محمد خضير - أجيال الخطر..

ينطبق هذا المصطلح على عدة مراحل سابقة من تاريخ العراق الأدبي. إن الاستعارة المرادفة لهذه التسمية قد تكون "أصحاب الأقدام الدامية". وقد تتفرع عن هذا المصطلح تسميات أخرى مثل "أجيال الضياع" و"أجيال القدر". وهؤلاء جميعاً هم أدباء المؤسسة الأدبية المطرودون من حياضها، خلال مرحلتين من حكم الاستعمار والاستقلال الوطني، ورمزهم الأكبر بدر شاكر السياب. كما قد يشمل المصطلح ومرادفاته مجموعةَ "العرضحالية" الجالسين في رواق العدالة المفقودة، وأشهرهم فؤاد التكرلي. ومثل هؤلاء وأولئك فالمصطلح يشمل أجيالَ شارع الصحافة الضيق: حسين مردان ورشدي العامل وعبد المجيد الونداوي ونزار عباس ومحمد سعيد الصكار ويوسف الصائغ وسهيل سامي نادر وسلوى زكو وعبد الرزاق حسين. كما قد يغطي المصطلح بظلّه العريض عشرات من الكتاب المغمورين الذين أفنَت المواقفُ الأخلاقية ومواجهة "الجدار الأصم" طاقاتهم الأدبية والحياتية وألقتْهم أمواجُ الشارع تحت الجدار، أمثال: عبد الملك نوري وعبد المجيد لطفي وعبد الرزاق الشيخ علي وجاسم الجوي وياسين حسين وعدنان رؤوف ويوسف الحيدري ومحمود الظاهر وعبد الله جواد. وقد ينفرش الظلّ ليغطي مجموعة الشعراء الرومانسيين: موسى النقدي ورشيد مجيد وعبد القادر رشيد الناصري وقيس لفتة مراد ورزوق فرج رزوق وصفاء الحيدري وعبد الأمير الحصيري. بعد ذلك يمكننا مدَّ ظلّ المصطلح ليشمل الملائكة المحلقين حول فجوة "الوطن" ممن ينطبق عليهم جدل الهوية والمنفى، والطيران المؤقت والاختفاء الأبدي وراء الأفق، أمثال: سعدي يوسف وسركون بولص ومؤيد الراوي وأنور الغساني وفاضل العزاوي وعالية ممدوح وجمعة اللامي وجيان وعلي الشوك ونجيب المانع وفوزي كريم وحميد الخاقاني وصادق الصائغ وعبد الكريم كاصد ونبيل ياسين وهاشم شفيق وعواد ناصر وعشرات؛ إضافة إلى عشرات المجهولين الذين انقطعت أخبارهم، أو قُصّت أجنحتهم وضيّعوا السبيل الى نشأتهم الأولى، وأشهر مَن أتذكر مِن الأخيرين: خالد الخميسي ومحمد الرديني وفيصل السعد وخالد الخشان وخالد النجار.
يعجزني عدُّ الأسماء وحصرُ دلالات المصطلح التي تشملها، كما يعجزني مدُّ المسافات لرحلتها بين الولادة والهجرة والموت. لكن أقصر مسافة يمكن جمع "أجيال الخطر" فيها - بدلالة الصور الأربع المرفقة-هي مسافة الرصيف الممتدّ من شارع الرشيد بين ساحة "الميدان" وساحة "الوثبة/ حافظ القاضي" وهي المسافة التي حدثَ فيها نصفُ تاريخ العراق الحديث تقريباً.

(البصرة، في درجة خمسين مئوية)

https://www.facebook.com/profile.ph...4mqVCQEefmyNa6KLS-3G64xGK5ru-PyBv4_XyJIkkhH87

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى