سأنسى بالتقسيط!

الذكريات لا تقف مكتوفة اليدين!
يحيطني الألم بعلمٍ لم يبلغه أحدٌ ولم تفكر به كلمةٌ قبلي، ولم يجد له الصدى هامشاً في أي دمعةٍ أو تنهيدة أو قبر ! ، أنا رجلٌ يحزنُ دائما بالنيابةِ عن أحدٍ ما، قررت هذه المرة سأحزنُ بالأصالةِ عن نفسي فقط؛ وسأبكي بالتقسيط إنْ لزم الأمر ، أو اقتضى المجاز أن أكون واضحاً جداً مع السكين ؛ وسأتمرَّغُ بالذكريات والأوهام على مرأى ومشهدٍ من وحل الماضي؛ وعلى مقربةٍ من ضمير المستحيل أيضا؛ ولن أتردد في البصق على الجرح إن تظاهر بالوقار ؛ أو حاول أن يضع الطائرة الورقية في مهب البعيد !
سأحزنُ وأجربُ كل الكلمات التي أستعملها الحزن شخصياً أو منحها قبل حبك وسام الأسف. وسأستعيرُ وجوهاً كثيرة لو اقتضى الموت أنْ أقيم عزائي بنفسي، وسأصرخُ في كل دروب قلبي حتى لا يسمع الصدى غيرَ نفسه لعله ييأس من الشكوى، أو ينسى حدود الفراغ.
قلتُ سأنسى بالتقسيط أو سأموت بالتقسيط إلى حين ميسرة، ودربتُ الليلَ على احتمال غيابك، ونظرتُ في صورتك حتى تمزَّق البريق، وهي تضحك ملء الإطار ، وعيونها تراقب الفراغ حولي، وترصد كل حركات العدم .
حدَّقتُ في شفتيك على حافة ابتسامةٍ تموت؛ كنتُ أحاولُ شحن الهواء بطاقة الأمل؛ اقتربتُ من صورتك أكثر وتعثَّرتُ بالندم، أردتُ أن أستفزَّ نفسي، أردتُ أن أستعدي غروري عليك فماتت كلمة كبرياء، وفقد الهواء الذي بيني وبين اسمك ساعة اليد. اقتربتُ أكثر مما يسمح به التحدي، وأكثر من قربي إلى نفسي في لحظة الوداع، وفجأةً فرَّ ظلي كأن أحداً طعنه في الظهر أو لوّح له بخنجرٍ مسموم ، وسحبت أقدامي لأفرَّ من أي هجوم مضاد؛ فالذكرياتُ حين نهاجمها تنسى عقلها وتهجم علينا بلا حياد. ولا تحسبُ المسافة بين المهد واللحد، أو تقف مكتوفة الحنين!
ومثل من يقفُ أمام مرآة ويصرخ في وجهها؛ هربتُ قبل أن تلتفت الجدرانُ إلى نفسها وتراني بلا قلب ينزف، أو غصةٍ مثقوبة، هربت من كل الكلمات التي تموت نفاسا، واستكثرت على ذاكرتي أن تصير جداراً حزيناً لتعليق صورك،
هربتُ من أبجديتي ومن ظل أبي، قبل أن أبلغ منتهى اليأس منكِ، وقبل أن أجد أحداً يحبك بالنيابة عني!

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى