علجية عيش - مور ونهاية اليوتوبيا

الفاسدون لا يمكنهم البناء

رواية توماس مور Thomas More يوتوبيا Utopia التي كتبها في سنة 1516 و تتلخص في وجود جزيرة نائية في المحيط الأطلسي لديها معايير في المستوى الثقافي والاجتماعي تتفوق فيها على أي مكان على الأرض ، و كثيرون من كتبوا عن اليوتوبيا من المفكرين و الفلاسفة، كل بالطريقة للتي يراها هو، بل هناك من تحدث عن نهاية اليوتوبيا، لكن توماس مور اعتبرها خارطة الطريق لبناء المجتمع المتكامل ، وهي اللبنة الأساسية في العصر الحديث، وكلمة يوتوبيا Utopia لاتينية و تنقسم الى مقطعين: U و يقصد بها لا أو بلا، وTopia تعني مكان، و لهذا نجد الكثير من الروائيين يركزون في كتاباتهم عن الأمكنة، وبسبب كثرة شيوع المصطلح Utopia خلال القرون الماضية تم اشتقاق مصطلح آخر هو Dystopia و يعني المكان السييء وهذه الكلمة تستعمل في الوقت الحاضر لأصحاب النظرات المستقبلية كالروائيين والمحللين السياسيين والتي تكون دائما سوداوية خاصة عندما يتعلق الأمر ببعض المظاهرة الفاسدة كالتلوث والتخلف والمجاعات و كل المظاهر التي تسيطر على كافة مفاصل المجتمع .
فالقضايا التي كانت في الماضي تعتبر خرافات هي اليوم واقعا ملموسا مثل قضية المتحولين وعمليات الاستنساخ و تحديد جنس الجنين أو زرع الأعضاء، و لعل رواية توماس مور شبيهة إلى حد ما بما كتبه الرحالة ابن بطوطة و هو يزور جزيرة البنائين، حيث رسم صورة لمجتمع مثالي، أناس خيرون لا يعرفون معنى للحقد و الكراهية و العدائية، أناس يؤمنون بكل ما هو مثالي، و جزيرة البنائين هي صورة طبق الأصل لتلك المدينة الفاضلة التي تحدث عنها أفلاطون في جمهوريته، و للوصول الى السلام الدائم يقول مور وجب أولا نسيان التاريخ ونسيان الأحقاد وعلى ذلك وجود نظام حكم واحد يحكم العالم ويتقبل الثقافات المختلفة، لتحقيق الحرية والعدالة، و توحيد النظرة الى الخالق والكون بمعنى آخر استعارة الأفكار الإيجابية من كل دين وصهرها في قالب واحد، لكن السياسة و حب التسلط حولت المجتمع من مجتمع فاضل إلى مجتمع فاسد، يحمل في داخله قلب ذئب مفترس و يخفي وجهه بقناع مزيف يبدو و كأنه خروف وديع، يخفي ما يبطن، فينخدع به الجميع و هو ما أشار إليه مور و هو نهاية اليوتوبيا و بداية الديستوبيا.
علجية عيش

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى