الفرفار العياشي - الصفير لا يليق بك

حركة نسائية تحمل اسم " ماسكتاش " تقوم بتوزيع صفارات على النساء من اجل التصفير في وجه كل متحرش .
الخبر احدث تفاعلا كبيرا على شبكة التواصل الاجتماعي وفي النقاش العمومي , في اطار ساخر و متهكم اشارة الى ان الجميلات لا يشتكين ؟؟؟
صحيح الحركة النسوية بالمغرب و ليست النسائية استطاعت ان تفرض الكثير من القرارات, اخرها 103/13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء.الحدث يمنحنا فرصة للتأمل و التفكير من اجل فهم موضوع معقد و متعدد الابعاد .
ربما الخوض في النقاش يفترض ادراك التمايز بين الحركات النسائية و الحركات النسوية , فالاولى هي اطار من اجل التحرر الشمولي و النظر الى المراة ككائن ،بمعنى أنها تدرك المرأة باعتبارها جزء من المجتمع ،ومن ثم تحاول أن تدافع عن حقوقها داخل المجتمع .
غير ان النسوية هي الدفاع عن المراة كجسد ، فالفرق بين النسوية و النسائية هو فرق بين المراة كذات و المراة كجسد .
ان تحمل انتى صفارة و تبدا بالصفير و في الشارع العام في وجه شخص عاكسها و تحرش بها , ( ان افترضنا صحة اتهامها ) , لان المراة يصعب الثقة فيما تقول , لدرجة ان الروائية الشهيرة اجاستا كريستي صرحت يوما , انها سعيدة لانها امراة و انها لن تتزوج انتى اخرى و تعيش معها تحت سقف واحد.
الصفير في الشوارع العامة هو مؤشر خطير يعكس الجهل المطلق بخصوصية المجتمع الذكوري , الذي يرفض الفضيحة مما يقود الى مواجهات عنيفة ستغرق الشوارع العامة و الازقة و الساحات وهو ما سيساهم في ارتفاع منسوب العنف .
من اجل فهم قصة المواجهة المفتوحة بين الانتى ضد نفسها , و ضد الذكور و كافة الاساليب الموظفة للمواجهة اخرها الصفارة يمكن الانطلاق من فرضية متضمن في سفر التكوين اليهودي ان المراة عدوة نفسها.
فالحركات النسوية المتطرفة و التي تبني ترافعها حو ل الانثى وجسدها , و بشكل منغلق تنطلق من مسلمات ذات مرجعية توراتية عبر استلهام نموذج المراة/ ليليلت ؟
يحسب القراءة اليهودية فليليت كانت الزوجة الأولى لآدم قبل ان تخلق حواء فهي المرأة الاولى التي خلقت مع آدم من الأرض/ اشارة الى التساوي في الاصل وفي زمان النشأة , لكنها لم تقبل سيطرة آدم وطالبت بالمساواة معه مساواة مطلقة . لا سيما فيما يرتبط بفعل الانجاب حين طالبت بالتناوب , هو ينجب مرة وهي تنجب مرة حتى تحافظ على رشاقتها وانوتثها . اما الامومة فهي شئ ثانوي وهو مايفسر الدعوة الى الحق في الاجهاض و المثلية الجنسية ؟؟؟
بحسب الرواية التلمودية اشتكى ادم الى ربه من جبروت ليليت لان المساواة بينهما انتجت الصراع و التمرد , و ذلك من اجل اجبارها على الخضوع له / وهو ما يفسر ان سلطة الرجل على المرأة هي سلطة باسم الدين حسب مفهوم القوامة.
ليليت المتمردة العاشقة للمساواة و للحرية فضلت الهروب و عصيان الأمر الإلهي على الخضوع والاستسلام و التبعية لأدم , فتحالفت مع الشيطان في عدم الامتثال و التمرد على اوامر الرب , لذا نجد الكثير من التوصيفات التي تعتبر المراة شيطان او انه أكثر مكرا من الشيطان نفسه , لدرجة ان احد الخطباء اعتبرها ام الشياطين ؟؟؟
وصفت بالمراة المتمردة والعاشقة للحرية والباحثة عن المساواة , حتى لو كان ذلك سببا في لعنتها وخروجها عن الدين وغضب الله / الرب عليها .
لذا سميت كذلك بقاتلة الاطفال لانها ترفض الانجاب , و تعادي الطبيعة الانسانية فقط من اجل الاحتفاء بالجسد , و هو ما يفسر حجم هوسها بجسدها و الاهتمام به وحجم الاموال التي تنفقها من اجل مظهرها .
التراث الديني سواء اليهودي والمسيحي والإسلامي ينظر الى المرأة أصل الخطيئة؛ لأنها هي التي أغرت آدم بالخطيئة عندما أكلت من الشجرة . وبالتالي هي المسؤولة المباشرة لنزول ادم من الجنة ؟؟
اسطورة ليليت في بعدها الرمزي تعكس الاطار الاسطوري والعقائدي الذي تستند عليه الحركات النسوية , الداعية الى التحرر والمساوة وعدم الخضوع لقانون الطبيعة , وبالتالي التمرد والعشق والتيه في عوالم الحرية و التمركز حول الجسد ؟؟
استناذا الى الاسطورة ان ليليت ستتحول الى انتى قاتلة ومنتقمة من الرجل عبر فعل الغواية .
هو الامر الذ ي يفسر اعتماد مجموعة من النظريات في التحليل النفسي الى اعتماد هذه الاسطورة لتفسير سادية الاتثى, واستمتاعها بتحقيق سعادتها عبر فعل الغواية والغنج كفعل موجه ضد الرجل / تحقيق المتعة عبرا لحاق الاذى بالاخر /الرجل , حين يرفض الخضوع لها تعمل على التشهير به و الاساءة اليه / قصة يوسف وزوجة ملك مصر .
أسطورة وظفت بشكل مكثف ورُوّج لها بغرض تأكيد ان سلطة الرجل على المراة هي سلطة دينية , ومن ثمّ تهميش دورمكانة المرأة / ليليت فكان رد فعلها طبيعيا بهدف تحقيق المساواة عن طريق الانفصال / الطلاق , مما يعني ان تحقيق المساواة مع الرجل لن يكون الا بمواجهته , و هنا نفهم شعار الصفير من اجل التشهير به , و الحاق اكبر اذى به و في الفضاء العمومي و امتهان كرامته و التنقيص منها .
فحمل الصفارة يدخل في استراتيجية ليليت المراة الغاوية من اجل تاكيد استقلاليتها و عدم تيبعتيها للرجل و التحرر من السلطة الدينية .
على خلاف نموذج ليليت نجد نموذج المراة حواء . حيت و بالعودة الى سياق واطارالاسطورة فادم اشتكى الى الله / الرب من بطش وقوة ليليت وعدم خضوعها له , فخلق له حواء / الاحتواء كجزء منه بديلا عن ليليت التي طردت من الجنة عقابا لعدم امتثالها .
فحواء هي جزء من ادم وقوتها ليست في نديتها , وانما في خضوعها وتكاملها معه , هو الامر الذي يمكن استنباطه بسهولة من الفكر الديني الاسلامي حيت طاعة الزوج امر مقدس , على حواء الامتثال له مصداقا لقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في ما معناه لو لو كان يحق ان يسجد لغير الله لامرت الزوجة ان تسجد لزوجها, بهذا يصبح خضوع الزوجة/ المراة لزوج فعل عبادة , وشرطا لدخول الجنة في حين البحث عن الندية و المساواة فنتيجته التيه والطرد واللعنة ويمكن الاستئناس في هذا السياق بالقصة التي وقعت للصحابية أسماء الانصارية , والملقبة ب”خطيبة النساء”، والقصة مضمنة بمؤلف ” أُسد الغابة ابن الأثير حيت يقول ” أتتأسماء النبي صلى الله عليه وسلم، وهو بين أصحابه فقالت: بأبي وأمي أنت يا رسول الله:
انا وافدة النساء إليك، إن الله بعثك إلى الرجال والنساء كافة فآمنا بك. وإنّا معشر النساء محصوراتٌ مقصوراتٌ قواعدُ بيوتكم ومَقضى شهواتكم وحاملات أولادكم، وإنكم معشر الرجال فُضِّلتم في سبيل الله، وإنّ الرجل إذا خرج حاجّاً أو معتمراً أو مجاهداً حفظنا لكم أموالكم وغزلنا أثوابكم
علينا بالجُمَع والجماعات وعيادة المرضى وشهود الجنائز والحج بعد الحج، وأفضل من ذلك الجهاد وربينا لكم أولادكم. أفما نشارككم في هذا الأجر والخير؟.. فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه بوجهه كلِّه ثم قال: هل سمعتم مقالة امرأة قَط أحسن من مساءلتها في أمر دينها
من هذه؟فقالوا: يا رسول الله، ما ظننا أن امرأة تهتدي إلى مثل هذا. فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم إليها فقال: افهمي، أيتها المرأة، وأَعْلِمي مَن خلفك من النساء أنّ حُسْنَ تبعُّلِ المرأة لزوجها وطلَبها مرضاته واتباعَها موافقته يَعْدِل ذلك كل فانصرفت المرأة وهي تهلّل , و بالمقابل يدعو الاسلام الى احتضان المراة و رعايتها , فالبعض طالب الرجال ان يحذروا من يكونوا سبب في بكاء النساء لان الله يحسب دموعهن .
ان تتجول النساء في الشوارع بنصف ثياب يحملن صافرات لتشهير بكل من ينظر اليهن او يحاول الاقتراب منهن فالامر يشكل استفزازا حقيقيا و استمرارا لحروب ليليت الحاقدة على نفسها و على طبيعتها و الراغبة في تاكيد تمردها على القيم و المجتمع و انها اقوى ن الرجل .
ربما الرجال نيام , اذا تعرت المراة استيقضوا , فوقار المراة و احترامها لنفسها هي من تصنعه و تحافظ عليه , مما يفرض ان تترك الرجل ان يبقى نائما ؟
ربما المعركة ليست تنائي صراع بين ذكر و انثى نحتاج فيها لصافرات للتشهير و الاساءة , بقدر ما تكون المواجهة الحقيقة و الرهان الاساسي هو مواجة الذات اولا لكي يصبح الذكر رجلا , و تصبح الانثى امراة . انذاك ستتغير طبيعة المجتمع يضمن الكرامة و المساواة و الحرية و الحقوق للانسان بغض النظر عن جنسه .
الجهل لايصنع تغييرا و الصفارات لا تصنع الكرامة و انما تضيعها .
لذا , فالصفير لا يليق بك , لان الصفارات لا تحمي بقدر ما تشهر ؟؟؟

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى