لولوة البنعلي - وحملتها أنثي

مشت بخطوات بطيئة اثقلتها هموم وأحزان.. قطعت ممرات المستشفي من دون ان تشعر بزحمة النساء المرتادات للعيادة في ذلك الوقت من الصباح وصلت الي باب الخروج ووقفت تنتظر وصول السيارة وقد عكست الابواب الزجاجية صورة وجهها الشاحب ونظرات عينيها التائهة.

علقت الكثير من الآمال والاحلام وكلها قبل دقائق تقطعت خيوطها وسقطت وتناثرت علي مرارة الواقع غاب ذلك الحلم الذي عاشته طوال الاربعة اشهر الماضية انقلب الحلم الي كابوس مخيف لا تعلم نهايته هبت عاصفة الحقيقة واقتلعت احلامها وتلاطمت افكارها بقوة هادرة ولامغيث ولامنقذ.

جلست حتي لا تري تلك النظرات في عينيها وضعت رأسها بين يديها خائفة من ردة فعل زوجها وقبل ذلك شماتة اهله.

هل تخبره ام تخفي عنه الحقيقة؟ وان اخفت .. الي متي؟ ستظهر الحقيقة وسيكون العقاب أشد وأقسي.

وقعت نظراتها علي جريدة ملقاة علي مقعد بجانبها وقد برزت في احدي زواياها صورة تلك المطربة الجميلة وبكل جمالها ودلالها تحمل بيديها سكينا تقطع كعكة عيد ميلادها العشرين.. زوجها عشق شكلها قبل صوتها ..في الواقع هو يعشق كل الفتيات وما يمت بصلة للنساء ولكن عشقه يتبدل للنقيض عند انجابه للبنات.

فتح الباب وهبت نسمات هواء بعثرت صفحات الجريدة مصدرة صوتا مزعجا حملها من بين احشاء الجريدة وقذفها بين يدي حزنها الذي كان في انتظارها بكل شوق ودخلت سيدة حبلي مسرعة تسحب من خلفها طفلا لا يتجاوز الثانية من عمره يكاد يكون طائرا علي الارض ممسكا بقوة بيده الاخري ورقة مالية بالية.

تركت مقعدها ووقفت وقد تذكرت صديقتها شعاع.. تذكرت عندما زارتها في المستشفي بعد ولادتها والمشاعر المتضاربة بين حرقة الالم ونور الامل عندما شاهدت ما كتبه زوج صديقتها علي باقة الورد التي احتلت جزءا كبيرا من الحجرة كانت لدي ثلاث وردات في حديقتي واليوم اهديت لي الوردة الرابعة هنيئا لشعاع ذلك الزوج الحنون وبئسا لها ولحياة الشقاء التي تحياها.

اخذت تنظر الي الخارج وقد داست بقدميها علي بقايا الجريدة المتناثرة علي الارض ..صف طويل من السيارات امام بوابة المستشفي وحشائش خضراء تغطي الارصفة والمساحات الخالية.. لمحت من خلف الزجاج قطة رمادية اللون ومن خلفها صغارها يحاولون قطع الشارع وقد ارتفعت ذيولها بكل نشاط وحيوية.. فتشاغلت بمراقبة القطة وصغارها وخوف الام علي صغارها وتبادر الي ذهنها سؤال.

كم عدد الاناث بين صغار تلك القطة..؟ اغمضت عينيها واحساس بالقهر والضيق يخنقها تتجمع الدموع في عينيها كرهت كل ما يرمز للانثي.. ليتها لم تخلق كأنثي ليتها كانت صخرة.. شجرة.. أو قطة بين تلك القطط.

لافائدة.. التمني لن يفيدها.. ولاتستطيع الفرار من واقعها ها هو واقعها ..قد اقبل.. شاهدت سيارته قادمة من بعيد وتحسست بطنها بيدها في خوف يشوبه اليأس واحتضن خدها دموعها الحائرة ..حاولت التسلح بكلمات ما لتواجه الطوفان القادم ولكنها تذكرت خسارتها في المعركة الاخيرة فابتسمت بمرارة وحسرة ابتسامة حطمت ما تبقي في جسدها المنهك من قوي واستعدت للخروج من البوابة والدخول الي واجهة الواقع.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى