خيرة جليل - تقديم ديوان "مسرى الأشواق" للشاعرة فاطمة قيسر..

توصلت بديوان الشاعرة فاطمة قيسر وانا على اهبة السفر الى امريكا، كنت اظن اني غير قادرة على قراءته لضيق الوقت والتزاماتي الكثيرة. لكن ما ان قرات القصيدة الاولى حتى وجدت نفسي امام اخر كلمة من ديوانها ، ليس سهلا على شاعر ان يحمل قارىء ديوانه على اجنحة الراحة والمتعة ، لكن شاعرتنا استطاعت ان تكسر جليد الاغتراب الذي يحول بين القارىء والابداع ، واختراق دوامة الفراغ الادبي لتحولها لبحر الكلمة الممتعة والهادفة والعميقة والناطقة شعرا رقيقا وابداعا مسؤولا. وحينها تحس فعلا انك بين احضان ابداع مسؤول يتوق لبث روح التجديد ليحرر مارد الكلمة ويحمل معه القارىء الى عوالم المعنى. لقد شدا طير الكلمة فاطرب الناسكين بمحارب المعنى، ورمى بحر الشعر بمحاره فتلقفته حوريات الربيع ليزهر لؤلؤا بين اصابعها. ما بين كلمة وبياض خرجت فرشاة الضوء تبحث عن رحيق الابداع بين رياحين القلب لتعانق مارد الشعر بين شعاب الروح وخلجان القلب، ذلك هو شعر فاطمة قيسر التي جعلت منه سبحة اناملها تتعبد بها كلما ضاق صدرها باكراهات الحياة. شاعرة تبث الامل وهي تلتقط الحكمة من ابسط الاشياء بمحيطها لتصوغها باسلوب شاعري رقيق يشد القارىء ويحمله كمنصت رهيف الاحساس الى عوالمها الروحية الخفية . وبذلك فهي جعلت من الشعر كيمياء الحياة المنشودة لتقحمنا في دائرة الضوء و بؤرة احاسيسنا الأولى النقية ، لندرك فعلا ، أننا موجودين، وأن العالم من حولنا موجود، وبأننا اكبر من مذكراتنا اليومية ، وتاريخنا الشخصي البسيط المتواضع ومن احلامنا والامنا.
الشعر لدى فاطمة هو الحياة لتدرك نسغ الحياة و الحقيقية وتتحرر من الروتبن اليومي الذي يقتل الرغبة فينا ولا نعيد تكرار الاخطاء نفسها التي تحبط الفرد وتجعله اكثر انغلاقا وانانية في التعامل مع الاخر ؛ بل يصبح الشعر لديها هو ليس الندى الذي لا يروي ظمأنا للمعرفة والجمال فقط ، بقدر مايتوهج معه أفقنا المسكون بالكوني والإنساني لنتخطى حدود اكراهات واقعنا اليومي لنسافر عبر الكلمة والمعنى الى عوالم هي ابعد من المتخيل واقوى من العواطف
ولهذه الغاية فالشاعرة من خلال قصائدها تؤكد على اننا نحن أكبر من السقوط والغواية في مسار حياتنا الحافلة بالمفاجات والاحداث الصاخبة. فهي بهذا تصف شعورا عميقا بكلمات بسيطة لكن من عيار السهل الممتنع حتى نحس باننا أكبر من الهزيمة والقبول بخساراتنا وخيباتنا المتكررة ؛ ىأكبر من المراوغة والجبن مع اعداىنا لاننا لا نغذي الضغينة بقلوبنا ، بل نحن كرسنا انفسنا لنكون لهم مدرسة تغرس القيم الراقية من تسامح وامل وحب للحياة و للاخر مهما كان شره وعظمة غروره؛ لان في نظرها الشعر الهادف والرقيق والمفعوم بالحياة هو اكبر من الخديعة و الكراهية والحقد، وكل خبث ثاو بين الاضلع.
فالشاعرة عموما حولت الألم والفقد والشوق وفقدان الام والقسوة الى باقة ياسمين كل من مسكها بين يديه تهديه عبقها وتحمله الى اريج الانسانية الراقية في بوح صادق بعيدا عن التكلف والتصنع بقالب فني بليغ ونسق فكري ذكي ومعجم لغوي رفيع المستوى يتحدى الركاكة التي تجتاح الساحة الابداعية مؤخرا.....
قراءة ممتعة والله ولي التوفيق ...

ذة خيرة جليل
  • Like
التفاعلات: نقوس المهدي

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى