ألبير عياش - الحركة النقابية في المغرب: الجزء الأول: 1919- 1942 - - ترجمة: نور الدين سعودي - مراجعة: العربي مفضال

مقدمة

تعد الإحاطة بجذور حركة نقابية و بتطورها في مستعمرة أو في غيرها من البلدان أمرا صعبا.

ففي عهد الحماية الفرنسية بالمغرب لم تكن المنظمات الأولى –غير الثابتة و العابرة في أغلب الأحيان – تتوفر على أرشيفات. وحين تكونت هذه الأرشيفات ثم تشتيتها أو تخريبها في يونيو 1940. أما الأرشيفات الرسمية التي بإمكانها أن توفر المعلومات اللازمة -لأن السلطات كانت دائما تتبع بعناية نبضات الحركة العمالية- فإنها لازالت صعبة المنال هذا .

غير أن المجهودات التي بذلت من أجل التنظيم المهني –وهي نسبيا غير بعيدة زمنيا، إذ تعود أقدمها إلى نصف قرن –تركت أثار وذكريات. ولقد أشار مناضلو تلك المرحلة، الذين ثم استجوابهم، إلى أحداث هامة ووجهوا بحثي وأعطوني أحيانا وثائق مفيدة .

إلا أن المصادر المطبوعة –تصريحات، حوليات، إحصائيات، نشرات، دراسات وتحريات ميدانية أو صادرة عن أرباب المعامل، صحافة نقابية وسياسية، وكبريات الجرائد اليومية– هي التي وفرت المادة الأساسية لهذا البحث .

وهكذا، ثم الكشف عن المجموعات والأشخاص الذين شكلوا العناصر الفعالة في هذا التاريخ. وقد ظهرت هذه المجموعات مند الاحتلال الفرنسي للمغرب إلى جانب أو ضمن المجتمع المغربي التقليدي، وكانت تضم، مقابل أرباب العمل و المستوطنين الكبار وسلطات الحماية، الموظفين والمأجورين الفرنسيين، وكان بعضهم نقابيين واشتراكيين أو شيوعيين، وكذا الكتلة المتنامية من العمال المغاربة المنخرطين ضمن العملية العصرية للإنتاج و المبادلات ، والتي تمثل جنين بروليتاريا غير محددة الملامح وذات شعور غير ثابت.

لقد ثم الكشف و التأريخ لأحداث متعلقة بإنشاء وبحياة نقابات و أحزاب سياسية، بالنضالات المطلبية، بأفعال وردود أفعال أرباب العمل والحكومة، و بالصلات مع الأوضاع الفرنسية والدولية. وسمحت الكرونولوجيا المنجزة بإقامة العلاقة فيما بين الأحداث وبتوضيح تسلسلها وجدليتها .

ونظرا للتغثرات الحاصلة في المعلومات، يتضمن هذا البحث جوانب غير مؤكدة و غير واضحة . وسنكون مدينين بالشكر لكل من تقدم بتقييم أو بملاحظة أو بوثيقة تسمح لنا بتكميل هذا البحث أو تقويمه.

وفي انتظار ذلك، نود تقديم شكرنا لكل الذين أجابوا بطول نفس وبدون ملل، عن الأسئلة التي طرحت عليهم، وخصصوا جزءا من وقتهم في فرز النشرات و الجرائد بالرباط، وقدموا اقتراحاتهم في الوقت الذي كان ينجز فيه هذا المخطوط. إن هذا الكتاب مدين لهم بالكثير .



ألبير عياش

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى