مصطفى معروفي - النثريون..

إن الكثيرين من كتاب ما يسمى بقصيدة النثر يريدون أن يصبحوا شعراء بين عشية وضحاها دون أن يكلفوا أنفسهم عناء قراءة الشعر على الأقل، فمن خلال متابعتي لما يكتب منها لم أكد أجد ولو نصا واحدا جميلا مقنعا تتوفر فيه شروط الشعر كتبه أحد هؤلاء الكتبة النثريين. وقد كنت أستغرب من كل هذا العداء منهم للقصيدة الموزونة عمودية كانت أو قصيدة تفعيلة حتى وجدت الجواب أو قل بعض الجواب عند أحد شعارير آخر هذا الزمان ، وهو بالمناسبة له مجموعات نثرية مطبوعة في السوق وعضو في اتحاد الكتاب، وذلك لما قدم له أحد الشعراء بيتا للمتنبي طالبا منه أن يدله على البحر الذي يجري عليه فعجز . والسبب أنه لا يعرف العروض أصلا، كما صرح هو بذلك. إن هذا الشخص ، وهناك آخرون على شاكلته ، يريدون أن يتجاوزوا شيئا هم جاهلون به ، فتصوروا هذا الغباء وهذه البلادة من هؤلاء الذين أتوا الشعر من النوافذ كاللصوص ، وظنوا أنهم أنهم يفعلون خيرا.

أعتقد أن التجاوز ، وأتحدث هنا في ميدان الشعر، ينبغي أن يتم عن علم وبينة من الأمر لا عن جهل واستغباء للقارئ، فالشخص الذي يريد أن يكون نثريا هو حر في ذلك ، لكن أن يأتي بمبررات هي أوهى من بيت العنكبوت ، كمبرر الحداثة مثلا - قرأت شعراء الحداثة الغربيين ولم أجد كل هذا الإسفاف والابتذال الموجود عند نثريينا المصاقيع!!!- ليبرر بها خربشاته وزعيقه فذلك إن تم على البعض تمريره فهو من الأكيد لن يمرر على الجميع ، إذ هي في التحليل الأخير مبررات تثير الشفقة لدى البعض ولو كان له ولو إلمام بسيط بالشعر ومواصفاته ، كما تثير السخرية لدى البعض الآخر، والدليل هو أن هذا النوع من النثر لم يعطنا لحد الآن شخصا واحدا يمكن أن نشير إليه بكل اطمئنان على أنه شاعر.
إنه الإسفاف ، وإنها الرداءة في زمن التسيب والتمييع.

وأخيرا أقول للذين يستسهلون الصعب إنكم واهمون، وإن ما يمكث في الأرض هو الشعر، وأما الغثاء فمصيره يعرفه البادي والحاضر.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى