تشيستر هايمس - نقود أمي..! قصة قصيرة من أدب الزنوج الأمريكان - ت: كريم المالكي

سمع لمويل أمه تنادي. انها كثيرا ما تطلب منه الذهاب الي المتجر. رجع الي الخلف واتجه نحو زاوية في بيت الدجاج.. لم يعد يري من الباحة.. شعر بانقباض لأنه جلس علي ذرق دجاجة طازج. من خلال الفتحة التي في الجدار شاهد امه تخرج من المنزل وتضع يدها علي وجهها لتتفادي أشعة الشمس. كانت تبحث عنه. دعها تجد اخته الصغري إيلا أو اي شخص آخر. انه يشعر بالتعب من الذهاب الي المتجر طوال الوقت. اذا لم يكن الطلب من اجل امه فسيكون من اجل جارتهم مس ميتيبل. هذه المرأة تأتي كل صباح لتطلب منه الذهاب للمتجر.

كان يراقب امه وهي تبحث عنه، لم تعد تنادي عليه. شاهد الدجاجة العجوز في باب القن تنظر اليه، فكرَّ: اغربي ايتها الدجاجة الثرثارة لكنه كان خائفا من ان يتحرك او يتنفس. شاهد امه تقفل راجعة وتتجاوز سياج منزل مس ميتيبل وتتجه نحو المتجر.

نهض لمويل وانطلق نحو الخارج، نظر من حوله لم يلحظ اي شخص اتجه نحو باحة الدار. كان الغبار كثيفا لأن الدجاجات كانت قد حفرت لها جحورا في الأرض، أحال التراب قدميه الطويلتين الشديدتي السواد الي اللون الأسود الضارب للصفرة. كانت هناك ندوب كثيرة علي البشرة السوداء، ندوب في كل مكان من جسمه تجول في كل مكان. سوتي ذهب مع ابيه لصيد الأسماك.

اتجه لمويل نحو المنزل ثم وقف للحظة واحدة في المطبخ مسح قدميه من الأتربة بيديه وبدأ بالتجول داخل المنزل وفتش كل غرفة بانتظام، فقط لرؤية ما يمكن أن يجده.. صعد الي الطابق العلوي نحو غرفة والديه، تحسس علي جيوب بدلة أبيه ثم انحني للأسفل لينظر تحت السرير.. وقف لمويل ليختلس النظر الي خارج النافذة سحب الستائر بحذر شاهد السيد ديجرس في باحة بيته الذي يقع عبر الشارع، لم تظهر امه حتي الآن. عاد الي الغرفة وفتح باب خزانة الملابس ليجد في الزاوية حقيبة يد سوداء عتيقة. تحسسها بأصبعه شعر بأنها صلبة رفعها، كانت ثقيلة، فتحها وجد نقودا في داخلها، كل انواع النقود، وعملات معدنية، خمسة سنتات وعشرة سنتات وربع دولار ودولارات ورقية وعشرة دولارات. غلقها وأعادها للزاوية، ثم ركض باتجاه النافذة ونظر للخارج ثم نحو النافذة الخلفية وبعدها نزل الي الأسفل وانتقل من غرفة الي غرفة ونظر من جميع النوافذ، لم يشاهد احدا. الجميع في داخل المنازل في ذلك الوقت الملتهب من النهار.

ركض عائدا باتجاه الطابق العلوي فتح الدرج من جديد، أمسك بالحقيبة وفتحها أخذ ربع دولار ثم غلقها وأعادها الي مكانها وأغلق الخزانة، ركض باتجاه الطابق الأرضي وخرج من الباب الخلفي وعبر شارع موليري الفارغ اتجه نحو قلب المدينة بخطي سريعة من دون ان يركض. وحينما بلغ الأرصفة الجانبية شعر بحرارتها الشديدة علي قدميه وصار يتقافز وكأنه يرقص.

رفع قدميه بسرعة من الرصيف.

في البيزهو سلم ربع الدولار وحصل علي الفكة وبعد ذلك دخل المسرح الصغير الحار ليشاهد فيلم عصابات.

|||

سألته امه بينما كانت منشغلة بإعداد الطعام.

أين كنت طوال اليوم يا لمويل؟

- هناك في البحيرة، اصطاد السمك مع بلوبيلي .

كم مرة أخبرتك ناديه باسمه فرانسس؟

- نعم أماه. فرانسس.

نظر اليه والده الذي كان يغسل وجهه ويديه قائلا أممممب؟

نادرا ما يطلق والده مثل هذا الصوت.. وهو يعني به كل شيء. والآن تعني هل اصطاد أي سمكة؟

- كلا بالتأكيد لم أصطد شيئا.

كانت اخته الصغيرة ايلا تجلس علي المنضدة، غسل لمويل يديه وجلس الي المائدة ايضا. كان الجو حارا في المطبخ لم تغب الشمس بعد، كان وهجها يمر عبر النافذة وبعد ان أكمل الطعام ساعد لمويل في حمل الاطباق. ثم انتقلوا ليجلسوا في الرواق حيث يمر الناس في الشارع ويلقون التحية.

لم يذكر شيء عن الربع دولار. في اليوم التالي أخذ اربع قطع فئة عشرة سنتات وثلاث قطع فئة (5) سنتات ونصفي دولار.

ذهب ليجد هناك بورهيد.

ما الذي أتي بك؟

- لا شيء.. أمي طردتني.

لقد حصلت علي بعض النقود.

أخرج لمويل النقود من جيبه ليريها إياه..

من أين حصلت عليها؟ كانت عينا بورهيد كبيرتين كصحن.

- لا عليك حصلت عليها دعنا نذهب للعرض، مسدسات رجال العصابة في البيزهو .

لقد كنت هناك، دعنا نذهب الي قلب المدينة الي العرض الكبير.

وفي الطريق توقفوا عند مطعم زيك جرل الذي يصنع نوعا من الكعك من مخيض اللبن والبيض، لم يأكله لمويل قط ولا حتي بورهيد.. تبدو كأنها أشهي كعكة في العالم.

دخلوا المطعم وطلبوا الكعكة.. بعد ذلك توقفوا عند ميسوس هاريس واشتروا مخروط الايس كريم وكيسين من الفول السوداني. كانوا في ذلك الوقت مستعدين للعرض رغم ان الجو حار جدا بالقرب من غرفة العرض لكنهم تابعوا العرض بسعادة وهم يقضمون ما لديهم.

حينما حان وقت الذهاب للبيت بقي بحوزة لمويل ربع دولار وقطعتان من فئة عشرة سنتات وخمسة سنتات.. احتفظ بالربع دولار وأعطي ما تبقي لبورهيد.

في اليوم التالي تسلل نحو خزانة الملابس، بحث في الحقيبة وأخذ ما يكفيه لشراء كرة كبيرة وليبتاع لنفسه وبورهيد الكعكة والآيس كريم. لم تقل امه شيئا حتي الآن.ومع مرور أيام الصيف لم يذكر اي شيء علي الاطلاق. واصل أخذه للنقود كل يوم. وكانا هو وبورهيد كل يوم في المطعم. وبعد ذلك دعي جميع اولاد الجيران ليأكلوا فول سوداني وآيس كريم ومن ثم يأخذهم للسينما. ومعظم أصحابه كانوا يعرفون انه يسرق النقود من مكان ما ولكن لا أحد يثرثر عنه بشيء بل يختلقون الكذب في البيوت حتي لا يشك آباؤهم بأي شيء.

اشتري لمويل قفازات وكرات ومضارب بيسبول وأصبحوا قادرين علي لعب مباراة كاملة. وخلال ذلك الوقت لاحظت الأم جلبة لقفاز مميز فسألته من أين حصل عليه. اخبرها بأنه وأصدقاؤه ادخروا مصروفهم اليومي طوال الصيف واشتروا عدة فريق البيسبول. طالعته بشيء من الشك. لا تجعلني اقبض عليك وأنت تسرق أيها الفتي..!

في ذلك الوقت لاحظ ان الحقيبة السوداء أصبحت خفيفة وفارغة. لم يعد فيها نقود. بدأ يشعر بالخوف. وتساءل كم سيمضي من الوقت الي ان تكتشف امه الأمر. ولكنه ذهب أبعد من ذلك، فهو لن يتوقف.. ولن يفكر بما ستؤول اليه الأمور. كان ملك الحي وعليه ان يبقي كذلك.

وفي احدي الليالي بعد العشاء كان يجلس ومعه أبوه في الرواق وأخته ايلا تلعب فيما كان هو يدس اصبعه في التراب. سمع امه تنزل من الطابق العلوي. ومن خلال خطواتها شعر بأنها ستفصح عن خطأ ما. ظهرت في الرواق وقالت:

شخص أخذ الأموال الخيرية..! أمممممب، تمتم والده

- من تعتقد أن يكون؟

حبس لمويل انفاسه.

هل تعتقد جيمس؟ تقصد أخاها الأصغر الذي يتردد عليهم في بعض الأحيان.

- لا تفعلي سنكتشفه.. أجاب والده.

لم يجرؤ لمويل علي النظر حوله من شدة الخوف. وأبوه لم يتحرك. لم يوجه له اي شيء. وبعد لحظة نهض وقال سأذهب للفراش يا أمي. لمحه أبوه بنظرة مباشرة. اندس في فراشه في غرفته المقابلة للمطبخ لكنه لم يستطع النوم. بعد ذلك سمع دوريس ماي تبكي من مسافة. هو بالكاد يسمعها لكنه يميزها.

كانت امه تضربها. اعتقد ان أمه كعادتها تضرب دائما دوريس بعد ذلك سمع والديه يذهبان للفراش. ظل طوال الليل نصف مستيقظ بانتظار نزول والده. كان خائفا جدا.

صاح الديك العجوز، اخذت الشمس تشرق، سمع خطوات والده علي السلم كانت أشبه بصوت القدر المحتوم. أخذ يتقلب في فراشه وسحب الغطاء علي رأسه ليتصنع النوم. سمع خطوات والده تتجه نحو غرفته، حبس أنفاسه شعر بأنه قد وصل ورفع عنه الغطاء. بانت مؤخرته لأنه تعود أن لا يرتدي شيئا في أيام الصيف. فرك عينيه وفتحهما ليجد أباه منتصبا الي جوار سريره. وكيبل المشحذ الجلدي للأمواس طواه فوق رسغه بحيث تدلي الكيبل الي الجانب. ولدي والده نظرة اصلاح تشبه تلك التي وجهت له عندما اجتاز قاعة الرقص في إلم ستريت .

لمويل، أعطيك فرصة لقول الحقيقة، ماذا فعلت بأموال أمك الخيرية؟

- لم آخذها أقسم لك والدي بأني لم آخذها.

قال أبوه: ممممب!

واك، نزلت أول جلدة، قفز لمويل من السرير وحاول الزحف تحته. امسكه والده من الذراع. واك، واك، واك، انهالت عليه الضربات بالسوط، كان الصوت يؤذي لمويل قدر الجلدة نفسها.

بدأ لمويل يصرخ بقوة، وعرف من في الجوار أنه يجلد. ورفاقه يعرفون لأي سبب. لكنهم لم يعرفوا قبل ذلك اليوم.

قال أبوه - وهو يضربه علي ظهره ورجليه -: الله لا يحب اللصوص.

انطلق لمويل كالسهم نحو الباب الا ان والده منعه، حاول المرور من بين رجليه فتوالت عليه الضربات حينما كان يمر. ركض نحو المطبخ كانت أمه بانتظاره بالسوط حاول ان يزحف تحت المنضدة ولكن رأسه خبط برجل الكرسي، وبدأت أمه بتشغيل السوط علي مؤخرته.

قاتل! صرخ بأعلي صوته. النجدة! الشرطة! . الرجاء لن أسرق مرة ثانية علي الاطلاق اذا تركتيني يا أمي هذه المرة فأقسم بأني لن أعيد الكرة.

قالت أمه: أنا أريد زرع الحقيقة في نفسك وأضرب الشيطان لأخرجه .

وخرج من تحت المنضدة، وأخذ يتقافز متفاديا، اماكن الجلدات التي وشمت رجليه. لقد ذهب يا أمي آه لقد ذهب. كان لمويل يصرخ ويتقافز من شدة الألم. لقد ذهب كل الشيطان ودخل اليسوع الي قلبي.

حسنا بدا كما لو انه شاهد الضوء. تنهدت وتركته يخرج. نقودها الخيرية لم تذهب هباء لو انه اصبح نظيفا وأصلحته وتخلص من السرقة نهائيا.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى