عبدالجبار العلمي - حول الموسيقى التراثية المغربية

بعد مشاهدتي لبرنامج ( يامسهرني ) الذي أطلعتني عليه الكاتبة الروائية لينا كيلاني ، وتقدمه رباب المهدي ، كتبت ما يلي : شكرا جزيلا لك أستاذة لينا كيلاني . للدكتورة أماني الجندي إلمام طيب بثقافة المغرب الموسيقية خاصة ، تنم عن تجولها في المغرب من شماله إلى جنوبه مع بعض التجاوز في بعض المعلومات التي وردت في حديثها غير دقيقة ، ولها عذرها، فالأمر يحتاج إلى وقت وجهد وكبير استقصاء والرجوع إلى ريبرتوار الموسيقى المغربية الغني والمتنوع ،فضلا عن أن وقت البرنامج محدود وغير كاف للاستفاضة في الحديث والإحاطة بكل جوانب الموضوع . أود أن أشير إلى أن أناشيد الحضرة ليس أصلها مدينة طنجة ، بل مدينة شفشاون وهي خاصة بالنساء ، وهي عبارة عن أذكار وأهازيج صوفية. كان نساء عاثلاتنا يقمن هذه الحفلات فيما بينهن في بيوتهن يستدعين إليها جاراتهن ويذكرن الله وهن جالسات، ثم بعد أن ينصهرن في الذكر يقمن وقوفا وهن يتابعن اهازيجهن ، وتكون بينهن - كما أذكر - مسيرة أو قائدة .. عندنا في شفشاون فرقة تقيم الحضرة الشفشاونية في الحفلات وخاصة حفلات الزفاف ولا تضم إلا النساء . ويحيين حفلات خاصة بالنساء فقط. الموسيقى الأندلسية تقوم على إنشاد موشحات أندلسية أو مغربية لبعض الشعراء المتصوفين قدماء ومعاصرين مثل الشاعر التطواني سيدي محمد الحراق صاحب الزاوية الحراقية ، وقد تخرج منها أحد أفراد عائلته ،فأصبح مطربا مشهورا يغني الأندلسي ويغني الطقطوقة الجبلية وهو الموسيقي التطواني الشهير عبد الصادق شقارة رحمه الله. وكان يكتب بعض أغانيه بنفسه باللهجة التطوانية، أذكر لك هنا مقطعا او مطلع الأغنية التي يقول فيها : أنا ديني دين الله ... أنا علي حجاب الله ... أنا عيني وميزاني وأنت الحبيبة ديالي ياللا ... والموسيقى الأندلسية تغنى كلماتها جماعة من لدن فرقة عادة ما تكون مكونة من أفراد عديدين يجلسون في صفين أو ثلاثة صفوف وهم يلبسون الجلباب التقليدي الأبيض ، وقد يتميز عنهم في اللباس منشد الفرقة الذي يقدم مواويل جميلة من موشحات أندلسية ، ومن مشاهير المنشدين عبد الصادق شقارة وباجدوب وعبدالرحيم الصويري على سبيل المثال لا الحصر . وكانت ثمة ثلاث فرق أندلسية كبيرة في المغرب هي : فرقة الموسيقى الأندلسية بتطوان يقودها الموسيقار محمد العربي التمسماني رحمه الله عازف البيانو الماهر ، ويرجع له الفضل في تنويط العديد من القطع الموسيقية الأندلسية حتى لا تضيع ، وقد كانت تتناقل سماعا من جيل إلى جيل ؛ و فرقة مدينة فاس بقيادة الحافظ للقطع الأندلسية على مختلف المقامات الأستاذ عبدالكريم الرايس وقد كان عازفا ماهرا على آلة " الرباب " بتسكين الراء ؛ وفرقة مدينة الرباط بقيادة محمد البريهي ثم مولاي أحمد الوكيلي عميد الموسيقى الأندلسية . وبالمناسبة فإن الطرب الأندلسي معروف عندنا بموسيقى الآلة . وفي بعض المناسبات الرسمية الكبرى ، كانت تجتمع الفرق الثلاث لتكون فرقة كبيرة . بخصوص الموسيقى المتنوعة حسب المناطق كما ذكرت السيدة الفاضلة الدكتورة أماني : هناك الطقطوقة الجبلية ، وتنتمي إلى الجبال المحيطة بتطوان وشفشاون وناحية مدينة فاس مثل تاونات وغافساي وغيرهما . و القصيدة الزجلية أو "الملحون" التي اشتهرت بها مدينة فاس ومكناس والرباط وسلا ومراكش ، وكان لها مغنون شعبيون مشهورون من بينهم الحسين السلاوي والحسين التولالي المكناسي . والعيطة البيضاوية نسبة إلى أحواز مدينة الدار البيضاء ، ولها مطربون ومطربات معروفون من أشهر هم الحاجة البيضاوية ، وهناك الموسيقى الزيانية بالأطلس المتوسط من مدنه خنيفرة التي لمع فيها مطرب مشهور هو المرحوم محمد رويشة عازف آلة الجنبري ذات الوترين ؛ وهناك الدقة المراكشية التي تعتمد على الإيقاع بالضرب على الكفين والدق بالقدمين على الأرضية الخشبية ، وجناوة الذين يدقون آلات حديدية سوداء توضع كل اثنتين منها في يد ، فتحدث أصواتا وايقاعات سريعة يرقص عليها الجناوي، وهو يدير رأسه بخفة يمينا وشمالا محركا طاقيته التي بوسطها خيط يحمل صدفة تتراقص بشكل دائري سريع الحركة متناغمة مع ما يصدر عن قراقيبه الحديدية من أنغام ؛ وهناك في الجنوب بمنطقة سوس الأهازيج الأمازيغية الجميلة وما يسمى بأحيدوس وهي رقصة معروفة بالمنطقة ، وهناك كذلك في الصحراء الأغنية باللجهة الحسانية والرقصة المسماة الكدرة ( يجب نطق الكاف جيما كما تنطق باللهجة المصرية ) هذه بعض الملامح القليلة عن الأغنية المغربية الأندلسية والشعبية ، وقد اقتصرنا عليها لأن ما ورد في حديث الدكتو ة أماني .. انحصر في هذا المجال . أما الأغنية العصرية ، فلها شأن آخر وهي متنوعة وغنية بالاتجاهات . والإخوة المشارقة يعرفون عنها الكثير والحديث عنها حديث يطول . وجدير بالإشارة إلى أن ما سقته من معلومات أعلاه هو من الذاكرة ، لم يتسن لي الرجوع في كتابته إلى المصادر وألمراجع لتوثيقها.


تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى