محمد عمران - مديح من أهوى.. شعر

من أينَ يبدأُ عاشقٌ بمديحِ من يهوى؟
من أينَ يدخلُ في تفاصيلِ الغموضِ أو الوضوحِ
في جسمها المكنونِ،
مادامتْ أظلتها تفيضُ على المديحِ
والوقتُ من وجدٍ ترابي،
ومن نجوى

2

الحمدُ للشعرِ.. استعنت بوجهه، فأعانني
في وحشة الصمتِ الجريحِ
وهدى خطى قلبي إليكِ، حبيبتي،
فأظلَّت النعمى يدي
الحمدُ للوقتِ الذي استمهلتُهُ
حتى تجيء يداكِ من غيبٍ إليَّ
فأشدُّ في أُفقيهما،
ما انهدَّ من أجزاء روحي
مُدِّي ظلالَ يدينِ
من ياقوتكِ العالي، عليَّ
الآن تلبسني، وأُلبِسُها الظلالُ،
الآن ماءُ الشعرِ يشربُ ماءَ روحي

3

قلبي على قلبِ القصيدةِ،
إن مسراها طويلْ
حملتْ نبوَّتها، وأسرتْ في بهاءِ يديكِ،
فانكشفَ البهاءْ
فتوغلتْ حتى انهمار النورِ
في عينينِ من زيتِ السماءْ
حتى اتقادِ الكوكبَ الدريِ
في جسدٍ فسيحٍ
قلبي على قلبِ القصيدة،
إنها الأنثى التي جاءت من الغيبِ الجميلْ
سرقتْ وداعتها،
وألقت جمرها فيها،
فأشعلتِ الغناءْ

4

من أين يشرعُ عاشقٌ بغناءِ من يهوى؟!!
.............................................
.............................................
يا باب بستان الطفولةِ؛ لوَّحتكَ الشمسُ،
فلتأنس إلى ظلي
إني فرشتُ هواءهُ نعساً،
لأمتلكَ الرؤى في نومكَ الطفلِ
ضيفٌ على أقواسكَ السمراءِ
أم أيامُ عيدِ القمحِ في الحقلِ؟!!
جئني كما تهوى،
بثوبِ الوردِ،
أو جئ في قميصِ اللوزِ،
أو في ضوعةِ الفُلِّ
وأظلَّ شعركَ بالغمائم،
أو بمنديلٍ بماءِ اللهِ مبتلٍّ
قلبي يدلُّ عليكَ
مهما خبَّأتك العينْ،
بينَ الرمشِ
والكحلِ

5

وأنا أُشيدُ لك القصورَ من الكلامْ
وأنا أُخيطُ لكِ الفساتينَ الجليلةَ،
جئني
بقميصِ نومِ الزهرِ،
في خفينِ من عشبٍ،
أشرتِ إلى بساطٍ في عراءِ الشعرِ،
قلتِ: هنا أنام
اللهُ،كيف استسلمتْ لغتي إليكِ
فمشتْ إلى الينبوعِ
واغتسلتْ،
ونامت كالحمامةِ في يديكِ

6

ياكوكبَ النُعمى،
سألتُ الشعر أن تأتي،
فأعطأني
مُدِّي سريرَ القلبِ،
واستلقي على أشجانهِ الخضراء،
أنتِ اليوم ضيفُ حنينه الحاني
أنا ساهرٌ بالقربِ من عينيكِ،
أحرسُ نومكِ الهاني
وأمدُّ زيتهما بما أبقتْ لي الأيامُ
في مصباحي الفاني

7

وأراكِ آتيةً إليَّ،
أرى جلالَ الأرضِ فيكِ
وأرى معاطفها التي ليست تُرى،
إلا عليكِ
وأرى يواقيتَ السماءِ الخضرَ،
تحرسُ معصميكِ
فأمدُّ أغصاني،
لألتقطَ النجومَ العالقاتِ بذيلِ ثوبكِ
والطيورُ الحائماتُ على يديكِ
ويكادُ قلبي أن يمدَّ يدينِ من فرحِ النهارِ
ليحتويكِ

8

وأنا جالسٌ في حضرةِ الصيفِ الذي
يفتضُّ كوكبكِ المشعَّ على الرمالْ
هذا، إذن وقتُ امتلاككِ
إنَّ لي
هذي السواحلَ كلها
هذي الجرودَ العالقاتِ على الجبالْ
هذي الظهيرةُ لي
بما في شمسها
من غبطةِ الذهبِ المذابِ،
وما عليها من ظلالْ
هذي الظهيرةُ
حين تنأى الأرضُ في قلبي،
فيرطمُ قاعُها قاعَ السماءْ
ويسيلُ جرحهما معاً:
ماءٌ على نورٍ،
ونوراً فوق ماءْ
هو صيفُ مملكةٍ،
كأنما على شفا زبدٍ
يشيدهما هواءْ

9

قلبي على قلبي،
تكاد طيورهُ الزرقاءُ تقفزُ من نوافذه العتيقهْ
هي غبطةِ الأنثى،
تفيضُ على خزائنه قتنسكبُ الغلالْ
إني امتلأتُ بكِ..
امنحي ماء القصيدةِ أن يسيلَ
فإن حنجرتي غريقهْ
يا ربِ ،هذا الحب يشبهني.
وهذا الوقتُ.. هل هي غيبةٌ كانت
وهل هذا حضورْ؟؟
هل كان يغفو النهرُ في جسدي
وكنتُ أظنهُ يجري؟
وهل هذي الطيورُ
كانت تبيتُ على مداخله،
وكنتُ أظنها رحلتْ؟!!

10

يا رب، هذا الحبُّ يوجعني
كأني ما أزالْ
في أول الأنثى،
كأني ما ابتدأتُ الأرضَ بعدُ
كأنني في أول الوطنِ الجميلْ
وكأنَّ بلور الطفولة ما تكسَّر في دمي
وكأنَّ قلبي لم تجرِّحه الشظايا،
أو كأنَّ الماءَ لم يشنق على شفتي،
ولم يمت الهواءُ على يدي،
كأنما المهدُ الموشى لم يصر جدثاً،
كأني لم أكنْ
رجلُ الخسارات الكبيرةِ والصغيرةِ،
فارسَ الوقتِ القتيلْ
من جاءَ من موتٍ،
إلى موتٍ
إلى عينيكِ،
يعلنُ منهما الحلم البديلْ
وقتٌ لعينيك/
وأعدتُ الصلاةَ على ميقاته
فأتى عشبٌ وأزهارُ
وجاء غيمٌ موشاةٌ مطارفه
يتلو،وجاءتْ فراشاتٌ وأشعارُ
وجاء من قبلِ الأسرارِ أسرارُ
وقتٌ لعينيكِ،
عندي ما أقرًّ به
لوجه وقتهما،
عندي شموع دمٍ
أوقدتها،بخورُ الروحِ أحرقهُ
على مجامره
عندي خزائنُ من خبزٍ، وخمرٍ، وأيامٍ معتقةٍ
لوقتِ عينيكِ
عندي النورُ والنارُ

11

اليومَ تكتملُ القصيدةُ.. ها دنوتُ من الختامْ
سبحانَ من أعطى يدي قلباً،
لتنبضَ في يداكْ
سبحانَ من أبقى مدىً لغدي،
ليسكنَ في غدكْ
سبحان من رفع الصلاة إلى فمي،
لأقيمها في معبدكْ
سبحانَ من خلقَ الكلام
فأن اسمك في الكلام
ولأن وجهكِ من رضىً
سبحانَ من بسطَ الرضى
ولأنَّ طبعكِ من غمامْ
سميتك الوقت الجميلَ،
وقلتُ قولي في مديحكِ..
والسلامْ "

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى