سالم الشبانه - خمسُ نساءٍ طويلاتٍ وامرأةٌ قديمةٌ.. شعر

سيجارةٌ واحدةٌ تحتضرُ، أغنيةٌ تنمو كالفُطرِ في هواءِ الغرفة.
سبعُ نساءٍ طويلاتٍ وامرأةٌ قديمةٌ جهة البحرِ، سهوتُ في الظهيرةِ؛ أبصرتني يدُ اللهِ، أخافُ وأكبو. لم يكنْ حقلُ اللغةِ غنيًا. الشارعٌ خالٍ، أيّامي فراغِ، الماءُ الساخنُ في صلبي خرائطُ الروحِ القديمةُ وأثرُ القادمين من الظلامِ إلى خرافةِ الحياةِ. نروحُ إلى حياةٍ توازي العالمَ الراكدَ، في صخبِ الشارعِ والبيتِ الصغيرِ أقلُّ ألمًا. كيف أحبُّ بلا ندمٍ ولا دمٍ يحترقُ في الساعاتِ؟!

*

الصخبُ والعنفُ والأغنيةُ.
طالني الخوفُ أوّلَ مرةٍ حين فقدتُكِ، أجري طرقًا وجسورًا في الظهيرةِ. يدي والحنينُ، قميصي والدمُ، فمي والعطشُ، قلبي والبكاءُ، قدمي والضياعُ، أناي والعالمُ، الحبُّ والتشظي في اللغةِ.

*
مشدودةٌ كالصبحِ الصيفيِّ.
يدُها والأشياءُ الفقيرةُ أغنيةٌ، تحبُّ سُعادَ حسني وتغنّي: يا واد يا تقيل. لستُ ثقيلاً ولا خفيفًا، أتعرّفُ عالمي بحواسي الراكدةِ.
في الحديقةِ الجافّةِ وشمسِ ينايرَ الشحيحةِ بكيتُ، لم تمهلني لأعودَ، تركتني أهذي طيلةَ أعوامٍ وتنام هناكَ تحتَ غابةِ الجازورينا. أنادي في أرضِ اللهِ، أنادي عليكِ. بخيطٍ من ندمٍ وسنواتٍ في رئتي، أمضي في الطريقِ الموحشِ، في الصخبِ أمضي ولاشيءَ معي سوي بقايا الأغنيةِ.

*
تكبرينني بأعوامٍ،
ورجفةٍ صغيرةٍ كلّما لمستُ يدَكِ الصغيرةَ. بنساءٍ عابراتٍ أقيسُ طولي، بصمتٍ يشبهُ مقبرةً أنحِتُ الشهواتِ السريعةَ، أقولُ لكِ: امرأةٌ تجوسُ قلبي وجسدي. تضحكين وتحدبين على رجولتي بليلٍ طويلٍ في القصصِ. كيف دخلتُ حديقتَكِ ومزهوًا بأصداءِ مَنْ كنَ قبلكِ ولم أبصرْ الفاجعةَ! أبتعدُ أقتربُ، أسافرُ أعودُ، أضيعُ أهتدي، أعطشُ أرتوي، أضحكُ أبكي، وأعودُ إليكِ؛ محطةَ قطارٍ، بيتًا مهجوراً، سورَ حديقةٍ عالٍ، وتضحكين كلّما عدتُ.

*

عالم من الحكايات ينام في يدي.
الباص يشهق الساعات، أنام وأصحو في الدرب الطويل، الخفوت يعتريني أمام جسدك الطويل، وشهوتكِ اليانعة. كنت امرأتي، بين طولك الفارع وساعتي في الجنة؛ أبتعد في الندم. هو هذا الشيء الصغير، ينمو في الخفاء: الوحش الصغير ما أبكي قلبك في الليل؛ قالت أمك: لا تذهبي في عالم الرجل الموحش. صديقتك قالت: لا تبصري بعينيك، خلي قلبك يتمّ الأغنية.

*

الصوت يرنّ في قلبي غابة بعيدة،
الحلم في ليل التكنولوجيا، وجيب يتناقص في الوقت الضائع. أنا في أرض الله، وهي في شيعته، قصيرة وحنونة، المزهوة بالعقل الساهر في التجارب القديمة عن رجال مشوهين في آخر النهار والبكاء الصامت. الوعود تجفّ رويدا.. عبرنا الغابة الطويلة، بكينا عشاقا يطيرون في السماء بلا بهجة ولا خرافة.
حين من الدهر مرّ، ما كنّا شيئا مذكورا.


العريش 23 مايو 2014
  • Like
التفاعلات: مليكة ابابوس

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى