مبارك وساط - صيف.. شعر

أتذكّر أيضاً ذلك الصيف. أيّام الجَدب تلك. الذين نفقتْ لهم نعجات استشعروا ما يشبه الكسور في ضلوعهم. شيوخ، من فرط الهمّ، نسوا الصناديق الصّغيرة التي كانت مستودعَ أرواحهم على ظهور حميرهم.
وتضافرتْ جهود لتسلية المهمومين وبعث الأمل في النفوس، فازدهرَت أنشطة حول آبار لم تكن قد نضبتْ كلّية. من بينها تشقلبات بهلوانية كانت تقوم بها جرادات أثناء تحليقها. ومن أجمل ما رأيته في تلك الأيام قارورة طائرة مملوءة بأحلام تتوالى وتتجدد. في واحد منها طرقات تسقط عليها ثلوج، وفي آخر غربان تنعق وتضحك.
وكانت هنالك أيضاً بومة تنقشُ بمنقارها لوحة تجريدية على لحاء شجرة.
حقّاً، كنا أطفالاً، وكم مضينا تحت حماية البرد إلى البراري لنقتنص الأساطير.
وها أنا الآن أسترجع هذه الذّكريات. فقد كنتُ ذرذرتها وسط ورقة لفّ، ودخَّنتها ذات مساء بعيد.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى