلى 23 ألف يهودي ، و يقود الطائفة اليهودية في الجزائر يعقوب بكري و هو ينحدر من ليفورن في إيطاليا، و كان اليهود في الجزار ينقسمون إلى شرائح و هم: السفارد (سفارديم بالعبرية) و هم يهود إسبانيا ، الإشكناز (بالعبرية إشكنازيم ) ، و هم يهود فرنسا و ألمانيا.

و قد شجع الاحتلال الفرنسي فرنسة اليهود، بعدما ضمنت لهم الحماية على ارض الجزائر مقابل منحهم الجنسية الفرنسية، و قد حدثت مواجهات عنيفة بين اليهود و الجزائريين بسبب منحهم الجنسية الفرنسية، و النتيجة التي يمكن استخلاصها هي أنه مخطئ من قال أن "بروتوكولات حكماء صهيون" دار عليها الزمن، لأنه مخطط على مدى بعيد، بل خريطة سياسية تطبق الآن، فالمؤرخون يرجعون فكرة العداء لليهود هي من أهم أدوات الصهيونية، و بدون هذا العداء فإن الصهيونية في الحقيقة تفقد معناها، و لهذا حسب المحللون فإنه وجب إعادة النظر في هذه المسائل و الدعوة إلى حوار شامل للأديان السماوية الثلاثة ( اليهودية ، المسيحية و الإسلامية ) لاسيما و هذه الأديان دعت إلى تطبيق مبدأ التسامح في المجتمع البشري و تطهيره من الأحقاد و الكراهية للأخر، و نبذ التعصب و التطرف الديني .

علجية عيش

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى