أحمد محمود مبارك - بطاقتي ووجه قريتي.. شعر

واجمةٌ طيورُ قريتي
تلك التي ..
ما فارقتْ أغصانَها العجافْ
غائمةٌ عيونُها
ورَفْرفاتُها ارتجافْ
أتيتُها
يهفو إلى صفاء زقزقاتها
رأسي الذي ينوءُ بالدّخان
والضباب والضجيجْ
لكنني وجدتُّها
... مُمْسِكة عن الهزيجْ

لا تُرسلُ الصفيرَ إلا عندما
يمزّقُ الفضا أزيزُطائرةْ
أو تُرْعِبُ السكونَ زعقةُ القطارْ
حينئذِ ..
يسري الصفيرُ في الهواءْ
غمامةً سوداءْ
تنزُّ بالنشيجْ
كأنها ..
تنعى زمانَ زقزقاتٍ غابرهْ
طارتْ مع الأجنجة المُهاجرةْ
-----
وقريتي التي أتيتُها مُخْتنقا
أنهل من نسيمها سلاسةَ الشهيق والزّفيرْ
... وأطرحُ الهجيرفي رحاب ظلِّها
...وأخلعُ السّهادَ فوق ظلّها النضيرْ
وأستعيدُ ذكرياتٍ دوَّنتْها
في لحاءِ دوحها .
أيامُ عمريَ النضيرْ
... بدتْ بلا رئةْ
أعطافُها الخُضْرُ استحالتْ
صفرةً مُهْترئةْ
.. دروبُها مُختبئةْ
...حروفها منطفئهْ
----
ياقريتي التي
مازلتِ في صدري تميمتي
..كيف استحال وجهُكِ النّدِيُّ
... قيْظا واصْفرارْ؟
وكيف في رُبى طفولتي
تجهلني الدّيارْ ؟
كيف تعود بي إلى مدائن الدُّخان
والضباب والضجيج زعْقةُ القطارْ ؟
.. ويستبدُّ بي هجيرُ غربتي
ووجهُكِ الجميلُ لم يزل على بطاقتي
... آياتِ صفْوٍ واخْضرارْ ...!


-----------
نشرت بمجلة إبداع - الهيئة المصرية العامة للكتاب - عدد يناير 1990

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى