مصطفى الحاج حسين - عادل إمام حرمني من حبيبتي.. ودفعني للإقدام على الإنتحار

نعم ..
يحقُّ لي مقاضاة الفنان العبقريّ "عادل إمام " .. فهو من تسبّب لي بأكبر كارثة في حياتي .. كيف لا .. وهو من تسبّب في محاولتي الإقدام على الانتحار.. فكدتُ أن أموت .. وبقي الجرح في صدري وسيبقى إلى أن أموت .
ولكي لا يبدي لي أحد دهشته واستغرابه .. وينبري لي للدفاع عن هذا الفنان العملاق .. والذي أحبّه .. لدرجة ان وقعتُ في مشكلة فظيعة .. جرّاء هذا الحبّ وهذا التعلّق وهذه المتابعة .
اقول: صبراً عليَّ .. سوف اروي لكم الحكاية .. التي لم تنتهِ عند هذا الحدّ .. بل كادت ان تتطوَّر .. لولا لطف الله .. وتكون نهايتي القتل بسببها .. وفي هذه المرة .. على يد غيري .. وهذا لا علاقة له .. بمحاولة إنتحاري .
تسبّب بإبعاد من أحبَّ عنّي، بل بحرماني منه .. ودفعني للانتحار .. وكان ممكن أن يكون سبباً لقتلي انا وفتاتي .. هذا هو "عادل إمام ".. فنان الشعب العربي .
واقسم بانّي أقول لكم الحقيقة .. فأنا لا أتّهمه ظلماً .. او عدواناً .. كيف لي أن أتّهمه .. وانا كما قلت لكم .. كنتُ احبّه .. وبقيتُ أحبّه .. ومازلت أحبّه .
كان من حقّي عليه .. وعلى الأقل .. أن يتوسّط لي .. ويعيد إليَّ حبيبتي .. لكنّه لم يعرف بقصّتي .. فهو بعيد عنّي كلّ البعد .. وإلّا لو انَّه كان يعلم .. فأنا متأكّد من أنّه لن يتخلّى عنّي .. ولسوف يقف معي .. ويصلح الخطأ .. ويساعدني .. ولكي لا يقول لي أحد منكم .. بأنّي أطلتُ عليكم بهذه المقدّمة .. ها انا ادخل ألى الموضوع مباشرة .
كنتُ في سنِّ المراهقة .. عمري بحدود الستَّ عشر سنة .. وكنتُ أحبُّ .. حباً عذرياً .. أصلاً لم يكن في زمننا ذاك .. سوى الحبّ العذري .. خاصّة في مدينتنا الصغبرة . المتزمّته .. والمتعفّنة . . والتي لا تعترف بالحبّ من اساسه .. وكان في نظر سكّانها .. كلّ من يحبّ .. أو تحبّ .. خارج عن القانون والأعراف والتقاليد والشرف .. ويستحقُ مَن يرتكب مثل هذه الحماقة الذّبح بسكّينة صدئة .
وانا في تلك الايّام .. وقعتُ في هذه الضلالة .. فقد احببتُ .. حبّاً جباناً .. في العتمة .. أي عتمة القلب والروح .. حيث لم اكن أجرؤ على البوح بحبّي لمن احبّ .. أو أتشجّع والقي نظرةً جريئة متفحّصة .. أو متامّلة على من احبّ بشكل مباشر، رغم القرابة التي تربطنا .
احببتُها .. وكانت تعرف بمدى حبّي لها من خلال اختي .. لم نتكلّم بشكل مباشر عن هذا الحبّ .. كان حبّاً صامتاً خجولاً .. مبطّناً .. غير مرئي .
وكانت تصغرني ببضعة أشهر .. وهنا كانت تكمن المشكلة .. فمن عادات أهل بلدتنا .. أن يتزوج الشاب من فتاة تصغره بسنوات عديدة .. قد تمتدُّ إلى أكثر من عشر .. لذلك تتزوج الفتاة في سنّ مبكرة .. ولهذا كانت فتاتي لا تصلح ان تكون زوجة لي . . لماذا .. لأنّ امّي وابي وجدّتي .. لا يريدون أن يزوّجوا ولدهم .. قبل أن يذهب وينهي مدة خدمة العلم الإلزامية .. وأنا صغير بعد على الزواج .. وفتاتي في سنّ الزواج .
أمّي .. وأبي .. وجدّتي .. يقولون :
- هي من عمرك .. سيكون لديها دستة أولاد .. لحين ان تتزوّج أنتَ .
ثم يسارعون للقول :
- لا تنسىَ .. أنّ لك اخ أكبر .. علينا ان نزوّجه .. قبلك .
بذلتُ جهوداً جبّارة .. لإقناع أمّي وجدّتي .. لكن دون فائدة .. إلى أن وصلتُ لمرحلة اليأس والقنوط .. وهكذا بدأتُ كتابة الشعر .. فاليأس هو من دفعني إلى كتابة الشعر .
أقول .. وبينما كنت اتخبّط .. وانا أبحث عن حلٍّ لمشكلتي .. خطر لي من بين الافكار الكثيرة .. التي راودتني .. أن أذهب إلى شعبة النفوس وأكبّر عمري ثلاث سنوات .. لكي أذهب للعسكرية على الفور .. وأختصر المسافة الزّمنيّة .. لكي احقّق مبتغايَ .. واتزوّج ممّن أحبّ . لكن هناك من نبّهني بأنّي لن أستفيد من هذه الحركة .. بل ستتزوّج حبببتي من غيري وأنا في الخدمة .
وهنا .. بدأت "سينما حلب ".. تعرض فيلماً سينمائيّاً .. للفنان" عادل إمام ".. وكان اسم هذا الفيلم .." البحث عن فضيحة " .. وكانت قصّة الفيلم . . مذهلة .. شاب يحبّ فتاة ، واهلها يرفضونه .. يتّفق الشاب مع حبيبته على إيهام اهل الفتاة .. بأنّها متورّطة بالعلاقة مع حبيبها .. لدرجة انّها حامل .. وهنا مربط الفرس .. الفضيحة .. ولقد نجحت الفكرة في الفيلم .. أعجبتُ بهذه الفكرة .. شكرتُ " عادل إمام " عليها .. فهي لم تخطر في بالي من قبل .. شاهدتُ الفيلم ثلاثَة عشر مرّة .. حينها .. قرّرت أن أقلّد ما حدث في الفيلم .. ذهبتُ ومن دون أن أنسّق مع مَن احبّ .. أصلاً لا مجال لي للاتّفاق والتخطيط معها .. ذهبتُ لعند جدّتي .. تظاهرتُ بالانزعاج .. والخوف .. والارتباك .. ولمّا سالتني :
- ما بك ؟.
أخبرتُها ... بكذبتي طبعاً .. وبأنّني في ورطة ..لقد وقعنا أنا ومن أحبّ .. في الخطأ ..
جنّ جنون جدّتي .. غضبت .. وانزعجت .. وبكت .. ودعت علينا .. وقالت :
- بُكره .. يذبحونك .. أنت ومقصوفة العمر .
ومن شدّة ما وبّختني .. أوشكتُ أن أعترف لها .. بأنّني قد كذبتُ عليها .. لكنّها سرعانَ ما قالت لي :
- إيَّاك أن تتحدّث أمام أحد .. بهذا الكلام .. اترك الأمر لي .. وأنا سأجعل والدكَ .. أن يزوّجكَ بها . وبأسرع وقتٍ ممكن .
فرحتُ .. طار عقلي .. بل جننتُ .. نعم .. لقد نجحت الفكرة .. الفضل .. كلّ الفضل يعود للعبقري " عادل إمام " .. رائع أنتَ يا "عادل " .. عظيم أنت يا" عادل " .. سأتابع أفلامك دوماً .. ساشاهد الفيلم الواحد لك .. عشرات المرّات .. واقسمتُ أنّي لو ألتقيته يوماً سانحني على يده لاقبّلها .. بفضله سأتزوّج من أحبّ .. قالت جدّتي :
_ اترك هذا الموضوع لي .
وتركته .. وأنا في غاية السعادة والسرور .
لكنَّ جدَّتي ذهبت إلى أمّ الفتاة .. صارحتها بالحقيقة .. جنّ جنون الأمّ .. لطمت على وجهها .. صاحت .. صرخت .. بكت .. مزّقت ثوبها .. خرّت مغشياً عليها .. اختنقت .. لم يعد بإمكانها التنفّس .. وحين صحت .. نادت على ابنتها .. سألتها .. حقّقت معها .. لطمتها .. ضربتها .. شدّتها من شعرها .. مزّقت لها وجهها .
وكانت الفتاة مصدومة .. مندهشة .. مستغربة .. لا تعرف كيف تدافع عن نفسها .. فقد بكت .. وأنكرت .. وأقسمت لامّها .. وأكّدت بأنّها لا تزال عذراء .. مثلها .. مثل " مريم العذراء " .
وطلبت منها أمّها .. أن تقدم على الانتحار .. تداركاً للفضيحة .. ولكي لا يبتلي بها احد من العائلة .
أخذتها الأمّ إلى الدّاية .. القابلة .. الدكتورة .. والكلّ يؤكّد أنّ الفتاة .. عذراء .. طاهرة .
وانتشر الخبر .. بين النّسوة القريبات .. حتّى بلغ الخبر .. آذانَ الجدّة .. جدّة الفتاة .
ولذلك .. عندما سارع اهلي .. ليطلبوا لي يدها .. رفضتني الجدّة بشدّة .. وقالت : - يجب على حفيدتها أن تتزوّج من رجل غريب .. حتّى لا يقولَ أحد ممّن سمع بهذه القصّة .. هذا إن تزوّجتها أنا .. بأني ما تزوّجتها .. إلّا لأستر عليها .
وهكذا أفقدني .. " عادل إمام " .. من أحبّ ...
ولهذا تجدونني أنا ميتاً .. منذ أكثر من أربعين سنة .

مصطفى الحاج حسين .
إسطنبول

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى