أنا بوولر - المستقبلية الايطالية والفاشية.. ترجمة : د. رمضان الصباغ

ظهرت المستقبلية الايطالية فى العقد الأول من القرن العشرين كحركة ذات مغزى تاريخى وسياسى . بقيادة المتعهد ومروج الدعاية ( الداعية ) والشاعر ف. ت. " مارينيتى "، وقد افتتحت المستقبلية الهجوم المعاصر على الوضع المستقل بذاته للفن فى المجتمع البورجوازى الحديث ، ونبذ التقاليد والتركيز على الابتكار الشكلى الذى من شأنه تمييز الحركات الحداثية لعقود تالية . وكما قال ريناتو بوتزالى : " تنتمى اللحظة المستقبلية الى الطليعة وليس لمن أطلق اسمها فحسب ".
وقد اصبحت الانتماءا ت والانشطة السيا سية المحددة للمستقبلية معروفة جيدا الآن . فى البيان التأسيسى للمستقبلية عام 1909 دعم مارينيتى مجد الحرب " الحرب الوحيدة النظيفة فى العالم " باعتباره اعلانا عن أزمة وشيكة من شأنها أن تكشف عن الأساس الجذرى للنظام العالمى الاجتماعى والجمالى الجديد .وقد أعلن مارينيتى بأن الفن المستقبللى بمثابة أداة تحريض داعمة للقيم الجديدة للسرعة والتدمير والعنف الضرورى لعصر جديد من العظمة الوطنية الايطالية .
مروجوا الدعاية والنشطاء المفعمون بالحيوية من أجل دخول ايطاليا فى الحرب العالمية الأولى ، وأعضا الحركة المستقبلية شكلوا مجموعة من متطوعى المستقبلية الى الجبهة حيث أصيب وقتل العديد ، كما تفاخر بذلك " مارينيتى " نفسه فى احيان كثيرة فى عام 1919 . لم يقد " مارينيتى " مجموعة من الجسورين لحرق مكتب صحيفة ميلانو الاشتراكية الطليعية Milanese Socialist newspaper Avanti فحسب ، بل وظهر بوصفه عضوا فى اللجنة المركزية جنبا الى جنب مع " موسولينى "وعلى القائمة الأولى للمرشحين الفاشيين . وفى عام 1929 قبل " مارينيتى " التعيين فى منصب مرموق فى الاكاديمية الايطالية من " موسولينى " .
تقدم هذه الدراسة حجتين محددتين وموضوع أساسى عام .
أولا ، ظهرت المستقبلية فى عام 1909 كحركة ذات أهداف ثقافية وسياسية وطنية فى منعطف تاريخى حاسم الى جانب وفى اتصال مباشر مع صعود الفاشية الايطالية . وكانت لحظة نشأة المستقبلية بالنسبة ل "مارينيتى " متعلفة بشكل حاسم بالأزمة الاجتماعية والسياسية الكبرى فى ايطاليا .
منذ البداية وجدت المستقبلية تجسيدها المثالى فى قيم الحملة القومية للحرب والدمار التى كانت تدشن صعود ايطاليا كقوة عالمية ، والابادة العنيفة للماضى ، والجمالية الكاملة للسياسة والحياة اليومية .
ثانيا ، المشروع المستقبلى لخلق نظام اجتماعى جديد من خلال توجيه الفن الى السياسة كان مقدرا له الفشل منذ البداية بسبب التزام الحركة دون قصد على وجه التحديد بضرورات جمالية فى برنامجها . وبعبارة اخرى كانت الصراعات الحاسمة بين الحركة المستقبلية والنظام الفاشى الوليد مستمدة من التباينات بين الابعاد الجمالية والسياسية للمشروع المستقبلى بما فى ذلك الاهداف السياسية الخاصة المحددة فى البيانات المستقبلية التى لا يمكن أن تجد التحقيق المنهجى والدائم فى أعمال فعلية .
لأنه اذا كانت المبادىء الجمالية المفصحة عن لغة العنف القومى والتدمير المنسجمة صراحة مع أسس صعود الفاشية الايطالية للسلطة ، الا أن الرؤية - على وجه التحديد - الجمالية المستقبلية للسياسة لم تستطع المساعدة ، بل كانت مخيبة للأمل من خلال الدور الحتمى للنظام الناشىء نحو الروتينية والحلول الوسطية .
واخيرا تحاول هذه الدراسة اعادة صياغة العلاقة بين الفن والسياسة باعتبارها الارث المركزى للحداثة الجمالية ومهمة التحليل الثقافى فى علم اجتماع الثقافة بشكل عام . وبالتالى ، يبتعد تحليلى عن غالبية العمل فى علم اجتماع الثقافة من خلال وضع استقلالية الفن والثقافة فى المجتمع الحديث فى المركز منه . واجادل ضد كل نماذج الانتاج الثقافى التى تنظر الى العمل الجمالى باعتباره نتاجا أيديولوجيا للبنيتين الاجتماعية والاقتصادية والعمل الآخر لسوسيولوجا الثقافة الذى يحاول تفسير الجمالى حصريا من خلال منظور وظيفة الفن ، والدور الاجتماعى للفنان ، او باعتبا ره يتغير وفقا للعوامل الاجتماعية .
وبالأحرى تتخذ مقالتى من الدور الحديث للدراسات الثقافية البريطانية مفهوم الثقافة على أنه وضع للاحتجاج او النضال من خلال المعانى والمحاولات لاظهار أن الأشكال والممارسات الثقافية لعبت دورا تأسيسيا فى بناء العوالم الاجتماعية أيضا . وهكذا يبدأ منهجى فى فهم الفن والثقافة باعتبارهما مجالين متصلين بشكل دائم مع – وليس قابلا للاختزال الى – عوامل اقتصادية ووأيديولوجية أو سياسية .
بالأحرى يحاول هذا التحليل استجلاء الصلات الحاسمة والانفصالات بين الأشكال الثقافية وأنماط التمثيل بالتشابك المسيطر للعلاقات الاجتماعية من أجل فهم الشبكة المعقدة من المؤسسات والعمليات والنقاشات فى البناء الاجتماعى للمعنى . وهو بالضبط المشروع الذى يشكل النص الضمنى للجدل المثار حاليا حول الحداثة ، ووضع تفسير ثقافى له بشكل عام ، وبالتالى وضع العلاقة بين الفن والسياسة فى صميم التحليل الثقافى المعاصر .
استقبال المستقبلية الآن
يظهر مما سبق تداخل وانفصام الفن والسياسة فى الحركة المستقبلية دون شك . فالمستقبلية ، بتعبير " بورجر " ، لاتسعى الى الى مجرد نفى الأشكال الجمالية التقليدية للماضى ، بل تسعى بالأحرى الى اعادة توجيه الفن الى التطبيق العملى الثورى الجديد الذى من شأنه تحويل النسيج التنظيمى للحياة اليومية . ومع ذلك حاول التقويم التاريخى للفن وضع السياسة باستمرار بين قوسين لصالح دور الابتكارات الجمالية المستقبلية فى نهج تال للطليعة الحداثية .
وقد تناول مؤرخو الفن – بشكل أساسى – علاقة المستقبلية بالفاشية من خلال استراتيجيتين مترابطتين متباينتين . أول هاتين الاستراتيجيتين ، فى تقاليد علم الجمال بشكل عام ، قد تم تجاهل القضية من خلال الافتراض الضمنى عن الانفصال المطلق للفن عن السياسة . وبالتالى فقد حذر " جوشو تايلور " –فى دراسة هامة له عن المعرض الكبير للتصوير والنحت المستقبلى المفام فى متحف الفن الحديث فى عام 1961 – المشاهد بأن طبيعة الاند فاع المستقبلى فى السياسة .. لاينبغى أن تؤثر على تقويم الانجازات فى الفن .
وفى الآونة الأخيرة ، فى عام 1986 فى المجلد المصاحب للمعرض البارز للأعمال المستقبلية فى قصر جراسى Palazzo Grassi فى فينيسيا ، فى المقالات الافتتاحية التى كتبها الأمين والمنظم " بونتوس هولتن Pontus Hulten ، تم حذف أى تعليق عن دور المستقبليين الايطاليين فى الاحداث السيا سية لصالح خلق نطاق عالمى للابتكارات المستقبلية وتأثيرها فى تاريخ الفن الحديث.
كانت الاستراتيجية التاية لفصل مغزى الابعاد السياسية للمستقبلية عن طريق عزلها الى وقت لاحق ، لمرحلة جمالية أقل أهمية للحركة . أمين المتحف " أمبرو أبولونيوس" ومحرر مجموعة هامة من البيانات المستقبلية ، يشد د على ضرورة القراءة المتأنية لتلك الوثائق المستقبلية " التى تظهر الحداثة الحقيقية فى حبن يتم تجاهل التطورات السلبية " بافتراض انتمائها الى الحركة فى مرحلة لاحقة بعد مرحلة ميلانو .
تنشأ هذه المشكلة – بشكل حاسم – حتى فى أكثر المعالجات المعاصرة للمستقبلية ، بما فى ذلك الدراسات التفكيكية الموثرة على خلاف ماقدمه " مارجورى بيرلوف Marjorie Perloff s عن اللحظة المستقبلية . فقد حدد " بيرلوف " فى تقرير غير متوقع عن المستقبلية وعلاقتها بالفاشية – حدد صراحة – الانتماءات السياسية للحركة المستقبلية وأنشطتها الى مرحلة ما بعد عام 1920 .
يطرح علم الاجتماع ، فى المقابل ، مجموعة مختلفة من المشكلات لتحليل المستقبلية بشكل حاسم ، وكانت المسا همة الهامة لعلم الاجتماع فى دراسة الثقافة والفنون تبرهن على ضرورة النظر للعمل الفنى ، ودور الفنان فى السياقات الاجتماعية والسياسية والأيديولوجية والتاريخية على وجه التحديد . بينما فى احيان كثيرة ، تهتم التحليلات بالبناء الايديولوجى للأعمال الفنية ، والدور الاجتماعى للفنان باعتباره صانع الذوق ودراسة البنية الطبقية لاتفاق الجمهور الناتج عن المفاهيم الميكانيكية للعلاقة بين الاشكال الثقافية والعمليات الاجتماعية .
لأن البعد الجمالى ظل دون دون د راسة ج دية فى سوسيولوجيا الثقافة ، فقد اتجهت الدراسات المستقبلية الى الاضطلاع الكامل بالعلاقة الاشكالية بين الحركة المستقبلية والفاشية . على نحو آخر كان التحليل الممتا ز ل " اميل أستررايكر Emil Oestereicher s " للخلفية الثقافية للفاشية الايطالية والدور الذى لعبه ممثلوا المستقبلية فى حملات الدعاية القومية المبكرة – على سبيل المثال – كان لايمكن اعتباره ليس لاستمرار أهمية المستقبلية فى تاريخ الفن الحديث ، ولا الصراعات التى نشأت حتى قبل الحرب بين المشروع الجمالى للمستقبليين والاولويات السياسية للنظام الفاشى الناشىء .
تميل الدراسات الفنية التاريخية التقليد ية الى تجاهل مسألة السياسة فى المشروع المستقبلى ، ويجب ان يكون علماء الاجتماع حذرين بشأن التحليلات المبالغة التى تفترض توافقا محكما بين الفاشية والمستقبلية . كما ذكر " مابل بيرزين Mabel Berezin "، " وفى كثير من الاحيان عندما نتحدث عن النظام الفاشى فان المحللين الاجتماعيين يأخذون خطاب النظام بظاهره ، ويفترضون أن كل المشاريع الثقافية التى أطلق عليها اسم الفاشية تبرعمت ونمت باكامل فى راس " موسولينى " .
المستقبلية وجمالية الحياة اليومية
" فى بلد نا كانت الطبقة الرائدة غير حاضرة ، ولا تعيش ..كان من الضروري الاعتراف بالطيف العبقرى فى الوقت المناسب للعنف المتسم بالشرف . " – موسولينى : (سيرتى الذاتية )
ظهرت المستقبلية الايطالية فى عام 1909 بنشر " البيان التأسيسى للمستقبلية " من قبل " مارينيتى " فى الجريدة الباريسية واسعة الانتشار ( لى فيجارو Le Figaro ) . على الرغم من أن البيان – مثل كل الكتابات المستقبلية – اعلن أن الحركة الوليدة هى قطع دراماتيكى مع الماضى ، فوضعت المستقبلية نفسها فى مركزالتيارات الفلسفية والثقافية والسياسية فى ايطاليا خلال تلك الفترة .
وكان من بين أهم هذه الموضوعات ماتبقى من المشروع غير المكتمل للاحيا ء ( او الوحدة )- ربزوجيمنتو Risorgimento ، الذى فشل قبل عام 1870 لانشاء وحدة ايطالية حقيقية تاركا ايطاليا منقسمة داخليا على أسس سياسية واقتصادية . وهكذا عندما شرعت البلاد فى برنامجها للتطوير الصناعى فى عام 1896 بمساعدة من رأس المال الاستثمارى الخارجى ، فان ارث ( الاحياء أو الوحدة ) المتميز ، ليس بطموحه االثورى لتوحيد ايطاليا فحسب ، بل وبالخطاب القومى القوى على أساس فهم الذات الايطالية باعتبارها كيانا اقتصاديا وثقاقفيا أدنى ، على العكس من الدول الاوروبية الأكثر تطورا ، بدأت فى اكتساب أهمية اضافية .
" مارينيتى " – هو نجل محام ( بيمونتى ) ثرى ورجل أعمال – حقق سمعة طيبة فى الاوسا ط الفنية فى باريس التى انتقل اليها فى الفترة من ( 1893- 1896 ) كمؤلف لامع وخطيب متمرس فى القاء الشعر الحر الذى تم تقديمه من قبل " الفريد جارى" ، من بين آخرين . وقد برهن " جارى " على تأثيره مرة أخرى بعد شهرين من نشر البيان المستقبلى الأول عندما استندت المسرحية الأولى ل " مارينيتى " – "روى بومبانس –الملك بومبانس Roi Bombance - تقريبا على مسرحية ل"جارى " سيئة السمعة Ubu Roi – الملك روى " التى أثارت أعمال شغب فى مسرح دى اوفيرى فى عام 1896 – وظهرت على نفس المسرح .
مثل سابقتها ، قدمت مسرحية " مارينيتى " –روى بومبانس –الهجاء الفوضوى واللاذع للثورة والسياسة ، حيث اندفع البطل الأحمق الى الانتحار من خلال الاعتراف بأن الحياة قد شيدت مثل الجهاز الهضمى ، وليست أكثر من صراع بين آكل ومأ كول . والأهم من ذلك اشارة المسرحية الى بداية خيبة أمل "مارينيتى " مع مختلف برامج اليسار ، والسخرية من شخصيات مثل " توراتى " زعيم الحزب الاشتراكى الايطالى حينئذ ، والنقابى " أرتور لابريولا " . واعتمادا على الطريقة التى استخدامها للحكم على الأداء المستقبلى فيما بعد ، اعتبر " مارينيتى " أن المسرحية قد نجحت عندما أثارت سلسلة من الهيجا نا ت والاحتجاجات من قبل الجمهور .
قد م "تأسيس المستقبلية وبيانها " العديد من الموضوعات والسمات الرئيسية مما يمكن أن يصبح برنامجا جماليا وسياسيا . فى المقام الأول من هذه الامور عرض البيان الأول على الملأ المطالب الملحة وبالغة الأهمية ، واعدا بنكبات وشيكة للأزمة التى تزعزع المجتمع الايطالى من جذوره ، ويدشن –وفقا لرأى " مارينيتى " اندلاع الاضطرابات والعنف اللازم للاطاحة بكل المثل والمؤسسات الثقافية الايطالية التى عفا عليها الزمن ، والماضى المحتضر .
احتضن " مارينيتى" – من البداية – دور الطليعة . ففى فقرة تجسد كلا من الاحساس بأسطرة الذات فى مغامرة بطولية والخلط بين الاستعارات الطبيعية والعسكرية التى تشبع الاسلوب البلاغى المستقبلى ، كتب " مارينيتى " :
" كان الاجلال معززا لنا ، لأننا شعرنا بأنفسنا منفردين فى تلك الساعة ، وحدنا متيقظين وعلى أقدامنا مثل منارات باعثة على الفخر ، أو مثل حراس متقدمين ضد جيش معاد يبدأ ساطعا فى الأسفل بالنسبة لنا من معسكراته العلوية ."
مثل عدد متزايد من كتاب آخرين ومثقفين وفنانين ، خلال هذه الفترة ، حد د " مارينيتى " عنوانه فى الجماهير الحضرية الجديدة غير المتبلورة فى انتظار دعوة الزعيم الوطنى الى العمل . يعكس هذا التركيز على الاستقبال الشعبى – فى السياق الايطالى – خلال هذه الفترة – لكتابات نيتشه الذى شدد على اهمية ليس العمل البطولى فحسب بل الحاجة الى زعيم وطنى قوى يقود ايطاليا لتصبح قوة عالمية . علاوة على ذلك ، كان ابراز مذهب العنف السياسى المطروح من قبل " سوريل Sorel " والمعادين للفلسفة الوضعية للعمل المباشر المقدم من قبل العديد من النظريات الاناركية ( الفوضوية ) التى لعبت دورا بارزا فى المجالات الفرنسية والايطالية منذ مطلع القرن العشرين .
اعتمادا على اساليب النصح المفعمة بالغرور المميزة لكل البيانات المستقبلية المتتابعة على مدى عشرين عاما ، وصوت المؤلف للدعاية ، كانت السلطة المباشرة ، والبطل القاسى الذى يتمثل دوره فى تفعيل الحضور الجماهيرى نحو مصيره الخاص غير المتحقق . عدة سنوات والنحات والمصور المستقبلى " بوتشونىBoccioni " يفصح عن الدافع المعادى للديمقراطية بشكل مباشر :
"تأكيدات عديدة مع الرهبة بأن الجمهور نادرا مايخطىء فى حكمه . هذه الفكرة كاذبة تماما . هذا الاحساس المتزايد بالجماعية قد ولد الوحش الجديد ، الجمهور ، فالفنان مشلول من الخوف والتفكير فى الحاجة لمواجهة هذا التنين . هذه الحالة الذهنية جاءت نتيجة للديمقراطية .ويجب علينا أن نفعل شيئا للتصدى لهذا المعتقد . فالجمهور – فى الواقع – هو الوحش القبيح ، لكنه يبحث بشكل غريزى عن مرشد ، وعن زعيم ، للسيطرة على السلطة ".
كدعوة الى العمل ، يأخذ البيان الشكل الفورى للتنصل العنيف من الماضى . ويتم اطلاق الهجوم فى نفس الوقت فى تعبيرات ثقافية وقومية على نطاق واسع . وعلى وجه التحديد ، خلقت المستقبلية جدلا متضاربا من الحملة العنيفة التى بدأها الكتاب والنقاد فى الدوريات مثل : ( لاشربا ، ولافوس ، وليوناردو ) لانقاذ الثقافة الايطالية من الخنوع لذكرى روما الكلاسيكية والاعتماد على التأثيرات الخارجية الثقافية بالاضافة الى التأثيرات الاقتصادية .
نشرت ( ليوناردو ) فى الفترة مابين 1903 و 1907 دفاعا عن الافكار الجديدة للحرية الابداعية ، وارادة الفرد ، والديناميكية العالمية المعممة من قبل الكتابات الفلسفية ل " برجسون " . والأكثر أهمية من ذلك ، أنها – أى ليوناردو – استحوذت على وعى جديد بالزمن الذى عبر عنه " برجسون " والمستمد من خبرة الحركة ، والتسا رع ( العجلة – أى الزيادة المطردة للسرعة وفق نظام معين ) والديمومة التى تميز الحياة اليومية فى عالم التطور الاقتصادى والصناعى السريع .
بالمثل قدمت ( لافوس ) فى عام 1908 هجمات - على شكل سلسلة من المقالات - على التيار المحافظ والراضى عن النفس من المثقفين الايطاليين فى مواجهة الوضع الايطالى باعتباره نكوصا للوراء ، فى حين أن المقاطعات وسط أوروبا الغربية أكثر تقدما .
فى الواقع ، كان التجمع القومى حول الشاعر والداعية ( المروج اللدعاية ) " اندريكو كورادينى Enrico Corradini " الذى شكل فيما بعد أساسا ل " شعاع العمل الثورى " لموسولينى فى عام 1914 ، وأقام الايدويولوجيا السياسية فى اطار حجة " باسكولى " التى ترى أن مكان الثورة يكمن ليس فى الصراع بين طبقتى البروليتاريا والبورجوازية ، بل بالأ حرى بين الدول البروليتارية والدول البورجوازية .
وهكذا فى حين قدمت الى أيطاليا أحدث الاتجاهات من باريس مثل التقسيمية مابعد الانطباعية (التنقيطية ) والتجارب الجمالية التكعيبية الجديدة ، وبحماس أكثر ، التصوير والأدب الرمزى ، والأدباء الشبان مثل " سوفيسى Soffici " ( الذى انفصل مع " بابينى Papini " عن (لافوس ) عام 1912 ليؤسسا لاشيبربا ) وقد انطلقت بسرعة للدفاع عن هؤلاء الفنانين الاصليين مثل النحات " ميدرادو رسو Medrado Ross " هذا المتألق والأصيل وقد قال "سوفيسى " انه تم تجاهله باستمرار والاستخفاف به باعتباره مجرد تقليد للنسخة الانطباعية الفرنسية . وكانت – أى لافوس - فى المنتديات مثل لاشيربا التى أصبحت فيما بعد الاداة الرسمية للدعاية المستقبلية ، وقد ظهر الطلب المتزايد للثقافة الايطالية القوية والحديثة بشكل خاص .
بالنسبة ل " مارينيتى " يعنى هذا المشروع اعادة صياغة اهداف الثقافة الوطنية خارج ذكرى أمجاد الماضى لايطاليا القديمة التى ألقت بظلالها على انجازات لاحقة وحتى وقتنا الحاضر . فى رفضه لنموذج العصور الفديمة ، تسترد المستقبلية جانبا أساسيا من جوانب الرومانتيكية فى النضال من أجل حقبة تاريخية جديدة ضد العصور والمذاهب الدوجماطيقية الكلاسيكية المهيمنة .
مثل الرومانتيكية ، تكرر المستقبلية التصريح الشهير ل " رامبو " " يجب أن تكون الحداثة تامة " .ولكن فى حين ظلت الرومانتيكية تاريخية بشكل عميق ، محددة نموذ جا لعصرها الجديد فى الحنين المثالى للعصور الوسطى ، فان المستقبلية – على العكس من ذلك – حاولت تدمير التاريخ تماما بتجريد جديد ، ومشروع لانهائى للمستقبل ، حيث تمثل المستقبلية نوعا جديدا .
بالتفاؤل بالتغيرات فى الثقافة الاوروبية الحادثة من قبل التصوير المستقبلى والحرب بعد عدة سنوات ، حبما زعم " بوتشونى " وكتب : " الايطاليون المستقبليون البادئون الوحيدون لهذه التحولات فى الحساسية الاوروبية بشكل كامل " .
التاريخ والتقاليد – كما أعلن البيان الأول - ، هما لاشىء أقل من الامراض التى تصيب الجسم الايطالى ويجب استئصالها بعنف . والقناة القديمة التى تتمتم " صلاة واهية " يمكن ان تسمع المرء " صرير عظام القصور المريضة فوق " لحاهم الخضراء الرطبة " . وكتب " مارينيتى " المتاحف " مقابر " والمجازر العبثية للمصورين والنحاتين ينهك بعضها بعضا بشراسة ، ولابد أن تمحى المناظر الطبيعية جنبا الى جنب مع رائحة الغرغرينا الكريهة للاساتذة والشيشرونيين والآثاريين .
بالنسبة للتمسك بالتقاليد ، لقد تعلمنا من " مارينيتى " اعتبار أن مجموعة الممارسات المتجذرة فى قيم الذاكرة والتأمل ، والاغتباط الرومانتيكى بالطبيعة والجمال ، تحاصر جسد ايطاليا بعلامات الفارق الزمنى التى تتطلب من العالم الحديث بألا يلغيها فحسب بل تتطلب ابادة الماضى . كما كتب " مارينيتى " أيضا : " نحن سوف نمجد الحرب الوحيدة النظيفة فى العالم –العسكرية والوطنية والفئة المدمرة من مقدمى الحرية ، والافكار الجميلة التى تستحق الموت من اجلها ، وازدراء المرأة .
يصف " هابرماس " هذا التزامن الجديد للحداثة الجمابة التى تم التعبير عنها بالطليعة :
" تتميزالحداثة الجمالية بالمواقف التى يوجد فيها التركيز المشترك بتغيير الوعى بالزمن . ويعرب وعى الزمن عن نفسه من خلال رموز الطليعة والطليعيين . ..ولكن هؤلاء يمضون قدما فى البحث ، تحسبا لمستقبل غير محد د وعبادة جديدة ، وهذا يعنى الاغتباط فى الوقت الحاضر . والقيم الجديدة توضع بشكل عابر ، بعيدة المنال وسريعة الزوال ، والاحتفاء بالديناميكية يفصح عن الشوق الى الد نس ، وطهارة الحاضر واستقراره" .
بالنسبة ل " مارينيتى " ، ضرورة تدمير الماضى هى فى نفس الوقت اعلان عن نهاية فصل الفن عن الحياة ، باستثناء النضال . كما كتب " مارينيتى " ، " لا وجود للمزيد من الجمال " . مثل القومية العنيفة التى شكلت السمة الأسا سية للمستقبلية منذ البداية ، كانت الدعوة الى اتحاد الفن بالحياة أيضا ، ( دعوة تقدمية هامة بالنسبة لمارينيتى ) .
كان الأكثر نفوذا من هؤلاء وكانا يمكن أن يعدا من الشخصيات السيئة السمعة ، الشاعر والمسرحى والسياسى الايطالى " جابريل د أنونزيو " والفرنسى " جارى " . قفد قدم" د أنونزيو " " مارينتى " مع النموذج الأولى للفنان القومى المحارب ، فى حين أظهر " جارى " أهمية المسرح كأ داة تحريضية وساحة حاسمة لتدمير الحدود بين الفنان والجمهور .
وكان مفهوم " مارينيتى " لتوحيد الفن والحياة – مع ذلك – لم يستنفذ من خلال الأمثلة عن شخصيات أخرى . فى النهاية ظل" د أنونزيو " بالنسبة ل " مارينيتى " ، مرتبطا بقوة مع النزعة التقليدية الايطالية " عبادة الماضى " فى حين أن البعد السياسى لعمل " جارى " ظل على مستوى المحاكاة الساخرة ، وبالتالى خارج نطاق العمل السياسى المباشر . بالاحرى أصبحت الجمالية – بالنسبة لمارينيتى – الاساس الذى لاتقوم عليه مؤسسة مستقلة للفن ، بل صار من الممكن تجريد كل جوانب المجتمع من الماضى الثقيل ، والتحول بشكل جذرى .
الهجوم المستقبلى على المؤسسة المستقلة للفن يبدأ بوصفه الانسحاب من التصور الرومانتيكى للجمال . لاتعنى الرومانتيكية بالنسبة للمستقبليين سوى نوع من الفن المتسم بالكآبة المتناقضة للماضى ، بل وميتا فيزيقا جمالية باعتبارها عالما ترانسندنتاليا من الشئون الدنيوية للحياة اليومية . هذه الروح الرومانتيكية ، من المذهب التقليدى الايطالى لاتشكل أساس الوباء الايطالى فحسب بالحنين للماضى من وجهة نظر المستقبليين ، بل والاهم من ذلك ، ان حالة الجمود والعجز فى مواجهة الاجراءات اللازمة للكشف عن مصير واضح للامة. وقد وصف " مارينيتى " فى " أخلاق الدين الجديد " خصائص هذه الروح :
" الاعتقال والنشوة والعشق الثابت للعقبات ، والحنين الى مايبدو فعلا ، اضفاء المثالية على الارهاق والراحة والتشاؤم على مالم يستكشف . والرومانتيكية الفاسدة للهمجى ، والشاعر المتجول ، والشعر الطويل ، والفيلسوف القذر بنظرته الأحادية ."
الجمال الرومانتيكى ، بالنسبة للمستفبلى ، لا يعنى مجرد فن مرتبط بعبادة الماضى ، بل ان علاقته بالحياة تتميز بالركود والبعد عن ما يحمل عهدا جديدا من العظمة الايطالية المرتقبة دائما . وهكذا فليس الشكل الفنى الذى يعد محلا للسؤال هنا بل ووظيفتها فى الحياة أيضا .
رفض مفهوم الرومانتيكية للجمال بالنسبة للمستقبليين يعنى رفض الفن والأدب العالق بتقاليد الحب والعاطفة ، والشوق الكئيب الذى أحد ثته العاطفة الرومانتيكية . وهنا يكشف المشروع المستقبلى نفسه بتحيزه بعمق للذكورة . ولذلك ليس الجسد فحسب فى النظرية المستقبلية بل – على وجه التحديد –الجسد الأنثوى الذى يشكل مشهد الانحطاط والفوضى التى تصيب الثقافة الايطالية . والأهم من ذلك ، انه من خلال الاستعا رات المتحيزة لنوع اجتماعى على وجه التحديد للانحطاط والفساد ، جعلت المستقبلية جسد الأنثى الايطالية موضعا لكل التلوث المادى والمعنوى .
وسط تظاهرات أخرى ناضل المستقبلى فى وقت مبكر من أجل تمرد جذرى وتدخل نشط فى الحرب ، واعتداء الجماهير فى يوم الأحد بعد الظهر فى فينيسيا فى ربيع عام 1910 يقدم مثالا ممتازا عن البناء المستقبلى لوضع الثقافة الايطالية فى هذه الفترة . لقد نشر البيان الأول ل " مارينيتى " فى العام الماضى – عام 1909 – فى الصحيفة الرئيسية للعاصمة الثقافية للعالم مكفولة باجراء ذى مغزى من السلطة فى عيون الجمهور الايطالى عموما ، وبشكل مؤثر ، اعرب جيل من الفنانين والكتاب الشبان عن نفس بوادر عدم الرضا عن تخلف وريفية التقاليد الثقافية الايطالية .
من بين الأنصار الأوائل ل " مارينيتى " الذين رافقوه الى فينيسيا كان المصورون " امبرتو بوتشونى " و" لويجى روسولو " و " كارلو كارا " . كان للهجوم على فينيسيا أهمية خاصة بالنسبة ل " مارينيتى " والمستقبليين الآخرين ، أكثر من أهمية أى مدينة أخرى ، هذا " الاحساس الموجع الرائع من الماضى " المكون من " القنوات التى تفوح منها رائحة عفنة " و" المجذوم والقصور المتداعية " كانت تقف كرمز” للتقاليد والحب Passatimo and Amory “ التى تهدد بتدمير الأمة الايطالية .
من برج مجموعة مستقبليي " سان مارك " بدأوا الصراخ بصوت عا ل ، ورشقوا الجماهير بازدراء بمئات الالاف من الكتيبا ت ، ونسخ البيان المعادى ل " فينيسيا " التى أذاع " مارينيتى " مضمونها بصياح من خلال الميكروفون . ووسط تيار جارف من السبا ب، قرأ : " كفى ! اوقفوا الهمس بالدعوات الفا حشة ( البذيئة ) لكل عابر . اوه فينيسيا قوادة النساء القديمة ، يامن تحت وشاحك الفيسفسائى الكثيف ، لازلت بشغف تعدين الليالى الرومانتيكية المنهكة ، واللحن الغرامى الحزين ، ونصب الأكمنة المروعة " .
لقد كان فى تعبيرات متطابقة حرفيا أن كتب المستقبليون فى نفس الفترة عن هذا المشهد الانثوى للانحطاط باعتبار ايطا ليا محاصرة " بعدد غير محدود من المتاحف مثل العديد من المقابر "التى يترأسها " النقاد ، هؤلاء القوادون الراضون عن أنفسهم " . " مارينيتى " الذى كان فى وقت مبكر بشأن اتها مه الحركة النسا ئية كجزء من المستقبلية " بازدراء النساء " ، فى وقت لاحق غير موقفه لأسبا ب متطابقة بالضبط مع الآراء المذكورة هنا .
فى " ضد الحب و الحياة البرلمانية " كتب : " .. أفضل الحلفاء لدينا الحركة المطا لبة بحق اقتراع ( تصويت ) المرأة لأنه أكثر الحقوق والنفوذ التى تفوز بها المرأة ، والأكثر انه سوف يتم حرمانها من الحب Amory ، وأكثر من هذا بكثير أنها سوف تتوقف عن أن تكون نقطة جذب للعاطفة الوجدانية أو الشهوة " .
وهكذا ابتدعت المستقبلية من الروح الرومانتيكية مشهد الجسد الملوث ماديا وأخلاقيا الذى يطالب بالعمل بموجبه . تكمن مهمة المستقبلية بالنسبة ل" مارينيتى " فى تحرير بطل الثقافة الايطالية من كل ما يقوم به الجسد الأنثوى .. على مايبدو أن الاندماج بين فكرتى المرأة والجمال غير قابل للتحدى ، حيث اختزلت الرومانتيكية الى نوع من الهجوم البطولى المواجه من قبل المولع بالقتال والذكر الغنائى ضد الحصن الذى وقف مع الأعداء المتجمعين حول الجمال الالهى للمرأة .
يبرز المستقبلى – فى الواقع – بوصفه لا شىء أقل من الجندى المحارب الذى ينتصر من خلال الانتهاك الحرفى لهذا الجسد .فى " دعونا نقتل اللغو " كتب "مارينيتى " مايلى:
" راقبنى وأنا اغتنم العصا وانزلق بسلاسة الى الاسفل ، مستقرا بشكل رائع وألمس الأرض حيث يحتدم القتال ساخنا ! .. انظر الى المضاجعة الجنونية للحرب ، اثارة الفرج الضخم من خلال احتكاك الشجاعة ، والفرج عد يم الشكل ينبسط لتقديم نفسه للتشنج الرائع للنصر النهائى ، هذا النصر لنا ."
انتصار الفنان المستقبلى هو – علاوة على ذلك – انتصار الأمة الايطا لية بأكملها ، تدمير فن الماضى متزامن مع تدشين الفن الجديد الذى يشارك مباشرة ويقلب كل بعد عن الحياة . أعطى " مارينيتى " هذا الدور الجد يد للفنان على نطاق واسع بمصطلحا ت عا لمية : " لكل شخص سأمه وخيبة أمله . الفنان لايذعن . فورا سوف تتفجر عبقريته ورودا ها ئلة للقوة الفنية المبهجة بأنحاء ايطاليا والعا لم ، مطهرة ومقرة للسلام .
فى تناقض حاد ، فى انتظار الحظر المستقبلى ، يكمن مشهد الجسد للوطن الايطالى الوشيك . " فيما وراء الشيوعية " عشية ماتصوره " مارينيتى " انتصارا وشيكا وحتميا على حد سواء لكل من المثل المستقبلية والفاشية ، كتب :
" فى توسعها الدائرى ، وقلب الانسان يصل فى النهاية الى أقصى حدود الوطن حيث يشعر بضربا ت قلبه زملاؤه المواطنون كما لو كانت الأعصاب خارج الجسم .. فالوطن هو اعظم امتداد للفرد ، او افضل امتداد له . والقدرة الفردية والدفاع عن كل جزء من جسده ( اى الوطن ) ".
وهكذا كان الهجوم المستقبلى النوعى ضد الأنثى وعلى مفهوم الرومانتيكية فى الفن أمرا بالغ الاهمية ، لأنه بمثابة هجوم على الفصل بين الفن والحياة بافتراض حالة لواجب أخلاقى عام لم تنقذ المستقبلية ايطايا من التراث الثقافى والجمالى الخاص ، بل قبضت أيضا على التقايد المريضة والمنحطة التى كشفت فى نهاية المطاف عن الهوية الحقيقية للامة الايطالية . على وجه التحديد ليس المستقبلى المتحرر الجرىء مشغولا بارادة الانسان الكامنة تحت عبء التقاليد الأنثوية وذاكرة الماضى، والعاطفة الخانقة وما تبقى من التحقيق الصحيح للذات . وقد كتب " مارينيتى " : " ان انكار الوطن يعد مثل العزل والاخصاء ، والارتداد وتشويه السمعة أو قتل نفسك . "
تتولى المستقبلية تدمير المؤسسة المستقلة للفن فى المجتمع الحديث والاعلان عن فن جديد من شأ نه الانخراط بصورة مباشرة لتوفير الأسا س المعبارى والمادى للتطبيق العملى الثورى الجديد فى الحياة اليومية . كما أعلن " مارينيتى " " الفن ثورة" . ويفصح فى اطار الأهداف الثقافية القومية عن التطلع ليس لمجرد ايطاليا القوية بل لايطاليا الحديثة ، والمشروع المستقبلى لاعادة توجيه الفن فى الحباة يظهر على وجه التحديد فى تعبيرات تكنولوجية .
يحاول المستقبلى ابداع التطبيق العملى الجد يد للحياة من الأسا س فى الفن المنظم لنفسه وفقا لقيم الغا ئية التكنولوجية الجديدة . بشكل أسا سى كان الطريق نحو التطور الصناعى السريع الذى بدأ فى ايطاليا فى عام 1896محط أمل المستقبليين لتحقيق القومية الايطا لية والأهداف التوسعية . ليست التكنولوحيا أداة محايدة أخلاقيا – بالنسبة للمستقبليين – فى قيم واستخداما ت المشروعات الاجتماعية ، بل تحتوى بالأحرى على مجموعتها الخاصة من القيم المتجسدة فى داخلها ؛ السرعة والتدمير والاضطراب الوحشى أو العنف . كم كتب " مارينيتى " فى البيان الأول :
" نحن نقف على راس القرون الأخيرة .. لماذا ينبغى النظر الى الوراء فى حين أن مانريده هو تحطيم الأبواب الغامضة للمستحيل .لقد مات الزمن والفضاء أمس . ونحن نعيش فى المطلق بشكل فعلى ، لأننا أبدعنا الأبدية والسرعة كلية الوجود .كما لاحظت" روزا كلوف Rosa Clough " فان الجماليات الجديدة للسرعة تشكل الأسا س الانطولوجى الذى تحاول من خلاله المستقبلية تدمير الماضى وتلقى بنفسها فى مستقبل لا نهاية له . ثورة المستقبلى تعنى مسار التقدم اللانهائى الذى لن يدمر الكثير من الماضى بمعنى جمالية الأطلال أو الحطام التى بزغت – فيما بعد – فى مذهب الدادا ، بل بالأحرى تعمل على المحو الكامل للتاريخ الى " النسيان الصحى " .
تشكل جما لية السرعة أسا سا للاخلاق المستقبلية الجديدة . سوف تدفع الأخلاق المستقبلية الانسان بعيدا عن الانحطاط الناجم عن البطء عن طريق الذاكرة ، وعن طريق التحليل ، ومن خلال الاسترخاء والعادة . الطاقة الانسا نية تتضاعف مئات المرات عن طريق السرعة والسيطرة على الزمان والمكان . وهكذا كحتمية أخلاقية ، فان السرعة التى من خصا ئصها الأولية ؛ الفعل والقوة والعنف ،وان تدمير الماضى يكشف الارادة الانسا نية الجديدة ومن تحقيق الذات يظهر نظام عالمى جديد .
يجب على المرء الاضهاد والتعذيب والتنكيل بكل الذين يرتكبون خطيئة ضد السرعة ؛ هذا ماكتبه " مارينيتى " . وبما ان الخاصية الناشئة عن الجماليات الجديدة ، وفى نفس الوقت تحويل السرعة ذلك الدمار الى اسا س للنظام الجديد للجما ل، ولذا ليس من المسنغرب أن ذروتها تكمن فى صراعات الحرب . " وقد لاحظت فى المدفعية كيف كانت ساطعة ، والرحلة العدوانية للطيران المسدد للقذائف الصاروخية ، حمراء ملتهبة فى ضوء الشمس والتعجيل بالنار يجعل مشهد الابادة والاجساد البشرية الميتة جدير بالاهمال الى حد ما .
من خلال القيم المتأصلة فى السرعة والابتكار التكنولوجى ، يتم التعبير رمزيا عن المثل الأعلى للجمال الميكانيكى الجديد ، وتحاول المستقبلية ابداع الفن المنخرط فى الحياة بشكل مباشر . العناصر المكونة للنظرية المستقبلية للجمال الميكانيكى ، فى ( الانسان المتضاعف وسيطرة الآلة ) ل " مارينيتى " ، كانت اول تعبير فى بيان 1909 باعتبار الاثارة الجديدة للميكنة تتركز على السيارات .
كان صوت السيارات – على وجه التحديد – يعلن ميلاد عصر جديد . وعلاوة على ذلك فان " التشبيق "- فعل الاثارة للآلة – يسمح للمستقبلى بتجاوز مفهوم رومانتيكية المرأة والجمال لصالح فن جديد سوف يعمل على تغيير بنية الحياة الحديثة . ما بدأ باعتباره محاولة لاعادة صياغة علاقة الانسان بالتكنولوجيا أخذ هنا الشكل العام لاضفاء السمة الجماية على التكنولوجيا والطاقة والموت التى تتخلل الخطاب المستقبلى .:
"ذهبنا الى تذمر الوحوش الثلاثة ، لنضع الأيدى العاشقة على أثديتها المتقدة . انا ممدد بسيارتى مثل جثة فى نعش ، ولكننى أحييت فورا تحت عجلة القيادة ، وشفرة المقصلة تهدد بطنى " .
لا تقتصر فكرة الجمال الميكانيكى لدى المستفبلى على اعادة تصور الجمال القائم على التكنولوجيا الجديدة ، بل على محاولة اعادة ابداع الطبيعة ، والطبيعة الانسانية كما كانت عبر جماليا ت السرعة . وهكذا يتخيل " مارينيتى " المسارات المتعرجة ، والطرق التى تتبع كسل الرياح على طول الاشواك اولنتوءات المتضخمة بشكل متفاوت للجبال ، والمتحولة عن طريق السرعة الى احدى خصا ئص الالوهية : " الخط المستقيم " . باعادة الصياغة بمصطلحا ت أنثربولوجية ، يتوقع " مارينيتى " تطابقا حتميا بين الانسان والمحرك ( الموتور ) وفقا ل :
" .. خلق نوع غير البشرية التى بمعاناتها الاخلاقية وطيبة القلب والمودة والمحبة ، تلك السموم المدمرة الوحيدة للطاقة الحيوية التى لاتنضب ، والمقاطعون الوحيدون للكهرباء الجسد ية القوية، سوف يتم التخلص منهم .
هذا هو البعد الجمالى المستقبلى ، ووضع المبدأ الجمالى للجمال الميكانيكى فى مصطلحات أنثربولوجية ، وقد قد م كلاهما بلورة للاراء السياسية ل " مارينيتى " بشكل عام وتملقه ل " موسولينى " على وجه الخصوص . بل والأهم أيضا ، أن العنصر التأ سيسى –اضفاء السمة الجمالية على السياسة – للمشروع المستقبلى السرمدى يربط الحركة بالبنية التحتية المادية والايديولوجية الفاشية . ويمكن أن ينظر الى ذروة اضفاء السمة الجما لية المستقبلية على السياسة ربما بوضوح أكثر فى " بورتريه لموسولينى " الذى كتبه " مارينيتى " عام 1929 .
فى كتاباته السا بقة عن جما ليا ت السرعة والجمال الميكانيكى الجديد ميز " مارينيتى " التحول المستقبلى للطبيعة الانسانية فى الصيغة التا لية : هذا الوجود غير البشرى والميكانيكى المبنى من أجل سرعة كلية الوجود ، سيكون قاسيا بشكل طبيعى ، وكلى العلم ، ومولع بالقتال . با لنسبة ل " مارينيتى " والمجموعة المستقبلية الذين قاموا بحملة نشطة وكافحوا من أجل تدخل ايطا ليا فى الحرب – فى وقت لاحق – وايصال موسولينى للسلطة وحركة تشكيلات القتال ، وقد مثل الديكتاتور الانتصار النهائى للثورة المستقبلية الفاشية والتى تصورها " مارينيتى " فى ظل الاتجاه الجديد " بروليتاريا العباقرة " ، وكادر النخبة من فنانى المستقبلية ومثقفيها .
لأنه اذا كان التركيز المستقبلى على العنف البطولى والدمار الكارثى المستمد بقدرما من الفلسفا ت الاناركية للعمل المباشر مثل كتا با ت " سوريل " ، المرحبة بالحرب والدعوة الى زعيم وطنى قوى جديد يشير الى نهاية حاسمة لانتماءات وتعاطفات المستقبليين المبكرة للاشتراكية الليبرالية أو الاناركية . وفى هذا السياق قد وسم " مارينيتى " – فيما بعد – " موسولينى " بصفة التجسيد التاريخى للجديد :
" الوطنية الفلسفية ، لأنه جسديا قد تم بنيانه ايطا ليا . وصمم بأيد ملهمة ووحشية ، مؤطرة ومنحوتة من الصخور من جزيرتنا الجبارة "
اضفاء السمة الجماية على القوة والعنف من قبل " مارينيتى " على شخصية " موسولينى " يحمل رمزا غريبا للدلالات الطبيعية والعسكرتارية والتكنولوجية التى تميز الجمالية الفاشية على العموم . فقد أصبحت القومية أساسا للنظام الجديد للمعايير الطبيعية الزائفة للنقاء ، المنقوش على جسد " موسولينى " للتراث غير المذموم . الارادة الجديدة للقوة التى تعبر عن الأهداف الشخصية والسيا سية ل " موسولينى " تعبر رمزيا بالنسبة ل " مارينيتى " عن الاحتفال بالهيمنة والعنف الذين بثتهما الجمالية المستقبلية منذ بدايتها .
الاعتقاد بالمصطلحا ت الطبيعية على أنها القضاء على الفساد والمرض بمشهد الجسد المصاب لايطا ليا ، وتغلب المنتصرين على الطبيعة من خلال القوة الغاشمة فى صورة الجمال الميكانيكى الجديد ، وتعريف المستقبلية نفسها فى لغة فاشية : النظافة ( الصحة ) وعبادة اللاعقلانية وأبهة السلطة .
يعيد بورتريه " موسولينى " تأ كيد الهاجس المستقبلى بالقوة الغاشمة .، وفعل الاثارة للهيمنة والرضوخ ، وهنا يبدو اند ماج الطابع الاناركى للمستقبلية من جديد فى الأسطرة الجديدة للزعيم كما يتجلى فى بناء " مارينيتى " للشخص الطبيعى " موسولينى " . وعلى الرغم من الهيمنة العامة لجدلية الهوس اللاعقلاتية بالسيطرة والخضوع وسط موجة من العنف المتغلغل لكل الخطاب المستقبلى تقريبا ، فان انبهار " مارينيتى " بالهيئة الجسدية للديكتاتور ينم على الاستيعاب الخاص للرائد المستقبلى للخطاب الجديد المبالغ فيه او المتكلف .
" انحنى على مكتبه بالمرفقين الكبيرين ، ذراعاه كانا فى حالة تأهب مثل رافعتين ، وهوينذر بالانتقال المفاجىء عبر أوراقه باى مزعج أو عدو . ارجوحة من الجذع رشيقة من اليمين الى اليسار ومن اليسار الى اليمين ، والى تهوين الأشياء التا فهة . ارتفاع فى الكلام ، وانحناء الى الامام برأسه المستبد مثل قذيفة مربعة ، ومجموعة كاملة من البارود الجيد ، وارادة ثلاثية للدولة .. ومشيئته تشق الجموع مثل قارب سريع مضاد للغواصات ، ومثل الطوربيد المتفجر " .
وبالتا لى اذا كانت بيانا ت المستقبلية انما تدل على أن اضفاء السمة الجما لية على السيا سة عموما ، وعلى السيا سة الفاشية على وجه التحديد ، قد شكلت جزءا لا يتجزأ من المشروع المستقبلى منذ البداية ، وكان الانجاز المما ثل فى الاعمال الجمالية اكثر صعوبة عند الحكم عليه . فى الواقع ، كانت د راسة المشروعا ت الجما لية للحركة تظهر الانفصال بين الأهداف المعلنة للمستقبليين والتجسيد الاجمالى الظاهر تقريبا .
حجتى هى انه فى حين كانت الحركة المستقبلية سيا سية بشكل واضح منذ بدايتها ، فان المشروع المستقبلى لابداع الفن الذى سوف يعطى الشكل للنظام الاجتماعى الجديد لايمكن فى النهاية أن ينجح بسبب عدم قدرة المستقبليين أن يدرجوا ضمنها رؤيتهم الجما لية فى اطار ضرورات نظام سيا سى ملموس .
انتاج واستقبال الأعمال الفنية :
فى رسالة من " مارينيتى " الى " سيفرينى " فى عام 1914 : " ما نحتاجه ليس التعاون المباشر فحسب فى روعة اندلاع الحرب هذه ، بل التعبير التشكيلى أيضا عن هذه اللحظة المستقبلية ..حاول أن تعيش الحرب تصويريا ، ودراستها فى جميع الأشكال الميكانيكية المدهشة . كما كتب " تيسدال "و " بوزوللا" عن نشر البيان الأول من قبل " مارينيتى " فى الواقع – اقترحت المجموعة التى لم تكن موجودة نشر البيان فى الفيجارو، كان المقصود منه جذب الانتماء من مساندين ذوى جرأة فى كل مجال .
وبعد اجتذاب أنظار المهتمين فى باريس مع القائه للشعر الحر ونشر الشعر ، كان نشر البيان الأول على نطاق واسع فى باريس يوميا يتم فى اطار محسوب لجعل " مارينيتى " شخصية عسيرة على الاقالة من قبل الأدب الايطالى الحالى والاوساط الفنية الايطالية . من بين أول من انضموا الى المشروع المستقبلى الوليد كان المصورون الذين شكلوا كا د ر فينيسيا لمارتينى الى جانب " جياكومو بالا " و " جيننو سيفيرينى ".
لقد وجد التصوير المستقبلى الهامه المباشر فى المصادر الفطرية والفرنسية . ومن منتصف القرن التاسع عشر كانت مجموعة المصورين " الميكاوليين الفلورنسيين " قد قامت بكسر التقاليد الاكاديمية الكلاسيكية بالاضافة الى الكتا با ت الجدلية الداعية الى فن حديث حقيقى غير معاق بالقيود الشكلية الماضية . والأكثر أهمية كان توليد التقسيميين الايطاليين ما بعد اللانطباعيين – او التنقيطيين مثل " بريفيا تى " و " بلليتزا دا فولبيدو " اللذين كانت لهما لوحات مستقبلية مبكرة والتى يدين اليها لوحات " بوتشونى " و " كارا " المستقبلية خاصة بالنسب للايحات الرمزية ، والانبهار بتحليل الضوء ، والموضوعا ت المعاصرة فى الحياة الحضرية . .
فى الحقيقة كان هؤلاء المصورون محل سخرية من النقاد باعتبارهم يقلدون نظراءهم من الفرنسيين " جورج سورا "و " بول سينياك " بالاضافة الى أهميتهما بالنسبة للمستقبليين الشبان . وعلى غرار ذلك كان التجاهل النقدى للنحات الايطالى " ميدرادو رسو " - فى منعطف القرن – والذى استمد منه الذوق المستقبلى للأشكال النحتية الكثيفة والصلبة .
وكان تأثير التكعيبية التحليلية واضحا خصوصا فى اللوحا ت القماشية – كما لاحظ " تايلور " – وكثيرا ما كانت تعتبر المستقبلية من قبل النقاد نوعا من نسخة على عجل من الابتكارات الشكلية التكعيبية ، مختلفة فحسب فى تحقيق هدفها لتمثيل الحركة ، وهو هدف أدرك على نحو أفضل فى الصور المتحركة . وتعد قضية الحركة احدى القضايا – فى الواقع – التى غالبا ما تناقش فى التصوير المستقبلى .
" تايلور " فى انتقا ده للتفسير السائد للنهج المستقبلى للحركة باعتبارها حقيقة موضوعية ليتم تصويرها وتحليلها الى العناصر المكونة لها، ويحاول اعادة أساس المشكلة باعتبارها جما ليا ت التعبير الشخصى مماثلة ل ( الجسر ،أو مجموعات الفارس الأزرق ( . فى الواقع ، لا يمكن اعتبار هذا الموقف صحيحا بشكل كلى . بل بالاحرى قد احتضنت الجمالية المستقبلية – على حد سواء – الابعاد التمثيلية للحركة باعتبارها أسا سا لفلسفة الحياة التى وجدت هدفها فى الميتافيزيقا الجديدة للسرعة .
لقد سعى – كما هو الحال فى استراتيجيته الرسمية – التصوير المستقبلى ، لتحطيم الحدود بين الفنان والجمهور بابداع أعمال تدمج الفن بالحياة وتشكل أسا سا لنظام اجتماعى جديد . فى عام 1910 خدم اثنان من البيا نا ت الصادرة مجموعة من اللوحا ت كأول توضيح منهجى لفكرة المستقبليين لاستخدام النوذج باعتباره وسيلة لانتاج الفن المتصل بالحياة حقا والذى يحطم الحواجز بين العمل الفنى والجمهور ، وتحويل الصيغ التقليدية للتلقى ، وادخال المشاهد فى العالم الحديث ، العا لم المستقبلى على وجه التحديد . كما كتب المصورون الخمسة ( البيان التكنيكى لعام 1910 ) :
" يجب علينا أن نشير الى أن ما يعاد انتاجه على قماش اللوحة ألا يكون لحظة ثابتة فى الديناميكية الكونية . يجب ان يكون مجرد الاحسا س الديناميكى بحد ذاته .. وسوف نضع من الآن فصاعدا المشاهد فى مركز الصورة "
المركزى لكل وجه من وجوه النظرية الجما لية المستقبلية يكمن فى مفهوم التزامن . الكامن وراء هذا المصطلح ، أن أول استخدام له كان من قبل " ابولينير " لوصف اسوب التصوير الاورفى ل " روبرت ديلوناى " ، وفكرة أن الفن – مثل أى لحظة من لحظا ت الحياة الحديثة – يحتمل أن يكون لانهائيا ، ودائما يكون تغيير العديد من الاحداث والضوضاء والاجراءات والاحا سيس من ذوى الخبرة بالتناغم .
يكمن مفهوم التزامن – فى الواقع – وراء اختراع " روسلو " لللغط أو موسيقى الضجيج التى يستخدم فيها المصور والموسيقى المستقبلى سلسلة كبيرة من الأدوات اليدوية المعقدة لكى ينتج الجمال الجديد المتنافر المزعج للسمع من الآ لات الحديثة والحياة الحضرية : من محركات الطائرة ، وصفارات الانذار وغيرها . أدى التزامن فى اللوحة المستقبلية الى محاولة لتصوير الحركا ت الكثيرة والأحاسيس والمشاهد التى تشكل الحياة الحديثة .
يمكن النظر الى الجوانب الهامة لمفهوم التزامن ، كما رآها " ابو لينير " فى انجازات التكعيبية التحليلية . مما أصبح لها أهمية خاصة بالنسبة للمستقبليين – ومع ذلك – كانت قوة الخط : بمثابة التمثيل الحركى للموضوعا ت فى تسلسل مسارت الحركة الحقيقية او المحتملة ، فالماضى والمستقبل يشار اليهما بالخط كقوة مكانية وزمانية . وسط هذا التمثيل التصويرى للخط كحركة يأتى بعد ذلك التوسع فى استيعا ب الموضوعا ت فى المحيط المكانى ليس فقط فى التفاعل بين الموضوع والشخصية وبيئتها ، بل – كما لاحظ "تايلور" – " التأثير على أشكال الحركة الفعلية فى الفضاء ، حيث أن حركة الادراك لدينا تغير شكل الموضوع تماما بقدر فعل الضوء " .
وهذا تصبح الحركة ، أوالسرعة ( حتى لو لم تكن محسوسة للعين ) المحدد الاجما لى للجوهر الحقيقى للموضوع . ومع ذلك – كما لاحظ " تايلور " بشكل صحيح – ان خبرة الحركة عوضا عن الجوهر الحقيقى للموضوع الذى يجذب انتباهنا يكون التوجه باستمرار من خلال فرشاة المستقبلى . كما كتب المصورون فى عام 1910 :
" أحسادنا تخترق الأرائك التى نجلس عليها ، والأرائك تخترق أجسادنا . وتندفع الحافلة الى المنازل التى تمر بها ، وبدورها تقذف المنازل أنفسها الى الحافلة ويتم مزجها بها " .
من البداية ظهرت مجموعة من المصورين المستقبليين مع تغير ذى مغزى للاختلاف ا لأسلوبى . فى المجموعة الأولى التى ظهرت فى عام 1911 ، قدم " بوتشونى " و " كارا " فقط الديل على تحقيق الطموح للأهداف المستقبلية على لوحا ت القماش . لوحة " بوتشونى ( الشغب فى جاليريا ) و ( الغارة ) ، كلتاهما كانتا تصوران مشاهد العنف المحموم والاضطراب فى أطر مألوفة للمشاهدين المشاركين فى التحريض الموالى للتدخل الحكومى فى شئون الدول الأخرى .
وربما كان التصوير الحى ل " كارا " لشعب ميلانو فى عام 1904 لما حدث خلال فترة الاضطرابا ت العا مة ، و ( جنازة الأناركى " جالى " ) التى كانت أقرب الى محاولة المستقبلى اضفاء السمة الجمالية على الاثار التجريبية للسرعة واعطاء المشاهد الاحسا س بكونه وسط مشاجرة الدمار مباشرة .
وبشكل عام ، جاء التصوير المستقبلي لصيقا بالاهداف الدعا ئية فى السنوات المبكرة والتى سبقت الحرب مباشرة وخلال فترة الحرب أيضا ، حتى عندما كانت الجذور الشكلية للمصورين الأفراد تكعيبية وتقسيمية ( تنقيطية ) ، أضافوا مفهوم التزامن الى الموضوعا ت الصريحة عن الحرب والاضطرابا ت والعنف . واللوحات القماشية مثل ( اللوحة التصويرية – المجمعة ) ل " بوتشونى " فى عام 1915 " صولة أو تسديدة الرماح " ، وعمل " سيفيرينى " " القطار المدرع " ، وقد ظلتا هاتين اللوحتين من أكثر الأعمال اثارة للقلق بالحركة المستقبلية
بالاضافة الى ذلك كتب " بوتشونى " قصائد وطنية فى حين أبدع "كارا " لوحة الحرب Guerra pittura," ) – اللوحة التصويرية التى تضمنت عبارات مثل ( يحيا الجيش ) . وكانت هذه الفترة أيضا التى حقق فيها المصورون أعظم شهرة على الصعيد الدولى كحركة وتأثير – على سبيل المثال – مجموعة فنانى الحب البريطاتيين التى شملت. ر. و, نيفينسون " ورابطة المصورين الروس الذين تبنوا بعض الخصا ئص الاسلوبية بالاضافة الى اسم ( المستقبليين) بين عامى 1912 و 1915 ، ومعارض اللوحا ت المستقبلية المنظمة فى نيويورك وميونيخ وباريس وبرلين وامستردام ، وخلال ذلك الوقت كانت كلمة " مستقبلية " فى حد ذاتها تطلق على الفن الطليعى .
ومع ذلك – بحلول نهاية الحرب عاد " سيفيرين " الى اسلوب التنقيطيين - الانقساميين – المستوحى الى حد كبير من العمل ، فى حين أن " روسلو " استمر لاظهار التأثير القوى للرمزية . أما " بوتشونى " و " كارا " المتنا فسان فقد وجدا نفسيهما فى صراع من أجل اعتراف الجمهور ، وبدأ كل منهما الابتعاد عن الرؤية الجما لية المستقبلية قبل نهاية الحرب ، وأظهر " بوتشونى " اهتماما مجد دا بالابحاث الشكلية لبناء الفن التصويرى عند " سيزان " و " كارا " المستوحاة من تطورات التكعيبية التركيبية .
كان اضفاء السمة الجماليةالمستقبلية على الحرب والعنف ربما كان اد راكه للنجاح أكثر فى العمل النحتى الشهير ل "بوتشونى "ا فى عام 1913 " نماذج فريدة للاستمرارية فى الفضاء " . كان الذوق المستقبلى هنا فيما يتعلق بالكثيف والصلب والأشكال النحتية الضخمة ، مستمدا من تأثير " روسو " ومرتبطا بالصياغة المعدنية للسرعة والقوة فى صورة مقنعة ومثيرة للعواطف لجندى محارب عد يم الشفقة التى كثيرا ماتفاخرت بها البيا نا ت المستقبلية .
وقد نجح " بوتشونى " فى نقل الاحسا س بالسرعة والحركة والقوة الغاشمة من خلال سلسلة العضلات المنبسطة التى تنحرف خارج الجسد ، والمنقبضة فى نقاط حادة بحيث يستطيع المشاهد غالبا تخيل انزلاق ارتفا عا ت مذهلة فى الهواء اللطيف . بريق شفاف ومتوهج من البرونز المصقول المشكل فى صورة عضلات صلبة يضيف الى هالة العمل أعمال عنف وشيكة وقوة تشبه الآلة .
بانتصلب التمثال فى كتل ثقيلة من المعدن فى ما يشبه السا قين الشبقين يبدوالذوبن تقريبا ، ومحارب " بوتشونى " يظهر باعتباره السوبرمان المستقبلى البارع ، مازجا الاحسا س بسرعة الصفير مع الاتسام بالمبا لغة والفخامة . ينظر الى الأما م، وجه اوقناع التمثال يشكل ضخامة ، وغضب يبدوبفظاظة ، وبينما يمكن رؤيته من أحد الجوانب أشبه بخوذة مصارع ، يشير من الجانب الآخر الى قلنسوة توحى بعدم كشف الهوية للعدو الذى يهاجم فى الليل فقط .
كما هو معروض ، فارس مرتفع على ركيزة مربعة بيضاء ، والحجم الصغير الفعلى للتمثال يأتى بمثابة صدمة . ومع ذلك قد يكون التجسيد التشكيلى الأكثر كمالا واضفاء الصنمية والفخامة والبدائية مما يصعب تخيله .
بخلاف التماثيل المصاحبة ل " أشكال فريدة من نوعها " أبدع " بوتشونى " خلال هذه الفترة نفسها ، محاولات اخرى لتطبيق المبادىء المستقبلية فى التشكيل النحتى أقل نجاحا . والكثير من الأعمال مثل اعمال "جياكومو بالا " ، يليها مسار التجميع الذى بدأه " بابلو بيكاسو " و " جورج براك " ، أو بطريقة أخرى اضاءة غنائية من خط رفيع وفضاء مفتوح بالكاد يتطابق مع اضفاء الجما لية على السرعة والعنف التى يتمسك بها البيان المستقبلى . وأعمال أخرى مثل سلسلة التماثيل النصفية التى قدمها " بوتشونى " ، التى تميل نحو الكتل داكنة اللون والثقيلة من الحجر والمعا د ن متأثرة ب " روسو " .
كان التركيز المستقبلى على صياغة التزامن والحركة من خلال النموذج المعد لذلك أيضا الأساس لنظرية " مارينيتى " فى الشعر والأدب . فقد أصدر " مارينيتى " فى عام 1914 البيان الذى أرسى المشروع المستقبلى لابداع شكل أدبى جديد من شأنه تجسيد جمال واثارة العا لم الصناعى الحديث :
" ليس هناك مايعد أكثر جمالا من أزيز محطة كهرباء مركزية ضخمة تحمل الضغط الهيدروليكى من سلسلة الجبال ، والطاقة الكهربا ئية للأفق الواسع ، المؤلفة فى لوحا ت التوزيع الرخامية المنتصبة بالأوجه ولوحات المفاتيح ، ومفاتيح التحويل المشرقة . هذه اللوحا ت هى نما ذجنا الوحيدة للروعة الهندسية التى نريد تحقيقها فى الشعر بالكلما ت فى حرية " .
كلما ت فى حرية تعنى ل " مارينيتى " الالغاء والتحطيم الكامل للهيا كل الخا نقة للاشكال النحوية التقليدية وتركيبا لجملة واشكال السرد كعقبا ت أما م التجسيد الجما لي للتزامن والسرعة . وهكذا يشير " مارينيتى " الى أهمية صيغة المصدر للتعبير عن الحركة دون عوائق بارتباطها بالشخص او مكبر الصوت الموحد . بالمثل دعا " مارينيتى " الى استخدام الابتكارات التكنولوجية فى مجال الطباعة لزيادة القوة التعبيرية للكلما ت أو العبارات من خلال تصميم طباعى واملائى ( هجائى ) .
والغاء علاما ت الترقيم الى جانب استخدام رموز المحاكاة الصوتية والرياضية فى مكا ن عبارات او كلمات الربط ، وليس تحطيم منظور التصوير الفوتوغرافى فحسب بل توفير عناصر الصدمة والمفاجأة التى من شأنها تنبيه القارىء الى البنى الاجتماعية والجما لية الجديدة للمعنى والوهية السرعة .
وحدها الابتكارات الشعرية ل " مارينيتى " الصعبة التفسير باعتبارها متطابقة مع – او مؤسسة ل –الجمالية الفاشية أو النظام الفاشى . فى الواقع تنسجم – الابتكارات الشعرية –بنيويا مع التطورات الشكلية التى حدثت فى الأدب فى جميع أنحاء أوروبا فى الفترة الأخيرة . مع ذلك ، تماما كما كان من المهم تماما التركيز الجديد على نموذج انتاج الكلما ت فى حرية كانت الطريقة التى يلقى بها " مارينيتى " الشعر، ومن ثم ، مثل الحركا ت الطليعية التا لية ، اتركز على الأداء بشكل حاسم .
وقد اعترف " مارينيتى " بوضوح بأهمية المسرح الايطالى ، فقد حطم مفهوم التزامن العقبا ت الشكلية للجما ليا ت التفليدية وقدم نظرية جديدة للفن ، لم تكن مرتبطة بالحياة المتصورة فحسب، بل فى الحقيقة كانت تسعى الى تحطيم الحدود بين الفنان والجمهور .
الأ داء :
كتب البيان الرسمى للمسرح الاصطناعى المستقبلى فى أوائل عام 1915 ، معلنا أن الهدف الصريح نفسه لالهام ايطا ليا الروح المولعة بالحرب ، حيث يعتقد " مارينيتى " بأن المسرح بصفة خاصة ملائم تماما . وقد ألف " مارينيتى " نظرية المسرح الاصطناعى بالتعاون مع الكاتبين المستقبليين " اميايو سيتيميللى " و " برونو كارا " ، وكان فى ذلك ، " وهذا باختصار شديد ، للتكثيف فى بضع دقا ئق وفى عدد قليل من الكلما ت والايماءات ومواقف لاتحصى ومشاعر وأفكار وأحاسيس وحقا ئق ورموز " .
وقد ظهرت أمثلة عديدة للشكل المسرحى الجديد فى ذلك العام ، ومع ذلك ،لم يتم الدعم العلنى لأهداف المؤلفين الا قليلا . وكان الحد الأدنى للجزء السفلى المكون لستارة المسرح ينزل بحيث يمكن رؤية الفنانين المؤدين ( والمقاعد الخاوية ) فقط من الركبتين الى أسفل . وكان الممثلون فى هذه الحالة يحاولون تقديم أقصى تعبير عن المواقف والحركا ت بأطرافهم السفلية . نموذج آخر ، " انهم قادمون “ قد تم انجازه بالكا مل بالمقاعد المصطفة فى وسط خشبة المسرح حتى النهاية ، فى حين كان القدوم المعا كس لمجموعة صغيرة من الشخصيا ت المرتعدة المزعومة تنتظر مغادرة المقا عد فى خوف .
اذا ظل الأداء المسرحى مجردا للغاية وتجريبيا للارتقاء الى مستوى المطا لب السيا سية ، فان البناء المارينيتى للأداء المستقبلى المبكر حول افكار المسرح المتنوعة كان أكثر ملاءمة للأغراض الدعائية . فى بيان عام 1913 شدد على هذه الخصا ئص لمطا بقة الشكل مع الأهداف التدخلية التحريضية الصريحة : المفاجاة والفوضى والاثارة والد يكور . والكاريكا تور المقدم من قبل " بوتشونى" فى هذه الفترة يصور سهرة مسا ئية مستقبلية نموذجية ، أو امسية مستقبلية على أنها سيرك .
كما كتب " تسدال " و " بوتزوللا " ، " من الناحية المثا لية سوف تطور الأمسية فى أعمال الشغب التى سوف تنتشر فى شوارع وحا نا ت المدينة ، وأن تتبعها مقالات مروعة فى صحافة اليوم التا لى .ومن بين التقنيا ت التى دعا اليها " مارينيتى " أملا فى تحريض الجمهور على العنف فى هذه الفترة شملت مقترحا ت مثل ، وضع الغراء أو التراب على مقاعد المشاهدين ، وبيع عشرة تذاكر لنفس المقعد . وتتميز أهداف " مارينيتى " باختصار فى : ازدحام المرور والتنا حر والخلافا ت .
لقد شكل الأداء جزءا لا يتجزأ من النظرية المستقبلية للاتحاد الجديد للفن بالحياة ، وبالفعل فان المستقبلية التى غا لبا ماينسب اليها الفضل كمرحلة أصيلة " لفن الأداء " وكوسيلة مناسبة لذلك . تكشف سلسلة الحملات الدعا ئية الدا عمة للتدخل الايطالى فى الحرب ودعم صعود شعاع العمل الثورى ل " موسولينى " . وكان خلال هذه الفترة فى السنوات السا بقة على الحرب مباشرة وخلال فترة الحرب ، فى الواقع ، يمكن رؤية المستقبلية يشكل ايجابى وملموس أكثر فى انسجام مع اهداف الحركة الفاشية النا شئة .
ليس من المستغرب ان يحدث فى الأمسية المستقبلية الأولى فى يناير فى عام 1910 فى مسرح ( روسيتى ) فى ( تريستا ) المدينة الحدودية المصيرية الحاسمة فى الصراع الايطا لى مع النمسا حيث كانت وسط الاستنكارات العنيفة للعبادة الروما نتيكية للماضى اشادت المستقبليين بالقيم الوطنية التوسعية ، والحرب . ومع الاعلان الرسمى للحياد الايطالى فى اغسطس 1914، شرع المستقبليون فى الحملة التدخلية النشطة .
رأى " مارينيتى " الذى كان يمجد الحرب فى البيان الأصلى ، ان النضال القا دم ليس لتحقيق الأهداف القومية فحسب ، بل ان الأزمة على نطاق العا لم ومن شأنها ان تكشف أسس النظام الاجتماعى والسيا سى المستقبلى الجديد . وفى أوا ئل سبتمبر ألقى القبض على " بوتشونى ومارينيتى و روسلو " مرتين بسبب المظاهرات - فى ميلانو - الموالية للتدخل فى الحرب .
بدعم من " بابينى " و " سوفيسى " عملت ( لاشيبرا ) فى ذلك الحين كمتنفس للتقارير عن اعتقالات المستقبليين وسيئى السمعة والمظاهرات العنيفة . قبل عام 1915 بدت المجلة باعتبارها الجهاز الرسمى للدعا ية المستقبلية للحرب . وقد أعرب المستقبليون عن الحماس السبا سى بعد هذه الاجراءات فى افتتاحية بيان ( المسرح الاصطناعى المستقبلى ) :
نحن ننتظر بصلواتنا الكثيرة من أجل حرب كبيرة ، ونحن المستقبليون نقوم بالعمل العنيف المضاد للحياد من المدينة الى الميدان الى الجامعة وبالعكس .باستخدام فننا لاعداد الحسا سية الايطا لية للسا عة العظمى وللخطر الأقصى . يجب ألا تكون ايطا ليا خائفة وحريصة ، بوصفها سريعة ومرنة كمبارزة غير مبا لية بالضربا ت كا لملاكم ، وغير مكترثة للا خبا ر بأن الانتصار قد تكلف خمسين ألف قتيل باعتبارها اخبا ر عن الهزيمة .
فى ابريل اعتقل " مارينيتى " مرة أخرى ، وكان هذه المرة مع " باللا" الذى كان قد جذب انتباها خاصا ب " بدلة مضادة للحياد " صممت فى ألوان العلم الايطا لى ، وكان " موسولينى " فى روما . فى أواخر مايو أعلنت ايطا ليا الحرب على النمسا وكان المستقبليون من بين أول من شكلوا مجموعا ت المتطوعين الى الجبهة .
السياسة والفن : مساهمات وحدود المستقبلية فى المجال السياسى :
لعبت المستقبلية – سواء قبل وأثناء الحرب – دورا هاما فى نشر ودعم الحملة التدخلية ، بل والقيم والأفكار المركزية التى اسست المشاعر الفاشية الأصلية . اعتمدت الفاشية كحركة فى طور التكوين على نوع من الدعاية التحريضية واثارة جماهير المشاهدين التى قدمها المستقبليون ببراعة .وقد لاحظ " شابيرو " و " جول" مع أخرين ، تأثير ابتكارات " مارينيتى " فى الأداء على الأسلوب الهستيرى الذى اعتمده " موسولينى " فى خطبه العامة . كما أكدت " كلوف " على المساهمة المستقبلية لاعداد حملة طرابلس والاتجاه الى الدعم الجمهورى للتعاون الايطالى مع انجلترا وفرنسا ليس ضد النمسا فحسب بل ضد التهديد الألمانى ككل .
وهكذا لك تكن المستقبلية محددة محتوى مماثلا للايديولوجية الفاشية بوضوح فحسب – القومية والنزعة العسكرية وعبادة العنف اللاعقلانى واضفاء السمة الجما لية على العنف ، بل طورت أشكالا هامة فى أدائها لا سيما ( الدعاية السيا سية فى سياقات أخرى ) والمسرح ، التى شكلت الاسا س فيما بعد لأساليب الحزب لاستفزاز الجماهير والسيطرة عليها . ولكن المساهما ت الرسمية للمستقبلية تمضى الى أبعد من ذلك .
كسلاح سياسى ، كان البيان بمثابة الشكل الخاص المنا سب للنشر الملتهب ( المهيج ) للبرامج الايديولوجية والمستقبلية ، على الرغم من عدم اعتراف مجموعة من أوائل الفنانين بفائدته الخاصة . ومع ذلك ينسب الفضل له بتأسيس أسبقيته بين الحركا ت الطليعية اللاحقة ، وقد أكدت " بيرلوف " بشكل خاص على ضرورة النظر فى مساهمة " مارينيتى " لتطوير البيان ، ليس كأداة استراتيجية فحسب ، بل – والأهم من ذلك – كنوع أدبى جديد أو نموذج سردى حديث .
" حداثة البيا نا ت المستقبلية الايطا لية .. هى رفض صراخ البقاء فى الزاوية التفسيرية والنقدية ، وفهم أن بيان المجموعة واضفاء السمة الجما لية عليه بما فيه الكفاية فى نظر الجمهور المحتشد ،بل ويستطيع الجميع أن بأخذوا مكان العمل محط الأمل ( الموعود ) .. لنتحدث عن أن الفن يصبح معادلا لفعل ذلك ، وبالفعل كانت سلسلة البيا نا ت الأكثر من الخمسين والتى نشرت فى الفترة مابين 1909 ودخول ايطا ليا الحرب الشكل الأدبى الممتاز للحركة " .
مثل االأداء ، يظهر البيان – كذلك – باعتباره شكلا أعلى للابتكارات الأدبية – الشعرية الأخرى
ل " مارينيتى " التى نجحت فى اذابة الحدود ليس فقط بين الفنان والجمهور ، بل بين السيا سة والفن بشكل عام .
قدمت المستقبلية على الصعيد الدولى التعبير عن عدد من الاهتما ما ت والأفكار المركزية فى العقود الأولى من القرن العشرين . أولا ؛ عبرت المستقبلية عن سحر السذاجة والحماس العا مين الذى قدمه التطور التكنولوجى والصناعى للعا لم الغربى . مثل العديد من عظماء الفنانين والمثقفين الآخرين فى هذا العصر ، تصور المستقبليون الآ ثار المحتملة الها ئلة واستخداما ت الابتكارات التكنولوجية . ثانيا ؛ تعنى المستقبلية كما يتضمن الاسم ، بالاعتقاد اليوتوبى فى الفن الجديد للمستقبل الذى من شأنه تحطيم القواعد والقيود التقليد ية ويفتح الباب للبحث عن شكل يؤدى الى طريق الفن الحديث الذى لن يكون بمثابة هروب من الحياة ، بل مشاركا مباشرا ومغيرا للحياة . وأخيرا ؛ من ثم ، اتخذت المستقبلية موقفها الى جانب الأهمية الجديدة للفن ، والفنان باعتباره البصيرة والمبدع بالقرن العشرين .
برهن التركيز على التطور التكنولوجى وابداع الثقافة الحديثة – على وجه التحديد – على تطابق المستقبلية والبرامج السيا سية للحركة الفاشية فى النقاط الها مة . فعندما نشر " مارينيتى "فى عام 1913 " برنامجه السيا سى المستقبلى " ضمنه قائمة من البنود التى تدعو الى الغاء النظام الملكى والبابوية ، وكانت الأحزاب تدعو الى الاستعاضة عن النظام البرلمانى بالتكنوقراطيين الاداريين العشرين . وكان من بين انصاره المقربين من الشخصيا ت القوية " بوتاى " و " بولتزون " . وقد لاحظ " اوستريكير" هذه المساهمة التكنولوجية للمستقبلية بالقيم الموجودة فعلا ، القومية والنخبة والمعادية للديمقراطية فى تلك الفترة .
كانت المساهمة الأصلية وبالغة الأهمية للمستقبلية لهذا الخليط الايديولوجى تعمل على التأ كيد على الرغبة فى التطور التكنولوجى والتحول الصناعى السريع . لهذا التركيز ارتباط بالقومية والنخبوية التى ساعدت " موسولينى " على بناء جسر بين الطبقا ت الريفية والتجارية التقليدية ، وملاك الاراضى الجنوبيين ، وقادة الصناعة فى الشمال الذين تخلوا عن توجههم السيا سى الليبرالى تحت ضغط التحول الاشتراكى قبل الحرب .
فى حين أن " مارينيتى " أسس فى ما قبل نهاية الحرب " الحزب السيا سى المستقبلى " ، وظهرت المستقبلية فى الصف الأما مى لدعم " موسولينى " ووعد حركة تشكيل القتال بايطا ليا قوية موحدة . وفى عام 1919 ظهر " مارينيتى " على القا ئمة الأولى للمرشحين الفاشست وقاد الهجوم العنيف على مكاتب ( الصحيفة اليومية " أفانتى Avanti – الى الأمام ) . ومع ذلك فان هناك أدلة على أن العلاقة بين " مارينيتى " والحزب لم تخل من التوتر . وان كان " موسولينى " قد احتضن فى نفس ذلك العام الحركة المستقبلية بشكل علنى ودافع عن " مارينيتى " ومجموعته على النحو الآ تى :
" الحركة الفا شية غير متحيزة .. لم تترفع عن الاتصال مع مجموعا ت تم تجاهلها أو ادانتها من قبل غباء البورجوازية الصغيرة ، والفلاحين الجيدين ، وقد ادعى المعتدلون بأنهم لا يأخذون المستقبلية على محمل الجد ، والآن على الرغم من هذا الشعب فان رئيس المستقبليين " مارينيتى " عضو فى اللجنة المركزية ل " تشكيل القتال " .
نظريا ، أيدت المستفبلية المثل الأعلى للنقابى الفرد كترس فى عجلة كبيرة من الجماعية التى تكمن فى جوهر الايديولوجية الفاشية ، الا أن الدوافع الأناركية ل " مارينيتى" ثبتت اشكاليتها ، ولاسيما الموقف التصالحى الذى اعتمده " موسولينى " فى عام 1920 نحو النظام الملكى والكنيسة المتعارض مع الدعوة المستقبلية لتدميرهما جملة باعتبارهما الأثر الأخير الباقى ورمز الرومانتيكية والنظام البورجوازى العالمى .فى تلك السنة عقد المؤتمر الفاشى الوطنى فى ميلانو ، وتفيد التقارير بأن " مارينيتى " اقتحم الاجتماع فجأة وندد بالمؤتمر باعتباره قطيعا من التقليد يين المرتبطين بالماضى .
ومن المثير للاهتمام ، أن هذه التوترات قد تنبأ بها " موسولينى " بالفعل فى رسالة فى عام 1916 الى ( رابطة الشعب الايطا لى :
"نحن معجبون بالمستقبلية ونتفهم جوهرها الحميم وقوتها الرائعة ، ولكن لماذا نفرض على صحيفتنا الجدل فى شىء لم تخلق له ، كل ما لدينا هو الاهتمام الاكاديمى فقط . يتم توجيه جميع الجهود نحو العمل وليس نحو أى شىء آخر ونحن لانستبعد أننا غدا نستطيع مناقشة المستقبلية أيضا ونتجادل حولها ، لكن اليوم لدينا ما يعد أكثر الحاحا للقيام به " .
وفى حوالى نفس الفترة تقريبا نشأ الصراع بين مختلف فنانى المستقبلية الذين رأوا أن تلاحمهم باعتبار المستقبلية حركة موحدة منظمة اشكالية . " جول " يشير الى عام 1913 على أنه علامة على بدء الصراعا ت الداخلية . والتناحرات بين مجموعة فلورنسا برئا سة " بابينى " و " سوفيسى " حول اصدار ( لاشيبرا ) ومجموعة ميلانو التى ارتبطت معا ب " مارينيتى " المستبد ، وقد استكملت المنا فسا ت الفردية بين الفنا نين مثل " بوتشونى " و كارا" .
وقد قتل خلال الحرب العديد من الأعضاء الرئيسيين بما فى ذلك " بوتشونى " والمعمارى " سانت اليا" فى حين تحول " كارا " بعيدا عن الرؤية الحرفية للنظرية المستقبلية فى انتاجه الجما لى . وعلى الرغم من أن السنوات من 1916 الى 1933 تصنف عموما باعتبارها المرحلة الثا نية أو مرحلة الفلورنسيين ، الا أنه يبدو واضحا أن الحركة المستقبلية المنظمة والمتماسكة ، قد بدأت فى الانحسار بحلول عام 1920 .
ومع ذلك واصل " مارينيتى " حملته لبناء النظام العالمى الفاشى المستقبلى الجديد خلال العقد التالى، وتنظيم مشروعا ت وتجنيد أعضاء للمشروعا ت المستقبلية المتنوعة وندد بالتقهقر الى قيم الزمن الماضى . ويبدو أن " موسوليسنى " من جهته ، كان لد يه موقفا معتدلا تجاه نظرائه السيا سيين السابقين . فلاتزال فى عام 1928 هناك عدة سنوات قبل أن يعلن " موسولينى " بداية الثقافة الفا شية الجديدة ، كما نظم معرض للعمارة المستقبلية تحت رعا ية الديكتاتور مما يدل على أن الشعور العام بأن المستقبلية تعتبر الآ ن حركة من الماضى ، و " جانب من الروح الرومانتيكية للفاشية المبكرة وليست ذات صلة بالسيا سة الواقعية للدولة التوسعية " .
فى 1929 ، قبل " مارينيتى "التعيين بوظيفة مرموقة فى الاكاديمية ، ومع ذلك ظل متقدا بالحماس ومؤيدا نشطا ل" موسولينى " والحزب الى حين وفاته ، ومذكرة لا لبس فيها تبدو الاستقالة واضحة فى الاقتباس التالى من " مارينيتى " عام 1923 :
" وصوله للسلطة الفاشية يشكل تحقيقا لبرنامج الحد الأدنى الذى أطلق ( جنبا الى جنب برنامج الحد الأقصى الذى لم يتحقق ) قبل أربعة عشر عاما من قبل مجموعة من الشبان ذوى الجرأة الذين قاموا بأنفسهم بحجة مقنعة ضد الأمة كلها .. المدنسة بالشيخوخة والخمول خوفا من الأجنبى " .
الخاتمة :
ليس من المستغرب اضفاء السمة الجمالية على السيا سة والحياة الـمتأصلة فى النظرية المستقبلية التى وجدت تعبيرا عنها بشكل أسا سى فى الصراع المتفجر للسيا سة الفا شية والحرب . وقد أسفرت محاولة المستقبلى الدمج بين الفن والحياة عن اضفاء السمة الجما لية على السيا سة عموما والسيا سة الفا شية على وجه التحديد التى تبدو واضحة الآن ، وعلى الرغم من أنها ظلت المشكلة التى تشكل موضوع انصال بين تاريخ الحركة والدراسا ت العلمية .
وكان عدم نجاح المستقبليين فى ابداع فن فاشى بحت مدينا بشكل أقل الى الصعوبا ت الكامنة فى ابداع جما لية استبدادية ، وأكثر من ذلك الالتزام غير المقصود من المستقبليين بالجانب الجما لى للمشكلة . كما لاحظ " بنيامين " فيما يتعلق ب " مارينيتى " والمستقبلية : " الواضح أن هذا تحقيقا لمبدأ الفن للفن "
وبصورة أكثر حدة ربما أنه يشير مباشرة الى عدم القدرة على اعادة توجيه الفن فى الحياة دون تدمير الخطاب أو القيمة الجما لية . الحياة – ولنتحدث ببساطة – لا يمكن أن ترقى أبدا الى المثل الأعلى الجما لى المستقبلى . والتوترات فى وقت لاحق بين " مارينيتى " و " موسولينى " تعد توترات موجهة بشكل خاص هنا .
لأنه فى حين أن التصرفا ت الغريبة الاناركية ( الفوضوية ) المميزة ل " مارينيتى " تبرهن على الحرج بشكل أساسى من وجهة نظر سيا سية ، وما يعد أكثر أهمية ، هو خيبة أمل الفنان والازدواجية باعتبار أن الديكتاتورية تحولت الى احتيا جا ت عملية للنظام السيا سى ، ومساومة فى نهاية المطاف ، والمثل الأعلى للمستقبلى فى طقس عربيدى له علاقة بالطقوس العربيدية فى المجتمع الفا شى حقا .
" أبولينير " فى بيا نه الساخر " مكافحة التقاليد المستقبلية فى عام 1913 ، كتب عن المستقبلية باعتبارها أول جهد جماعى لقمع التاريخ باسم الفن . ويمكن أن يكون الفن شيئا بالنسبة ل " مارينيتى " غيرالعنف والقسوة والظلم . يمكن التاريخ –فى هذه الحالة فحسب – أن يقلد الفن .




ايضاحات :
1- فيليبو توماسو مارينيتي -(Filippo Tommaso Emilio Marinett )كان مصورا وشاعرا وأديبا ورئيس تحرير ومؤسس الحركة المستقبلية في الفن والموسيقي والأدب أوائل القرن العشرين فى ايطاليا التى تميزت بالدعوة إلي طرح التقليد جانبا ومحاولة التعبير عن الطاقة الديناميكية وجماليات السرعة .
2-ريناتو بوتزولى - Renato Poggioli (1907 - 1963) – اكاديمى ايطالى متخصص فى الأدب المقارن –كاتب غزير الانتاج ومترجم
3- جوشوا س. تايلور- Joshua C. Taylor - (1917-1981) - أستاذ تاريخ الفن في جامعة شيكاغو من 1960الى 1974- وكان مدير المتحف الوطني للفن الأميركي في معهد سميثسونيان من عام 1970 إلى عام 1981.
4-قصر غراسي- Palazzo Grassi – متحف فن وقصر فى فينيسيا
5-مارجوري بيرلوف - Marjorie Perloff - ( 1931 - ) ناقدة للشعر - من اسرة يهودية علمانية غى فيينا ، هاجرت الى الولايات المتحدة مع اسرتها عام 1938 - حصلت على الدكتوراة فى عام 1965 عن الشاعر وليم بتلر ييتس - تقيم بالولايات المتحدة الامريكية .
6- بيدمونتى (Piedmontese ) نسبة الى بيدمونت " منطقة من ايطاليا. وتبلغ مساحتها 25.402 كيلومترا مربعا - ويبلغ عدد سكانها نحو 4.6 مليون نسمة. عاصمة بيدمونت هى تورينو- وتتكلم لغة خاصة - والاسم معناه تحت سفح الجبل .
7- لافوس – La Voce, ا -ى الصوت –مجلةايطالية نشرت فى فلورنسا بين عامى ( 1908- 1916 )
8- ألفريد جاريAlfred Jarry -- ( 1873- 1907 ) – كاتب رمزى فرنسى –اشتهر بمسرحية Ubu Roi التى عرضت فى عام 1896 – الى جانب المسرحيات كتب الرواية والشعر .
9- لاشيبرا – Lacerba – بدأت كمجلة نصف شهرية فى اول يناير 1913 فى ايطاليا، وكانت ملاتبطة بشكل وقوى مع المستقبلية الايطالية ، ثم تحولت الى مجلة اسبوعية وكان محرراها هما " اندرو سوفيسى Andero Sofficy " و " جيوفانى بابينى Giovanni Papini“" وقد توقفت المجلة فى 22مايو 1915
10- جيوفا نى بلاسيدو اوجستين باسكولى - Giovanni Placido Agostino Pascoli – ( 1855- 1912 ) ، شاعر ايطالى واكاديمى بارز فى الادب الايطالى فى القرن التاسع عشر .
11- التقسيمية - Divisionism (وتسمى أيضا Chromoluminarism) أسلوب مميز في الرسم النيو الانطباعية فيها يتم فصل الألوان إلى النقاط الفردية أو البقع التي تفاعلت بصريا. وقد وضعت جنبا إلى جنب مع نمط آخر،التنقيطية Pointillism ، والذي يعرف على وجه التحديد عن طريق استخدام النقاط ، ولا تركز بالضرورة على فصل الألوان .
12- حركة (شعاع العمل الثورى - Fascio d azione rivoluzionaria ) - حركة ولدت في 11 ديسمبر 1914 في ميلانو برعاية بنيتو موسوليني .
13-ميداردو روسو (Medardo Rosso]، ( 1858 - 1928 ) وكان النحات الإيطالي. ويعتبر مثل ، فنان من مرحلة ما بعد الإنطباعية.
14- جابريل دانونزيو (Gabriele D Annunzio ) – ( 1863-1938 ) - الكاتب والشاعر، والكاتب المسرحي، الصحفي العسكري والسياسي الإيطالى، وشخصية مشهورة فى الحرب العالمية الأولى
15- كارلو كارا (Carlo Carrà ) - _ ( 1881- 1966 ) – المصور الإيطالي والقيادي البارز في حركة المستقبلية التي ازدهرت في إيطاليا خلال بداية القرن العشرين .
16- امبرتو بوتشونى ( Umberto Boccioni ) – ( 1882-1916 ) – مصور ايطالى ونحات ( مثال ) ، . ساعد في صياغة جمالية ثورية للحركة المستقبلية باعتباره واحدا من الشخصيات الرئيسية فى الحركة .
17- لويجى روسلو (Luigi Russolo ) –( 1885- 1947 ) – مصور إيطالي مستقبلي، ملحن، صانع الآلات الموسيقية التجريبية، ومؤلف كتاب البيان فن ضوضاء (1913).
18- مجموعة الفارس الأزرق Der Blaue Reiter groups. ) ) – مجموعة من الفنانين اتحدوا على رفض نقابة الفنانين الجديدة فى ميونيخ بألمانيا المؤسسة فى عام 1909 على أنها صارمة وتقليدية .
19-روبرت ديلوناى ( Robrt Delaunay ) –( 1885- 1941 ) –فنان فرنسى من المدرسة التكعيبية ، ولد فى باريس وتوفى فى مونباييه .
20- مجموعة الماكيا وليين ) Mecchiaioli Group ) مجموعة من المصورين الايطاليين النشطين فى توسكانا فى النصف الثانى من القرن التاسع عشر - حطموا الاعراف العتيقة ، وكانوا يرسمون فى الهواء الطلق
21- جياكومو بالا (Giacomo Balla ) – ( 1871-1958 )- مدرس للفن، مصورلشاعر ، وشارك في وقت لاحق فى المدرسة المستقبلية. اهتم بالضوء والحركة والسرعة .
22- جينو سيفيريني) - ( Gino Severini ( 1883- 1966)- مصور إيطالي وعضو قيادي في الحركة المستقبلية.
23- جوزيف بلليتزا دا فولوبيدو (Giuseppe Pellizza da Volpedo ) – ( 1868- 1907 ) – مصور إيطالي، تنقيطيى ، داعية اجتماعي ومؤلف .
24- الشغب فى جاليريا ( Riot in Galleria ) للفنان " بوتشونى " فى عام 1910
25-كريستوفر ريتشارد وين نيفنسون (Christopher Richard Wynne Nevinson ) – ( 1889- 1946) ، شخصية البريطانية ومصورلمناظر طبيعية، والطباعة الحجرية، كان واحدا من الفنانين الحرب الأكثر شهرة في الحرب العالمية الأولى. وغالبا ما يشار إلى صاحب بالاحرف الاولى C.R.W. Nevinson، وكان يعرف أيضا باسم ريتشارد.
26- موسيقى اللغط أو الضوضائية – ( Bruitism Music ( - استخدام في الموسيقى من الأصوات مأخوذة من مصدر خارج موسيقية أو السياق. يستخدم هذا المصطلح في أغلب الأحيان من الايقاع أو الموسيقى الالكترونية التي تشير إلى أصوات الآلات. وكان يتم ذلك فى المدرسة المستقبلية .
27- اميليو سيتيميللى (Emilio Settimelli ) – ( 1891 1954 ) ، الكاتب الإيطالي. وكان مسؤولا عن تطويرفكرة مسرح المستقبلي بالتعاون مع مارينتي وبرونو كورا Bruno Corra .

28- جورج براك Georges Braque ) ( - ( 1882- 1963 ) ، من مؤسسي المدرسة التكعيبية ومن رموز الفن في القرن العشرين ومن المؤثرين فيه. كان براك صديقاً للفنان بابلو بيكاسو..
29- جيمس بيسى جول (James Bysse Joll ) 1918 -1994 ) ، كان مؤرخا ومحاضرا جامعيا بريطا. كما كتب عن تاريخ الفوضوية والاشتراكية .
30-الى الأمام ( Avanti ) صحيفة يومية ايطالية كانت لسن حال الحزب الاشتراكى الايطالى –نشرت فى سبتمبر1896- وأخذت اسمها من نظيرتها الألمانية ( Vorwarts ) صحيفة الحزب الاشتراكى الديمقراطى الألمانى .
31- شعب إيطاليا (Il Popolo d Italia ) – صحيفة سياسية اسسها " موسولينى " فى عام 1914 للتعبير عن الحزب الاشتراكى الجمهورى الايطالى – فى عام 1922 اصبحت لسان حال الحزب الوطنى الفاشى .



د. رمضان الصباغ – أستاذ علم الجمال بكلية الآداب – جامعة سوهاج



تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى