روبرت إنغرسول - ما الخرافة؟ [1] - ترجمة : إبراهيم جركس

﴿1﴾
ما معنى الخرافة؟

- تعني الإيمان بالرغم من وجود دليل أو عدمه.
- تفسير لغز بآخر.
- الاعتقاد بأنّ العالم محكومٌ بالصدفة أو بالنزوة.
- صرف النظر عن العلاقة الحقيقية بين السبب والنتيجة.
- الاعتقاد بوجود فكر أو قصد أو تصميم [ذكي] يكمن وراء الطبيعة.
- الإيمان بأنّ العقل خلق المادة ويتحكّم بها.
- الإيمان بقوى وطاقات منفصلة عن الجوهر المادي، أو بجوهر منفصل عن الطاقة.
- الإيمان بالمعجزات والرقيات والتعاويذ، وبالأحلام والمنامات والنبوءات.
- الإيمان بالغيبيات والماورائيات.


إنّ أساس الخرافة هو الجهل... وبنيتها الفوقية هي الإيمان [الأعمى]... أمّا قبّتها فهي الأمل الفارغ. الخرافة هي الابنة الشرعية للجهل، والأم الحقيقية للبؤس.
هناك سحابة من الخرافة تعشّش في دماغ كل إنسان تقريباً.
امرأة توقع من يدها قطعة القماش التي يجفّف بها الصحون، فتقول ((هذا يعني رفقة)).
معظم الناس سيقرّون بعدم وجود أيّة علاقة منطقية تربط مابين سقوط قطعة القماش وبين الزوّار القادمين. لايمكن أن تكون قطعة القماش الساقطة قد ولّدت رغبة بالزيارة في عقول أشخاص غير حاضرين، وكيف لقطعة قماش أن تولّد رغبة عند بعض الناس لزيارة الشخص الذي أسقطها؟ لاتوجد أي صلة ممكنة بين إسقاط قطعة القماش وبين التأثيرات المرتقبة.
رجلٌ يلمح القمر المكتمل من فوق كتفه الأيسر فيقول ((هذا فألٌ سيء)).
إنّ رؤية القمر من فوق الكتف الأيسر أو الأيمن، أو حتى عدم رؤيته على الإطلاق، لايمكن أن يكون له أي تأثير ممكن على القمر، ولايمكن لذلك أن يغيّر تأثير القمر أو أثره على أي شيء أو جسم أرضي. بالطبع إنّ اللمحة من فوق الكتف الأيسر لايمكن أن تؤثّر على طبيعة الأشياء بأي شكلٍ كان.
جميع الحقائق في الطبيعة ستظلّ نفسها كما هي حتى لو كانت اللمحة من فوق الكتف الأيمن أو الأيسر. نحن لا نستطيع أن نرى أي علاقة سببية أو منطقية بين اللمحة من فوق الكتف الأيسر وبين أي تأثيرات سيئة على الأشياء.
فتاة تعدّ أوراق زهرةٍ ما وتقول ((واحد: يحبّني، اثنان: لايحبّني، ثلاثة: يريد أن يتزوّجني، أربعة: لايريد أن يتزوّجني)).
طبعاً الزهرة لم تنبت من أجلها، ولم تقرّر أوراقها ما إذا مستقبل هذه الفتاة العاطفي، ولا يوجد هناك أي نوع من الذكاء الماورائي يقود يدها ويرشدها عندها قامت باختيار تلك الزهرة بالذات. لذا، إنّ عدّ بذور التفاحة لايمكن أن يحدّد ولا بأي شكل ما إذا كان مستقبل الفرد زاهراً أو بائساً.
آلاف من الناس يؤمنون بالأيام والأعداد والإشارات والمجوهرات المحظوظة والمشؤومة.
العديد من الناس يعتبرون يوم الجمعة يوماً مشؤوماً... يوم سيئ للخروج في رحلة، للزواج، للدخول في استثمار. والسبب الوحيد هو أنّ يوم الجمعة يوم مشؤوم.
الانطلاق عبر البحر يوم الجمعة لايمكن أن يكون له أي تأثير محتمل على الرياح، أو الأمواج، أو الجد والجزر، ليس هناك أي تأثير ليوم الجمعة على هذه الأمور أكثر من أي يومٍ آخر، والسبب الوحيد الممكن للاعتقاد بأن يوم الجمعة يوم مشؤوم هو الاعتقاد بذلك.
لذا كان الكثيرون يعتقدون أنّه من الخطورة أن يتناول ثلاثة عشر شخصاً الغداء مجتمعين. الآن، إذا كف_Jc4 العدد 13 عدداً خطيراً، فالعدد 26 [أي 13+13] يجب أن يكون ضعف خطورة العدد 13، و 52 أكثر خطورةً بثلاث مرات.
قيل أنّ أحد هؤلاء الثلاثة عشر سيموت خلال سنة. والآن ليس هناك أي علاقة سببية ومنطقية بين هذا الرقم وعملية هضم كل شخص من هؤلاء الأشخاص. وبين هذا الرقم وبين الأمراض. إذا تغدّى أربعة عشر شخصاً مع بعضهم فهناك احتمال أكبر ليموت أحدهم، إذا أخذنا في اعتبارنا الرقم فقط، واحتمال حدوث وفاة خلال العام، فهذا محتمل أكثر إذا كان الرقم 13.
قلب علبة الملح على الطاولة يعتبر فألاً سيئاً، لكنّ قلب علبة الخل لايشكّل أي فرق.
لماذا حادثة إيقاع علبة الملح وسكبه على الطاولة توجب الانتقام والفأل السيئ، ولماذا إيقاع الخل وسكبه لايوجب ذلك.
إذا كان الشخص الأول الذي يدخل المسرح أحولاً، فإنّ عدد الجمهور سيكون قليلاً وسينتهي "العرض" بفشل ذريع.
كيف يمكن لغرابة تكوين عيني أول شخص يدخل المسرح، أن تغيّر إرادة مجتمع كامل أو مجموعة من الأشخاص، أو كيف لإرادة مجتمع أن تجعل شخصاً أعمى يذهب مبكراً إلى العرض ويدخل المسرح أولاً، لم يتمّ العثور على أي تفسير مقنع ومرضي لذلك حتى الآن. لاتوجد أي علاقة ممكنة بين مايسمى "السبب" وما يسمى "النتيجة" في هذه الحالة.
وضع أحجار الأوبال كزينة فأل سيئ، لكنّ الياقوت يجلب الصحة. كيف يمكن لهذه الحجارة أن يكون لها تأثير على المستقبل، كيف يمكن لها أن تنتهك الأسباب وتحطّم النتائج، لا أحد يعرف كيف بالضبط.
إذن هناك الآلاف يؤمنون بالأشياء والأمور المحظوظة والمشؤومة، والملابس والتعاويذ والرقيات والنبوءات. لكنّ جميع الكائنات البشرية عقلانية والعاقلة والمنطقية والمفكّرة أنّ كل واحدة من هذه الأمور مجرّد خرافات عبثية وسخيفة.
دعونا نتّخذ خطوة أخرى:
لعدّة قرون كان الناس يعتقدون أنّ كسوف الشمس وخسوف القمر ظاهرتان تنبئان بالأوبئة والأمراض، وأنّ الشهب والنيازك الساقطة تنبئ بموت الملوك، أو دمار الأمم، حرب وشيكة أو وباء فتاك. جميع الظهورات الغريبة وغير المألوفة في السماء _أضواء الشمال، دوائر حول القمر، خيوط الشمس، شهب ونيازك_ كانت تملأ قلوب أسلافنا القدماء بالخوف والرعب. كانوا يسقطون على ركبهم: كانوا يبذلون جهدهم بتقديم الأضاحي والصلوات والتضرّعات لتجنّب وقوع الكوارث المتوقّعة. كانت وجوههم يلفحها الرعب وهم يغلقون أعينهم ويتضرّعون إلى السماء من أجل مدّ يد العون. وكان الكهنة والشامانات الذين كانوا على علاقة مع الله كما رجال الدين والكهنة والقساوية في يومنا هذا، كانوا يعرفون تماماً معنى الكسوفات وخيوط الشمس وأضواء الشمال، كانوا يعرفون تماماً أنّ صبر الله قد نفذ تقريباً، وأنّه قد استلّ سيف غضبه، وأنّ الشعب لايمكن أن ينقذ نفسه إلا بإطاعة الكهنة ورجال الدين، عن طريق دفع الأتاوى لهم ومضاعفتها.
ساعدت الأعاصير والزلازل على ملء صناديق الكنيسة. في وسط الكوارث كان البخيل يفتح محفظته بأيادي مرتجفة. في ظلمة الكسوف كان اللصوص والنشّالون وقطّاعي الطرقات يتقاسمون غنائمهم مع الله، أمّا الفقراء، والشرفاء، والفتيات الجاهلات يتذكّرون أنّهم نسوا ترديد الصلاة، أو تقديم زكاتهم لتليين قلب الله القاسي.
الآن نحن نعلم أنّ كل هذه الإشارات والظواهر الغريبة في السماء لا علاقة لها بمصير الملوك أو مستقبل الأمم أو الأشخاص، لا يوجد أي تأثير لها على الكائنات البشرية أكثر من تأثيرها على مستعمرات النمل، أو خلايا النحل أو بيوض الحشرات. نحن نعرف الآن أنّ الإشارات وظواهر الكسوف والخسوف، الشهب والنيازك، ستكون هي نفسها كما تحدث الآن حتى ولو لم يكن البشر موجودون على الأرض. نحن نعرف الآن أنّ أوقات الكسوف والخسوف تحدث في أوقات معينة وأنّنا يمكننا التنبؤ بأوقات حدوثها بالضبط.
منذ أمدٍ ليس ببعيد كان هناك اعتقاد عام شائع مفاده أنّ هناك ميّزات شفائية معيّنة تكمن في أشياء جامدة، في عظام القديسين والقديسات، في الخرق وقطع القماش التي مُزّقت من ملابس الأولياء البالية، في خصلات شعر الشهداء، في قطع خشبية ومسامير صدئة من صليب حقيقي، في أسنان وأظافر الأتقياء، وفي العديد من الأشياء المقدسة الأخرى.
كان يتمّ شفاء الأمراض من خلال تقبيل صندوق معيّن حُفِظَت فيه بقايا عظمية أو خرق بالية أو قطع خشب متآكلة، خصل شعر مقدسة، وبعد أن يتمّ تقبيل الصندوق تُقَدّم أعطيات وهدايا: أشياء من أجل الكنيسة.
في بعض الأحيان كانت قيمة العظام أو البقايا أو الخرق تسيطر بشكل غريب على الإنسان المريض الذي يمتلك إيماناً كافياً بهذه الأمور الغريبة، وباسم الله أو الرب كان يتمّ طرد هذه الشياطين التي كانت في الحقيقة أمراضاً حقيقية.
هذا الإيمان بفعالية العظام أو البقايا وخصلات الشعر المقدسة قد ولّدت إيماناً من نوع آخر: الإيمان بأنّ جميع الأمراض كان سببها الشياطين والأرواح الشريرة. كان يعتقد أنّ المجنون أو المريض عقلياً هو شخص مسكون بالشياطين. وكان يعتقد أنّ المصابون بالصرع أو الهستيريا هم أشخاص يعانون من مسٍ من الشيطان. باختصار، كل مرض إنساني كان من عمل عملاء أو جنود إله الجحيم. كان هذا الإيمان عالمياً تقريباً، وحتى في زماننا هذا هناك الملايين من الناس يؤمنون بالعظام المقدّسة.
لكن اليوم لايوجد إنسان عاقل يؤمن بوجود الشياطين... ليس هناك إنسان عاقل يؤمن أنّ الأرواح الشريرة تسبّب المرض للناس... والأهم من ذلك لايوجد شخص عاقل يؤمن أنّ العظام والبقايا وخصل الشعر المقدّسة أو قطع الخشب يمكن أن تشفي من الأمراض، أو تعيد الصحّة كاملة إلى العليل.
الناس العقلاء الآن يعرفون أنّ عظام قدّيس ما لا تحتوي أيّة قداسة أكثر من عظام أي حيوان آخر. وأنّ بقايا وخرق ملابس أي متسّول جوّال لها نفس قدسية بقايا وملابس أي قديس، وأنّ شعر الحصان سيشفي المرض بنفس السرعة التي يشفيها شعر الشهيد. نحن نعرف الآن أنّ جميع البقايا والآثار المقدّسة مجرّد نفايات دينية، وأنّ أولئك الذين يستخدمونها ويستغلّونها هم أشخاص غير نزيهين أو شرفاء، وأنّ أولئك الذين يصدّقونها ويعتمدون عليها هم أشخاص أغبياء وسطحيين وسُذّج.
هذا الإيمان بالرقى والتعاويذ والتمائم، بالأشباح والشياطين، خرافة، باختصار وببساطة شديدة.
أجدادنا لم يكونوا يعتبرون هذه البقايا والنفايات طباً، أو تتميّز بطاقات شفائية، لكنّ الفكرة هنا كانت أنّ الأرواح الشريرة تخاف من الأشياء والمقدسة... أنها تهرب من عظام القديسين، أنها تخاف من قطع أي صليب حقيقي، وأنه عندما كان يتم رشّ ماء مقدس على شخصٍ ما فإنها [الشياطين والأرواح الشريرة] كانت تهرع مغادرةً المبنى بسرعة. لذلك، كانت هذه الشياطين تخاف وتفزع من التعاويذ المقدّسة، ومن ضوء الشرائط المقدسّة، وفوق كل ذلك، الصليب المبارك والمقدّس.
في تلك الأيام، كان الكهنة صيادو أموال، واستغلّوا هذه القطع والتعاويذ النفايات الدينية كطُعم.


﴿2﴾
لنمضي أبعد من ذلك قليلاً:
هذا الإيمان بالشيطان والأرواح الشريرة قد مهّد الطريق لتأسيس اعتقاد آخر: الشعوذة.
كان يعتقد أنّ الشيطان يعطي الإنسان أشياء وحاجات معينة مقابل أخذ روحه. الرجل العجوز، الكسير والعاجز، بإمكانه استعادة شبابه _صباه، شعره البني، دقات قلبه الشاب وهو ينبض بالحياة_ إذا أعطى روحه ومنحه إياها للشيطان مقابل ذلك. لذلك، كان يعتقد أنّه يمكن الانتقام من الخبيث عن طريق التمائم واللعنات، وأّنه يمكن للفقير أن يغنى، ويمكن للطموح أن يعتلي سلّم القوّة وسلطة. جميع متع وملذّات هذه الحياة كانت في متناول الشيطان. بالنسبة لأولئك الذين كانوا يقاومون إغراءات سيد الشرور، كانت تنتظرهم مكافآت مجزية في عالمٍ آخر، لكنّ هدايا الشيطان مقتصرة على هذا العالم وفي هذه الحياة الفانية. لايمكن لأي إنسان تصوّر الآلام والمعاناة التي تحمّلها الجنس البشري تحت وطأة الإيمان بالشعوذة. فكّروا في العائلات التي تفكّكت، بالآباء والأمهات وهم يُلقَوْن في السجون، يُعَذّبون ويُحرَقون، بالمواقد التي أنطفأت، بالأولاد الذين قتلوا، بالعجزة، بالفقراء والمساكين الذين تكسّرت أجسادهم على آلات التعذيب.
فكّروا في تلك الأيام التي كانت تسكن فيها الخوف والخرافة كل منزل، في كل عقل، حين كان الاتهام حكماً، عندما كان ادّعاء البراءة اعترافاً بالذنب، وعندما كانت المسيحية جنوناً!.
الآن نحن نعرف أنّ جميع هذه الأهوال كانت نتيجة الخرافة. الآن نعلم أنّ الجهل كان أمّ جميع الآلام والعذابات التي ألمّت بالبشر. الآن بتنا نعلم أنّ الساحرات لم يُوجَدْن قط، وأنّ البشر لم يعقدوا أي صفقات مع الشيطان، وأنّ أسلافنا القدماء الأتقياء والهمجيين كانوا على خطأ.
دعونا نمضي لأبعد من ذلك:
اعتقد آبائنا بالمعجزات والعلامات والعجائب وآمنوا بها، واعتقدوا أيضاً بالكسوف والخسوف والشهب، آمنوا بفضائل العظام، وبالقوى المنسوبة للأرواح الشريرة. جميع هذه الأمور تدور في فلك العجائبيات. كان يفترض أنّ العالم مليء بالسحر، والأرواح كانت في متناول اليد ليتمّ التلاعب بها بخفّة وسهولة: مستحضرو الأرواح. لم تكن هناك أسباب طبيعية تكمن وراء الأحداث. كلّ ما كان يتمنّاه الشيطان، كان يحدث. ذلك الشخص الذي باع روحه للشيطان كان يقوم ببعض الحركات الغريبة، يتمتم ببعض الكلمات الغامضة، ثمّ يتحقّق له ما كان يبغاه. لم يكن أسلافنا يؤمنون بالأسباب الطبيعية. كانت الأوهام والأضاليل والخرافات _الغريبة والعجيبة_ تملأ العالم. انهار الأساس تماماً _وتمّ التخلّي عن العقل وهجره، منحت السذاجة ألسنة وأجنحة للأكاذيب، و تمّ التخلّي عن الحقائق الخرساء_ وتمّ تجاهله وإهماله.

# ما المعجزة؟
فعل يؤدّيه إله/ سيّد الطبيعة من دون الاعتماد على أي حقيقة من حقائقها. هذا هو التعريف الصادق الوحيد لمعنى كلمة "معجزة".
إذا استطاع الإنسان رسم دائرة مثالية ومضبوطة، حيث قطرها يساوي تماما محيطها، فهذه ستكون معجزة في الهندسة. إذا استطاع الإنسان جمع أربعتين وجعلهما تسعة فتلك ستكون معجزة في الرياضيات. إذا استطاع إنسان جعل حجر ساقط يقطع عبر الفضاء مسافة عشرة أقدام في الثانية الأولى، ثم خمسةٌ وعشرون قدماّ في الثانية الثانية، ثمّ خمسة أقدام في الثانية الثالة، فهذه ستكون معجزة في مجال الفيزياء. إذا استطاع الإنسان توحيد عنصر الهيدروجين مع الأكسجين والنتروجين وإنتاج ذهب صافي فتلك ستكون معجزة في الكيمياء. إذا استطاع أي رجل دين إثبات صحّة مذهبه بالدليل القاطع فتلك ستكون معجزة لاهوتية. إذا استطاع عالم اقتصاد جعل قطعة نقدية من فئة 50 سنتاً بما يعادل قيمة فضّة تساوي دولاراً فتلك ستكون معجزة مالية. أن تجعل المربّع دائرةً ستكون من أجمل المعجزات على الإطلاق. أن تجعل مرآةً تعكس وجوه الأشخاص الذين يقفون ورائها، بدلاً من عكس وجوه الأشخاص الواقفين أمامها، هذه ستكون معجزة. أن تجعل الصدى يردّد الجواب على سؤالك، هذه معجزة. بمعنى آخر، أن تفعل أي شيء معاكس أو من دون أي اعتبار لقوانين الطبيعة وحقائقها يعني أنّك تؤدّي معجزة.
الآن بتنا نعتقد بما يسمّى بـ"وحدة الطبيعة وتناسقها". نحن نعتقد أنّ جميع الأشياء تتصرّف، وكانت تتصرّف دوماً، وفق طبيعتها، وأنّه تحت ظروف معيّنة العملية "كذا" ستنتج عنها دائماً نفس النتائج، أنّ "كذا" كانت تنتج وستنتج دوماً "كذا". نحن نعتقد الآن أنّ الأحداث لها أسباب طبيعية وأنّ لاشيء يحدث من دون سبب.
المعجزات ليست أموراً مستحيلة ببساطة، لكنّها أمور لاتخطر على بال أي إنسان عاقل، ولايمكن لأي إنسان منطقي يمتلك ذرة من المنطق والعقلانية أن يفكّر فيها مجرّد تفكير.
الآن لايمكن للإنسان الذكي والعاقل أن يؤمن بأنّ معجزة قد حدثت، أو تحدث، أو ستحدث.
الجهل هو التربة التي ينبت فيها الإيمان بالمعجزات ويزدهر.


﴿3﴾
دعونا نمضي لأبعد من ذلك:
في حين كان أسلافنا القدماء يملأون الظلان بالأشباح والأرواح الشريرة، كانوا قد آمنوا أيضاً بوجود الأرواح الخيّرة والصالحة. كانت الأرواح الخيّرة تتمتّع بعلاقة مع الله كالتي كانت تتمتّع بها الأرواح الشريرة مع الشيطان. كانت هذه الأرواح الخيّرة تحمي المؤمنين والأتقياء والأخيار من مسّ الشيطان وإغراءاته. كانت تعتني بأولئك الذين يعلّقون على صدورهم رقيّات وتعاويذ، وأولئك الذين يردّدون الصلوات ويعدّون حبّات السُبّح، وأولئك الذين يصومون ويؤدّون المراسم والطقوس. هذه الأرواح الخيّرة ستغيّر مسار نصل السيف أو السهم عن صدر المؤمن. كانت يجعل السُمّ غير مؤذٍ، كانت تحمي الأتقياء، وكانت تنقذ وتدافع المؤمنين وتحفظهم بألف طريقة. كانت تدفع الشكوك من عقول الأتقياء، وتزرع بذور اليقين والإيمان، كانت تحفظ القديسين من إغواءات النساء، وترسم أمجاد السماء من أجل أولئك الذين يصومون ويصلّون، تسهّل الاستغناء عن مُتَع الإحساس وملذّات الجسد وتحثّ على كراهية الشيطان.
كانت هذه الملائكة ترعى اليتامى الذين تعمّدوا، وبالأشخاص الذين أقسموا قسماً مقدّساً، وبالرهبان والراهبات والمتسوّلين المتجوّلين المؤمنين.
كانت هذه الأرواح من عدّة أنواع: بعضها كان رجالاً ونساء عاديين. بعضها لم يسبق له أن تواجد في هذا العالم، وبعضها كان ملاكاً في الأساس منذ البدء. لا أحد يزعم أنّه يعرف طبيعتهم وماهيتهم بالضبط، أو شكلهم، أو طريقة انتقالهم من مكان لآخر، أو كيف كانوا يسيطرون أن يتحكّمون أو يؤثّرون بعقول البشر.
كان يعتقد أنّ ملك هذه الأرواح الشريرة كلها كان الشيطان، وأنّ ملك جميع الأرواح الخيّرة كان الله. وكان يعتقد أيضاً أنّ الله كان في الحقيقة هو ملك جميع الأرواح _الخيّرة منها والشريرة_ وأنّ الشيطان نفسه كان أحد أولاد الله. هذا الإله وهذا الشيطان كانا في حالة حرب أزلية، كل واحدٍ منهما يحاول تأمين أرواح البشر لمصلحته. كان الله قد عرض متع الحياة الأزلية ومباهجها إضافة إلى أنّه توعّد بعذاب شديد في الجحيم. أمّا الشيطان فقد نصب فخاخه من خلال المسرّات والملذات الدنيوية الزائلة، عن طريق تمجيد الحواس ومتعتها، ولذّة الحب، وسخر من مسرّات وملذّات السماء وعذابات الجحيم. زرع بذور الشك بيديه الخبيثتين: دفع الإنسان على البحث والتقصّي، على التفكير، البحث عن دليل، على الاعتماد على نفسه، وزرع في قلبه حبّ الحرية، وساعده على تحطيم أغلاله، والهرب من سجنه وحثّه على التفكير العقلاني. وبهذه الطريقة أفسد بني البشر.
آمن آباؤنا أنّهم بإمكانهم عن طريق الصلاة، التضحية، الصيام، عن طريق تأدية طقوس وشعائر معينة، الحصول على عون هذا الإله وتلك الأرواح الخيّرة. لم يكونوا منطقيين إطلاقاً. لم يؤمنوا أنّ الشيطان كان هو أساس جميع الشرور. لقد اعتقدوا أنّ الفيضانات والمجاعات، والأوبئة والكوارث والزلازل والبراكين والحروب جميع كانت أمور يرسلها الله كعقاب على الكفر والضلال. خرّوا على ركبهم وصلّوا بشفاهٍ مرتجفة لهذا الإله كي يكفّ يديه عنهم. حقّروا أنفسهم، اعترفوا بذنوبهم، وملؤوا السماء بعهودهم ونداءاتهم وتضرّعاتهم. حاولوا إيقاف الأوبئة والأمراض عن طريق الرهبان والصلوات. قبّلوا النفايات القديمة المقدّسة، سجدوا في المعابد، استجدوا بالعذراء والقديسين، لكنّ نداءاتهم غابت أدراج الرياح، وسحقهم الوباء باجتياح إلى نهايته الطبيعية. لم يكن آجدادنا المساكين يعرفون أي شيء عن أي علم. وكانوا يتصوّرون وجود أرواح _شريرة وخيّرة_ ملائكة أو شياطين، آلهة أو عفاريت. بالنسبة لهم لم يكن هناك شيء اسمه أسباب طبيعية. كل شيء بالنسبة لهم كان من عمل الأرواح. كل شيء كان من عمل الغيب، وكل شيء كان من عمل الأرواح الشريرة لتدمير ومعاقبة وتضليل ولعن بني البشر. هذا العالم كان ساحة معركة، وهنا كان عملاء السماء والجحيم يخوضون حروبهم الطاحنة.


﴿4﴾
الآن لايوجد هناك إنسان لديه شعلة من الفكر تتّقد في رأسه، ويحبّ البحث والتقصّي، ويفكّر بالفعل، وقادرٌ أيضاً على تمييز الدليل والبرهان الحقيقي، يمكن أن يؤمن بالإشارات، وبالأيام والأعداد المحظوظة والمشؤومة. هو يعلم تماماً أنّ أيام الجمعة والثلاثاء لاتختلف عن بعضها، وأنّ الرقم 13 ليس رقماً مشؤوماً أو مميتاً وأنّه لايختلف البتة عن الرقم 12. إنّه يعرف أنّ تأثير الكوبالت على لابسها لايختلف عن تأثير الياقوت، أو الماس أو أي زجاج عادي. إنّه يعرف أنّ فرص زواج الفتاة العذراء لن تزيد أو تنقص مع عدد أوراق الزهرة أو بذور التفاحة. إنّه يعرف أنّ لمح القمر من فوق الكتف الأيسر لا تختلف من حيث الحظ والبخت عن رؤيته ولمحه من فوق الكتف الأيمن. إنّه لايهتم سواء ما إذا كان أول داخل إلى المسرح أحول أو أحدب، كسيح أو سليم الجسم كالإله أبوللو. إنّه يعرف أنّه يمكن طرد أي قطّة غريبة عن عتبة المنزل دون أن يجلب ذلك أي سوء حظ أو طالع للعائلة. إنّه يعرف أنّ عويل البوم في ليلة ذات قمر مكتمل لا يعني أن هناك شخصاً على وشك الموت. إنّه يعرف أنّ الشهب والكسوف والخسوف جميعها ظواهر طبيعية وستستمرّ في الحدوث حتى وإن مات جميع البشر. إنه لايخاف من خيوط الشمس، أو أضواء الشمال عندما تخترق رماحها المتألّقة درع الليل البهيم. إنّه يعلم أنّ جميع هذه الأمور تحدث بشكل مستقل ومنفصل تماماً عن الجنس البشري. إنّه يشعر باليقين بأنّ الفيضانات ستدمّر وأنّ الزوابع والأعاصير ستقتلع وأنّ الزلازل ستبيد، أنّ النجوم ستشرق، وأنّ الليل والنهار سيستمران بالتتالي على سطح هذا العالم، وأنّ ستظلّ تنشر عبقها في الهواء، وأنّ الضوء سيرسم قوسه الملوّن بسبعة ألوان على صفحة السماء الزرقاء، حتى وإن انقرض البشر وتحوّلوا هباءً منثوراً.
الإنسان المنطقي والعاقل لا يؤمن بوجود الشيطان, إنّه يشعر باليقين أنّ العفاريت والشياطين والأرواح الشريرة لاوجود لها إلا في خيال الجَهَلة والخائفين. إنّه يعرف كيف صُنِعَت هذه الأساطير والخرافات الخبيثة. إنّه يدرك الدور الذي لعبته في جميع الديانات. إنّه يعرف أنّ الإيمان بهذه الشياطين والأرواح الشريرة، ولقرون طويلة، كان اعتقاداً عالمياً وشائعاً. إنّه يعرف أنّ إيمان الراهب أو القس لم يكن أقوى من إيكان الفلاح البسيط. في تلك الأيام كان أفضل مثقف يكافئ أجهل أمّي. الملوك والخدم، السيدات والمهرجين، الجنود والفنانين، العبيد والمدانين، كانوا يؤمنون بالشيطان وبالله على حدٍ سواء.
ليس هناك أي دليل أو إثبات يدعم ذلك الاعتقاد، ولم يسبق له أن كان موجوداً. هذا الاعتقاد لم يكن قائماً على أي أساس أو حقيقة. بل كان مدعوماً بالأخطاء والأغاليط والمبالغات والأكاذيب. كانت الأخطاء طبيعية، أمّا المبالغات فكانت من دون وعي في أغلبها، بينما الأكاذيب والأضاليل فكانت عن سابق قصد وإصرار على العموم. فيما وراء هذه الأغاليط والمبالغات والأكاذيب، يكمن الحب الكبير للعجائب والغرائب. أعاجيب تمّ الاستماع لها بآذان لاتشبع، وعيون مفتوحة على وسعها، ووجوه مشدوهة بأفواه مفتوحة من شدّة الاستغراب.
الإنسان العاقل يعرف تاريخ معتقده، ويعرف أنّ حقيقته قد تأسّست على مدى قرون عديدة على أساس الكتاب المقدس. إنّه يعرف أنّ العهد القديم مليء بالإشارات إلى الشيطان، للأرواح الشريرة، وأنّ العهد الجديد لايختلف عن ذلك أبداً. إنّه يعلم أنّ المسيح نفسه كان يؤمن بالشيطان، وبالأرواح الشريرة، وأنّ عمله الأساسي كان طرد الشياطين من أجساد الرجال والنساء. إنّه يعلم أنّ المسيح نفسه، حسب العهد الجديد، لو تصبه غواية الشيطان فحسب، بل حمله إلى قمّة المعبد. إذا كان العهد الجديد هو الكلمة المنزلة والمعصومة من الرب، عندها أنا أعترف أنّ هذه الشياطين والأرواح الشريرة والعفاريت موجودة فعلاً، وأنّها تستحوذ على جسد الإنسان.
إنّ إنكار وجود هذه الأرواح الشريرة، إنكار وجود الشيطان، تعني إنكار حقيقة العهد الجديد. إنّ إنكار حقيقة وجود عفاريت الظلام معناه أن تعارض كلام يسوع المسيح. إذا لم تكن هذه الشياطين موجودة، إذا لم تكن تسبّب الأمراض والعاهات، إذا لم تكن تضلّل وتغوي ضحاياها، فهذا معناه أن المسيح كان جاهلاً، كان إنساناً يؤمن بالخرافات، مجنوناً، مزيفاً، أو أنّ العهد الجديد ليس هو الكلمة الحقيقية لما قاله أو فعله. إذا تخلّينا عن إيماننا بالشياطين، فعلينا أن نتخلّى عن وحي العهد القديم. علينا أن نتخلّى عن ألوهية وقداسة يسوع المسيح. إنّ إنكار وجود الأرواح الشريرة يعني تقويض أسس المسيحية. إنّها أرض وسطى. ول مجال للمساومة. إذا كانت جميع القصص عن طرد الأرواح الشريرة والشياطين من أجساد البشر في العهد الجديد مزيفة ومحض أكاذيب، فأي جزء منه صحيح؟!!
في واقع الأمر، إنّ نجاح الشيطان ومؤامؤته في جنّة عدن هو الذي جعل من حادثة مجيء المسيح ضرورية، وهو الأمر الذي وضع أسس مذهب الخلاص، صَلَب المخلّص، وأعطانا مذهب الثالوث.
إذا كان الشيطان غير موجود، سنرى المذاهب المسيحية جميعها تتعثّر، والبنية الفوقية التي تعرف بـ"المسيحية"، التي أقيمت على أيدي البابوات، البطاركة، والرهبان وعلماء اللاهوت _أقيمت مع الكثير من الأخطاء والأغاليط، مع المعجزات والعجائب، مع الدماء واللهيب، مع الأكاذيب، والأساطير المأخوذة من العالم البربري البدائي، تحوّلت إلى خراب مهدّم.
إذا رمينا إيماننا بالشياطين والأرواح الشريرة، فإنّنا ملزمون بالقول والاعتراف أنّ الساحرات كُنّ خرافة. لايوجد إنسان عاقل الآن يؤمن بالسحر والشعوذة. نحن نعرف الآن أنّ الأمر كله كان عبارة عن وهم. نحن نعرف الآن أنّ الآلاف والآلاف من الرجال الأبرياء، والنساء والأطفال تمّ تعذيبهم بقسوة ووحشية وحرقهم على الأوتاد لأنّهم اتّهموا بجريمة مستحيلة وغير موجودة أصلاً، ونحن نعلم الآن أيضاً، إذا لم تكن أدمغتنا مشوّهة من قبل الإيمان الأعمى، أنّ جميع الكتب التي تحدّثت عن وجود الساحرات والمشعوذون مكتوبة بأيدي رجال جهلة وخرافيون ومضلّلون. نحن نعلم أيضاً أنّ كتاب العهد القديم قد أكّد على وجود الساحرات. فحسب ذلك الكتاب المقدس، كان يهوه مؤمناً بوجود السحر والشعوذة، وقد قال لشعبه المختار: ((لا تتركوا ساحرة على قيد الحياة))
هذه الوصية بالذات _هذا العبارة البسيطة_ تثبت أنّ يهوه ليس إلهاً، وأنّه عبارة عن كائن بربري مسكين جاهل، ومتخلّف. هذه العبارة القصيرة تثبت بدون أدنى شك أنّ العهد القديم كتاب مكتوب بيد البشر، بشر بربريين.
كان جون ويسلي محقاً عندما قال أنّ عدم الإيمان بالسحر والشعوذة معناه عدم الإيمان بالكتاب المقدس.
تخلّوا عن الإيمان بالشيطان، وماذا سيبقى من كتاب يعقوب؟ كيف ستفسّر وجود الأرواح الكاذبة الخبيثة التي أرسلها يهوه لتضليل آهاب؟
رجال الدين الذين يعترفون أنّ السحر مجرّد خرافة سيقرأون قصّة ساحرة ويندور... سيقرأونها بوقار وبصوت جدّي... بصوت لاهوتي... وستكون لديهم الوقاحة والجرأة للقول بأنّهم يصدّقون هذه الروايات.
سيكون من الجيد معرفة أنّ الملائكة تحلّق في الجوّ، وأنّها تحرس الأبرياء، وتحمي الأخيار، وأنّها تنحني بحنان فوق مهاد الأطفال وتمنحهم الأحلام السعيدة والصحة والعافية، وأنّها تملأ الزنزانات بالنور بوجودها وتمنح الأمل للمساجين، وأنّها تسعى وراء الساقطين، والخطّائين، والآثمين، والمنبوذين، والحقيرين وتعيدهم إلى الفضيلة، والحب والسعادة. لكننا لانمتلك أي أدلّة حقيقية لا على وجود الأرواح الخيّرة ولا الشريرة منها. الملاكان اللذان زارا إبراهيم وأم شمشون ليسا حقيقيان أبداً، ولا يختلفان عن الأشباح والعفاريت خلال العصور الوسطى. الملاك الذي أوقف حمار بعاليم،الرجل الذي دخل إلى الفرن مع ميشيت وشادرَك، وأبيدنيغو، ذلك الذي ذبح الآشوريين والذي أزال شكوك يوسف في المنام، جميعها صُنِعَت داخل مخيلة السُذّج، من قبل عشّاق المعجزات، ثم تمّ تناقلها من المخرّفين إلى الأطفال، من الجهلاء إلى الجهلاء، طوال سنوات عديدة. باستثناء في البلدان الكاثوليكية، لم يقم أي زائرٍ مجنّح من العالم السماوي بزيارة الأرض لمئات السنوات. فقط هؤلاء الذين يغمضون أعينهم عن الحقائق بإمكانهم رؤية هذه المخلوقات الخرافية الجميلة، وفقط أولئك الذين يصلون لنتائجهم من دون مساعدة الدليل أو البرهان يمكنهم أن يؤمنوا بوجودها. قيل أنّ العظيم مايكل أنجلو، أثناء تزيينه لكنيسة، رسم بعض الملائكة يرتدون صنادل. نظر كاردينال إلى اللوحة وقال: ((من ذا الذي رأى ملاكاً يرتدي صندلاً؟)) أجاب أنجلو بسؤال آخر: ((من ذا الذي رأى ملاكاً عاري القدمين؟))
لم يسبق أن أثبت أحدٌ وجود الملائكة. طبعاً، نحن نعرف أنّ الملايين والملايين كانوا يؤمنون بالسيرافيم/الملائكة الرئيسية الكبار والشيروبيم/الكروبيين، كانوا يؤمنون أنّ الملاك جبريل تنافس مع الشيطان من أجل جسد موسى، وأنّ الملائكة أغلقت أفواه الأسود لحماية دانيال، وأنّ الملائكة علّمت المسيح، وأنّ أعداداً هائلة من الملائكة سترافق المخلّص عندما يأتي مرةً أخرى ليمتلك العالم. ونحن نعلم أنّ جميع هؤلاء الملايين يؤمنون من خلال الإيمان الأعمى والمتخلّف، ناظرين إلى جميع الحقائق والأدلّة البراهين بعين الاحتقار اللاهوتي.
لكنّ الآلهة لم تعد تنزل وتهبط على البشر. لم تعد تجلب المواساة إلى القلوب الجريحة. لقد طووا أجنحتهم ورحلوا عن الأرض من هوائها منذ أمدٍ بعيد. هؤلاء الحراس المجنّحون لم يعودوا يحمون المساكين والأبرياء، لم يعودوا يخفّفون المعاناة، ولم يعودوا يهمسون بكلمات الطمأنينة في آذان العاجزين. لقد أصبحوا أضغاث أحلام... رؤى متلاشية.


تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى