مقتطف خيرة جليل - شياطين ما بعد منتصف الليل.. الليلة 30 من رواية ّ ليالي بلا ابواب ولا نوافذ"

"وطن الوجع وللوجع مواطن، تدب الحياة في براعم الشجر وشجرة البراعم تهم بالانتحار على عتبة الموت البطيء. كل ما تحمله الذاكرة المتعبة اثقل كاهل الجسد المتخن بجراح سهام الخيانة. وهذا الجسد المفرغ من روحه كلما اناخ راحلته ليستريح قليلا ، هبت رياح المساوامات الرخيصة لتحمله الى موجات الشهوة المكبوتة تحت لحاف الدين وتمائم مشعوذي القيم . لا شيء مما نراه يعبر عن حقيقة احد.
قيل لها يوما : ان الثقة كالفن لا تنبع من امتلاك جميع الأجوبة.لكنها تأتي من الانفتاح على جميع الأسئلة الممكنة . ابتسمت ثم قالت : "كنت، ابحث عن حرف ،عن يقين يشدني إلى الارض. عن بوابة، عن بوتقة تقذفني نحو السماء . عن شيء، اسمه انا بلا انا. عن قطرة ندى خجولة كمحاق، تسقيني هذا الفضول بعد أن جف حبر اليقين. عن انسان لا تسمه الشبهات ولا ترقصه الشهوات ولا تمطره قبل الماجنات. عن ظلي ولا ان يسحب البساط من تحت قدمي ولا يغار من طول قامتي. كنت كنخلة جمعت جذورها، وهربت لتستظل بغيمة عابرة بعيدا عن واحتها بعد ان اجتاحها الغزاة. كنت ابحث عن بوصلة توصلني للمدى ولأعلى سراب نفسي. لاصلي بمحراب رموش العاشقين . ابتسم ، ثم اشيح ببصري بعيدا. ثم أبتسم واركض إلى أعلى الربوة . لاضحك ، لاقول :
_ هذا جزء مني.....
كنت ابحث فدفعتني المناكب. لأجد نفسي في آخر نقطة بطابور الانتظار . اجثو لأجني عناقيد مقلتي بسخاء. اي ذنب دون غيري اقترفت لتسكنني القوافي، ليسكنني هذا الفضول، لتسكنني هذه المتمردة الرعناء. ربتوا على ظهري، وقالوا لي :
- لا عليك فقد سبقناك بقدم الدهر لهناك، لا تتاسفي،
فالقطار يجر من الاتجاهين، انتظري هنا فقط.
فانت لا تحتاجين لا للجاه ، ولا للسلطة ولا للعشيرة. ستنتهي صلاحية كل تلك الاشياء ، سبحتاجونك لشخصك . انت كما انت ."
الان . انا هنا بسريري، بغرفتي الباردة أتحسس زر الضوء لعله يمنحني حقيقة الساعة والمكان ، لكن تذكرت ان الشياطين يزوروننا في صفة الملائكة، ومع ذلك تخونهم الرائحة التي تسبق الذئاب البشرية. فعلا ان صداقة المصالح مثل مسك الليل ، رائحتها قوية وتنتهي بانجلاء ظلام الليل وسطوع أشعة الشمس.... لكن يا نسيم الفجر أبلغ أشعة الصباح اني راحلة حيث يزرع الشوك لينبت زعفرانا لارى حقيقة لا يراها احد غيري ..... وان سالني احدهم : ما ثمن الحقيقة؟
أجيبه:
_ الحقيقة حسب قناعتكم هي تختلف عن الحقيقة التي اؤمن بها.... فلكل منا مرجعياته وقناعته ..... فلا تكيلوا الذهب بالقنطار والحرير بالامتار....... فحين كتبت على جدار بيتي : مخاض عسير..... كان هناك تافهون لا يفكرون إلا بما بين الفخدين.... فقلت لحكيم دربنا، لا تهتم ولكن عش كما انت فالناس أهواء ونزوات ، فحين يعودون إلى رشدهم يدركون انك لم تكن يوما مهرجا من فصيلة الحرباء ..... "
ثم اغلقت لوحة حاسوبي لاغط في نوم عميق بعد ان وضعت له حراسا من تمائم قصائدي وقصصي لتطرد كل متسلل من قبيلة الازعاج. ..."
هكذا انهت راوية كتابتها هذه الليلة وهي تبتسم بلؤم، وكانها اغتالت شياطين الظلام لتحرر المارد الذي سيقلب موازين كتابتها في الليلة المقبلة ......



خيرة جليل

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى