خير جليس رحيم زاير الغانم - الكتاب وآفاق المعرفة

ان للكتاب أهميته الثقافية في فتح آفاق معرفية جمّة في شتى مشارب الآداب والفنون والعلوم, فالكتاب يتيح فرص التنوير الفكري والعقلي والذوقي وتنمية القدرات البشرية من اجل مواكبة ما يستجد من تطور علمي في مجال (الطب, الهندسة, التكنولوجيا), أو جمالي في مجال (الأدب, الفنون), ليحقق الإنسان الموائمة الحياتية مع التسارع المحموم الذي نشهده في عصرنا المُتسارع, الذي لو غفلت عنه لأيام معدودات, لشعرت بهوة كبيرة بينك وبين ماكنته الزمنية المحمومة, وأن رأى البعض أن الكتاب لا يوفر لنا المعلومة الآنية, لكننا نراه يقدم الفهم والاستيعاب والاستعداد لمواجهة القادم من غزو ثقافي أو علمي, فبمقدوره ان يوضح ما التبس علينا من أمور, ناهيك عمَّا يمكن تفسيره من وقائع تاريخية متصلة بالحاضر مشكلا لنا قاعدة بيانات تناغم المستحدث منها, إذا الكتاب أداة المثقف , فنحن يمكننا ردع أي اعتداء خارجي بقوة الماكنة الحربية, لكن لايمكننا ردع فكر ظلامي أو غزو ثقافي من دون معرفة منتجة لوعي جمعي يسهم في ردم الثغرات التي قد ينفذ منها الآخر, من هذا نخلص, ان نتاج القراءة وعي بخطة المرحلة الحالية, التي توجب علينا الحرص على وحدتنا, كبنيان مرصوص, فنحن لا ننسى الهزات المتكررة وارتداداتها, فعندما تعرضنا لهزة مباغتة كادت تطيح بالوطن, صمدنا, وما كنا لنصمد لولا تنامي وعي الجميع لحظتها, بان القادم يستهدف وجود الأمة/ الوطن, إننا نهدف إلى إشاعة المعرفة من خلال تناول الكتاب للحيلولة دون تلقي الكوارث من خلال تشخيص بوادرها ودرء خطرها الذي يتوعدنا.
وعلى الرغم من كثرة المكتبات الثابتة والجوالة أو (معارض الكتاب الدولية) التي حطت رحالها في العاصمة أو شمال الوطن, لكننا نجد الكتاب بعيد عن متناول القارئ, ليس لشحته, بل بسب ارتفاع تعريفة بيعه والتي لا تتناسب مع دخل القارئ, وهذا أمر من شأنه تمتين القطيعة بين القارئ والكتاب, فنحن نشكو عزوف الكثيرين, وانصرافهم إلى عالم (السوشيال ميديا) هذا العالم الذي ابهر الجميع بغرابة وجدة ما يطرح من تنوع ثقافي ومعرفي, للحد الذي يمكن عده منبرا إعلاميا وخبريا, زاد من تعلق الملايين به, ان ما أفرزته ثورة الانترنت بمحركاتها الهائلة أصبح المستخدم لهذه التقنية بأماكنه أن يحظى بخدمة توفير أي كتاب يطلب بصيغة(pdf), وهذا ما يعتمد عليه العديد في بحوثهم ودراساتهم, لكن رواد هذا العالم الافتراضي وهم يشكلون قاعدة عريضة, لا يجتذبهم الكتاب إليه بقدر ما تجتذبهم أمور تتعلق بالألعاب الالكترونية, أو مواقع التواصل الاجتماعي, لذا نصر على ضرورة إحياء الكتاب الورقي, إننا نؤمن بقدر عال من اليقين أن للكتاب الورقي سحر يوازي سحر العالم الافتراضي, ان قمنا بتنمية دور الكتاب الورقي وزرع بوادر المعرفة, نحن لا نخشى من هذا العالم الافتراضي, بل إننا نحرض على الولوج إليه والاستفادة منه ثقافياً, شرط التسلح بالوعي لكي لا تتجاذبنا الأفكار والأهواء التي من شأنها تسطيح الجيل وتسفيه القيم.
نحن أمام مسؤولية رفع شعار, ( تداول الكتاب مسؤولية الجميع), لذا على المثقف دور فاعل من خلال فتح مكتبته الشخصية, في كسر جمود العزوف عن القراءة, الذي نجده متفشيا وبشكل كبير هذه الأيام, فلنقطع الطريق على الجهل الذي يضرب مفاصل المؤسسات التعليمية كافة وصولاً إلى الجامعة, التي كانت في أيام زهوها تمثلُ صرحا حضاريا مائزا, نحن لا نستشعر خطر الأمية الثقافية فحسب, بل نعيش الإيذان بتفشيها في مفاصل المؤسسات العلمية والبحثية كافة, ناهيك عن المنظومة المجتمعية التي أتى عليها هذا التهالك المريب, ولنعمل على تحفيز الآخرين على القراءة إيمانا منا بفاعلية الكتاب في بناء دولة الإنسان.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى