جون باتنز* - الدراسات الثقافية.. التاريخ – المادة – المنهج – الأهداف.. ترجمة: لطفي السيد منصور**

ولدت الدراسات الثقافية، بعدِّها علمًا مستقلًّا، في إنجلترا الصناعية، في أواخر خمسينيات القرن العشرين؛ حيث اعتُبرت ثورة ضد منهج الدراسات الأدبية الكلاسيكية، وضد المفهوم التقليدي للثقافة، التي كانت تُوصف بأنها أفضل ما فكر فيه المجتمع وأنتجه - على حد التعبير الواضح لـ ماثيو أرنولد في كتابه المشهور «الثقافة والفوضى» 1869- وهو يعني روائع كبار المؤلفين والفنانين وكبار الفلاسفة. لقد تم الترويج لمشروع الدراسات الثقافية من خلال برنامج تعليم الكبار، ورفض النظام التعليمي السائد المتصلب، الذي كان يُعَبِّرُ عن مجتمعٍ طبقيٍّ متنازعٍ عليه من قِبل الحكومات الاشتراكية في ذلك الوقت، وسرعان ما اتخذت الدراسات الثقافية شكل الدفاع والتعبير عن الثقافة غير المكرسة، وهي الثقافة الشعبية من ناحية، والمعاصرة من ناحية أخرى. وقد تعاقب جيلان من الباحثين في هذا الشأن، أولًا في مركز برمنجهام «CCCS مركز الدراسات الثقافية المعاصرة»، ثم في جميع أنحاء المملكة المتحدة. كان الجيل الأول سليل الدراسات الأدبية والتاريخية،وتمثّل في مؤلفين مثل: هوجارت، ورايموند وليامز، وتومسون. وسرعان ما جاء بعدهم «في وقت موجة البنيوية الكبيرة» كتَّاب مثل: ستيوارت هول، الذي تمثّل فكر جرامشي وألتوسير تمامًا - بالنسبة إلى تأثير لاكان فقد كان في وقت متأخر عن ذلك، على الرغم من كونه أكثر استدامة - وخصوصًا لنزوعهما الكبير نحو التأمل النظري تمامًا.
وفي خلال قرابة عقدين، ظلت الدراسات الثقافية ظاهرة معزولة نسبيًّا، على الرغم من نجاح بعض الدراسات التي كانت تهتم بشكل أساس بالموضة وثقافة الشباب، وربما يكون هذا أحد أسباب اهتمام الدراسات الثقافية المتزايد بدراسة وسائل الإعلام (السينما والتليفزيون)، التي استُخدمت همزةَ وصلٍ في الولايات المتحدة الأمريكية، التي اخترقتها الدراسات الثقافية سريعًا، وبشكل مذهل في ثمانينيات القرن العشرين.
تختلف نسخة الدراسات الثقافية الأمريكية حول العديد من النقاط عن شقيقتها البريطانية. فهي تهتم بالدراسات السياسية للمجتمعات، ودراسة الأقليات و«الهويات»، هذه الدراسات التي تقع في مركز الاهتمام النقدي، وذلك أكثر من الاهتمام - الخاضع تقريبًا للرقابة - بالطبقة والصراع الاجتماعي في الثقافة وحولها. (انظر مجلة باتنس، 2005).
في الولايات المتحدة، تعمل الدراسات الثقافية التي انتصرت في معركتها الفكرية - مثل الدراسات النسوية والدراسات العرقية ودراسات المثلية الجنسية - حتى تمنح فقط الاتجاهات الأكثر نشاطًا والأكثر تمثيلًا، قبل الخضوع لنجاحها والتقسيم بينها بشكل جذري للغاية، وفقًا لتقسيم الهوية الفاصل؛ حيث تتحول دراسات المرأة إلى دراسات الجندر، (التي تضيف البنية الذكورية لدراسة أدوار المرأة)، وتُعمم الدراسات العرقية إلى حد أنها تتضمن جميع مكونات البوتقة الأمريكية، (ونحن نميل اليوم إلى الحديث عن الدراسات الواصلة، والـ «hypen»، أو الواصلة التي تشير إلى طابع الأمريكيين المركب، الذين هم دائمًا («شيء ما» + أمريكي)، وتتحول الدراسات عن المثليين من الرجال إلى دراسات غريبي الجنس (التي تمثل إشكالية حتى في الفرق بين الجنسين).
إن التراجع أصبح واضحًا الآن، وبخاصة في الولايات المتحدة؛ حيث أصبح لبعض نقاد الدراسات الثقافية صوتهم الواضح القوي، فيما لا يتردد بعضهم الآخر في إعلان إفلاس مشروع الدراسات الثقافية بأكمله. في حين تتمثل الدينامية الكبيرة في الدراسات النقدية الآن في إطار الدراسات البصرية، وهي في بعض الأحيان تحريض متطرف للحياة الجامعية الأمريكية، فقد هزت الدراسات البصرية بناء البرامج الفنية، كما فعلت الدراسات الثقافية مع الدراسات الأدبية منذ عقود عدة. إن تعقب العلامات التاريخية الكبرى للدراسات الثقافية ليس كافيًا ليحدد بالتفصيل كلّا من المادة، والمنهج، وأهداف التخصص.
فيما يتعلق بالنقطة الأولى «المادة» نجد ثلاثة عناصر جديرة بالملاحظة: بدايةً، تتوافر الدراسات الثقافية بوضوح على مادة محددة جدًّا، وهي الثقافة غير الرسمية، والتي هي في الوقت نفسه ثقافة الآن أو الثقافة «الشعبية». إذا كان مفهوم «الآن» قابلًا للمناقشة بالكاد، في حين أن مفهوم «الشعبية» أكثر إثارة للجدل؛ لأنه وفقًا لوجهة النظر المتبناة: البريطانية أو الأمريكية، فإن الحكم بمساهمة وسائل الإعلام، يهدد الثقافة الشعبية تارة، وتارةً أخرى ينتصر لها. ثم تمر الدراسات الثقافية بحزم من النتاج الثقافي الوحيد «المادة objet» (بالمعنى المادي للكلمة) إلى المفهوم الأنثروبولوجي أكثر من كونه سوسيولوجيًّا، لـ «شكل الحياة» أو طريقة للحياة. فحياة الطبقة الفقيرة أو الأقليات تنبني مجددًا، وتحلل وتُفَسَّر من خلال دراسة المواد أو الممارسات؛ التي لم تعد الصيغ السيميائية المساعدة ذات قيمة بالنسبة إليها، هذه الصيغ التي نود أن ندرسها في النص، مثل: السياق الذي يفرض ضرره على النتاج.
وأخيرًا، تفضل الدراسات الثقافية مفهوم «التمثيل» -من خلال منظور سياسي بحت- الذي يحدده المرء بوصفه منظورًا لرؤية العالم الذي أُنشئ باستخدام المواد الثقافية أو وسائل الإعلام والاتصال، وهو المنظور الذي يعنى بالإنتاج أو التلقي، على الرغم من أنه ليس هناك ضرورة لتلازمهما في علاقة مع بعضهما البعض.
بالتالي فإنَّ مفهوم التمثيل يقع في القلب من الوسائل كلها (المواد الثقافية، ووسائل الإعلام، والاتصال)؛ لأنه هو الذي يصنع مادة كل الصراعات على السلطة. بقدر ما ترفض الدراساتُ الثقافيةُ الماركسيةَ التقليديةَ، التي تجعل من الثقافة الانعكاس الوحيد للواقع الاقتصادي الكامن، وذلك من أجل تبني موقفٍ ماركسيٍّ ثانويٍّ يقبل مساهمة الحقائق والصراعات الثقافية في تحول المجتمع كله، ونحن نفهم جيدًا العودة العنيدة إلى مفهوم التمثيل في المناقشات. وعلى الرغم من الهبوط المستمر للدراسات الثقافية فإن التمثيل يحافظ على تناقضه الأساس؛ لأن جميع المؤلفين يتفقون على تسميته أحيانًا بـ «المستعبد» (ويعبر التمثيل حينئذ عن مصالح طبقة الجماعة، التي تضمن سيطرتها به)، وأحيانًا بـ «المحرر»؛ (لأن التمثيل الموصوف بالمهيمن قد يكون مرفوضًا، أو ملتويًا، أو منحرفًا، حتى في حالة غياب السياق؛ حيث تمتلك المجموعات المهيمنة بنفسها وسائل التمثيل).
وفيما يتعلق بالنقطة الثانية «المنهجية»، فقد تراوحت الدراسات الثقافية من البداية بين موقفين، لم يقم أحدٌ بفرضهما واقعيًّا. وكذلك لن يفوت أي باحث في الدراسات الثقافية أن يحدّث نفسه بعدائية شديدة عن أي شكل من أشكال المعرفة والممارسة، وبخاصة التخصصية الصارمة، ويتمزق هذا الرفض بين النقيضين (ونجد هنا تدخل مهم في هذه النقطة من قبل «فيش» في عام 1994؛ حيث يحاول إظهار العبث العميق لهذا الرفض)، سواء بتوسل التكامل المعرفي (أو التخصص البيني) الجذري الممكن، أو برفض مفهوم التخصص ومحاولة اختراع ما يسمى التخصص المضاد. وهذا التوجه لا يهاجم فقط تبادل المعرفة، بل يقترح كذلك إلغاء المناهج التخصصية ذاتها، التي تؤدي إلى ذلك.
والأهم من ذلك التنازع الكاذب على الأنساق، وهو فيما يبدو لي نقطة ثانية، أقصد نقطة «موقف الباحث» الذي يتخلى عن موضوعية تعتبر وهمية أو خادعة. ومن جهة أولى فإن الباحث مدعو إلى التفكير في علاقته الخاصة بالمادة، (من خلال هذا التساؤل: «من أين أتحدث؟ وكيف يمكن أن تؤثر المسافة أو اللا مسافة على ما ألاحظ؟»). من جهة أخرى، يُستدعى الباحث لاتخاذ قرار بشأن القضايا المتعلقة بسؤال «لماذا أفعل ما أفعل؟ وهل أعتمد في إنجازه على وجهة النظر السياسية والمؤسسية؟».
وفيما يتعلق بالنقطة الثالثة والأخيرة «الأهداف الجديدة الخاصة بنهج الدراسات الثقافية»، فمن الممكن الإشارة إليها مع تناول الجوانب الرئيسة، وهي النتاج الصناعي والتمثيل والسياق. بالنسبة إلى النتاج الصناعي (وطريقة الحياة التي ترتبط به، أو بعبارة أدق، تكشفه)، يمكننا القول إن الدراسات الثقافية تظهر الرغبة المزدوجة في تقييم الثقافة غير المقننة، وخفض قيمة الثقافة النخبوية. ويُشار إلى أن تفنن الدراسات الثقافية في وضع الثقافة غير المقننة «غير الرسمية» في المستوى نفسه لثقافة النخبة، بمثابة الخطوة التي أخطأت فيها الدراسات الثقافية بشكل كبير فيما يخص برنامج حركة الدراسات الثقافية نفسه. وإذا كان من قبيل المبالغة أن نقول إن الدراسات الثقافية تحاول تدمير القانون، فمن المهم أن نشير إلى أن الدراسات الثقافية تنتهج تعادلًا ما. وبالمقارنة مع التمثيل ثانيًا، يجب علينا أن نشير إلى أن وجهة النظر الأولية تزيل أسطورة الدراسات الثقافية.
وأخيرًا، فيما يتعلق بالسياق، وأيًّا كان ما يقوله أو يعتقد فيه أنصار الأمريكيين المناهضين غريزيًّا للأطروحات النخبوية المشهورة لـ «أدورنو» و«هوركهايمر» حول الصناعات الثقافية، فإن هناك في الدراسات الثقافية تأثيرًا لم يعد مباشرًا لنظرية مدرسة فرانكفورت النقدية.
* الدراسات الأدبية.. الدراسات الثقافية: ذهابًا وإيابًا.
إن أزمة الدراسات الثقافية -والتي أصبحت آثارها ملحوظة بشكل متزايد- تزامنت مع الانطلاق المؤسسي لها، فمنذ نحو عشرين عامًا لم تكن الدراسات الثقافية غائبة عن البرامج البحثية الفرنسية، على الرغم من أنها كانت لا تزال غير معروفة في فرنسا.
يحاول هذا المقال - الذي يدافع عن الدراسات الثقافية ويوضح نهجها المعرفي - الإجابة على تساؤلٍ بسيط للغاية، وهو: ماذا لو حاولنا أن نتصور تحالفًا جديدًا بين الدراسات الأدبية والدراسات الثقافية، بدلًا من النظر إليهما بوصفهما عدوين طبيعيين؟ بحيث ندرسهما دفعة واحدة، وليس ما تفعله إحداهما في الأخرى؛ أي أن ندرس ما يمكن أن تسهم به الدراسات الثقافية في الدراسات الأدبية، والعكس بالعكس.

1- الدراسات الثقافية: هل تحل أزمة الأدب؟
ليس من الغريب أن يهتم القائمون على الدراسات الأدبية بالدراسات الثقافية، بمعنى أنه من العادي أن يفعلوا هذا ويُضَمِّنُوهُ في خلفية هذا التطور الخاص بها، ولن يمكننا أن نوضح بما فيه الكفاية دور أزمة الأدب، فهي أزمة متعددة الجوانب. إنها تؤثر أولًا في المؤلفين، ومن ثم فإن بعضهم -أولئك الذين وصفهم بورديو(1) بممثلي «الإنتاج المحدود» - يعتقدون بأنهم مهددون من قبل الشكل الأدبي، الذي يحكمون عليه بأنه تجاري بوضاعة، فالشكل الأدبي في تصورهم منتج فقط عبر الزوبعة الإعلامية، وتفرضه أنظمة الإدارة التحريرية الجديدة. وهذه الأزمة ليست جديدة، فقد صاغ الناقد الفرنسي سانت بيف(2) في القرن التاسع عشر مفهوم «الأدب الصناعي»، والذي من شأنه التشكيك في بذور مفهوم الشكل الأدبي، والتوصية بقراءة كتيب جوليان جراك(3): «الأدب في المعدة»، (الذي يعود تاريخه إلى عام 1953). في المقابل فإن الجديد هو اختفاء الأدب التجريبي بأسرع ما يكون منذ أكثر من ربع قرن، ذلك الذي لم يعد يحيا إلا على هامش الهامش.
تتجاوب أزمة الإنتاج هذه مع أزمة القراءة أو الجمهور؛ حيث صارت صور الإحباط من دور الأدب شائعةً للغاية، وكذلك صور التقليل الاجتماعي من الشأن الأدبي، ومن مفهوم «الكاتب الكبير» بشكل متزايد. وهنا أيضًا، نجد أن الظاهرة بعيدة عن كونها جديدة، بل إننا بتتبع تاريخ هذا الانحراف، الذي صنعه وليام ماركس(4) في كتابه «وداعًا للأدب»، ندرك أن حدًّا نقديًّا كان قد تم تجاوزه بالفعل، وأن الأدب الآن يجازف حقًّا حين لا يُثمن في النقاش الاجتماعي.
في النهاية، فإن الأزمة أزمة علمية أيضًا، فقد صارت الدراسات الأدبية تجد صعوبة أكثر في إظهار قيمتها، لا سيما في علاقتها بالعلوم الاجتماعية، وبالتالي في تأسيس شرعيتها. فضلًا عن ذلك، لم تظهر هذه الأزمة بين عشية وضحاها، لكنها ظهرت من خلال إضفاء الطابع المهني على القراءة، الذي تلاه نسف الطرق القديمة في القراءة (فقه اللغة من جهة، والبلاغة من جهة أخرى)، وقد تم التعبير عن هذا الطابع عبر اتجاه مزدوج بإضفاء الطابع الشكلي والطابع التخصصي، وبسب هذه الشكْلنَة، وهذا التخصص الدقيق على حد سواء (أو بتناقضه الواضح: التكاملية المعرفية العشوائية) وُجِّه لهما الاتهام بأنهما أساس ضياع قيمة الدراسات الأدبية.
تزامنت أزمة الأدب، على الأقل في العالم الأنجلو ساكسوني، مع صعود تخصص آخر: الدراسات الثقافية، التي اخترقت النصف الثاني من الثمانينيات. ليس هنا مكان الرجوع إلى مسألة تعريف هذا التخصص الجديد؛ حيث لا يزال الأمر محل جدل عظيم، خاصة في فرنسا. حتى أن البعض لا يتردد في الإشارة إلى أنه أبعد ما يكون عن تخصص ضد، أو تخصص بيني، أو لا تخصص، أو حتى تخصص عابر. فالدراسات الثقافية هي في المقام الأول «رغبة»، كما قال فريدريك جامسون(5)، ومع ذلك تجدر الإشارة إلى ذكر بعض السمات المميزة للدراسات الثقافية، والتي لا يوجد من بينها ما هو جديد على الإطلاق، حتى لو أن تجميعها أنتج طريقة غير مسبوقة في تناول الثقافة:
أولًا: ينبغي التأكيد على إحياء موضوع الثقافة هذا، فمن جهة لم تعد تقتصر الثقافة - كما هو الحال في التناولات التقليدية- على الثقافة المصدق عليها فقط، لكنها تنفتح على كل الوقائع الثقافية. ومن جهة أخرى، لم يعد يتم التفكير في الثقافة من حيث المواد، ولكن من حيث الممارسات، مما يتيح اندماج الواقع الثقافي مع سياقه الاجتماعي والتاريخي، الذي لم يعد به شيء مجرد.
إن الثقافة دائمًا مَعِيشَة، وإن إحدى الكلمات المفاتيح لهذا المَعِيش هي التجربة. ووفقًا لهذا المعنى، تبدأ الدراسات الثقافية مع هوجارت(6) ومركز برمنجهام(7)، وبصورة أقل منها مع أطروحات جون ديوي(8) المستبدلة - من وجهة نظر أخرى - بتحليلات أدورنو(9) وهوركهايمر(10) حول التجربة «المشوهة».
ثانيًا: تقدم الدراسات الثقافية علاقة منهجية بين المادة والموضوع، فيمكن أن تتضمن دراسة الثقافي في مشاركة فعالة والتزام حقيقي في آن، وتكون هذه المشاركة عادة في صالح المواد والممارسات غير المعترف بها رسميًّا، هذه الممارسات التي تصبح فيما بعد النموذج الرسمي. إن الهدف من نهج الدراسات الثقافية غير محايد - وصفيًّا أو عن بُعد - لكنه ملتزم اجتماعيًّا وسياسيًّا.
وأخيرًا: من وجهة نظرية، تتميز الدراسات الثقافية باللجوء إلي التكامل المعرفي الأكثر جذرية من أن ترفضه الدراسات الثقافية نفسها، هنا أيضًا لأسباب مثيرة للجدل، ولإقامة نسق منهجي، في الغالب ما يأخذ هذا الانحياز للتكامل المعرفي شكلَ اللجوء إلى «مفاهيم السفر»؛ أي «المفاهيم المهاجرة»(11) أو«المتحركة»، التي تنتقل من مجال لآخر؛ وذلك لأنها تقوم بذلك بحرية تامة.
بقي أن نرى طريقة التفكير في العلاقة بين أزمة الدراسات الثقافية من ناحية، وانطلاقة الدراسات الثقافية من ناحية أخرى.
بالنسبة إلى بعض، فإن الأمرين ليس بينهما شيء مشترك، كما تُظهر ذلك الأنطولوجيات الكبرى والكتب الرئيسة في الدراسات الثقافية، (مثل الأعمال فائقة التأثير لـ سيمون ديورنج(12)، ولورانس جروسبيرج(13)، وآخرين). إن كل شيء وأي شيء يصبح ثقافيًّا - وذلك باستثناء الأدب المتجاهَل المرفوض، والمنحّى جانبًا عدا في بُعده غير الأدبي تحديدًا – أي أن يصبح الشيء وسيطًا للتمثيلات الاجتماعية التي تجري دراستها في حد ذاتها، وكأنها مبتورة عن الوسيط اللغوي والأدبي، الذي يوضحها. وبالنسبة إلى آخرين فإن انبعاث «الجديد» يقدم حلًّا بتقويض «القديم»، وبغض النظر عن خشية هذا الحل أو التماسه. يظهر تغيير النموذج الجديد واضحًا، ويبدو أن الدراسات الثقافية تقدم بديلًا ذا مصداقية وأكثر استقرارًا في أزمة الدراسات الأدبية. من هذا المنظور، استُدعيت الدراسات الثقافية لتأخذ - على المستوى المؤسسي - مكان الدراسات الأدبية التي تدافع عن نفسها بشكل هزيل إلى حدٍّ ما مع الاعتراف الكامل بأخطائها، وذلك لتدافع بصورة خاصة عن مزايا النص كما تفعل القراءة الأدبية؛ أي من خلال بعض الأصول المعرفية (من زاوية أن الأدب يساهم في تطوير بعض المهارات الفكرية، التي قُرئت في الولايات المتحدة من منظور الداروينية)، والعاطفية، والنفسية (فالنص الأدبي هو مدرسة المشاركة الوجدانية، ومن ثم الإنسانية)، أو أيضًا الرمزية (القراءة الأدبية هي الطريق الرئيسة للاندماج بين ثقافة ما والمجتمع الذي ينقلها).
ماذا تعني هذه الحجة؟ أيمكن القول حقًّا إن الدراسات الثقافية على وشك مطاردة الدراسات الأدبية أو - في نسخة أنعم- أن الأمر سيتطور إلى المزج بين النهجين؟ تستخف وجهة النظر هذه على الأقل بمشكلة جوهرية، تتمثل في تحديد الوضع نفسه المنازع للدراسات الثقافية، وبالتالي استطعنا القول أيضًا إنها في أزمة. وفي هذه الحالة ستنال الدراسات الأدبية اهتمامًا قليلًا بمواءمة هذا النمط الخطير أيضًا. هذه هي المشكلة الأساسية، التي يجب تأملها عن كثب.

2- أزمة الدراسات الثقافية.
على غرار ما يحدث في الأدب، فإن أزمة الدراسات الثقافية «عامة» أنها تلمس كلًّا من الأبعاد الثلاثة المذكورة: المادة، والهدف، والمنهج.
على مستوى المادة، نأخذ على الدراسات الثقافية عدم قدرتها على إنتاج تعريف حقيقي للثقافة. فقد ظلت مفاهيم أساسية - مثل: «التجربة»، أو «طريقة الحياة»، أو «الحياة اليومية» - غامضة للغاية. ويعي كل الكُتاب الذين يعملون داخل حقل الدراسات الثقافية هذه المشكلة، ولكن دون أن يحرجهم هذا بأي قدر. إن مشكلة موضوع الدراسات الثقافية يتجاوز، ما تبقى من المشكلة الفريدة لتعريف كلمة «ثقافة»، فقد ارتفعت العديد من الأصوات لتشير إلى أنه حين يتم التركيز على الثقافة، تمتنع الدراسات الثقافية فعلًا عن تحقيق البرنامج الذي وُضعت له.
في الحقيقة، يُبْعِدُ الإصرارُ على (الثقافة) الباحثَ عما هو أهم؛ وهو الواقع، (وهنا لا يُؤخذ على الدراسات الثقافية إحالة الأشياء كافةً لـ «تمثيلات»، وسد الطريق على الواقع نفسه، كما رأينا في «قضية سوكال»(14)، التي تفضح أيضًا عدم قدرة الدراسات الثقافية على الخروج من الاستعاري إلى الإمبريقي/التجريبي)، ومن الناحية الاقتصادية: ما الحكمة في دراسة الثقافة إذا تجاهلنا البنية الصلبة (هارد وير) للصناعات الثقافية أو الإبداعية؟
في هذا الصدد، فإن التحفظ إزاء أدورنو وهوركهايمر - المتهمين بالنخبوية - هو بوضوح مجرد كلام، أو أيضًا السياسة بمعناها الحرفي (إذا تتبعنا التنديد بـ «المهنية الصواب»، والهجاء الدموي لمؤلف مع أنه ليس عدائيًّا تجاه الدراسات الثقافية). وأخيرًا، من المؤكد أنه حتى ولو كان الأدب شبه صامت في حقل الدراسات الثقافية، فإن اختيار بعض المواد مثل: الفنون، ووسائل الإعلام، والحياة اليومية يبقى في كثير من الأحيان تقليديًّا، فالتكنولوجيا والعلوم، على سبيل المثال، ممثلان تمثيلًا ثقافيًّا ناقصًا، على الرغم من الأهمية المتنامية لهذه الممارسات في الثقافة المعاصرة.
على مستوى الهدف من تخصص الدراسات الثقافية، فقد تم استبعاد الالتزام السياسي للباحثين بوصفه مسلكًا، بحكم التعريف غير العلمي. إن لائحة اتهام فيش(15) ضد التشوش بين البحث والسياسة لم تبق دون تأثير، وتستمر حتى وقتنا هذا لفحص أطروحات بعضٍ من أفضل ممثلي الدراسات الثقافية (جروسبيرج، على سبيل المثال). وبطريقة أكثر جذرية أيضًا، فقد دافع مؤلف مثل آلان بروسا(16) عن الأطروحة، التي توسع بكل قوة نطاق الثقافة، لينتهي الأمر بالهدم الحتمي لحقل السياسة الواقعية، الذي ينصاع لمنطق آخر تمامًا. يذكر بروسا في إطار المقارنة بين التاريخ والثقافة أنه:
«في عالم التاريخ، توجهت رغبة البشر نحو الفعل، ونحو رغبة الأفعال والتأثيرات المرتبطة بهذه الأفعال. أما في عالم الثقافة، فقد توجهت هذه الرغبة ثانية نحو أشياء وذكريات. عالم الثقافة هو عالم مكتظ بالأشياء، عالم استهلاكي كما وصفه بارت وبودريار، ومشبع بالذاكرة. عالم التاريخ هو عالم ينفصل فيه البشر عن الأشياء وينتجون إزاحات على حساب هذه الانفصالات».
وعلى مستوى المبادئ المنهجية والنظرية، في النهاية، كانت الانتقادات هي نفسها مقذعة جدًّا.
هكذا تتعارض المقاربة النوعية للدراسات الثقافية بانتظام مع المقاربة الإمبريقية والنوعية لبعض العلوم الاجتماعية، مثل علم الاجتماع، وشُدد على غياب التفسيرات، التي يمكن التحقق منها من قبل أولئك الذين - في مواجهة الأشياء نفسها، والأسئلة نفسها- يرفضون المقاربة البنائية للدراسات الثقافية.
وإيمانًا منا بأن معرفة العالم يتم ترشيحها من خلال مقولتنا التفسيرية، فإننا نعارض حينئذ مقاربة أكثر وصفية، مستوحاة أو معلومة من العلوم المعرفية أو من علم الأحياء التطوري، على سبيل المثال، وعلاوة على ذلك، فإن التكامل المعرفي «غير المنضبط» بعيد كل البعد عن إثارة الحماس نفسه الموجود منذ عشرين عامًا، ولوحظ على العكس من ذلك أنه من السخف التفكير في التكامل المعرفي خارج حدود تعدد التخصصات وأحدث التطورات في هذا المجال، ومثل هذا التقارب بين الدراسات الثقافية والعلوم المعرفية يبين أن الإعارات متعددة التخصصات تشكل اليوم، حدود الآمال العظيمة، وذلك بطريقة أكثر حكمة وأكثر تنظيمًا من ذي قبل، حتى لو أظهر كاتب مثل جان ماري شيفر(17) - في الحالة العينية للدراسات المعرفية- وذلك لإعادة الاستخدامات الإنسانية للمدرسة المعرفية. ويمكننا أن نفترض أيضًا بأنه كلما يستشعر نظام ما بعض الضعف فإنه يسرع في المطالبة بالتكامل المعرفي.
بقي أن نشير إلى ملاحظة أخيرة، تختتم وتلخص ربما كل ما ذُكر للتو، وتتعلق بالوضع المؤسسي للدراسات الثقافية التي فقدت منذ فترة هالتها المناهضة للهيمنة، ولكن دون إعلان ذلك. واليوم، يحتل نموذجُ المواد - التي تدافع عن الدراسات الثقافية وعن الصلةِ بين العمل الأكاديمي والالتزام السياسي المألوفين – المركزَ أكثر من الهامش، وكذلك الاستخدام الحر للأدوات التخصصية التي تحتل المركز لمن يفكرون في المادة الثقافية. باختصار، ووفقًا للمتفق عليه في بعض التقديرات الرسمية، توجد الدراسات الثقافية بصورة جيدة في قلب دوكسا(18) بما إننا جميعا «ضد» هيمنة الثقافة البرجوازية، وجميعنا يُقدر أن الثقافة ينبغي أن تستخدم لتغيير المجتمع، ونقبل كحقيقة عالمية أن النهج التخصصي «أدنى» من نهج التكامل المعرفي، وهلم جرّا. إن الدراسات الثقافية قد تكون غير نقدية بما يكفي لهذا الانجراف نحو المكان المشترك، الذي يستهل أو يسوي موقفها الخاص، بشكل مشتهى أيديولوجيًّا، ضحيةً ومقاومةً في آن. ومن غير المفيد تحديد أن التوتر مريح أيديولوجيًّا؛ فقد استُبدلت فكرة «ما بعد الهيمنة» بفكرة «الهيمنة مقابل مناهضة الهيمنة»، ولكن كما هو الحال دائمًا، يمكن أن تتغير الأمور بسرعة.

3- من أجل التقارب بين التخصصات.
من وجهة النظر هذه، يمكن أن نستخلص النتيجة المزدوجة:
1- ليس لدى الدراسات الأدبية والدراسات الثقافية الكثير ليلتقيا بعضهما ببعض.
2- إن معالجة مشاكل الدراسات الأدبية بحشد أفكار والدراسات الثقافية وطاقاتها ليست ذات مغزى، فإن أيًّا من هذه التخصصات الآن لا يوجد في موقف قوي، ولكن هذه ليست النتيجة التي نرغب في الدفاع عنها هنا، وذلك لسببين:
أولًا: من المهم إظهار الفروق الدقيقة لحالة أزمة الدراسات الأدبية والدراسات الثقافية، فبقدر علامات الدينامية والابتكار والتجديد هناك علامات انحدار، سواء في جانب الأدب أو في جانب الثقافة. ثمة حذر من بقية صرامة فيما يخص النقاد وأنبياء التشاؤم. على أية حال، أولئك الذين يتحدثون بسوء عن الدراسات الثقافية ليسوا دائمًا الأقدر على القيام بذلك. في هذا الصدد، من المهم ألا ننسى أبدًا تحذير فريدريك أميس في دراسته عن أسلاف حديقة الحيوان الحديثة(19). أما فيما يخص البحوث العلمية حول مدن الملاهي، فيشير فريدريك أميس إلى:
«تميل لهجة هذا الأدب إلى أن تكون أكثر أو أقل تفضلًا، هي لهجة بها تأثير غير مقصود لخنق الأفكار الجديدة بدلًا من تشجيعها. فيما تناول الباحثون الآخرون قضايا الفضاء الموضوعاتي، ويبدو أن العديد ممن فعلوا ذلك هم ضد أفضل آرائهم. وفي تحليل لاذع للنقد حول مدينة ملاهي ديزني لاند - على سبيل المثال- يصف جريل ماركوس الموقفَ السائدَ بوصفه خيلاء، والصوتَ باعتباره ضغينة. والأهم من ذلك، فإن النقاد الذين يبدون فرحين بإضافية الاحتقار إلى المتنزهات وزوارها ليس لديهم أي شيء خاص ليقولوه بصدد ركوب الخيل فعليًّا أو العرض هناك».
ثانيًا: حتى إذا كان الاندماج بين التخصصين ليس على قائمة الأعمال الأكثر أهمية اليوم، فإنه من الضروري أن تكون هناك إمكانية لإعادة النظر فيهما الأول وفقًا للآخر، لنرى ما يمكن للدراسات الأدبية أن تتعلمه من الدراسات الثقافية، والعكس بالعكس. إنه تمرين مشابه نود أن نقترحه هنا.
منطقيًّا، فإن الارتباط المفصلي للتخصصين لا يحدث أبدًا بطريقة محايدة. حتى لو تعقبنا -في نهاية المطاف- بناء فضاء مشترك حقًّا. ينطلق الباحثون في البداية من أحد المجالين، الذي فيه يسعون جاهدين إلى دمج أفكار وأساليب المجال الآخر.
أولًا سوف ندرس بعض الأمثلة على إدراج الاهتمامات الأدبية في الدراسات الثقافية، كي نحلل – ثانيًا- حالة ما من الإدخال ذات الحساسية الثقافية في الدراسات الأدبية. وأخيرًا، سوف نقدم بعض الأفكار حول مشروع بحثي بارز للجمع بشكل مفيد بين النهجين.
4- الدراسات الثقافية في خدمة الدراسات الأدبية.
دعونا نبدأ بسؤال أنفسنا عما يمكن أن تسهم به الدراسات الثقافية في الدراسات الأدبية، بدلًا من تكرار ما قيل من قبل، الهدف والمناهج، فلنصر على تغيير أكثر جوهرية. في سلسلة الانقسامات الطويلة التي عرفتها دراسة الأدب لما يقرب من قرنين (الأدب مقابل اللسانيات، والنص مقابل السياق، والكلمات مقابل الصور، وما إلى ذلك)، والأكثر أهمية – وقد يكون الأخطر- هو القطيعة المتآكلة بشكل أساس مع تراجع البلاغة التقليدية، بين القراءة والكتابة.
هذه المقابلة اجتماعية؛ حيث لا يمر الحاجز فقط بين أولئك الذين يكتبون وأولئك الذين يقرأون، ولاسيما بين أولئك الذين لديهم فرصة للنشر وجميع الآخرين المرفوضين من النظام لأسباب جيدة أو سيئة. ومن المؤكد أن هذا ليس المكان المناسب للعودة هنا إلى النقاش حول الحاجة لتصفية النشر، إن لم يكن تحذيرًا من إحدى الأساطير الأكثر إلحاحًا المتوسلة بالتكنولوجيات الجديدة، التي يفترض أنها قد تعتم على التمييز بين المنتجين والمستهلكين؛ أي أن يصبح جميع الكتاب قراء، والعكس بالعكس. إنها فكرة ساذجة ومخادعة - إن وجدت- لأنه إذا كان هذا صحيحًا، فإن كل الناس - شريطة الدخول عبر الإنترنت - يمكن أن يظهروا بوصفهم كتابًا، وأن يرسلوا كتاباتهم إلى بعض أماكن النشر الأكثر مساواة والأكثر قيمة، وهي الأماكن التي تتميز بسهولة استخدام محركات البحث فيها، وهكذا تحدث الهاوية بين الكتاب والقراء.
فيما وراء هذا النوع من النقاشات، مسألة وضعية المؤلف- والقارئ أيضًا بِعَدِّ ذلك نتيجةً طبيعيَّةً - ولكن ينبغي أن يشجعنا ذلك على العودة إلى مشكلة أكثر عمقًا، وهي تحديات القراءة نفسها، خصوصًا في علاقاتها المتبادلة الضعيفة، إن لم تكن مفقودة. الآن، فإن فِعْلَيْ القراءة والكتابة في الغالب ما يكون كلٌّ منهما مغلقًا على مجاله الخاص الضيق، الذي يتم العثور عليه في رؤيتنا المعاصرة للبلاغة؛ حيث تُخْتَذَلُ البلاغةُ في نسقٍ من الحيل النصية الأدبية، ودون أهمية كبيرة لتجارتنا الحالية للنصوص. وفي هذه الحالة بالنسبة إلى الدراسات الأدبية، تكون الميزة الكبرى للدراسات الثقافية هنا هي إعادة موضعة المادة الأدبية في ممارسة ثقافية، والدراسات الثقافية تفتح مجالات جديدة لإعادة تقييم البلاغة، ليس بوصفها كتالوجًا لوقائع الأسلوب المضافة إلى اللغة غير أدبية، ولكن بوصفها ممارسة، أو فعلًا في «لابوليس»(20). بهذا المعنى تتوقف البلاغة عن كونها ماضي الأدب والدراسات الأدبية، لتصبح مجددًا مستقبله الحقيقي، والتي يمكن تلخيصها على النحو التالي: الكتابة من أجل القراءة، والقراءة من أجل الكتابة.
يجب علينا أن نجرؤ على العودة إلى المصادر؛ أي إلى التعليم التقليدي للبلاغة؛ حيث كانت وظائف القراءة لا يمكن فصلها عن وظائف الكتابة، أو إدراجها بالكامل في العملية الاجتماعية للكلام. ينبغي أن يكون الدرس الكبير الذي توجهه الدراسات الثقافية إلى الدراسات الأدبية هو أن القراءة والكتابة متداخلتان على نحو مستدام، فإن تقنيات التحليل الأدبي ليست غاية في حد ذاتها، ولكن في خدمة تعلم الكتابة، والعكس، فإن التمكن من الكتابة لا ينبغي أن يجعل الكاتب غير قارئ، بل عليه أن يكون قارئًا رفيعًا، وقادرًا على تقييم عمل الآخرين، واقتراح الحلول المناسبة. إن الكل في روح «عامة»، وهذا يعني أن تكون الروح متحققة في وجود الآخر (معه أو ضده، أيًّا كان)، وبغرض أن يكون للعمل تأثير في حياة المجتمع.

5- الدراسات الأدبية في خدمة الدراسات الثقافية.
وكما رأينا فإن التبادلات بين الدراسات الثقافية والدراسات الأدبية يمكن أن تسير أيضًا في الاتجاه الآخر. وفي هذه الحالة، فإن مساهمة الدراسات الأدبية في الدراسات الثقافية لا ينبغي لها أن تتضخم. ماذا يعني مثل هذا الإسهام؟ بشكل عام تصاغ الإجابة من حيث الموضوعات. نبدأ في قراءة «شيء آخر» غير ما تَمَّتْ قراءتُه من قبل، على سبيل المثال، ما يسمى «مجاورات الأدب»(21)، ونحاول عمل ذلك «بشكل مختلف»، على سبيل المثال، بربط هذه الموضوعات الجديدة بسياقات أخرى وبأسئلة أخرى. إن قراءة «مجاورات الأدب»، لا ينبغي أن تعني أننا نحاول بأي ثمن إثباتَ أن هذا الشكل من الأدب جيد ومثير للاهتمام، مثله مثل الأدب الرسمي، بل يمكننا أيضًا التفكير في الآداب الإقليمية، والآداب ما بعد الكولونيالية، والآداب الناشئة على شبكة الإنترنت، (شكل الأدب بالأمس: الأثر الأصلي، وشكله اليوم: الأدب التجريبي). يبقى ذلك مشروعًا جديرًا بالاحترام، لكن لا شيء أكثر من ذلك؛ بما أن مثل هذا التوجه (إسهام الدراسات الأدبية في الدراسات الثقافية) يحصر الموضوعات الجديدة من خلال منطق الموضوعات القديمة التي تقف ضدها. إن الاهتمام بغير الرسمي ينبغي أن يطمح إلى السؤال التقليدي عن القيمة، والطريقة التقليدية في طرح هذا السؤال من الجوانب المؤسسية، للنظر في ظواهر أخرى مثل: الصناعات الثقافية للكتاب، أو مكانة الكتاب (والثقافة) في مجتمع يعيد تحديد العلاقات بين العمل ووقت الفراغ.
دعونا نرى سريعًا أحد الأمثلة في طريقتنا الناجحة جدًّا - نقصد الإسهام المتبادل بين الدراسات الأدبية والثقافية - على مثل هذا التوسع: «فلتجلب الكتب لكل شخص»، لـ جيم كولينز(22).
ينطلق كولينز من ملاحظة بسيطة، وهي أنه على الرغم من النجاح المتزايد للكتاب الإلكتروني، فإن الكتاب التقليدي لا يزال قويًّا تمامًا، ويبدو أيضًا أنه يدعم وجوده في الحياة اليومية للأمريكي العادي. ولو لاحظنا أن الكتاب أقل وجودًا في المدن الكبرى، فإن وجوده يتزايد في المدن الصغيرة، لا سيما من خلال تمدد شبكة بيع السلاسل الكبرى. ولو أن الكتاب أقل حضورًا في التعليم، فهو موضوع لدعاية ضخمة ومغرية. ولو أن عدد المكتبات يتقلص، فإن مبيعات النظام الإلكتروني تتزايد على نحو رائع. ولو أن ثمة انطباعًا بتناقص القراء، فلم يكن ممكنًا أن تتواجد دوائر أو مجموعات للقراءة بهذا القدر. إن الظل الوحيد في اللوحة -بالنسبة إلى القارئ ذي الميول الكلاسيكية- هو أن الكتب التي تباع كتب «سيئة»، دون أية جودة أدبية، ونشرت من قبل ناشرين يهتمون فقط ببيع «المنتجات»، وكذلك فإن الطريقة التي تباع بها هذه الكتب لم تعد تعتمد على هيئات الوساطة التقليدية، فقد تم إهمال دور النقاد في مقابل الاهتمام بحملات التسويق، والبيع المباشر (المثال المستشهد به في الغالب هنا «الرومانس»، أو الروايات العاطفية، من نوعية ما تنشره دار «هالوكين» للنشر، التي اخترقت المكتبات، واكتسبت إمكانية مشاهدة عظيمة). وبعبارة أخرى: فإننا لا نزال نقرأ بالقدر السابق نفسه، لكن تغيرت طبيعة القراءة وآلياتها، فقد توقفت القراءة عن أن تكون نخبوية لتصبح «شعبية»، (إن عنوان الكتاب: «فلتجلب الكتب لكل شخص»، هو إشارة إلى أحد شعارات دائرة القراء المنتعشة من قبل مقدمة البرامج أوبرا وينفري، التي دمجت ناديًا للكتب في برنامجها، الذي يمثل -إلى حد كبير- سير عمل ثقافة وسائل الإعلام الشعبية في الولايات المتحدة). إن طموح كولينز ليس فقط وصف هذه الظاهرة، ولكن فهمها أيضًا، وفعل ذلك من دون إدانة أشكال القراءة الجديدة.
إن تحليل مثل هذه الظواهر من الواضح أنه لا يمكن أن يقتصر فقط على الكتب، بل يجب أن تنتقد القراءة؛ حيث خضع الشكل الشعبي لتغييرات - إلى حد ما - جذرية منذ عقود عدة، ومنذ ظهور الكمبيوتر الشخصي تحديدًا، وإعادة الهيكلة اللاحقة لأشكال التفاعل الاجتماعي. ومن ثم لم تعد القراءة الشعبية تسعى إلى إعطاء نموذج لجهود القارئ «المتوسط»، (بالمعنى السوسيولوجي للكلمة: الثقافة المتوسطة) لسد الهوة بين «الشعبي» و«الشرعي»، ولكنها في الوقت الحاضر تفكر من منطلق التنمية الشخصية. ويضاف إلى ذلك أن هذه القراءة ليست مخططة، أو موصى بها، أو موجهة، أو محددة أو مفروضة من قبل سلطة التخصصيين (المعلمين والنقاد)، ولكنها مشيدة ومنظمة من قبل القراء أنفسهم، (أولئك الذين يعملون أساسًا من قبل محاولة الاستقطاب؛ أي قبل أن أنضم إلى مجموعة لها ميولي نفسها، وننتظم في مجتمع صغير). إن الجانب الجماعي لهذه التنمية الشخصية أمر ضروري، وليس القارئ الفردي هو من يقرر تحديد ما سوف يقرأه، وما سيفكر فيه من الكتاب المنتقى، بل الحوار المستمر والمكثف مع القراء الآخرين؛ ذلك الحوار الذي يستخلص منه معايير الانتقاء والتقييم.
إن القراءة الشعبية ليست شعبية، وإنما تفاعلية، وحينئذ لا يمكن تفسير الانتقال من نموذج قراءة إلى آخر فقط من خلال ظهور شكل جديد من «الوكالة». فلقد نتج أيضًا عن انهيار نظام «الرصد» التقليدي - الذي فصل الثقافة عن الحياة - أن ما كان يثير القراء الشعبيين لم يعد ما يعنيهم شيئًا في هذه الكتب، أو فيما تمثله في حد ذاتها. إنها الثورة، التي أحدثها «كوبرنيكوس»، التي تفسر لماذا هناك المزيد من القراء، والقراء الكبار حتى، الذين يبدو أن الكتب قادرة على إعطائهم شيئًا ما غير ما يمكن أن تقدمه وسائل الإعلام الأخرى، بمعرفة إمكانية الممارسة في شبكة؛ أي مع متخصصين من المستوى نفسه، والتنمية الشخصية، بما في ذلك الميول الثقافية.
بالنسبة إلى كولينز، فإن مفهوم الذوق - مع التنمية الشخصية- هو المفتاح الرئيس الثاني لفهم القراءة الشعبية المعاصرة. ومجددًا يصر المؤلف كثيرًا على حقيقة أن الاتجاهات المعاصرة لا يمكن تفسيرها ميكانيكيًّا من خلال ظهور التكنولوجيات الجديدة، ولكن تعزى أيضًا لانهيار النظم القديمة للقيم. ويشير - على سبيل المثال- إلى حقيقة أن نظام التعليم في الولايات المتحدة لم يعد قادرًا على تعليم الشباب معايير الذوق التي يمكن اتباعها أو تطبيقها في حياتهم العملية. ويضرب مثالا على ذلك بـ«الشكلية»، التي تفصل الحياة عن الفن، ولا تدرِّسُ الأدبَ بوصفه مما يمكن أن يسهمَ في شيءٍ يساعد على تنمية الشخصية. ومثل ذلك أيضا المقاربة النقدية للنصوص التي يكون من شأنها تفكيك معايير الذوق السليم. فهذا النمط من التدريس يحيد حتى عن تعليم «الذوق السليم». ومن ثم فلا شك أن ظهور شكل جديد من أشكال القراءة غير الخبيرة -لأنها ضد الشكلية وأقل نقدية- و«النفعية»، تهدف إلى التحسين الذاتي، وإلى تعلم معايير تضمن إدماج القارئ بـ «المجتمع الصالح».
إن استخدامًا مماثلًا للأدب ليس له علاقة بشعبوية الثقافة الجماهيرية التي تختزل الثقافة، أو بقضايا الذوق الشخصي، أو تلاعب الصناعات الثقافية. مرة أخرى، يبدو أن الكتب يمكن أن تساهم في شيء ما، لا يبدو أن التليفزيون ووسائل الإعلام الأخرى قادرة عليه.
لقد وُسِمَت هذه الأشكال من القراءة الشعبية بأنها «نهاية القراءة المتحضرة»، كما يشار إلى ذلك دون استدعاء الفصل الأول من كتاب كولينز، فإن ذلك لا يعكس فقط ازدراء نخبوي كبير، بل أيضًا، وبشكل خاص تجاهل الديناميكية الاستثنائية لأشكال القراءة هذه، التي لا تعارض وسائل الإعلام الجماهيرية، ولكن تعمل معها في وئام.
يستخدم القراء الجدد تقنيات جديدة مثل: (أمازون، وجوجل، الفيسبوك، كيندل، الآي باد، وغيرها) للشراء والقراءة، وكذلك لتنظيم التواصل والتفاعل مع القراء الآخرين. هذه التغييرات تدمر البُنَى القديمة (ولا يزال كولينز غير مدرك لهذه المشاكل: تناوله لأطروحات شيفرين (23)، على سبيل المثال، مدروس جدًّا)، ولكن بصفة خاصة يسلط الضوء على الطريقة، التي تتم بها إعادة تكوين القديم من قبل الجديد (من هذا، على سبيل المثال، تحويل المكتبة الحديثة لبيع الكتب... مكتبة للاطلاع، ولكن مكتبة للاطلاع من دون موظفين مؤهلين ودون إمكانية الاستعارة). وبالمثل، يستعيد كولينز أيضًا أسطورة ذكرت الأدب الرقمي: تشوش الأدوار بين الكاتب والقارئ. تظهر دراسته بشكل واضح أن هذا التشوش في الوقت نفسه وهم؛ لأنه لا يسمح للقارئ بتعديل نص المؤلف، وحقيقته العميقة، لأن وسائل الإعلام الجديدة تسمح الآن للقارئ بالتعليق علنًا بالكتابة، ونشر قراءته.
الآن،كما رأينا في القراءة الشعبية، لم يعد النص هو الجوهر، ولكنها الطريقة التي يكون القارئ قادرًا بها على إلحاق النص بحياته الخاصة. لم يعد الأدب إذن يعني الكتب، ولكن تجربة الأدب، وهذه التجربة يمكن أن تهاجر من وسيلة إعلام إلى أخرى. إن القراء الذين يبحثون عن شيء ما، يمكن أن يغير حياتهم (من حيث التنمية الشخصية أو الذوق السليم)، تجربة النص يمكن أن تستغني عن المادة: الكتاب أو السينما، بل أيضًا أي ممارسات اجتماعية أخرى مثل فن الطهو، والتصميم، واللقاءات الغرامية، وبصورة أعم، جميع ما يمس من قريب أو بعيد ما نسميه «نمط الحياة» يمكن أن يوفر أحاسيس أو تجارب «أدبية» مماثلة .
رأس المال في هذا الصدد هو التحليل «السينمائي-الأدبي»، الذي يجدد النهج التقليدي للإعداد السينمائي. وفقًا للمنظور السوسيولوجي الواضح الذي يمدحه، يطرح كولينز لأول مرة أن مثل هذه التعديلات، الكثيرة الآن من أي وقت مضى في هوليوود، تنصاع للقواعد ذاتها الخاصة بالكتب الشعبية التي يستعرضها. إن الروايات التي تقتبس في الواقع هي تلك الروايات نفسها التي يتم الإعلان عنها في نوادي الكتب ودوائر القراءة، وهذه ليست كُتبًا تقرأها لنفسك، ولكنها الكتب، التي نأمل أن نناقشها في مجموعات ومجتمعات يبحث فيها المرء عن أشخاص لديهم الاهتمامات نفسها والميول نفسها؛ بل هي أيضًا الكتب، التي يعتقد فيها المرء بأنها قادرة على أن تكون مفيدة في دمج الثقافة الكتبية بثقافة «أسلوب الحياة». وبالنسبة إلى كولينز، كانت اللحظة المحورية في هذا التطور فيلم «غرفة مع منظر» لـ جيمس إيفوري، 1985. وبشكل عام، تدخل شركة الإنتاج «إيفوري مارشان» التي دشنت نوعًا من الأفلام لم يعد البطل فيها هو الممثل، ولكن الديكور والمفروشات؛ وحيث كانت القصة مشغولة إلى حد كبير بنقاش تحول الذوق. يذهب كولينز إلى أبعد من ذلك، مشيرًا إلى أن العلاقة بين الأدب والسينما ليست مجرد الانتقال من الأدب إلى السينما، ولكن أيضًا من السينما إلى الأدب.
توضح موضة «أدب السرير» - وهو مصطلح يشير ساخرًا إلى «أدب الفتاة chick-lit»(24)- العودة من عالم إيفوري مارشان حول الإبداع الأدبي. ففي «أدب السرير» نجد أن الشخصية النموذجية هي دائمًا كاتب، ولكن الكاتب هاجسه القضايا نفسها، التي تهم الجمهور الشعبي للكتب الناجحة؛ حيث لا تتركه النقاشات حول الذوق السليم وقضايا «أسلوب الحياة» غيرَ مبالٍ، بل هو أيضًا في حالة بحث عن عاطفة يمكن أن تحول حياته، وكذلك فإن حياته اليومية مكرسة لمخاوف القراء ذاتها ولمهامهم ذاتها. ولعلنا نجد في «ساعات» مايكل كانينجهام(25) خير مثال لأدب السرير هذا؛ حيث يتوه المرء في قصر جليدي مازجًا بين المراجع والتلميحات الأدبية والسينما، والمراجع والتلميحات السينمائية والأدب.
إن كولينز - الذي يأخذ القراءة الشعبية بشكل إيجابي جاد، ويعارض بشدة المتشائمين الذين يعلنون نهاية الكتاب، ومن ثم نهاية الحضارة- هو شيء آخر غير الشعبوي، ويبقى كولينز ناقدًا للتطورات التي يسلط عليها الضوء، ولا يتردد في الإشارة إلى العيوب الظاهرة قيد التمحيص، ومخاطرها. في هذا، فإن موقفه يبدو لي نموذجًا لجميع أولئك الذين يرغبون في مواصلة استكشاف العلاقة بين الدراسات الثقافية والدراسات الأدبية.


الهوامش
* نُشر النص الأصلي لهذه الدراسة في مجلة: «Interférences littéraires/ Literaire interferenties» الإلكترونية.
1- پيير بورديو: عالم اجتماع فرنسي، وأحد الفاعلين الأساسيين في الحياة الثقافية والفكرية بفرنسا، ويعد من أبرز المراجع العالمية في علم الاجتماع المعاصر. أحدث فكره تأثيرًا بالغًا في العلوم الإنسانية والاجتماعية منذ منتصف الستينيات من القرن العشرين.
2- شارل سانت بيف: كاتب وناقد فرنسي، وُلد في بولونيسورمير في 23 ديسمبر عام 1804، وتُوفي في عام 1869. درس البلاغة والفلسفة، ثم بدأ بدراسة الطب، لكنه لم ينهها، وعمل صحفيًّا في صحيفة «جلوب».
3- جوليان جراك: كاتب فرنسي واسمه الحقيقي لويس بوارييه، ولد في 27 يوليو 1910 بسانت لورانت لي فييل ماين ولوار، وتوفي في 22 ديسمبر 2007 بأنجير. رفض جائزة الجونكور عام 1951، ونشر كتابه «الأدب في المعدة» للمرة الأولى عام1950.
4- وليام ماركس: ولد في عام 1966، وهو كاتب مقالات وناقد ومؤرخ أدبي. يعمل أستاذًا للأدب المقارن في جامعة باريس، ويعد كتابه «وداعًا للأدب» بمثابة بحث في تاريخ انخفاض قيمة الأدب والأدباء.
5- فريدريك جامسون: ولد في 14 نيسان 1934م، وهو ناقد أدبي أمريكي ومُنَظِّر سياسي ماركسي. يعتبر من أفضل المعروفين في مجال تحليل الاتجاهات الثقافية المعاصرة؛ حيث قام بنقد الثقافة الغربية، ووصفَ تيار ما بعد الحداثة بأنه وضع الثقافة تحت ضغط الرأسمالية المنظّمة.
6- ريتشارد هوجارت: ولد في عام 1918، وهو بريطاني الجنسية، وأكاديمي يعمل بمجالات علم الاجتماع والأدب الإنجليزي والدراسات الثقافية، وبخاصة الثقافة البريطانية الشعبية.
7- مركز برمنجهام للدراسات الثقافية.
8- جون ديوي: تربوي وفيلسوف وعالم نفس أمريكي، وزعيم من زعماء الفلسفة البراجماتية، ويعتبر من أوائل المؤسسين لها. ولد في عام 1859 وتوفي عام 1952.
9- تيودور لودفيج أدورنو: فيلسوف ألماني شهير، وأحد أهم مؤسسي النظرية النقدية في الفلسفة، فيما عُرف بـ «مدرسة فرانكفورت» الشهيرة.
10- ماكس هوركهايمر: 1895- 1973فيلسوف وعالم اجتماع ألماني، اشتهر بمجهوداته في النظرية النقدية بوصفه عضوًا في مدرسة فرانكفورت الفلسفية للأبحاث الاجتماعية، أهم أعماله: «بين الفلسفة والعلوم الاجتماعية» 1938, و«جدل التنوير» 1947 بالاشتراك مع أدورنو.
11- أشار الناقد الفلسطيني الأمريكي إدوارد سعيد إلى مفهوم قريب لهذا الطرح حين تحدث عن هجرة النظرية.
12- سيمون ديورنج: أكاديمي من أصول نيوزيلندية درس في جامعة كمبردج، وشغل مناصب جامعية عدة، وأسس قسم الدراسات الثقافية والنشر في ملبورن.
13- لورانس جروسبيرج: ولد في عام 1947، وهو عالم أمريكي متخصص في الدراسات الثقافية والثقافة الشعبية، تركَّزت دراساته في المقام الأول على الموسيقى الشعبية والسياسية بين الشباب في الولايات المتحدة.
14- في صيف 1996 كان قد أرسل آلان سوكال أستاذ الفيزياء بجامعة نيويورك، إلى مجلة «social text» مقالًا مليئًا بالهراء، إلا أنه مدعم باستشهادات لأسماء كبرى مثل دريدا ولاكان وفوكو.. إلخ، ونشرته المجلة؛ لأنه يبدو داعمًا لاتجاهها في مجال الدراسات الثقافية، ثم بعد نشر المقال كشف سوكال نفسه عن هذا الهراء، وأن الاستشهادات الموجودة به مفبركة.
15- ستانلي فيش: منظر وباحث أمريكي، ويعتبر ممن أسهموا في نشوء نظرية «استجابة القارئ» وتطورها.
16- آلان بروسا: أستاذ الفلسفة في جامعة باريس.
17- جان ماري شيفر: فيلسوف فرنسي متخصص في فسلفة الجمال ونظرية الفنون.
18- الدوكسا: عقيدة ما، أو اعتقاد شائع.
19- دراسة تُعنى بمعرفة الأسلاف والأصول العائلية.
20- لابوليس: نموذج لمجتمع إنساني فريد ونوعي.
21- مجاورات الأدب: جميع أشكال الكتابات، التي تقع على هامش المؤسسة الأدبية.
22- جيم كولينز: أستاذ السينما والتليفزيون واللغة الإنجليزية في جامعة نوتردام.
23- شيفرين: ناشر ومؤلف فرنسي/ أمريكي وله مجموعة من الكتب خاصة بالنشر منها: «النشر بدون ناشرين».
24- أدب الفتاة chick-lit: جنس أدبي حديث، وقد استخدم المصطلح في عام 1996 ليشير إلى الروايات التي تكتبها النساء للسوق النسوية.
25- مايكل كانينجهام: كاتب وسينيمائي أمريكي.


جون باتنز*
*أستاذ الدراسات الثقافية، جامعة «لوفن»، بلجيكا.


** ترجمة: لطفي السيد منصور**
مترجم مصري.


نشر بمجلة فصول العدد 99


.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى