عامر الطيب - ما الذي يفعله رجل ضائع في الطابق العاشر.. شعر

ما الذي يفعله رجل ضائع
في الطابق العاشر
بيده الباب لكنّ مفتاح
الغرفة بحجم إصبع
و الغرفة أصغر من ثقب في غابة
إلا أنّ الرجال الذين يسافرون
يتوقعون كلّ شيء
في الطّرق و من الأقدام.
ما الذي يراه رجل مشوش النظر
في الطابق العاشر
أو لعله في الطابق التاسع
فهو لا يعرف وقتاً ليتأكد
هل نسي طابقاً
وهو يعبر
أو نسي نفسه وهو يفكر
ليلة كاملة
متأملاً ليل المدينة الذي سرعان ما سيتلاشى كأخبار عاجلة
بأحزان البشر الذين تدفعهم حاجتهم
لأنْ يبتكروا جسداً عظيما لله
و أجساداً صغيرة للآلهة الأخرى !

...

لعلك نائم مثل دنجوان خاسر
أو مثل إله سكران
تدور بيده الأرض
غير أنه أكثر وداعة من أن ينتبه
و إلى درجة ما
صرنا نصلي له صلاة الصبح
على أنها صلاة المغرب و العشاء معاً !

...

لا ترحمني أيها الحب
الحطب اليابس يحترق
و العاشق الضعيف
يذهب إلى الهاوية
و الهاوية ضيقة
فليتشبث كل أحد بخطوته
و لا يزاحم مكان أحد آخر !

...

أحبك الآن أكثر مما حدث معي
قبل دقائق
كشيخ ضيع طريقه
إلى بلاده
فكيف سيفهم كلامي
هؤلاء القراء الذين لم يحبوا
و لم يشيخوا
ولم يضيعوا بلاداً كاملة في وقت ما !

...

لو قبلتكِ في الطريق
لما احترق شجر الصفصاف
في مدن بعيدة
لما دارت الأرض دورتها
و صار الحزن لعيناً
مثل التخيل
تخيل المدن البعيدة
تخيل الشجر المحترق
تخيل الدخان الذي يرسّب الكحلة
في العين !

...

كان البشر في السابق
يقلعون أسنانهم من دون تخدير
و مع كلّ ذلك
يكتبون عن الحبّ كألم لا يطاق
لكن الحال تغير الآن
فصار قلع الأسنان أقل ألماً
فيما بقي الحب هو ذاته
صفة الإنسان الساخرة من العالم !

...

أريد أنْ أتزوجَ امرأة عرجاء
لأعاملها كشجرة
أجلب لها الماء و الزبدة
و المصباح من دون أنْ تتحركَ
لأحبها كما يحب الرجل الوحيد
نسيانه و خطاياه .
أريد أن أتزوجَ امرأة عمياء
لا تلاحظ تجاعيدي و سفري
و لا تقرأ عمري في بطاقة الميلاد
لكنها تعرف أنني ولدتُ في مثل هذا اليوم.
أريد أن أتزوج امرأة صماء
لأقرأ لها الشعر
أو امرأة عاقلة لألتقط لها
صورة مع البحر
أو امرأة ميتة
لأصير لها حياة صغيرة فقط




تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى