محمد حمودان - عيد الأضحى في فرنسا: ذبح يقابله ذبح. البعض يذبح الخرفان والبعض الآخر يذبح ذابحي الخرفان

عيد الأضحى في فرنسا: ذبح يقابله ذبح. البعض يذبح الخرفان والبعض الآخر يذبح ذابحي الخرفان. فتجري وديان من الدم لتتشابك فيما بينها ويحدث طوفان هائل


في كل سنة، مع حلول عيد الأضحى، تشحذ السكاكين في فرنسا ومعها الألسن؛ ذبح يقابله ذبح. البعض يذبح الخرفان والبعض الآخر يذبح ذابحي الخرفان. فتجري وديان من الدم لتتشابك فيما بينها ويحدث طوفان هائل، لم يعرف له لا القرآن ولا التوراة ولا أساطير السومريين مثيلا. إنها حقا ملحمة رهيبة ورائعة، أبطالها الخرفان (النيوزيلندية غالبا)، “مسلمو فرنسا”، جمعيات الرفق بالحيوان وأطياف عديدة من الطبقة السياسية والأنتلجنسيا الفرنسية.

لكن لنعترف! فللذبح هذه السنة نكهة خاصة، أكثر تراجيدية من السنوات السابقة. فمقاتلو الخليفة الحاكم بأمر الله مولانا أبوبكر البغدادي استبقوا العيد ونحروا، في إخراج هوليودي متقن، على المذبح الجيوسياسي “خرفانا” آدمية، قربانا لإله عابر للقارات، نافذ في وول ستريت كما في مكة. ألم يقل فولتير أن للجميع نفس الديانة عندما يتعلق الأمر بالمال؟

“تتم في هذا اليوم، كما تكتب الصحفية ميراي فاليت، دعوة الفتيان في البلدان الإسلامية لتعلم أو لتدشين فن الذبح هذا لأنه وفقا للتقاليد، فرب الأسرة هو من يقوم بقتل الكبش. إلا أن هناك علاقة لا سبيل للشك فيها بين هذا التعلم وتطبيقه على الكفار والمرتدين من طرف الذباحين الجهاديين… في مجتمعاتنا، وعلى رأسها فرنسا، تغني هذه الطريقة في القتل أطياف الجريمة.” تكبير! يا لها من عبقرية!

وبينما تكرس مثل هذه الخطابات السطحية والطافحة، عمدا ومع سبق الإصرار، بالكراهية الصورة النمطية للعرب والمسلمين لدى فئة واسعة من الفرنسيين، تتزايد وتنتعش استثمارات آل ثاني في باريس، يستمر معدل البطالة في النمو، سهم اليمين المتطرف في الارتفاع، و تقرع كؤوس الشمبانيا الملطخة بدماء الإنسانية في الأوتيلات الفخمة، وسط الحوريات والولدان المخلدون، احتفالا بصفقات السلاح وبالقتل الممنهج والذكي.

ذات عام، قرر الحسن الثاني أن يمتنع المغاربة عن الذبح. لم يرضخ والدي لتوجيهات الملك حتى لا نقول لأوامره فنحر كبش العيد، لا على السطح كما العادة، بل في الشارع العام في تحد صارخ لتعليمات جلالته. شخصيا، لم أتبع أبدا هذه السنة لكنني كدت، في محاكاة لأبي، أن أشتري خروفا هذا العام وأذبحه نكاية في العالم برمته، في الخليفة ومجاهديه، في الوهابيين، في السلفية الجهادية والسلفية العالمة، في النخبة السياسية الفرنسية، من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين، في المثقفين الإنسانويين، عرب وغربيون، في برنار هنري ليفي، في بريجيت باردو، في مارين لوبان وعبد الوهاب مؤدب.



من صفحة الكاتب على الفيسبوك

محمد حمودان - باريس
goud 647 محمد حمودان كود باريس

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى