جعفر الديري - أحمد التوفيق: التصوف في المغرب قديم ونادر في الشرق والغرب

كتب – جعفر الديري
قال وزير الأوقاف والشئون الاسلامية المغربي الروائي أحمد التوفيق ان تجليات ظاهرة التصوف في المغرب على المستوى الجماهيري وعلى امتداد تاريخها الطويل، يضفي عليها نسبية إيجابية، ويجعل متتبعها يستغني عن أي تعبير نظري آخر.
جاء ذلك خلال المحاضرة التي ألقاها الوزير مساء السبت 19 مارس/ آذار 2005 في مركز الشيخ ابراهيم بن محمد آل خليفة للثقافة والبحوث في المحرق، والتي كانت بعنوان "معالم من تاريخ التصوف بالمغرب".
وأضاف "ان التصوف في ذلك السياق الاجتماعي هو تصوف قديم ونادر في الشرق والغرب معا، وما تجلى فعليا وسلوكيا على امتداد زمن طويل بألوان وأدوار وتعبيرات لها قوة إقناع، لا يعارضها إلا الذين يسمحون لأنفسهم بأن يتوعدوا الأمة بسوء".
وخلال حديثه ذكر التوفيق مثالا على تلك المعارضة غير الموضوعية، إذ قال: "لقد نظمت جامعات في بولندا في نهاية أعوام التسعين ندوة حافلة تناولت أنواع المعارضة للتصوف عبر تاريخ الاسلام، ويتجلى من أعمال تلك الندوة أن تلك المعارضة استهدفت أقوال أشخاص من النخبة، ومعتقدات من طوائف اجتماعية دنيا، فهي بالتالي معارضة لا تاريخية، وهي معارضة لا فلسفية لأنها تتحرج من التأويل، في حين أن علوم القوم علوم رمز وتأويل واشعاع، وهي معارضة لا اجتماعية لأنها لا تعترف بحق الملأ العالم الذي نسميه عادة بالجماهير، في الفيض الشعوري الذي تستنكره تلك المعارضة، وهي معارضة لا إنسانية لأنها لا تؤمن بحق طلب اكتمال الانسان عن طريق الروح مكرمة في بني آدم نساء ورجالا، وهي معارضة لا سياسية، ومعارضة لا ربانية".
وأردف الحديث عن أهمية الأسلوب التربوي في التصدي لموضوع التصوف، قائلا: "ربما كان في وضع الأسئلة المتعددة في التصوف من وجهة التاريخ الاجتماعي والثقافي، الأسلوب التربوي الأنجع في مدارس البلاد الإسلامية وجامعاتها اليوم وغدا، وهو الطرح الذي يتيح نقل الكلام عن التصوف من مجال المطارحة الكلامية الفردية إلى مجال الواقع التاريخي الذي انخرطت فيه جماهير واسعة من الرجال والنساء، وفي هذا المستوى يجوز أن نقترح استعارات مقتضبة للتجربة المغربية، إذ يبدو أن ظهور أشخاص في المغرب الأقصى يمكن أن تنسب أحوالهم وأقوالهم إلى التصوف، أي إلى ما يعرف بالتوحيد الخاص، المبني على الاعتقاد بإمكان الوصول إلى إحساس أو إدراك مباشر في شكل تحل أو تلبس لبعض الأدوار أو حقائق".
وأضاف موضحا أن "هذا الظهور كان ظهورا متأخرا بالنسبة إلى أهل المشرق بل وحتى إلى الأندلس ذلك على غرار تأخر الظواهر الحضارية الأخرى ثقافية كانت أو سياسية، وقد يكون هذا التأخر فيما يهمنا هنا مرتبطا بتأخر الآثار الإنسانية الشاهدة، لا بتأخر الظاهرة الفلسفية، فقد كانت أحوال الزهد والورع غالبة على أفراد من هذه الطائفة، مما بلغتنا أخبارهم من أهل القرون الإسلامية الماضية، من دون أن يرد بصدد عدد منهم ما يجعلنا نصنفهم في عداد المتصوفة، غير أن التميز بدأ في المغرب في القرنين الخامس والسادس الهجريين، بين مجرد اعتقاد وبين الذين ارتبطت عندهم بفكرة لها علاقة بسلوك مبني على هذا التوجه الذي وصف بالتوحيد الخاص".


الثلثاء 22 مارس 2005م الموافق 25 ذي الحجة 1438هـ

تعليقات

أستاذي الرائع جعفر الديري تحية المودة والتقدير

جميلة هذه التغطية الوافية لهذا الحدث الثقافي الذي يصل اواصر الاخوة ويقلص المسافات بين شعوب المشرق والمغرب.. خاصة ان المثقف العادي لا يكاد يعرف شيئا عما يروج هنا وهناك الا بما تجود به اريحية بعض المطابع..
والبحرين بلاد المحار واللؤلؤ كما نتصورها في مخيالنا ، تنتعش فيه حركة ادبية رائدة وكان اتحاد كتاب البحرين الهيئة الوحيدة الى جانب كتاب المغرب ولبنان الذي لا يتبع لجهاز الدولة الرسمي وتمتثل لاملاءاته.. وكانت مجلة كلمات ومن بعد مجلة البحرين هما وسيلتنا الوحيدتين للاطلال على المشهد الثقافي البحريني
بخصوص التصوف بمغرب الوطن العربي فهو بديل عن النبوؤات والرسالات بالمشرق ، وهو موطن الصلحاء والابدال وأهل الكرامات والمغيثين بمقابل الانبياء واصحاب الرسالات السماوية ، ولعل اغلب الاولياء بمصر اصولهم مغربية كانوا يقصدون الحج فيستتب بهم المقام هناك ونذكر منهم المرسي ابو العباس وسيدي البدوي والامام البوصيري وغيرهم ، فكلهم هاجروا من المغرب شرقا ، عكس سيدي أحمد التيجاني الذي ابحر غربا عكس التيار .. اي من الجزائر الى المغرب هربا من العسف والظلم وقوبل هنا قبولا حسنا وانتشر ت طريقته التيجانية حتى ادغال افريقيا
بخصوص الحديث عن التصوف والمتصوفة بالمغرب فهم طرق وزوايا و طوائف متعددة يحار المرء في حصرها وتتوزع وتتنوع بحسب مناطق المغرب ، وينتعشون في ظل كرم وحماية المخزن ( الدولة) وشكلوا على مر تاريخ المغرب احدى دعائمه المتينة والاساسية وجهاز اعلامه الديني وتجمع الناس على كلمة حتى وان كانت باطلا ، لأن الحركات الدينية عموما بالوطن الاسلامي هشة المعتقد وتاريخها مشبوه ولا تتورع عن مبايعة الشيطان والتواطؤ معه ضد مصلحة البلاد وبيعها والامثلة متوفرة وعديدة سواء مع الاستعمار الاسباني في الشمال او الفرنسي في باقي البلاد حيث سخرا هذه الطرق لصالحهما.. ويستغلون في البيعة والدعوة للنظام والترويج لاية مهمة سياسية ، حيث تجدهم اول من يباركها حتى ولو كانت ضد ارادة الشعب ، لأنهم يستغنون عن اي تعبير اخر غير الدروشة والانتهازية والنفاق السياسي عبر ترديد اللطيف لدى النائبات والنهي عن المنكر ومعرفة من اين تؤكل الكتف بالرغم من ان الصوفي يجب ان يكون محايدا متجردا من السياسة .. ولعل الدول المتعاقبة على حكم المغرب منذ الادارسة مرورا بالمرابطين والموحدين والمرينيين والسعديين خرجوا جلهم من الزوايا الدينية
بخصوص الوزير أحمد التوفيق أستاذ التاريخ بالتعليم العالي فهو مثقف اصولي متمكن جدا ومحترم جدا على الساحة الادبية والثقافية ، محقق تراثي بارع ، وروائي كبير وأصيل كتب للخزانة المغربية أجمل الروايات واروعها وحقق اجمل المخطوطات ، ويعد من اهم الروائيين المغاربة .. ونتمنى ان لا تضيعه الوزارة ، حتى يتحفنا ويجود علينا باعذب الروايات كما عهدناه

تحياتي وتقديري
 
شكر ا جزيلا استاذي الفاضل على اهتمامك. الواقع ان مركز الشيخ ابراهيم بن محمد آل خليفة للثقافة والبحوث، برآسة الشيخة مي آل خليفة، درج على استضافة أسماء كبيرة ومنها الوزير الروائي أحمد التوفيق. أما عن اتحاد كتاب البحرين فالصحيح أنه أسرة الأدباء والكتاب، وهو الاسم الذي اختاره المفكر البحريني د.محمد جابر الأنصاري، حيث رأس أول مجلس ادارة للأسرة. ومن المقرر أن تحتفل الأسرة بمرور 50 عاما على إنشائها سبتمبر المقبل. مودتي
 
أعلى