مبارك وساط - ريشات هنديّ أحمر..

كيف لي أن أنهي قصّة الأميرة ذات الهمّة وولدها عبد الوهاب في ليلتي هاته التي يُضيئها

فحسب بُؤبؤا عصفور؟

لن أبحث عن جواب ما دامت هذه الرّيح البطيئة لم تنته من مسح العرق عن حصاني

المطاطي المركون قرب النّافذة. حقّاً، كانت لي ريشات هنديٍّ أحمر حول رأسي، لكنّها

سقطتْ منّي ذاتَ صباحٍ في حقل جدّي. حدث هذا منذ وقت. وكلّما فكّرتُ في العودة إلى

ذلك الحقل لأجلب منه ريشاتي، يتعالى الصّفير في أذنيّ. جدّي كان معروفاً بشدّة صفيره.

بطلاً في ذلك الميدان كان. وكذلك جدتي. تسمع ناقتها صفيرها من بعيد فتُقْبِلُ نحوها مسرعة

متهلّلة.

والعجيب أنّي، في العديد من المرّات، ما إن كنتُ أغذّ السّير في اتّجاه ذلك الحقل حتّى أعرّج

على أشجار حزينة أواسيها قليلاً ثمّ ألفّ حول جبل وأصعد قليلاً فأجد نفسي أمام كهف هو

في الواقع متحف للصّافرات: صافرات من أقدم العصور وأخرى من أزمنة بعيدة أو قريبة

أو من زماننا!

ومرّة، كنت أمضي في اتّجاهِ الحقل الذي سقطتْ فيه ريشاتي فرأيتُ ما حسبته بُرجاً قصيراً،

لكنّي حين وصلتُ إليه اكتشفت أنّه مُجرّد تنّورة أسطوانية يتبدّى من تحتها ردفان مكوّران

بشكل جميل. وكان أن وقفتُ لأستريح في ظلّهما. ( يجب الإقرار بأنّي كنت طفلا صغير

حجم الجسد وقتها). وحين اشتدّت عليّ سخونة المكان وخرجت من تحت التنورة، تطلّعت إلى

فوق فرأيتُ وجهاً أنثويّاً جميلاً يبسم لي.

ومرّة كنتُ سائراً صوب حقل جدّي لأجلبَ ريشاتي لكنْ جاءتني أحلامٌ من أعشاش وشرعتْ

في الطّبطبة على كتفيّ. ومرّة رأيتُ أبي وأنا في طريقي إلى ذلك الحقل فقال لي: تُضيع وقتك

في البحث عن ريشات بلا قيمة. فعدت إلى البيت وفتحت قصة الأميرة ذات الهمّة وولدها عبد

الوهاب على الصفحة التي كنتُ متوقّفاً عندها!



مبارك وساط

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى