عبد الغنى كرم الله - في طفولتي..

في طفولتي، كنت، ولا أزال، نحيفا، قبيحا، وحققت بعض الفلاح المدرسي، رغم إهمالي، وبغضي لسجن الفصول، وعشقي للحرية العظمى " الفراغ"، حيث أكون لنفسي، وليس غيري، حين استحممت في يومي الأول للمدرسة، في الفجر الباكر، بكيت من قسوة الصابون وهو يدخل عيوني، وأمي تصيح بي " غمض غمض"، كيف أغمض؟ وهناك عصافير بيضاء، مقبلة من النهر، وتمضي للشمال، وهناك عنزة تحك جلدها بالحائط، كيف أغلق عيني عن كرنفال عظيم، ولو طرفة عين، تبا للصابون، بكيت بحرقة، ليس من مذاق الصابون الحارق في عيني فقط، ولكن، لأني لم أر سربا من الرهو، وهو يصيح فوق الدار، يصيح لي، كي أسافر، وأطير بعين خيالي معه..

ليت الله، جعل عيوننا مثل الدجاج ، كل على حده ، كي نرى يسار ويمين ، ولا نتلفت حين نقطع الشارع ، أو نلعب الكرة، وكي أرى بعيني اليسرى، حين تحمم أمي اليمنى ، بل ليته جعل لنا ثلاث عيون ، وأخرى في الجبهة ، ولكن قد يبدو الوجه قبيحا؟ بمقدور الله ان يجعله جميلا ، حتى ولو العيون جانبية، وثالثة في قلب الجبهة، أليس هو الذي جعل المر مرا ، والحلو حلوا ، بل السم ، الذي نخافه ، يجري كالدم، في لسان الثعبان، والعقرب، بكل قبحها، تضاجع أنثاها، بصبوة، لا يسبرها الشعر!!.

مضيت للمدرسة، برداء وقيمص ازرق، والعطر يفوح مني، مثل الفصول، وكراسات بيضاء ، من غير سوء ، تملأ شنطتي الدمورية ، وحين رن الجرس ، اتسعت عيوني ، فرحة ودهشة، وهي تدخل فصلا ، منظم الكراسي ، وتتقدمه سبورة سوداء ، مستطيلة ، ولكني بهت ، من أول يوم ، من أول حصة، من أول دقيقة، إنه سجن..

مناهج باهتة، جافة، كنت أحسبها تندهش حين ترى الدودة، تطوي رأسها وذيلها معا، ثم تفردهما وهي تسعى لعشبة، أو ظل، أليست ذكية!!، وجميلة؟، وناعمة؟، ولكن المناهج كانت جافة، مثل حجر في فمي، وليس حلاوة " حربة"، لم تحرك هذه الدودة فيها ساكنا، كما ان قريتي، وأبقارها الجميلة، وحليبها، وقرونها، تلك القرون التي لم تولد معها، حين كانت صغيرة، ولكنها نبتت من رأسها، كما كما تنبت أعشاب السعدة، ولكن من لحم، لم تثير في المناهج أي عجب؟!

كل الحصص، مملة، كاذبة، حتى إصرار الموج على قضم شاطئ النيل الأزرق، والطمي الذي يأتي إلينا، ناعما، رخوا، كريما، من أعالى الجبال الحبشية، سقط سهوا، هو الآخر، من تعجب المناهج، ولم لا يستطيع قضم الشاطي، أو أن يكف عن الحركة، بل الرقص الأبدي، كما ان هناك سر ما، في الكون، فيني، فيكم، حدسي يقر بذلك، لم تلمسه هذه المناهج، أبدا، فهي لا تقر بالحدس، مثل قلبي!!...

بل تريد، أن تصبني، كمن يحاول صب فيل، في جسم نملة، تحب الحرص، والتوفير، أهذا كل اللغز؟ أهذا كل شأنك يا مناهج..

فكنت أذهب في عطلة الصيف الطويلة، إلى الخرطوم، لأخي الأكبر، بل أبي، فقد كان فارق السن كبيرا!!..

كان ابي يحب النساء، كسنة " نبوية"، كما يقول، وتزوج، ثلاث، في فترات متباعدة، حتى صار أخي الأكبر، من أمي الأولى " الزنبية"، بمثابة أبي، أنا الأصغر، بعد رحيل أبي، وللحق كان أبي يحب الطيب، والصلاة، لإكمال ذلك الثالوث النبوي، وللحق رغم ان حكم الوقت كان معه، وكنا نحس بأن لنا ثلاث أمهات، رغم مرارة فقدانه، حين يكون مسافرا مع الأخريات، أحس، أنا وأختي الصغيرة ، باننا ، لسنا وحدنا ، في ذات قلبه، وفي هذا، ما يجعل الزوجة الواحدة، هي فطرة الحياة، ومبتغاها الأصيل
(كانت لقلبي أهواء مفرقة/ فأستجمعت منذ رأتك العين أهوائي)
هكذا يكون التوحيد ، في السماء ، لل ه، وفي الأرض للمرأة ، للزوجة!!..

كنت صديقا للطين، انحت عوالمي من الماعز، والخراف، والأفيال، واللواري، وكانت أصواتها تخرج من لساني كما هي، سواء كان بوري لوري سعد، حين تعترضه بقرة الشمة، أو نباح كلب ابراهيم ود كيم، لكل الحمير التي تسعى في الفجر للمشروع الزراعي، والاغرب، كانت عيون كل حيواناتي، بما فيها بني آدم، من حصى صغيرة، كبدية، ألصقها على الرأس، أو تحت الأذن، لأصنامي الطينية، التي ظللت أعبد سحرها، وجمالها وهي تجف، وتسعد عيني، كما تسعد قلبي، بالثناء المستطاب من أخوتي، وجيراني (والله شيطان، فنان كبير)، فيثمل قلبي، بهذا الثناء، وأحس بجزء من كياني، تعويضا، لغياب أبي المبكر، وسفر أخوتي الكبار، كيتم قسري آخر، للدراسة بالخرطوم، وبورسودان، وأحس بالتهميش، لم؟ لا مدراس، أو مكتبة، بقريتي البسيطة، لم؟، وهي تمنح الخرطوم كل يوم عشرات من اللواري، والبكاسي، والبصات المحملة بالجرجير، والطماطم، والبصل، واللبن، وبيض الدجاج، والبرسيم...

ولم أحس بأن ركوب الحمير، مهارة، وتوازن خلاق، إلا حين أتى ابن اختي، وهو يكبرني بعامين، من الخرطوم للقرية، فهوى من ظهر الحمار، فصرنا نضحك عليه، وهو يرتجف، ويصرخ بأعلى صوته، ويتمرجح يمنى، ويسرى، في حمار يسير بوداعة، ونحن كنا نركب يسرى ويمنى، وبالجنب، والخلف، أفانين من الامتطاء، بل وتحتك جبل من شولات الذرة، في طريقنا للطاحونة، في قرية مجاورة، 3 كيلو ونصف، أهذه مهارة،؟ عجبى، أينطبق علينا قول الحكيم:
(والعير في البيداء يقتلها الظمأ / والماء فوق ظهورها محمول)
ناهيك عن مهارات أخر، كالسباحة، والبناء، وتسلق سقف الصالون، كالقرد، وحصد العشب، والنوم تحت قبة زرقاء، مرصعة بنجوم بعيدة، بعيدة، فتحس بأنس، وبهوان عظيم. أليست هذه منح، فما أجمل " الضلال" بملاءة الليل، الليل، وسره الغريب!!..

ولكن حيرني تمثال (اليسع)، الطيني، حين خلقته، كان اليسع صاحب الطابونة، له كرش تتدلى أمامه، كقدم ثالثة، ضخمة، تكاد تلمس الأرض، وحين خلقت له تمثال طيني، كاد يهوي، على بطنه، لأنه أرجله نحيفة (رقاق)، وأنى لي أن أكذب، فرجليه نحاف، ولا أدري لليوم لم لا يسقط اليسع في مشيته، مثل تمثالي الطيني...

كأني امدح عيشي، كأني أقدح عيشي الأول، لست أدري، مثل الليل، تبدو ذاكرة الأيام، ودفق الحياة، اللاإرادي، من ارحام تدفع، لقبور تبلع، بلا حول أو قوى، سوى الاستسلام لأمر غريب، يد خفية، تختار لك زمان الميلاد، ومكانه، وأم وأب، وسرب لا يوصف من الحتميات، الأزلية، حتى الوعي، والجفاء، والامتعاض، وما يتراءى، شأن ذاتي، يغرق في تلكم الأقدار القديمة، وكفى حكيم المعرة، رسولا، لنا (وهل يأبق الانسان من ملك ربه، ويخرج من ارض له وسماء) فتبدو، كل أفعالنا، تحركها، كدمي، غرائز، وشهوات، وطموح، كامن، كمون النار، في مستصغر الشرر، حتى جدي المتنبي، أتعب الاجساد، بالنفوس الكبار، وما النفس، سوى ذلك اللامرئي، الذي يسوق الجسد، لما يريد، ويبغي، فنرى رجالا، يدخلون الفلوات، والسجون، ولم تكن حياتهم، كلها، سوى تلبية، لذلك النداء البعيد، الغريب، العجيب، الفطري، الكامن في النفس!!..

أخي الأكبر، شقيقي، من أبي، كان يقطن بري، امتداد ناصر، وكنت امضي لقضاء العطلة الصيفية، معه ، وهو انجب بنات فقط، حينها، وليس له ولد، واطرب لذلك، لرؤية اخي، وبناته، وعوالم الخرطوم، فكان أكثر جلوسي في عتبة البيت، مقابل بري الدراسية، ومدرسة قرنفلي، ونادي بري الرياضي، والمطار، ومن السعد، أن صف من المدراس، كانت تمر بالفسحة الكبيرة، والتي لا تملك شكلا معينا، امام دار أخي، فكانت عيني تتكحل يوميا، برؤية عشرات من طالبات المدراس المختلفة، والملابس المختلفة، والمشية المختلفة، والسمات المختلفة، فأي كنز، أعظم من هذا، لمن تقوم حياته على الفرجة، والفرجة!

هاهن، على مقربة مني سبع بنات، في طريقهن لمدرسة السلمابي، لكل منهن، مشيتها، سمتها، هالتها، ضحكتها، حركاتها وهي تناقش، يقفن، لم؟ ثم يتحركن، ثم تجري واحدة من الأخرى، ثم ينظرن لفتى مر قربهن، ثم؟ أهناك أعجب، وأسحر من الفرجة، على الحياة، بلى الحياة، الحياة، ثم يسرن، وكأنهن لسن مع بعض، كل سرحت في عوالمها الخاصة، تلك الخواطر المستكينة في الأعماق حين تطفو فجأة، بلا أذن، وتتركك وحيدا، وأنت في قلب الجماعة..

وكانت العتبة عالمي الأبهى، أراقب الناس، وإقلاع الطائرات الساحر ، وأحفظ عن ظهر قلب أي طائرة هولندية أقعلت، وأثوبية نزلت، ومصرية تحلق في سماء الخرطوم، كما كنت أحفظ اسماء البصات الزرقاء، المتهالكة، لامتداد ناصر، وبري عن ظهر قلب، مجرد أن أرى البص يحبو من بعيد، أصيح باسمه لنفسي، ويكون ما خمنت، كما كانت العتبة مسرحا لنساء ناصر، المسنات، وغيرهن، وهن في طريقهن لسوق أربعة الشهير، ببري المحس، أو مكتبة الملتقي للرجال، والصحافة، والايام، والاذاعة والتلفزيون، ولا شك بعد حين، كانت حواري بري، وناصر، وقاردن سيتي، مرتع طفولتي، ومغامراتي، في الفضول، والتحديق، والفرجة، كما كنت كثير التسكع بين أختي، وأخي، الأخرين، في محطة ستة، ومحطة ثمانية، وكان امتداد ناصر، بالنسبة لي، حي صغير، اقطعه (سيافي)، يوميا، أي من الشمال الغربي، للجنوب الشرقي، وبالعكس، طوال سنوات طفولتي، ومراهقتي، لذا تستكين في قاع النفس، حيوات، ومشاهد لا تحصى، ولا أدري لم ثبت في ذهني، منظر فتاة حلوة، تفتح الباب لسيارة أبيها، وهي نعسة، تلبس فستان نوم خفيف، وزاد من خفته ضوء السيارة، ومنظر السرير في الحوش، كأني تلصصت على لحظة حميمة، لأسرة جميلة المحيا، وخاصة الفتاة، التي كثيرا ما رأيتها، تختال في طريقها لمدرسة على السيد، الثانوية العامة.. ولكني، لم أكن اتوقع أن اقع في حب، فتاة، لا تعرفني، ولا أعرفها، سوى أن الطريق يأتي بها كل يوم، وهي تلبس زي كبدي، رداء الثانوي العام حينها، مثلي، كنت في الثانوي العام بمدرسة العسيلات، وطرحة بيضاء، وشنطة جلدية سوداء، سعيدة، تداعب ظهرها كل صباح، وظهيرة، وتلبس حذاء ابيض، واسود، وزهري، مع أيام الأسبوع، وتسرح شعرها بطريقة واحدة في الصبح، مجرد كعكة، وعرف حصان، تظهرها الطرحة الشفافة، مثل النملي..

لم الخوف، لم التوتر، كنت اطرق لها الطريق، وكانت هناك هالة ما، تنطلق منها، وتشل تكفيري، وتعقلي، وتجعلني أتمنى أن اذوب في الاثير، حبا، وخوفا، واختباء.

كانت جميلة، وكانت غنية، وفي هذه المنح ما يشلني، ويهربني بالفطرة، كنت أخاف الجمال، أي فتاة جميلة، أرهب جانبها، وأخاف أن تهين ذاتي، أو تسخر مني، فأبتعدت عن الجمال، وغنيت له..

علاقتي مع أخي الأكبر، كانت غريبة، كان صامتا، ومن النوع الذي لا يعرف ان يعبر عن مشاعره، فلن تستطيع ان تعرف ما يجري بدواخله، أبدا، ولم افهمه إلا بعد حين، ولكن في طفولتي، كنت اضع برزخا بيني، وبينه، وكنت ارهب ان اجلس معه طويلا، فهالته اللامرئية، تجعلني متوثبا، محتشدا، رغم حبه لي، وتدليله، بكلمات ملاح (الحلبي، الشاطر)، وهلم جرا، فكانت الساعة معه، دهرا، لا يحصى، من العنت النفسي!!...

وشاء القدر، ان تكون هناك علاقة بين بنت أخي، وتلك الفتاة، علاقة دراسية، مدرسة واحدة، وفصل واحد، ما أعذب القدر، إنه ذكي، ولكنه غامض، ولا يشئ بإسراره، إلا بعد عنت، وتفكر، وتأمل، وتوفيق، وهكذا جرت الايام، والفتاة تزور بنت أختي، ومرات أكون سعيدا، بل شقيا، حين افتح الباب لطارق، ويكون الضيف هي، فتنشل أعصابي، واختبئ بطريقة سريعة خلف ضلفة الباب، وأنا أهذئ بكليمات ترحاب لا أدري نظمها، وترتيبها، ولكن على محياها، ترتسم ابتسامة، لا أقوى على تحليلها، أهي سخرية، أم فرح، أم تعجب، من فتى، يخاف فتاة، أيما خوف..

كنت احب الكيمياء، وأحفظ الجدول الدوري عن ظهر قلب، وأحبه، لأنه يعني لي ان العناصر تنظم، بلا حول، أقوى، منها، في جدول حتمي، من المزايا، والقدرات، والصفات، مثل السلم الموسيقى، لا نغمة، تتجاوز حدها، وتأتلف، وتختلف، بأيقاع موزون، وهكذا كان الجدول الدوري، كل في فلك يسبحون، فلا الكلور سابق الهايدروجين ، ولا الهايدروجين ، يسبق الأكسجين، وما أعذب وأغرب علاقاتها مع بعض، تنفر من عناصر، وتحب عناصر، مثل علاقات الانسان باخيه الانسان، وتشتد علاقة، وتمتن، وتكون أخرى رخوة، كاليورانيم، المسكين، الذي استغل الانسان، رخاوة قوته الايونية، ففرقه أيدي سبا، قنبلة تهز وجدان الكون، من ذرة حقيرة، تستعضى على العين الشحمية رؤيتها، وتحسبونه هينا، وهو عظيم..

المهم، حبي للكيمياء، استدرج لي فتاتي، مع أبنة أخي، لدروس عصرية، ليست مجانية، بل بمقدروي دفع دمي، من أجلها، فكانت الفسحة تكنس في العصرية، وترش بخرطوش أحمر، ذو خطوط بيضاء، يتلوى في الدار، ويرشها من الركن للركن، فهو يمتد من الحنفية قرب الباب الصغير، ولحوش النساء، خلف الدار، كما يمتد لآخر ركن في البيت، وراء الصالون، ويسقي هناك بعض الشجيرات ، والزهور على الاصيص، كما كنت أفعل كل يوم، وأجد في ذلك متعة لا تقاس، وأنا أرسم بالخرطوم اسمها، واشم رائحة الطمي، تتسلل من أسمها، لا من الماء، فالاستحالة، كائن عادي، حين تنظر لي، بل حين أتخيلها تنظر لي، فأنا لا اقوى النظر إليها، على الإطلاق، تهزني طاقة ما، وتجعلني أشبه باللاكائن، بل مجرد ذبذبة لطيفة، هي انا، مثل الضوء، والطاقة المغناطسية، التي تشد القمر نحو الأرض!!.. أخبرتني بنت أخي، بأنها غدا، سوف تأتي لدرس في الكيمياء، فأهتز كياني، ولم أفرح، ولم أغضب، ولم اجد كلمة في اللغة العربية، رغم غرورها، تحكي حالي، وتصور انفعالي، ولكني لم أنم، ولم أصح، كنت اشبه برجل هادئ، برجل محموم، لا يدري هل هو يهذي، أم يتألم، أم يتخيل، أم يتذكر، عوالم، تداخلت، في قلبي، وجسمي، حتى أشرقت الشمس، ومضيت متعبا للمدرسة، مثل رجل جاء من بورسودان بالقطار العادي، وظل يساهر، مدى الرحلة، ثلاث أيام، وهو في طريقه للبيت، من محطة السكة حديد، والنعاس يراوده، وأعظم أمنياته، سرير ناعم، وغرفة مظلمة..

كلما، أعود لشرح التكوين، القوالب اللامرئية، التي صبت فيها حياتي، كي أسبر جزءا من كياني، ، ولكن أحس بضلال أكثر، فأسرتي كما قلت تمتد لثلاث أمهات، هن الزنبية، وسعاد، وبنت المنى، وهي أمي ، ولكل منهن أولاد وبنات، وبصفتي أصغر الأسرة، فقد كانت حالتي أغرب كالاسطورة، فقد كنت ألعب مع ابناء اخواتي، الأكبر سنا، ( كنت خالا)، ولكن أصغر من ابناء أختي، كما ان توزع ( أمهاتي)، على ريف الجزيرة، وأخرى بالخرطوم، وثالثة شرق النيل، جعل الأسرة، حين تلتقي في الخرطوم لأمر، ما، عرس، سفر أحد، أو مرضة، يجعلك تقلب الطرف في التناقض، في الاشكال، والسحنات، وطرائق التربية، والهموم، واللهجات، حتى تعجب، أهذه كلها ( شجرة كرم الله)، ويسرح الطرف لشجرة ( آدم)، وتؤمن بالتعدد، من فرس وروم، وزنوج، إن كان حال شجرة أبي، هكذا، فلم اللوم، لوم التعدد، لبني آدم، في أشكالهم، وسحناتهم، ومعتقداتهم..


جزء من ذكريات صباح السبت

3 أكتوبر 2009م

قهوة كوستا


- عبد الغنى كرم الله

مدونة عبد الغنى كرم اللة: في طفولتي

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى