حسين علي محمد - آخر ظلال التكوين.. قصة قصيرة

-1-
فرغَ العاشقُ من تكوينِ اللوحةِ في زمنِ الجدبِ،
تصايحَ بالفرحِ الصَّاهلِ،
ألقاني منْ نافذةٍ السُّخطِ إلى جناتِ النارِ،
ذهلتُ لبعضِ الوقتِ،
سألتُ الجالسَ قُدَّامي في ثوبِ الدهشةِ
ـ ملَكاً كانَ ـ
أتعرِفُ ماذا يصهلُ في أعماقِ النارِ ؟ وماذا يركضُ في أجوافِ الأفراسِ
الخارجةِ مساءً من نافذةِ النردِ ؟
فنظَرَ إليَّ بعينيْ ذئبٍ
ـ كانَ جنينُ اللغةِ الأرعنُ لم يتشكَّلْ ـ
أخرجُ من نيرانِكِ عرياناً،
أمرحُ في آفاقِ الفردوْسِ،
وأضعُ على العورةِ ورقةَ توتٍ،
تأتي "فاطمةُ" فيصهلُ فرسي في البريةِ،
يأكلُ منْ هذا العشبِ،
ويشربُ منْ ماءِ الأنهارِ العذبِ
(يقولونَ تحدّرَ من ساقِ العرشِ الممدودِ على قنطرةِ الدلتا)،
أستقبلُ بالصَّدرِ المشتاقِ النسماتِ المُنعِشةَ المبهجةَ،
وأبحثُ عنْ سَكَني،
عنْ نصفي الضائعِ مني.
أسألُ مولايَ القادرَ أنْ يمنحني
دفءَ الوعدِ
فلا تحتضِنُ الأرضَ الأشواكْ
*
ـ في هذا اليومَ القائظِ .. أخذَ القادرُ ضلعاً مني،
علَّقَهُ خلفَ الأسوارِ،
وسوّاهُ، ونفخَ .. رأيتُ امرأةً فاتنةً تخرجُ منْ ضلعي الأيسرِ،
تأسرُني،
والوجهُ يُنيرُ الجنةَ منْ حولي،
والشعرُ الفحْميُّ يُغطِّي الفخِذيْنِ،
وأسألُ ربي: (لِمَ تخلقُ فينا النشوةَ بالشهوةِ،
فدمائي تتدفَّقُ،
جسدي عاصفةٌ،
وأنا أشتاقُ لوجْهِ حبيبي:
"كيفَ أراكْ ؟")

-2-
ـ ذا وجهُ حبيبي
(هلْ أدفنُهُ في صدري
أمْ تكشفُ أمْري ؟)
ـ .. واليومُ الآتي يمضي للخاتمةِ المرسومةِ،
وأنا في اللوحِ أُحمحِمُ،
أرقبُ في بَلَهٍ ظلِّي،
تخرجُ منْ حنجرتي "فاتنةٌ" لا تسكنُ في القلبِ العاشِقِ
بل تسرقُ كلَّ جواهِرِ شعري
تفضحُني قدّامَ الخلقِ .. وتجري

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى