فوزية العلوي - أنا لا أحبّ البحر.. شعر

أنا لا أحبّ البحر
هي مسألة مزاج!
أو فلنقل هو إرثنا الأبوي
جيناتنا التي كبرت على الظّمإ الخرافي العريق
صحراؤنا الكبرى التي صمدت
وعول البر
وقد كلفت بعبير غزلان المساء
أو فلنقل هي زرقة الماء التي
دفعت جنود البحر كي يأتوا إلينا
ويوغلوا في رملنا الملحيّ
ويسرفوا في رعي أنجمنا
أنا لا أحبّ الموج
ولا صخب النوارس
ولا الفلك التي تجري على وجه المحيط
ولا أحبّ حكايا البحر
ولا بكاء عاشقة في مرفإ
أخذ الحبيب الى البرّ البعيد
ولست من عشاق العرائس اذ
يعرن ذيولهن للشعراء
ولا من خمّارات مالقة
إذ تدير أكواب الخيال
على عرب بكوا مجدا عفا في ذكر أندلس
البحر كان وراء طارق
لكنّنا الان وراء البحر
ووراء حيتان الزمان الزّرق
ووراء أسطول البلاء الأطلسي
والسّاهرين على دمنا المباح
والحاكمين بأمر الشمس
والماسكين بسوط الجوع
كي تبقى طيور شرفتنا تدور
هي بدعة أن نتّخذ على شرف البحار
لنا غرفا
وأن نرفع الأعلام السّود
إذا زأر المحارْ
وهفت إلى شطّ البحائر نجمة
قد عذّبتها لجاجة الأمواجْ...
ماذا نجوم الماء أمام أنجمنا
وما عشق الطّحالب إن مددنا حداءنا
وغناء صبوتنا الشفيف؟
ماذا الخريفْ
إذا رسا على شجن النوارس
إماّ هفت ظبياتنا وتبدّدت أنّاتها
في صفصف الحبّ العنيف؟
ماذا جفاء الموجْ
إمّا دققنا أوتادا لنا في مرمر التاريخ
وأعدنا أمجادا لنا كانوا هنا
يستقطرون البرق كي لا يموتوا
ويحمّلون قصيدة
كلّ الذي زرع الفؤاد من فتنة المعنى
ويسامرون الليل على رمل يمور؟



تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى