مزمل الباقر - أُمّنَا.. فاطنة أو (الحقبة الفاطمية في تاريخ الدولة السودانية) (3-5 )

تغمض ياخ كي ترتاح
يرفرف في الصباح .. عَلَما
وفي الأفراح .. وفي الأتراح
بتتحزم
تهز كانونا حتى رمادو يتحتا
حتى الختة والنسوان
بتعرف بَابِن السري
وسط جاراتا .. بتجامل وبتعامل
مهندسة .. زوجة .. بت عامل
تزور الجارة والحامل
وتتونس مع البنوت ضحى الجمعة
عن التعليم والحرية والسمعة
عن الصبغة اللي بتسبب فشل كلوي
عن السُترة الي بتخلي الحلم .. ممكن
حبيبا .. تختو في الصورة
وما بتخلي في جواها إنَّ .. وحاجة مَصّرُورة
خريطة بسيطة في العالم
عرق نَقّط وماسورة
ترى الفانوس وما النجفة
إذا ما اللمبة مكسورة
لهذا هكذا ظلت تقول الحالة مستورة
تختها في الجرح يبرى
تعرف الكمدة بالرمدة
والله يكضب الشينة
سمح توبا .. سند عِمّه
وهِمّه تدرج العاطل
إذا ما الوالد استنجد
ترسل ليهو ود عينا
تساعد أمها .. تتكِل
تلّبس ناس وبتأكل
محل ما تمشي .. بتشكل ..... أهمية
قلم ما فيهو .. أنفاس الحياة اليومياتي
أمّيه
محجوب شريف
تحدثت في الحلقة الثانية من هذه المقالات عن جزء من السيرة النضالية لأمنا فاطنة والتي جاءت على لسانها ، كما قمت بالإشارة إلى جزء آخر من هذه السيرة جاءت بموقع اليسار اليوم ونقلت بعضاً من حديثها لمقدمة برنامج رائدات : روان الضامن ، تعرض لقصة من قصص حياتها جعلني أصف أستاذة فاطمة بأنها : النزيل الدائم للمعتقلات، وفي الحلقة الثالثة من هذه المقالات دعونا نتسامر سويةً بجزء آخر من سيرتها النضالية.
فاطنة وضريبة العمل العام:
(( أستاذة فاطمة: وبعدين مرة دخلني سجن أمدرمان ختانا في زنزانة ... دخلني في زنزانة ، معاي انتين من زميلاتي في الاتحاد النسائي، ثلاثة في زنزانة ضيقة كرعينا ديل ملخبطات في بعض
سارة منصور: معقول!!
أستاذة فاطمة : والله
سارة منصور: لا حول ولا قوة إلا بالله
استاذة فاطمة ( تكمل ) : سارة .. الرضيح دا لأننا قاعدين ونحنا تلاتة وهي ضيقة ورجلينا داخلات في بعض ، قامو رجلينا خدرو
سارة منصور: يا الله !!!
أستاذة فاطمة: أقوم أنا أمسك الرجل .. أقول ليها دي رجلك ولا رجلي!!
سارة منصور: يا الله !!
أستاذة فاطمة (تكمل): دي رجل منو فينا ونضحك نحنا
سارة منصور: يا الله !!
أستاذة فاطمة ( تكمل ) دي رجلك ولا رجلي .. لدرجة إننا بأضافرنا نقوم .. آآآ . نقرص اللحم حقنا .. نشوف بتحسي بيها ولا ما بتحسي، رجلنا في حته اخدرت كلها بقت
سارة منصور: يا الله .. يا الله!!
أستاذة فاطمة: نميري العملو ما حصل في تاريخ السودان ، إنو يدخل نسوان .. زنزانات ، يدخلن سجن وكدا
سارة منصور: نعم
أستاذة فاطمة: دخلنا السجن .. كان مرة أهو قبضني أنا وقبض عدد من الاتحاد النسائي المشيول ودانا سجن أمدرمان .. أدونا عنبر كدا في السجن .. فقمنا نظمنا رقبتنا ولقينا السجينات هناك وعملنا برنامج نحنا مع بعض بنقعد نعمل ندوات في بعضنا .. واحدة تعمل ندوة ونناقشا وبعدين بنجتمع بالسجينات برضو نديهن دروس .. نديهن محاضرات بلغة بسيطة يعني و.. ولما جاء العيد بتاعو .. مايو ... أنا كنت عيانة في السجن زاتو، قمنا قررنا إنو بمناسبة مايو ، السجن كلو نكتبو شتيمة في نميري )) (1)
يرى د.حسن الجزولي أن الأسباب التي أدت إلى تعرض أمنا فاطمة للإذى والعنف اللفظي من بعض مخالفيها الرأي أو الفكر في فترة وجود الاتحاد النسائي وتحديداً في (( عام 1954 عندما ارتفع صوت الاتحاد النسائي السوداني مجلجلاً ولأول مرة في الساحة السياسية السودانية مطالباً بحقوق المرأة السياسية وبحقها في الترشيح وخوض غمار المعارك السياسية، إنزعج "الاسلاميون" لأن فاطمة وبقلمها عبرت عن ذلك من المواقع الفكرية للماركسية والاسلام في آن، وركزت حملتها من خلال موقف الاسلام تحديداً من حرية المرأة في الادلاء برأيها، وبالتالي موقف الاسلام الحقيقي من المرأة. حيث كان {الاسلاميون} يمارسون تغييباً للمرأة عن ميدان السياسة وتغبيشاً لموقف الاسلام من هذه القضية، ولم تكن المرأة تعنيهم في خطابهم السياسي ـ وهو أصلاً رجعياً وما يزال ـ حتى تجاه الرجل في المجتمع ككل.
توضح فاطمة تلك المعركة قائلة:ـ { فتعرضنا للهجوم من قبل الجبهة الاسلامية، بحجة ان الاسلام لا يسمح بمساواة المرأة وانخراطها في السياسة، ونظمت حملة واسعة ضد الاتحاد النسائي وضدي شخصياً من أئمة المساجد لأن والدي كان إماماً، وقد تعرض كذلك للهجوم، وهذا ما دفعني للرجوع للقرآن الكريم لأثبت أن الاسلام ليس ضد مساواة المرأة، ولا ضد اشتغالها بالسياسة، وكانت تلك الوسيلة الوحيدة لاقناع الجماهير المسلمة، والتي تتلقى معرفتها لاحكام الاسلام منهم)) (2).
لقاء فاطنة بالزعيم الأزهري:
في الحوار الذي اجرته قناة الجزيرة بتاريخ 12/ ابريل/ 2012 م عبر الحلقة السادسة من برنامج رائدات وكان عنوان الحلقة: فاطمة أحمد إبراهيم .. العمل الوطني تروي استاذة فاطمة أحمد إبراهيم عن تاسيس الاتحاد النسائي وإصدار مجلة صوت المرأة في معرض سؤال مقدمة البرنامج روان الضامن عن تأسيس الاتحاد النسائي: (( فاطمة أحمد إبراهيم: نعم فأنا من في الثانوي كنا نتكلم حول الموضوع ده أنه لازم النساء لازم نضع أيدينا مع بعض حتى أن نغير وضع المرأة ونقضي على العادات الضارة اللي تقلل من قدر المرأة ولذلك قمنا فكرنا في 1952 بتكوين الاتحاد النسائي وكوناه.
روان الضامن: هل تذكري أسماء يعني زميلات شاركنك في تأسيس الاتحاد النسائي وكانوا رائدات في هذا المجال؟
فاطمة أحمد إبراهيم: نعم أذكر منهم الدكتورة خلدة زاهير، نفيسة أحمد الأمين، حاجة كاشف، عزيزة مكي، كانت ثريا إمبابي، عشان نمشي لقرية ما نمشي للنساء نطلب مقابلة مع العمدة أو الشيخ يبقى هو اللي يدعي لنا الناس العمدة أو الناظر يدعي لنا الناس ونقول له جيب الرجال الاجتماع الأول نساء ورجال قضية المرأة قضيتكم أيها الرجال ونجنب أنتوا تقولوا رأيكم النساء ذاتهم يقولوا رأيهم فيكم أنتم تقولوا رأيكم وهم يقولوا وإحنا نتدخل ده صح وده غلط ونتفق عليه بالأغلبية الساحقة أحسست أنه بعض الجرائد اليومية واللي طبعا كلها ما فيها نساء كل الجرائد ما فيها نساء أصبحوا يعني يهاجمونا على أساس أنه ما نمشي لأوسع من كده عايزين نعمل تنظيم نسائي اتحاد نسائي فأصبحوا يهاجمونا ولذلك أحسست بأنه ما ممكن إلا يكون عندنا صحيفة للمرأة ونحررها نحن وتدافع عن قضايا المرأة. كان رئيس الوزراء وقتها زميل والدي في كلية غوردون إسماعيل الأزهري لما جئت قلت له يا عمي أنا جئتك في كده كده يا عمي فقال لي كيف يا فاطمة ما أسمح دي قفزة ودي.. قلت له نحن ما هنغير أي شيء لا هنتخلى عن ثيابنا لا عن أخلاقنا لا عن أي حاجة بعدين حتى في المطبعة بما أنها كلها رجال نحن نشوف من بعض الرجال يصححوا البروفات بس لكن إحنا نجهزها ونرسلها يطبعوها يشيلوا لنا البروفات يجيبوها لنا وبنصحح هنا ونرجعها لهم يطبعوها ونحن نوزعها فقام قال لي بشرط ما تدخلوا في السياسة قلت له خلاص قبلنا الشرط نحن ما بندخل لكن أنا داخلي وفي حاجة تنفصل عن السياسة بقلبي خلاص يا عم أزهري بنعطيك إحنا الشرط فقال لي تمشي.
روان الضامن: وكانت صوت المرأة في عام 1955 انطلقت حتى قبل الاستقلال يعني.
فاطمة أحمد إبراهيم: انطلقت قبل الاستقلال. )) (3)
فاطنة ... ليس (كلام اتحاد نسائي ساكت):
يشير موقع ويكبيديا إلى أن العام 1952م شهد ( تأسيس أول إتحاد للمرأة في السودان " الاتحإد النسائي السوداني). (4) ومنذ انضمام أستاذة فاطمة أحمد إبراهيم كان لا تكل ولا تمل في تحقيق غايات الاتحاد النسائي التي هي من صميم غاياتها والتي وصفها د.عبد اللطيف البوني عندما حاورته الإعلامية نسرين النمر بأنه رفع الظلم ونصرة المستضعفين.
(( كما وقفت عند نبلها الذي أخرجها من أمن البيت إلى زحام الشارع من أجل قضية المرأة والمستضعفين فقد جاءت يوماً متأخرة إلى الغداء من المطبعة وأحرجها أن أهلها كانوا ينتظرونها لأنهم قوم يجلسون نساءاً ورجالاً إلى مائدة واحدة. ولم تكد تبدأ الأكل حتى طرقت الباب صبية معروقة تعرض بضاعة للبيع وأشفقت فاطمة من هزالها ودعتها للغداء ولم تقبل البنت. ثم درس والد فاطمة بعض المال في يد البيت فإنصرفت. أصرت فاطمة أن تتبعها حيث مشت لتعرف بيتها وتحسن إليها. وهنا عنفها الوالد قائلاً لها: ((هل تظنين أن بوسعك حل مشاكل الناس أجمعين)). وحاولت فاطمة الأكل فغضت بحلقها اللقم وإزدردتها بالماء. وتوقفت عن الأكل بالكلية. وكان والدها يراقبها من طرف خفي.
فنهض وعانقتها وقال: (( كنت أظن ما تقومين به كلام إتحاد نسائي ساكت؟ ولكن علمت الآن ما تقومين به صادر عن شفقة حقيقية بالمستضعفين. أعفي عني يا بنتي. ومن اليوم والله ما أسمع فيك كلمة ولا أقبل فيك كلمة. أكلي لقمة عشان خاطري)). ومن يومها لم يعتب عليها في شئ)) (5)
فاطنة والتأثير بعيد المدى :
وكان لأستاذة فاطمة التأثير الكبير في تغيير مفاهيم كثير من الرجال والنساء وقد تجلى ذلك في الكتاب الذي اصدره بابو نمر حيث كتب فيه : قولوا لفاطمة ساويتلك الرجال بالنسوان ، وقد ذكرت هي نفسها بعضنا من ذلك ((ولذلك كان من الطبيعي أن ((جاء تحت عمود إبتسامات في العدد السابق من جريدة " الفجر " إستعراض لمقتطفات من كتاب " ذكريات بابو نمر " ناظر قبيلة المسيرية الذي نشر فيه الدكتور فرانسيس دينق الحوار الذي أجراه معه باللغتين العربية والإنجليزية وقد ملاني سروراً وفخراً أن خاطبني المرحوم ناظر قبيلة المسيرية في مذاكراته إذ ورد بالنص " يا موظفي الحكومة لمن تروحو " الخرطوم " تكلموا فاطمة احمد ابراهيم وتقولوا ليها المسيرية ساووا المرأة بالرجل " إنني أعتبر إهتمامه بمساواة المرأة ومخاطبتي بالإسم وسام شرف في صدري ، وله وزن أكبر من تأييد السياسين والمثقفين كافة لقضية مساواة المرأة ، بالإضافة إلى أنه يعكس ويجسد حقيقة هامة تميز الشعب السوداني ، ومن دون سائر الشعوب ، ألا وهي متابعة شؤون بلادهم وبما فيها القضايا السياسية والحديثة التي تجري في قلب العاصمة وما جاورها ، بالرغم من بعد المسافات فها هو الناظر بابو نمر برغم مشاغله كمسؤول عن كل شئون قبيلته وما جاورها ، يتابع وبإهتمام بالغ ووعي منفتح نضال الإتحاد النسائي من أجل مساواة المرأة ، وبكل تفاصيله ، ولهذا جاءت مخاطبته لي كرئيسة للإتحاد الذي حمل وظل يحمل ، راية الدفاع عن حقوق المرأة ومساواتها ، وبكل ما يستحق أن نقف عنده بكل خشوع و فخر وإعتزاز وتقدير ، هو تأييده لنضالنا وإعترافه بضرورة مساواة المرأة ، يحدث هذا من ناظر قبيلة في غرب السودان معظم أهلها أميين ، وبعيدين عن أثر التقدم الذي حدث في العاصمة ووسط السودان ، أن هذا الوعي والتقدمية الفطرية تنتزع الإعجاب والإعزاز ، هذا الشيخ الواعي تفوق بوعيه وحضارته الفطرية على أولائك المثقفيين الرجعيين المدعيين زوراً التقدم والحضارة ، وهنا لابد من إستخلاص درس هام من هذا التأييد من قبل شخصية قومية عظيمة غير متعلمة ولكنها واعية وراقية ومتقدمة فكرياً وهذا التأييد المعلن من سيادة ناظر المسيرية ، يقدم برهاناً دامغاً وساطعاً ، بأن أسلوب الإتحاد النسائي في طرح قضايا المرأة وضرورة مساواتها نجح نجاحاً تاماً لا في انتزاع الحقوق السياسية وحقوق المراة العاملة وتعديل بعض قوانين الأسرة فحسب ، وإنما في إكتساب تأييد شخصيات قومية عظيمة ، على رأس قبائل بعيدة عن مناطق التعليم والمدنية ، وبهذه المناسبة يشرفني أن أذكر أن الناظر مادبو رحمه الله ، ناظر قبيلة المسيرية قد أرسل لي لمقابلته في منزله بحي العرضة قبيل انقلاب الجبهة الإسلامية بفترة بسيطة لموضوع سأتعرض له في الوقت المناسب ، وقد إنتزع تقديري وإحترامي له ، وإعتبرت دعوته لي وسام شرف سأظل أعتز به مدى الحياة . )) (6)
كذلك كانت إفادة د. إحسان فقيري لبرنامج رائدات تصب في ذات الصياغ (( أقول لك كلام لما أنا عايز أمشي تشيكوسلوفاكيا بالأول الوالد الله يرحمه رفض قامت أمي قالت له ليش أنت رفضت ما تمشى تدرس في تشيكوسلوفاكيا قال لها الزمن أنا أرسل بنتي بعيد مع الخواجات وما معروف اللي بيحصل شنو البعثة أصلا هي جاءت من وين قالت جاءت من الاتحاد النسائي قالها يعني أنت عايزة تقولي أستاذة فاطمة أحمد إبراهيم قالت البنات يمشوا بره وعلى مسؤولياتها وجيونا لنا راجعين قالت أيوه قال لها خلاص يمشوا. )) (7)
وهنالك قصة تستدعي الوقوف عندها وإعمال الفكر والتأمل رواها د. عبد الله علي إبراهيم في كتابه عن استاذة فاطمة أحمد إبراهيم (( .. وأسرتني من بين كل رحلات هؤلاء المسهدين رحلة للمواطن باشتيل إبراهيم في نحو نوفمبر 1963 إلى دار صوت المرأة. وباشتيل من البجة وعامل بالسكة الحديد بمحطة هيا. وقد جاء إلى المجلة بصحبة طفلة في السابعة من عمرها حلوة هادئة، دقيقة التقاطيع. وقدمها للمحررة وقال إنها ابنته وأسمها فاطمة. وقال إنها محور صراع دائر في أسرته. فقد أراد لها باشتيل أن تتعلم وألحقها بالمدرسة الأولية. ولم تقبل والدتها بذلك وقالت إن المدرسة مفسدة. ومال والده لصف زوجته. وتدخل الأهل لإثنائه عن خطته. وجادلهم بالحسنى وقال إن دخولها المدرسة من إكمال الدين حتى تعرف ربها معرفة وثقي. ولم يتراجع عن عزيمته قيد أنملة. وتعرض للأذى من أهله. فقد فتحوا فيه بلاغاً عند الشرطة بانتزاع البنت عنوة من إمها. ونجح في توضيح الأمر للشرطة وشطب البلاغ. وظل يقف يومياً بنفسه على تعليم فاطمة. فهو يسرح شعرها، ويعد لها ملابسها المدرسية، يحميها خلال رحلتها للمدرسة، ويذاكر معها درس اليوم في المساء.
(( وكانت خشية باشتيل الكبرى أن تنتكس بنته وتهجر الدارسة تحت تأثير بيئة البيت الكارهة للتعليم، ومعارضة الأم التي سكنت معها. ولهذا قرر أن ينتهز فرصة إجازته السنوية ليأتي بها إلى الخرطوم لتري بنفسها المتعلمات وجهاً لوجه حتى يرسخ حب التعليم في نفسها. وقد جاء بها برغم أنف أمها. وفي الخرطوم اصطحبها إلى الحدائق العامة، والمطار، والإذاعة، والمتحف، وبعض المدارس. وقال إنه كان يشرح لها على الطبيعة كيف شكل التعليم كل ما يدور حولها. وعندما زار صوت المرأة بدأ يحدثها عن المجلة والمحررات وصنعتهن التي هي بعض تعليمهن.
(( لم يحتطب باشتيل ليلاً حين غشي صوت المرأة. كان يعرف أنها الصوت الذي ما فتر يذكر الناس والدولة بضرورة تعليم المرأة. كانت افتتاحيات أساتذتنا فاطمة أحمد إبراهيم تتحدث عن وأدنا للبنات بحرمانهن من التعليم. وكانت إحصائيات نقص تعليمهن صافية لا لبس فيها. وكانت المجلة تستبشر بكل تصميم على التعليم. فحيت المجلة ناظرة مدرسة في بلدة مسمار لترغيبها الدمث لنساء البجة في التعليم. وحيت سيدة باسم عطامنو وأباها الشيخ الذي علمها في مدرسة القرية مع الأولاد، ثم جاء بها للخرطوم ليدخلها المدرسة الوسطي. فقبلتها الأحفاد مجاناً. رصدت صوت المرأة كل ذلك وبالصور التي كان زنكغرافها يكلف الشيء الفلاني. ولا بد أن باشتيل قرأ وشاهد كل ذلك. وألهمه ذلك توكلاً مضيئاً ليدفع مستحق التقدم. وقد صورته المجلة وابنته الحلوة الدقيقة التقاطيع شاهداً على حجه المبرور لمنارة من منارات التقدم، صوت المرأة)) (8).
وترجع أستاذة فاطمة التقدير الذي حصلت عليه وذكرته في مقالها الذي جاء تحت عنوان : ( التقدير والرحمة والغفران للناظر بابو نمر) ترجع التقدير الى الإسهامات المجتمعية للإتحاد النسائي (( .. كذلك لابد أن اذكر الميدالية الذهبية التي قدمها لي العمدة سرور رملي عندما فزت في الإنتخابات ، إنها من أغلى ما أعتز به ، لأن قيمتها المعنوية أغلى من أطنان الذهب ، إنها تأييد ذلك الشيخ الوقور العظيم لحقوق المرأة السياسية وإنخراطها في حقل النشاط السياسي ، وبالتالي تأييد للإتحاد النسائي ، من كل هذا نستخلص حقيقة هامة ، وهي تغلغل سيرة الإتحاد النسائي وقبول دعوته لمساواة المرأة ، من قبل شخصيات وقيادات قبلية بعيدة عن إنتشار التعليم ووسائل المدنية ، كان يمكن أن يؤدي إلى تطور سريع وسط النساء حتى في تلك المناطق البعيدة ، ولكن بالطبع ما حال دون ذلك هو الإنقلابات المتتالية والأنظمة العسكرية التي حظرت نشاط الإتحاد في معظم سنوات عمره .
(( وعلى ضوء ما تقدم ، لابد أن يبرز سؤال هام : ما هو الأسلوب الذي إتبعه الإتحاد النسائي ، وقياداته مما مكنه من إنتزاع التأييد من تلك القيادات التقليدية الممثلة لقطاعات واسعة من جماهير شعبنا .
((نتذكر على سبيل المثال لا الحصر من يأتي :
(( إحترام الإتحاد النسائي لقيم الشعب السوداني وتقاليده الحسنة ، وعدم إستيراد قشور الحضارة الغربية المتناقضة مع أخلاقياتنا وتقاليدنا. استعمال الخطاب الديني ، لدعم حقوق المرأة السياسية والإقتصادية والإجتماعية ، ومبدأ مساواتها مع الرجل ، والتمكن بذلك من هزيمة مخطط الأحزاب والمجموعات التي تستغل الإسلام لتجريد المراة من حقوقها ومساواتها . محافظة قيادات الإتحاد النسائي على سلوكهن وسمعتهن الأمر الذي أكسبهن الإحترام من الأعداء و المعارضين . الإهتمام بقضايا المرأة الريفية ، وقطاع ربات البيوت ، وربط مشاكل المرأة بمشاكل المجتمع ، ووضع إعتبار كاف للظروف المحلية عند معالجة تلك المشاكل ، وإشراك المواطنات والمواطنين في برامج وأساليب العمل . والآن ، أما آن الأوان لحسم الصراعات النسائية على ضوء إنجازات الإتحاد النسائي الواقعية ، وتمتعه بإحترام قطاعات واسعة حتى من المناطق الأكثر تخلفا ؟ أو بتقديم نموذج عملي على أرض الواقع يثبت صلاحية تلك الأفكار والنظريات المخالفة ونجاحها في خدمة قضية المرأة ؟ إننا نفتح صدورنا وأبوابنا في إنتظار تقديم البدائل الأكثر نجاحاً ونفعاً)) (9) .
أتوقف هنا وأواصل بإذن الله في الحلقة الرابعة الحديث عن الاتحاد النسائي ومجلة صوت المرأة والجوائز التي نالتها أمنا فاطنة طوال مسيرتها المستنيرة إن جاز لي التعبير.
(1) سارة منصور مع المناضلة السودانية فاطمة أحمد إبراهيم – الجزء الأول
(2) حسن الجزولي : فاطمة أحمد إبراهيم: أو فاطنة السمحة وفتنة التوب الأنيق (3) – موقع سودانايل نقلاً عن صحيفة الميدان
(3) برنامج رائدات – قناة الجزيرة ( مصدر سابق ).
(4) ويكبيديا – المرأة في السودان
(5) فاطمة أحمد إبراهيم : عالم جميل – د.عبدالله علي إبراهيم – صفحة (20 – 21 ).
(6 ) التقدير والرحمة والغفران للناظر بابو نمر : الأستاذة فاطمة أحمد إبراهيم – موسوعة التوثيق الشامل - الناظر بابو نمر ذكريات ترويها الأستاذة فاطمة أحمد إبراهيم. - موسوعة التوثيق الشامل
(7) إفادة د.إحسان فقيري لبرنامج رائدات : الحلقة السادسة: فاطمة أحمد إبراهيم .. العمل الوطني - قناة الجزيرة (مصدر سابق)
(8) عبد الله علي إبراهيم - فاطمة أ إبراهيم: "حج" فاطمة بت باشتيل إلى مسيدها للتقدم
(9 ) التقدير والرحمة والغفران للناظر بابو نمر : الأستاذة فاطمة أحمد إبراهيم – موسوعة التوثيق الشامل – (مصدر سابق )

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى