رمضان الصباغ - تنويعات على لحن الحب والفراغ.. شعر

من إيقاع النغم المتوهج فى أعماق القلب
وبصوت العصفور الراقص فوق العشب
من عمق الإنسان المشطور إلى نصفين
والكلمة ذات الحد الشمسى
أواجه أيامى
أصرخ فى أوهامى
وبرب الأرباب
أن يرحمنى من هذا الليل الضارب حول سنين
هيامى
أن يفتح بوابات الريح
ويزيح
عن صدرى هذا الصمت المسترخى بجفونى
يلقينى
فى زمن غير زمان الحزن
يشحذ لحظى
وسهامى
* * * *
ورحت ألملم الكلمات
أجمع ما تبقى من حطام القلب
أجول .. أجول فى الطرقات ..
أدفن رأسى المشجوج فى الضوضاء،
أخلع من عظامى الرعب
وأقطع رحلتى الشمطاء
أجر الساق
وفى بدنى سيوف النار، فى عينى خنجر لوعتى،
والشك طير دون أجنحة
يعشش مستريحا فى اضطراب الرأس
أمر من الدروب مضيعا،
قدمى تقيدها سلاسل محنتى، والنفس
تواجه غربتى ، والموت
بلا احلام
أعود إلى فراغ بارد أسود
لأكتب فى مفكرتى - وقد واجهت خنجر خيبتى والصمت
(خرجت إلى الطريق العام
رأيت صديق
لعبت النرد
رأيت الناس، ثم رجعت)
.. ثم أنام
ويمضى هكذا عمرى
يمر الوقت
* * * *
يا أصدقاء
مدينتى تنام فى ضوضائها الممدودة
قانعة سعيده
ينعق فيها البوم، والغراب فوق العمد الرخام
والبلبل الصغير
فى عينيه تنبت الحراب ..
.. يرمى داخلى الجليد والرضوخ
يغمسنى بصوته المشروخ
.. فى مستنقع الوسن
يا أصدقاء
(أصواتنا جافه
كأنها حشرجة الأنين، والبكاء
كأنها الخواء)
والليل ..
يزرع الدروب فى مدينة الثرثرة البكماء
بالزنابق الميتة السوداء
بالحنظل المسموم والشوك
ويخلع الحلم البرئ من دمائنا، ويرصف الطريف بالرياء
يا أصدقاء
نضيع فى مدينة العشاق ..
.. أو نموت
نبحث فى غياهب السكوت ..
عن مرفأ الحنين، عن حدائق الأشواق ..
عن أزمنة جديده
ندور بين حلقاتها المجوفه
تسحقنا الجدران والمداخل المزخرفه
تلطمنا المربعات والمثلثات، والرتوش
نشاهد الأحياء فى ملابس الأموات ..
يهرعون للمواكب الأجيره
تنهشنا عيون من يروح ..
من يجئ ..
فى الأقبية المهجوره
نمضغ أحلام اغترابنا،
نعرى فرحنا،
نصرخ فى القمر
يشيح وجهه، ويلعن الغباء
عشش فى دمائنا
فنلعن النحاس، والحديد، والحجر
ونمضغ الضجر
ونشرب كأس حزننا
وننكفئ
نحاور الفراغ، والأعمدة الشامخة اللعينه
تصرخ
فى أعماقنا العفونه
نبوح للأرصفة الباردة السوداء
بما يجول فى دمائنا من الخواء
يضحك من أحزاننا
الرصيف، والجدار
يسخر منا الليل،
والنهار
* * * *
منفردا
فى شرنقتى فى صمت
أتدحرج فوق الأسفلت
فى بدنى موت،
وعلى رأسى حجر الدب الأحمق، والليل
يلف عيونى بوشاح الريبة
وأنا أصرخ فى وجهى إذ ألقاه
فى الحانة، فى مرآه
تضحك منى المرآة
ووجهى يتبرأ منى
وعيونى
تجهل فى اللحظ المنطفئ
وحلمى المنكفئ
وخوفى وشجونى
معذرة
ميزان الأرض بأيدى قواد أو سمار
والعشق بهذى المدن الثلجية
لا يعرف عشاقاً
وأسرة هذا الليل لعاهرة من عرق النهدين
أدانت كل التجار
وأنا فى وجه الليل .. صرخت:
رحماك ..
رحماك ..
يلفظنى الليل
وأنا كجميع الناس
من نسل الطين، أو القرده
أحسو كأسى منفردا
وحبيبة قلبى منفرده
معذرة يا وجه زمانى
فأنا اليوم
بعد مزيد من سنوات النوم
أفقت
لأرانى بدنا جرحه الحزن الأسود
واستوطن فيه الميلاد الدامى
فهواى لعاشقتى
عرانى
وفقدت الحلم
* * * *
وعدت ألملم الكلمات،
فوق الكاهل المسحوق أثقالى،
وصوت الطبل ينذرنى،
يقول:
(بأن لى ماض ومستقبل
وكنت أعيش مثل الناس،
أحلم .. أشرب الوهما
وكنت أنام ملء الجفن
أنسى فى بكائى اليأس والألما
وكنت ..
وكنت ..
أواجه دونما خوف جيوش الصمت
ولكنى ..
أعيش اليوم دون صديق )
ومعذرة ..
فهذا الليل عرانى، ولم يمسح بذاكرتى
هوى الأمس
فأحيا الحزن .. أسترسل
وأجمع ما تبقى من حطام القلب
أمشى فى طريق السهد
أشاهد جسم عصفور بلا منقار
تساقط ريشه الأخضر
تصلب فوق أعمدة رخاميه
فآخذ ريشة مغموسة فى الدم
بوجهى البوكرى .. أعود
لأكتب فى مفكرتى ..
(رأيت اليوم عصفورا
بلا منقار)
ومعذرة
فقد مت
وماتت فى دمى البهجه
* * * *
يا أصدقاء
لو كنت أستطيع أن أعيش فى مدينة الضياع
بلا قناع
لو لم تمزق الرياح
هذا الشراع
(لو ينبت الجسم الذى زرعناه
فى صورة الإله)
لو تورق الأشجار احلاما
وأفراحا
ولو تضئ عالمى النجوم
وتثمر الحياه
قمحا، وتفاحا، كروم
أواه ..
يا قلقى الخالد، يا شرنقتى المحكمة النسيج
والحلم فى أعماقنا يموج
ونحن دونما اكتراث
نموت ..
آه ..
حبيبتى الطيبة العينين ..
لو تعلمين ..
أن فى واقعنا تخنق ألف زهرة،
يحرق ألف عاشق
تنهار
ألف مدينة للحب والتذكار
لتشمخ العمائر الفارغة الفؤاد
تبقى لغة الجماد
يزدهر الخضوع والفرار
من عالمنا الذى يضيع
فى أرجائه الضمير.
أواه
لو تعلمين يا ضاحكة العيون
ما تحفر الأيام والسنون فى وجه محبك الغريب
لو تعلمين يا حبيبتى
لو تعلمين ..
أننى أعود فى شوارع الهموم
بثوبى الممزق القديم
أبحث فى مدينة العشاق عن براءه
تلطمنى الإساءه
ينهرنى الربيع، فالأبواب موصده
والزيف سلعة لا تعرف الركود والخساره
أطلب من مدينتى المنهاره
العشق،
والطهاره
لكن، يا حبيبتى الطيبة العينين،
من يستقبل الصفاء ..
فى عالم من الأحجار،
والبللور
ومن يعانق الضمير
فى عالم من المربعات والمثلثات
والمداخل الجامدة المزخرفه
ومن يعانق الحنين..
من يسمع منى لغة الهيام والعشق
فى عالم بلا عيون
بلا شفه
ومن يرد الشوق ..
بالشوق
للأفئدة المرتجفه
حبيبتى ..
معذرة وألف
فحول قلبى دق جيش الزيف
خيامه، كى يستريح
ويبدأ المغامره
معذرة فالضوء ..
لم يبح بأى شئ
لأننا بلا عيون
معذرة
فإننى مكتئب حزين
وكل ما أراه
يجسد الخيانه
* * * *
فى الليل المتكسع بين دروب
الزمن اللاّهى
بنجومه ذات اللون الأسود
بالحلم المجهد
منفردا
أجرع كأسى لأنام
يخطفنى شبح الأوهام
كى أصحو
واكرر طول اليوم
نفس المشهد
* * * *
قفا بى عند باب الصمت
قفا بى عند أشجار بلا ثمر
قفا بى كى أحاور ربة الضجر
وأحمل فوق ظهرى لوعتى .. أبكى
(هنا كانت لنا أحلام
وكنا نعرف الأنغام
وكانت لنا كلمات
هنا كنا نعيش الموت)
ومعذرة ..
ففى شكى
بداية عمرى المهدور
قفا بى عند باب الدار
قفا بى واطرحا مرة عصا التسيار
لعل مناى تلقانى
قفا بى .. قفا بى

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى