أحمد والي - امرأة ملتحفة بالسواد

كل يوم تقف اسفل شجرة الكافور العالية تستظل من قيظ يوليو وتتواري خلف جذعها من عيون الرقباء وتسرح الطرف يمنة ويسرة في الرائح والغادي تتحين اللحظة التي يخرج فيها بعد ان تكون عماته قد ذهبن للحقل او السوق.

تحت هذه الكافورة ياكم هدهدته وعلمته المشي وكم طلب منها ان ترضعه في هذا المكان الظليل. لو كان الوقت زمان المدارس لما اطالت الوقوف هنا ولما خافت ان تلمحها العيون الشامتة واذا لانتظرته قبل الدخول او عند الانصراف.

رآها مرة فصرخ وهرول بعيدا عنها وعرفت من النسوة في السوق ان اهله خوفوه من جنية الظهيرة التي تتشبه بالام لتعطيه الرغيف المسموم وافهموه انها في عداد الاموات. داسها القطر هكذا كان يجيب السائلين عنها طيب يا محمد الله يسامحك وما اكثر ما ضبطتها امها في غرفة الخزين المظلمة تتشج في هدوء فتصرخ فيها ستموتين من الحزن يا مجنونة عليك ان تنسيه كما نسيك.. ماذا تريدين من سلسال نجس كأبيه؟ ارحميني يا امي فأنا ام وتكفكف الدمع.

والقلب يدمي.

كل يوم تقف اسفل شجرة الكافور تتحين اللحظة التي يخرج فيها وحيدا تراه تضمه لضلوعها بجوار القلب عله يطفيء لوعتها.. لو كان ابوه معه.. لكن الحكومة اخذت الرجال فالوقت وقت حرب ولقد اذاع الراديو كلاما اطار النوم والراحة من جفنيها انها فقط تريد ان تحذره من طائرات العدو التي تلقي بالاقلام والراديوهات والالعاب الجميلة تريد ان يعرف انها قنابل فلا يلمسها اوعي يا محمد تناجي طيفه ويعلو صوتها دون ان تشعر والناس تندهش من هذه السيدة الملتحفة بالسواد والتي تجلس كل يوم تكلم نفسها تحت الشجرة اوعي يامحمد اوعي ياضناي.

أحمد والي - مصر

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى