زكريا تامر - المحظوظ

إدعى نعيم الحيّاك أنه كان نائماً عندما رأى أنّه قد دخل الجنة آمناً مطمئناً، وتجوّل في أرجائها متفحصاً مدهوشاً، ثم هرع إلى حارس أبوابها، وقال له بنزق : ما هذا؟ لقد وعدنا بأجمل النساء، ولا أرى هنا إلاّ أقبح النساء.
فقال له الحارس : لم أسمع عن جائع يتدلل على الخبز اليابس ولا يأكله حامداً شاكراً .
قال نعيم : ووعدنا بالغلمان، ولم أر غلاماً واحداً .
فقال له الحارس : من المخجل حقّاً أن تقول مثل هذا الكلام السوقيّ .
قال نعيم : ووعدنا بالكثير من الخمور، ولم أجد إلاّ الماء .
فقال له الحارس : ما رأيته في حياتك يجعلك إلى الأبد غير محتاج إلى أيّ خمر .
قال نعيم : ووعدنا بأرض خضراء دائماً، ولم أر سوى الرمل والغبار .
فقال له الحارس : من وعدكم كان محبّاً للمزاح البريء .
قال نعيم : ووعدنا بالقصور، ولم أر سوى الخيام.
فقال له الحارس بصوت مهدد : إذا واصلت التأفف والتذمر، فلن تحصل على أيّة خيمة .
فسارع نعيم إلى القعود في إحدى الخيام تحيط به أقبح النساء، وشرع في الإعداد للفرار إلى جهنم .
وأفاق نعيم من نومه في تلك اللحظة ليجد أنه لا يزال في فراشه، ففرح فرح الناجح في الفرار .



* من كتاب " سنضحك " 1998

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى