صابر رشدي - فستان سهرة.. قصة قصيرة

عندما فضت عنها الثوب الأنيق، لتقوم بإعادته إلى الدولاب، شعرت حينها بالفقد، وبأن شيئا ما قد فارقها. ارتبكت قليلا، لكنها حاولت اختلاس بعض الوقت في هدأة مريحة، بعيدا عن ضجيج الحفل الصاخب الذي عادت منه لتوها، قلقة ومنزعجة بلا سبب.
ربما غفوة قصيرة، تستعيد معها توازنها. فكرت.
في نعاسها الحالم، الذي بدأ ممتدا ولا نهائيا، بادئا من نقطة الخلق، سمعت مونولوجات متجاورة، دفاعات صاخبة عن خطايا لم ترتكب بعد، استمعت إلى نص تراثي، ورأت خواء عظيما، استيقظت بعده ونظرت إلى ساعتها، وجدت أنه لم تمر دقائق على بدء استسلامها للنوم، لكنها كانت مزدحمة بأحلام تكفي لسنوات. يعيش المرء بعدها بوعي كوني مبني على الرؤى. كان الدولاب يهتز، حدقت إليه، تناهى إلى أذنيها خبطات يد رقيقة تصدر من داخله، من الضلفة التي وضعت خلفها الثوب. قامت بفتحها، فوجدت إمرأة فاتنة تقف بكامل أنوثتها، ترتدي الثوب ذاته، لكنها تشعر بالخجل.
- آسفة.
قالت بشىء من التردد قبل أن تواصل:
- هذا فستاني!
نظرت إليها بعينين على كامل اتساعها.
- كيف حضرت إلى هنا؟
- جئت أسترد ثوبي.
- إنه ملكي، لقد اشترته بالأمس لحضور الحفل.
- أعرف ذلك.
قالت. ثم وصفت لها المتجر، واخبرتها عن المبلغ الذي دفعته. فعلت ذلك وهي تخطو خارج الدولاب، ثم وضعت في كفها مبلغا مماثلا للذي دفعته قائلة:
- لا تحزني.
نهرتها بحدة وهى مفعمة بتوترات محمومة:
- أريد فستاني، لا أريد النقود.
- يكفيك ارتداؤه ليلة واحدة.
قالت بهدوء، ثم أضافت قبل أن تختفي عن ناظريها:
- أنت الآن لست أنت!

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى