فتاح خطاب - ولِدتْ عَورة.. شعر

النجدة، النجدة..! يا رب العالمـــين
هنا ينقرض نصفي المضيء والجميل
بإسم جلالتك.. وأنت أرحم الراحمين
فتاح خطاب


في زمن وئد الكائنات الجميلة وسحق الزهور الملونة
وازدراء الفن والادب والفلسفة
إعلاءً لكلمة الله
في زمن حرق المكتبات الحديثة ومداهمة النوادي الثقافية
وهدم التماثيل والرموز التاريخية
إرضاءً لله
في زمن الانفجارات العشوائية وإطلاق السراويل الطويلة والدشاديش القصيرة
جهاداً في سبيل الله
في زمن تفريق الجنسين في المدارس والدوائر والباصات
وترهيب الطالبات وترغيب الاعلانات التلفزيونية للتقليعات
الخليجية للالبسة الداخلية والخارجية المطرزة حسب التقاليد المجتمعية
حفاظاً على شرع الله
في زمن تلويث الطبيعة وتشويه خلق الله وتعتيم العقول وطمس الحقائق الازلية
تطبيقاً لسنة الله
في زمن القنوات الفضائية المأجورة الغاضبة والمتجهمة
والفتاوى المجانية، غير المسؤولة
دفاعاً عن ثوابت دين الله
في زمن قلع ونبش القبور ومسح الشواهد الإيمانية
ونهب محتوياتها، حسب الهوية الطائفية..
إثباتاً لوجود وكلاء الله
. . . . .
ولِدتْ هنا في قلب الظلمات
اميرة الاميرات
أينعت وفي عينيها بريق التساؤلات
عن البحر والقمر والزهور والطيور ورقصة النحلات
كانت ترسم وترقص وتغني بشتى اللغات
محاكاة لألوان الربيع وخفة الفراشات
وحين تستعرض برائتها امام المرآة
بإبتسامتها الساحرة
وهي تمشط شعرها بعفوية ربانية
تتباهى المرآة بوجودها
كأنما خُلقت لمثل هذه الطلعات
فغدت هي والمرآة صنوان
في البراءة والجمال والصراحة
منهما كانت تغار البشاعة والكآبة والشرور
ويقبل عليهما خفافاً الفرح والسرور
. . . . .
ما لبثت حتى قامت الساعة
بإرادة تآمرية شيطانية مبيّتة
من سواد العقول وسوء النيّات
فحدث ما حدث من إنفجارات
مخلفة ورائها دماء وأشلاء مفحّمة من بنيان الله
الزجاجات المزركشة تهشمت والرسومات الملونة تبعثرت
الزهور والبراعم الواعدة أُغتيلت وأنشرخت مرآة الحياة
فأسودت الدنيا في عيني اميرة الاميرات
انقلبت عندها الآيات وزادت المعانات
نسيت ما كانت لها من أحلام وردية وطموحات مجدية
مستسلمة لمقدرات الامور، ضائعة في متاهات الحياة
حتى احترقت بينها وبين العالم كل المسافات
وباتت لا تفرق بين الخير والشر
بين الحق والباطل
بين القبح والجمال
بين النياشين والاساور
. . . . .
هنا في قلب الظلمات
تُمسخ المرأة غراباً ودجاجة وتُنعت بأحط الصفات
فوراء كل إمرأة مهزوزة فاشلة، رجل حقير
حسب ما تؤمر، تصير
كيفما تساق تسير
تُذل فتشكر اولياء الامور
تُظلم وتُدفن بين الجدران الاربعة
فتصبر وتدعو الله لإدامة نعمة القردة
وكلما كبرت، صغر العالم في عينيها الذابلتين
حتى غدت هي الاخرى نقطة صفر
لا تُرى بالعين المجردة


2012-10-28


* قصـــــائد - للكاتب المسرحي : فتاح خطاب

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى