رمضان الصباغ - النورس وأنت.. شعر

ينبثق الميلاد المفاجئ من برعم الشجرة العانس
يستريح القمر العجوز فوق صدر الريح
تلهث الريح وراء لحظة صمت
تنطق القطط العمياء بكلمات المتعب اليائس
تبكى الأطيار سكون الموت
يتهادى فى خيلاء أناس يرتدون فوق اللحم
توابيت الرضوخ
أسماك فضية،
ملاحون فقراء
حرائق القلب تلتهم الزوارق
وأنا وأنت
نعبث بالرمل الأصفر كشعر الجنيات
نسرد حكاية التقاء الولد العجوز بالطفلة المجزوزة
الشعر،
نرى النوارس حطت فوق صدور الأشرعة،
على عظام الموج،
تحت نعال الشجر النابت فى الأضلع
وقد اعترك الدرب الأسفلتى مع الشمس،
ففاحت رائحة الخنازير.
حاصرت الأنوف رائحة الأفيون المحترق.
طارت فى الهواء أثواب العصافير.
هرعت البلابل من أوكارها،
استيقظ البوم فى الظهيرة
كانت الأغنية فحيحاً وعواء.
والثعابين تسلقت أشجار الرأس
غاصت بين الأوراق والفروع
انشطرت ذرات الكلمات الحزينة،
وتكثف غبار فى القوارير

* * * *
( ارحلوا.. أو ناموا)

* * * *

يكبر فى دمى شجر النار
وأنا، وأنت
نلهو بالرمل، نحكى كيف استحالت الخصلة فكرة،
والبسمة تاريخاً،
والنظرة لغة يومية تتناسل إيماءات
ترصد الخجل الشرقى الضارب فى دمنا،
الممتد إلى عصير طينتنا..
كيف اصطرعت العاهرة والعانس الخجول
التى باعت
غدها لحيتان البحر العجوز
والبتول التى أفرغت ثديها بكأس خصى هرم.
جرحت أنوثتها حين تمدد مصروعاً فوق سريرها
لم تخلع الثوب
لم تشرب الخمر
واحترفت دق أجراس المنازل.

أسمعك ولا تتكلمين
وحين تثؤثرين تنطقين الكفر..
تلعقين كل شئ
تلعنين كل شئ
ألسنة الثعابين سياط وصلبان فى ظهر حلمنا
آه..
تفوح رائحة الموت من دمى
أرى شجر الملح على صدرى
وأزهار الحجر الجيرى على زندى
فقد نما طوفان من العظام النخرة فى ذاكرتى
والخمر فى جمجمة الليل الجاثم فوق صدر حبى
الكسول….

000000

الملاحون فى الماء
والنوارس تصرخ فى الأنجم
والآلهة المتعجرفة ثملت من دماء الصرعى
واستراحت خلف باب الجنة الموصد.
الشرانق ملتفة حول الأعناق
الربيع لا يجئ
لا تأتى القوافل
أنت، وأنا طفلان
نعبث بالرمل
أتملى جسدك،
والناس عيون ثاقبة تخترق حرير الساقين
ومرمر النهدين.
من ألقى بهذه الربة الجاحدة على سرير جهنم؟
كيف ثملت الآلهة ولم ترهاتين العينين الحارقتين؟
لم تر الملاحين والنوارس والأمواج والحيتان.
( عندما تفوح رائحة لحم الغزال
يتنمر القط الوديع.
ويصبح البشر
مخالب وسموما)
ما الذى يجمعنا؟
الحمق.. التبطل.. الجوع..
الخفافيش عيون مفتوحة
أجنحة تصفق ليلا.. ونهارا..
ما الذى يسكرنا؟
لم نأكل..
لم نشرب
لم نر ثمار الشجرة؟
لم ندفن الصلصال فى الرمل
لم نعرف القمح..
آه يا شجرى!!
نلعب بالرمل،
نبنى من الورق قصورا، نحلم.
الشمس حمراء
الطيور تموت أو تهاجر
وفى دمى أسمع خشخشة الجماجم.
وهوانا "عكاظ" ترطن فيه الألسنة البكماء.
مقهى لا يتكلم فيه لغة واحدة اثنان
الضلوع أسرة الهزائم
والعيون استراحات الضباب
ما الذى يسكرنا؟
الأمواج الصاخبة بين الرأس والصدر.
أحلامنا المربوطة فى ذيل حصان جامح.
النهر يجرى.
يكتسح الصخور، ويصل البحر باليابسة
لم نسأل النهر
لم نقرأ حكاية النورس، والملاحين
وكيف استراحوا على الشواطئ بعد سنين
الغرق والموت
شربوا نبيدا معتقا..
سكروا..
تنفسوا برئات من لحم ودم
أثمرت الشجرة خنجرا، وزيتونا، وأحلاما رقيقة.
ظلالا يمارس العشاق فيها الحب والبوح والأرق.
وكيف أنجبت العوانس التوائم
بعدما غمر الطوفان كل شئ
لم نسأل
لم نتكلم..
(الصمت لغة السالكين)
لا نصل الأسفلت بملح البحر
ومظلات الصيف بشفق الغروب الشتائى
لم نلج الغابة
نامت الخفافيش فى الصدور
وحاصر الجراد منا القلب
والقمر المستباح على أسرّة العَبَثِ مشطور الوجه
لم نسأل
لم نتكلم..
النوارس تصرخ فى الجماجم


د. رمضان الصباغ


تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى