ناصر الجاسم - موضة الـ Word..

نحن جيل مواليد 1385هـ/ 1965م، لم يكتب لنا أن ندرس علوم الحاسب الآلي على مقاعد الدراسة في المراحل الابتدائية والمتوسطة والثانوية، أي مراحل التعليم العام، ولم يكن حظنا جيداً أو مقبولاً أو حتى ضعيفاً فندرسها كمادة أساسية في الجامعة، بل إن من المضحك أننا حين كنا صغاراً عندما يرسلنا آباؤنا أو أمهاتنا لنشتري الخبز الأبيض، أو ما يعرف بالخبز الهولي الذي تصنعه الأيادي اليمانية المغتربة كان الخبازون اليمانيون يلفون لنا ربطة الخبز التي تصل إلى اثني عشر رغيفاً قيمتها ريال واحد في أوراق مخرمة وذات كتابة لم نكن نميزها في أوراق طابعات الكمبيوتر العريضة التي تستخدم لطباعة النتائج والتقارير..

وجاءت بعد ذلك الملامسة عن بعد لهذه التقنية، ذلك أننا صرنا نشتري حواسيب صخر النسخة العربية المترجمة كهدايا أو كلعب يلعب بها أطفالنا أو أخوتنا الصغار في عدم وعي منا أو استشعار لما سيتلاحق من إصدارات أو أجيال من الحواسيب الجديدة التي ستصيبنا حينها بالجهل المطبق إزاء استعمالها، وكان أبناؤنا وأخوتنا الصغار يتطورون ويزدادون فهماً في علوم الحاسب الآلي، أولاً من خلال النظر إليه كلعبة، وأيضاً عندما أقرت وزارة التربية والتعليم الحاسب الآلي كمادة أساسية في المدارس، ثم ظهرت التخصصات في الجامعات والكليات وانتشرت معاهد الحاسب التجارية في الوطن انتشار نارٍ في هشيم، فاضطررنا إلى طَرق هذا الباب والدخول، وكان طرقناً له ودخولنا إليه بالمحاكاة وبالمماثلة وليس على سبيل العلم المدرسي الممنهج، فكنا لا نعرف مسميات أو وحدات الجهاز، لا وحدة التخزين ولا وحدة المعالجة، صرنا مقلدين جهلة، حتى أن بعضنا كان يفرح لكتابة جملة واحدة وظهورها أمامه في الشاشة ويفرح أكثر إذا غير لون هذه الجملة ورسم مربعات ومستطيلات في برنامج الرسام.

وأخذنا الإصرار والطموح وحب اللحاق بمن صار أستاذاً في هذا العلم، فأخذنا نكتب ونكتب، ولم يكن بعضنا يعرف كيف يحفظ ما يكتبه، ولم نكن نعرف خصائص ملحقات الحاسب كأجهزة التخزين الخارجية، فأنا مثلاً قد خسرت رواية كاملة حفظتها على Floppy Disk ذلك أنني حفظتها فيه، ومع مرور الزمن وجدتها قد اختفت تماماً لطول التخزين، وخسر صديقي أيضا- وهو كاتب قصة- رواية كاملة أخرى مخطوطة ولكن بطريقة مختلفة عن الطريقة التي خسرت بها.

وكان من العجيب أيضاً أن بعض من أتقن الكتابة على برنامج Word قد امتهن ذلك وكسب من ورائه رزقاً وفيراً فكانت الصفحة تكتب بعشر ريالات حتى لو احتوت على جملة واحدة هي: بسم الله الرحمن الرحيم، وكان البارعون في التعامل مع تقنية الكتابة والطباعة على برنامج Word مزهوين بما يعرفونه إلى حدّ أنهم كانوا يتحمسون لإفهام من لا يفهم ولإعلام من لا يعلم، ووصل بهم الأمر إلى حد عرض خدماتهم في المدارس خاصة لكتابة أسماء التلاميذ أو إدخال الدرجات للطلاب واستخراج الشهادات وما شابه، ووصل بالبعض حد الولع بهذه التقنية إلى أنه صار يحمل حاسبه معه، وكذا طابعته، أينما حل وارتحل.



* https://www.facebook.com/profile.ph...hrMYXffHFKiWN2LM0X6XOklP9ksj8Q7nvNYjSq2OfYoFE

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى