عبدالكريم القيشوري - الطفل رونق.

نشأ في أسرة تنتمي إلى طبقة متوسطة ؛ قبل أن يتدحرج مكيال وزن اعتبارها إلى الطبقة الدنيا التي تشرف على حافة الفقر؛ والتي تتحصل على قوت يومها بالكاد؛ نتيجة تورطها في امتلاك قبر حياة؛ عن طريق قرض ؛ قضم دعامات بناء الأسرة الصغيرة بكل تؤدة؛ مخلفا أعطابا ؛ تتمنى الأسرة في وحيدها؛ الذي تسعى جادة في تعليمه؛ أن يعوضها كل سنوات حياتها العجاف.

طفل باسم المحيى يدعى "رونق"؛ لعوب ؛ شغوف بالحياة؛ منطلق في شعابها كأي طفل ينشد المتعة واللذة؛ لا منغص ولا مكدر لصفو حيويته وانطلاقه.. له مكانته رفقة أقرانه ضمن جماعة فصل بمدرسة عمومية؛ كما له مكانته ضمن فريق المؤسسة باعتباره لاعب كرة قدم مميز. أبواه فخوران به و يأملان فيه كل خير؛ ألا يقول المثل الدارج " إلى ما جاتش بالقلم يجيبها القدم" .

الأب يسعى جادا لتلبية بعض احتياجاته بحسب اتساع وضيق رقعة اليد ؛ وما تجود عليه وظيفته في القطاع العام؛ ببخل شحيح عبر نظام سلم ترقية؛ تعرف أدراجه هوة كبيرة فيما بين الأعلى والأسفل. وأم تسهر على تدبير شؤون البيت ؛ والعمل على تخطيط اقتصادياته؛ عبر ميزانية ضعيفة؛ تجعلها مضطرة؛ للبحث عن سبل التخفيف من أضرارها؛ عبر ممارسة أشغال يدوية ؛ تدر عليها بعض ما يسد الخصاص هنا وهناك.

"رونق" محبوب من قبل جيران الحي؛ لوسامته ولحسن خلقه؛ ولقضاء احتياجاتهم بالسخرة؛ خاصة النساء ؛حيث العديد منهن من تطبع خده بقبلات حارة؛ نتيجة لتلبية طلبها إن من دكان الحي؛ أو من قصاب .. وكان هذا الأمر يقلق أباه عند عودته من العمل؛ فيستشيط غضبا على الأم التي يتهمها باللامبالاة؛ والتي تعبر له عن منحه فرصة تبديد ملل الروتين المدرسي؛ لتمتلئ نفسه بطاقات متجددة تمكنه من أن يقبل على أي نشاط برغبة وحيوية..

ذات يوم عطلة؛ ورونق يمارس رفقة أبناء الحي شغبه الطفولي ؛ وعشقه للعب كرة القدم؛ في مباراة ضد فريق أبناء حي مجاور؛ وكله حماس وحيوية لتسجيل أهداف.. نطت الكرة نتيجة ضربة رأس من أحد لاعبي فريق الخصم إلى خارج الميدان؛ متدحرجة وسط الطريق؛ هب رونق مسرعا لالتقاطها؛ لم يعر انتباها للقادم من المركبات السيارة؛ فإذا بصوت مدو ؛ لفرملة قوية لسيارة مسرعة رسمت على بساط الأسفلت زركشة عجلاتها؛ محدثة اصطداما حج إلى التعرف على ضحيته وأسباب وقوعه كل من كان في الملعب من الأطفال؛ وبعض من سكان الحي من رجال يهرولون إلى موقع الحدث؛ ونساء مولولات وداعيات بالسلامة.. لم يكن الضحية غير هر استفزته الكرة بسرعتها وكأنها تلاحقه؛ فنط وسط الطريق محدثا ارتباكا نتج عنه اصطدام سرب من السيارات كانت تخالف المسافة القانونية بين كل واحدة منها. احتضن الطفل رونق الكرة احتضان أم لطفلها الذي نجا من حادث مروع؛ وسط ذهول المارة والنساء المولولات ..تطلع بنظرات أسى واحتقار نحو السائقين المتهورين الذين لم يحترموا السرعة المحددة وسط المدار الحضري؛ وعاود الركض رفقة أقرانه خلف الكرة..

عبدالكريم القيشوري

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى