فادي عزام - يتم.. قصة قصيرة

نهباً للفرح الغامض، أو الآلام القاصمة وقف َ مستهتراً باليقين الذي تلبسه .يستمع إلي أصوات بطنه خائرا من الجوع مرتعشا حدَّ الفزع. أمام باب الدار .، الذي قرعه وانتظر. ثمة خطو متثاقل وبعيد بدا وكأنه يقترب، أعاد الحجج التي فصلها لتبرير التأخر المستمر، رتبها من جديد ، وردَّدها مسموعة ً بينه وبين نفسه وقرع الباب مرة آخري، بدق خفيف بقفا يده اليمني، واتكأ علي يده التي أسندت علي الباب . طأطأ رأسه قليلا وشبك قدمه اليمني خلف اليسري يحكها فيتشمر البنطال القماشي.

طفرت شبه ابتسامة علي محيَّاه الغض . عندما فكر كم سيبدو وقعَ الجواب لقد تأخرت لأني ربحت. وقد تشارطنا علي خمسة كيلو هريسة ..

- لا سأقول تأخرت لأني أسعف صديقي المجلوط

- ومن صديقك هذا ؟

- الذي يزورني عادة الأسمر النحيل، صاحب الضحكة التي كثيرا ما نبهتموني أن يخفضها ،لأن هذا بيت عالم وليس مقهي.

ولكنه سبب لا يثير الاهتمام، تأخروا.

دقة قوية مرة أخري مع لمسة سريعة علي الجرس .

ثمة من استيقظ وأخذ ينتظر الصوت المستفسر - مين؟

- سأغير صوتي وأمثل دور جارتنا ثقيلة الظل .

ولكن ربما يصابون بالهلع فالمستيقظون قسرا لديهم كل التبرير اللازم ليكونوا أقرب لبدائيتهم.

- لماذا تأخرت؟

-........لأنو ..

- شو هذا بيت أم فندق؟

يده علي الجرس مرة أخري قرع واضح ومتواصل.

- لن أتأخر ثانية، هذه أخر مرة.

- كل مرة تقول هذه أخر مرة

أين ذهب الخطو ؟ أنصتَ جيدا، ثمة ضجيج صامت يتأرجح في الجهة الأخري من الباب .

يواصل الوقوف والقرع المتقطع للجرس، أكيد ستدعوني أدخل.

- بعدك ولد حتي ولو عمرك ثمانية عشر عاماً، وتأتي في نصاصي الليالي مثل الزعران؟

أنقلع من هنا .

يواصل قرع الجرس المتوتر .

- ولا تفسد إخوتك فالثلم الأعوج من الثور الكبير.

- أنقبرْ أرجع من حيث أتيت .

يتابع الدقَّ والدفعَ والرنَّ والخبط بيديه ورجليه ورأسه حتي يرتخي ناشجا.

عندها يمدُّ يده إلي جيبه يخرج المفاتيح، يفتح البابَ بهدوء يدخل المنزل الخاوي إلا من سرير فارغ يستلقي مفكرا، لو مرة واحدة أحد ما يفتح لي الباب، لو مرة واحدة، ويغط في نوم عميق، تاركا الباب مفتوحا.

فادي عزام - دبي

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى