مزمل الباقر - أمُّنا.. فاطنة أو (الحقبة الفاطمية في تاريخ الدولة السودانية) (5-5 )

واقفات .. شايلات مشاعل الضي
لفاطني أم سماح فرع النضال الحي
وانتي زرعتي صاح
زرعك نجيض مو ني
نعشك نورو لاح
ختفنو من إيدي
د. محمد بادي
تحدثت في الحلقة الرابعة من هذه المقالات عن كيف أن الأستاذة فاطمة أحمد إبراهيم تمثل نموذج لنظال المرأة السودانية ثم تحدثت في بعض من التجربة الغنية التي خاضتها أُمّنا فاطنة مع الإتحاد النسائي السوداني منذ تأسيسه بإعتبارها أحد المؤسسات للإتحاد ورئيسة له كذلك وكتبت عن مجلة (صوت المرأة ) التي قامت أستاذة فاطمة أحمد بتأسسها ورئاسة تحريرها ونقلت بعض ما كتبه أستاذة فاطمة القدال في كتابها ( شاهدة على مسيرة الإتحاد النسائي السوداني خلال نصف قرن من الزمان ) وكذلك ما كتبه د.عبدالله علي إبراهيم عن السياسة التحريرية للمجلة التي كانت لسان حال الإتحاد النسائي السوداني . ثم ذكرت جزءاً من إفادة الأستاذة الصحفية: عفاف أبو كشوة لبرنامج الإعلامي المخضرم: عمر الجزلي ( برنامج أسماء في حياتنا ) والذي خصص عدد من حلقاته للتوثيق لمسيرة أستاذة فاطمة أحمد إبراهيم . وذلك إستعنت بما أورده د.عبد الله علي إبراهيم في كتابه ( فاطمة أحمد إبراهيم : عالم جميل ) عن حوار الكاتبة : مهناز أفخامي لإستاذة فاطمة أحمد والذي ضمنته في كتاب باللغة الإنجليزية بعنوان (نساء في المنفى). وختمت مقالي الرابع بالحديث عن بعض من الجوائز التي نالتها أستاذة فاطمة أحمد طوال مسيرتها.
أواصل في هذه المقالة الأخيرة عن لقائي الأول معها ولقائي الأخير وبينها ما دار في تشييعها من وصول الجثمان إلى صالة الوصول بمطار الخرطوم وحتى استقراره بمقابر السيد البكري بإمدرمان.
فاطنة .. أيقونة المرأة السودانية:
يرى د.حسن مدن ((بعد إعلان وفاتها لم تبقَ جهة رسمية أو أهلية أو حزبية في السودان إلا ونعتها، مُعددة مناقبها ومُجلّةً لسيرتها الكفاحية الحافلة، حيث ينظر لها السودانيون جميعاً على اختلاف مشاربهم على أنها أيقونة المرأة السودانية، التي لن تغادر ذكراها قلوبهم ((
في العام 2004م ورد في عدد من صحف الخرطوم – إن لم يكن جميعها – مانشيت عن العودة النهائية للمعارضة السودانية : فاطمة أحمد إبراهيم وقرأته مثل غيري من قراء صحف الخرطوم فتخيلت مشهد إستقبالها في صالة الوصول لمطار الخرطوم
انت التي في .. خاطر الكلمات
حين تحيض من رحم القصائد
والهتافات التي تخضر في .. جوف
الحناجر
في انفلات الشارع .. المغبون
أو . في منصات المنابر
حين تأتلف.. الجموع
انت .. النضال
تجسد في ثوب امرأة صمود
يا فاطمة (1)
هذي الحشود .. تزاحمت
هذي الحشود .. تلاحمت
كل الجموع .. مشاغبين
كل الجموع غدت .. عيون
كل الجموع .. ترقبت
إمرأة يسكنها النضال
يا فاطمة
هذي الجموع ....
مرحبين ... مهللين
عمال .. عطبرة
مزارعون من .. أرض الجزيرة
ستات شاي
تكنوقراط ... أفندية .. (ج. د.)
ممرضات .. ونسوة من برلمان الشعب
أيام النميري
جئن ُملفحات بالثياب البيض
جئن ملوحات ...
موظفون .. معلمون .. شعراء .. فنانون .. ممثلون
كل الجموع .. غدت عيون
عجبت بهم أرض المطار
ضاقت بهم جنباته
يا فاطمة
ملح الأرض
وايقاع حياتها اليومي
تمترسوا باسفلت افريقيا (2)
اياديهم .. ترنو إليك
ملوحة
اياديهم خضراء .. مملؤة بالشحم والاسمنت والطمي .. الجميل
وعيونهم .. ترنو إليك
مملؤة بالشوق والعرفان والحلم ... القديم
يا فاطمة
لحضورك ذاك البهي
تجمهورا
والاصبع السبابة ... والأصبع الوسطى .. تفرقا
في إشارة للنصر
تهدجت عبراتهم
(حرية .. حرية)
ٌبحت حناجرهم
(حرية .. سلام .. وعدالة .. والثورة خيار الشعب)
يا فاطمة
هذي الجموع .. تزاحمت
لقدومك الميمون
يا فاطمة ..
عانقي هذي الجموع
فاطنة .. تشرق في ليل دار الرياضة :
نظراً لإرتباطات دوام العمل ، لم اتمكن من أن احتشد مع غيري في صالة الوصول بمطار الخرطوم لإستقبال أٌمّنا فاطنة . فظللت أترقب لقاءنا يجمعني بها وحال حالي الشاعر : احمد محمد الغالي حينما كتب ( أتلصص السقيا من فارغ الأكواب ) حتى علمت أن هنالك احتفال سيقام على شرف حضور أستاذة فاطمة أحمد بدار الرياضة بأمدرمان
فاطنة .. وتصريح جنبلاط :
(( برحيل المناضلة فاطمة أحمد إبراهيم، فقد السودان والعالم العربي مناضلة وناشطة حقوقية وإنسانية وبرلمانية عريقة كرّست حياتها في سبيل قضايا المرأة والتربية وتنمية المجتمع وعملت جاهدةً للتحرر من الأنظمة العسكرية والديكتاتورية والإنفتاح على العالم.
لقد خاضت فاطمة أحمد إبراهيم غمار التربية والتعليم والسياسة والنضال والكفاح من أجل حقوق المرأة المضطهدة رافضةً تكبيل أيديها بالغلال الإجتماعية الموروثة البالية القديمة التي تعيق إشتراكها في الحياة الوطنية والمجتمعية بشكل كامل فأسست عدداً من الجمعيات النسائية التي ناضلت في سبيل مجتمع أفضل.
كما أسست مجلةً لصوت المرأة لكي تعبر عن تطلعاتها في سبيل حياة كريمة تتمتع فيها بكامل الحقوق وتقوم خلالها بكل الواجبات. كانت تؤمن بالكلمة الحرة المسؤولة وعكست ذلك في مؤلفاتها العديدة.
ناضلت في صفوف الحزب الشيوعي السوداني في مواجهة نظام جعفر النميري وسائر الأنظمة الديكتاتورية في ذاك الزمن الذي كافحت فيه حركات التحرر الوطني الإستعمار حيث كانت طبيعة الصراع مختلفة عن زماننا الراهن الذي يتسم بالظلامية.
كانت الراحلة أول إمرأة تنتخب إلى البرلمان السوداني فشكلت مسيرتها التشريعية والبرلمانية علامة مضيئة أثبتت خلالها أن قدرة المرأة السودانية على المشاركة في الحياة السياسية هي قدرة عالية جداً وان بإمكانها العمل في المجال التشريعي وإقتراح القوانين التي تتيح أحداث تغيير جذري في المجتمع ودفعه نحو الحداثة والتقدم فقدمت بمسيرتها الحافلة مثالاً للعمل النسائي وللعمل التشريعي السياسي الناجح.
ختاماً، إن رحيل فاطمة أحمد إبراهيم سوف يترك فراغاً كبيراً في العمل الإجتماعي والسياسي السوداني والعربي، وسيفتقد العالم العربي رمزاً بارزاً من رموز النضال والكفاح.
في هذه اللحظات، أتقدم بالتعازي والمواساة من أسرتها ومن الشعب السوداني الشقيق) .
فاطنة .. الجسد النحيل يصل مطار الخرطوم:
كانت محدثتني تعي ما تقول وتقصد ما تفوهت به حنجرتها فليس كل من حضر لاستقبال صندوق الجثمان كان من المحبين والمريدين لأمنا فاطنة. فالمكان عج بكوادر الأمن ( الأمنجية ) بعضهم داخل بكاسي ( جمع عربة بوكس ) أو راجلين وسابلة وبحشد من القوات النظامية ( الشرطة العسكرية ) التي توزعوا بين العربة الكبيرة التي نسميها في السودان بالكومر أو في ظهر البكاسي .. ما احصته عيناي من الوهلة الأولى كان ثلاثة عربات للقوات النظامية وعدد واحد بوكس أمن – هذا في ما يخص صالة المغادرة – أما بجهة صالة الوصول فالعدد أكثر من ناحية المركبات والراكبين او السابلة .. لقد جانا النظام بعدة وعتادة .. لذلك صدقت مدحثتني حينما قالت : ( يا حليلك يا فاطنة .. مجهجهاهم .. حية وميتة ) . والجهجة بعامية وسط السودان ومناطق أخرى فيه تعني التردد في اتخاذ القرار نتيجة لتأثير عوامل داخلية ( التفكير ) أو خارجية ( الظروف المحيطة بالشخص المتجهجه إن جاز التعبير ).
روح فاطنة .. تحلق فوق شوارع الخرطوم وأمدرمان :
تحرك الموهب المهيب مغادراً أرض المطار .. البوكس الذي يحوي الجثمان محاطاً بكوادر شابة تنتمي للحزب الشيوعي السوداني وقد تشابكت ايديهم وهم يحيطون بالبوكس من جميع اتجاهاته – وسيتكرر نفس هذا المشهد والمشيوعون يسلكون الطرقات في طريقهم لمثوى أمنا فاطنة الأخير بمقابر البكري - وهنالك حافلة ركاب Mini Bus متخمتة بأجساد البشر وبالأعلام الحمراء واللافتات الورقية والقماشية التي تقتبس من أشعار حميد ومجحوب شريف وصوراً لأمنا فاطنة في مراحل عمرية مختلفة، وعربة بوكس متخمة بالأعلام الحمراء وبالأجساد يتوسطها طبل ضخم – نسميه في السودان: نحاس – وقد برع أحدهم بالطرق عليه مستخدماً عصاتين قصيرتين
كانت هنالك أرتال من العربات والسابلة تغادر المطار .. والناس قد اختلفت مشاربها السياسية .. وقد أحسنت لجنة التشييع – أو لعلها لجنة التابين – في أن جعلت معظم النساء والشابات اللاتي جئن للمطار لاستقبال الجسد النحيل - الذي حوى روحاً ثائرة ومستنيرة – جئن ملفحات بالثياب البيض كما تخيلت في قصيدتي ( يا فاطمة ) . صحب الموكب عربتين بوكس أمتلأت بأفراد القوات النظامية وفي معيتها بوكس الأمن أو سيارات أخرى (سيارة صالون ) أي سيارات خاصة اختلف من بداخلها بين المريدين أو الأمنجية.
لأدري أي جسر اختاره الموكب ليجتاز الخرطوم إلى أمدرمان فلقد كنت في عربة خاصة فضل سائقها تفادي الإزدحام المروري فإنتقل من شارع إفريقيا لشارع القيادة قبل أن ينتهي لتسلق جسر القوات المسلحة الذي يجاور جامعة الخرطوم كي يدخل أمدرمان عن طريق الخرطوم بحري.
من شارع المورد ة اخترنا حي الأمراء حتى ننتهي لشارع الأربعين وهنالك ترجلنا ومستشفى الأربعين على يمنانا .. ترجلنا كي نسلك راجلين الشارع الذي يقبع فيه البيت الذي عاشت فيه أٌمّنا فاطنة سنوات طويلة من حياتها بحي العباسية .. كانت الحشود تلوح بأعلامها الحمراء وأعلام طائفة الختمية وطائفة الأنصار واللافتات تقتبس من رائعة الشاعر السوداني العظيم : محمد الحسن سالم حميد والتي حملت عنوان : قاسم أمين ، مخلداً بقصيدته هذه جزءاً من مسيرة النقابي قاسم أمين إبن مدينة عطبرة .. قرأت عيناني اللافتة هو نفس بيت الشعر ( ماشين في السكة نمد .. من سيرتك للجايين ) .. فتذكرت بيت الشعر الختامي والذي صدحت به حناجر كورال الحزب الشيوعي السوداني - ( مصطفى سيد أحمد، آمال النور وغيرهم من الفنانات والفنانين ) - في إحتفالية العيد الأربعيني لتأسيس الحزب الشيوعي السوداني (1986م) في ذلك التسجيل القديم الذي احتل مساحة بين فيديوهات موقع اليوتيوب:
ماشين في السكة نمد .. من سيرتك للجايين
شايفنك ماشة تسد .. وردية يا قاسم أمين
ولافتة أخرى مأخوذة من قصيدة ( وا حلالي ) والتي نظمها شاعر الشعب ( محجوب شريف ) في النقابي : الشفيع أحمد الشيخ :
الشفيع يا فاطنة في الحي
في المصانع وفي البلد حي
ولافتات أخرى مكتوبه فيها : شكراً فاطمة وتذكر اللافتة تحت عبارة الشكر بعضاً من الحقوق التي انتزعتها أمنا فاطنة لصالح المرأة السودانية .. وهنالك لافتة تعزية من الاتحاد النسائي السوداني وأخرون وأخريات يحملون صوراً لأستاذة فاطمة أحمد في مراحل عمرية مختلفة .. وحينما اقترب البوكس الذي يحمل الجثمان من مدخل الشارع الذي يوجد به منزل الأسرة ( آل أحمد إبراهيم ) ارتفع الهتاف حتى بلغ عنان السماء وتعالى النحيب والبكاء .
دخلت ورفيقتاي للشارع كانت أعداد المعزين والأمنجية كثيرة للحد الذي يستحيل معه السير بخطى واسعة .. كنا نزحف في الزقاق كمخلوقات الله الدنيا من كثرة الإزدحام ولازال الهتاف عالياً مصحوباً بعلامة النصر أو اليد المقبوضة وهنالك أيدى أخرى مرتفعة كي تصور المشاهد بكاميراتها الرقمية أو كاميرا الموبايل.
فاطنة .. بين الطارد والمطرود:
بعد قليل تعالى الهتاف ولكنه لم يكن هتافاً بالنشيد وإنما ( فاطمة دغرية .. ضد الحرامية ) وقرأت عياني عربة بيضاء ضخمة مظلة نوافذها باللون الأسود. وقد ترجل سائقها في محاولة لإثناء الناس عن طرد العربة ومن فيها من مكان العزاء. علمت فيما بعد أن بداخلها رئيس الوزراء الحالي: بكري حسن صالح ووالي ولاية الخرطوم: عبد الرحيم محمد حسن ، ووالي شمال دارفور: أحمد هارون.
بعد أن هدأت الأجواء بخروج العربة البيضاء ومن بها ، تحرك موكب المعزين لميدان الربيع الذي يقع في نفس الشارع من حي العباسية وذلك لتأدية صلاة الجنازة في نفس المكان الذي شهد زفاف أمنا فاطنة للنقابيي الشفيع أحمد الشيخ .. وإذا بجموع المعزين تشاهد العربة البيضاء الفخمة مرة أخرى و ... (( بكري حسن صالح، رئيس الوزراء، وعبد الرحيم حسين والي الخرطوم، وأحمد هارون والي شمال كردفان وصلوا ميدان الربيع للمشاركة في تشييع الراحلة فاطمة، قوبلوا بوابل من الهتافات المناوئة التي أحاطتهم حتى اضطروا إلى الخروج.
(( انبهل بعض المنتسبين إلى السلطة ، وبعض المؤيدين لوماً وشتماً وسباً ولعناً، بل وطرداً من ر حمة الله ضد من هتف مناوئاً خلال التشييع.
(( قبل كل ذلك .. هل يتذكر هؤلاء حينما خطب رئيس البرلمان السابق، الفاتح عز الدين أمام منسوبي جهاز الأمن، وتوعد كل المعارضين بسن قانون يحرمهم من الدفع داخل البلاد، لأن أرض السودان ليست حجراً يتبوّل عليه الثعالب – كما قال
وهل يتذكر – كل من لام من هتف ضد المسؤولين – الخطاب الكريه لوالي شرق دارفور أنس عمر قبل أيام حينما وجه بعد دفن جثتت منسوبي الحركات، وأن يُتركوا في العراء، لتقتات منها الصقور.
(( بعد كل ذلك مطلوب من الطرف الآخر أن يُقابلهم بالورود!.
((القضية ليست في مؤيد للطرد، أو ضده، القضية الأهم التي ينبغي أن يُنظر إليها باعتبار أن مساحات التسامح انعدمت تماماً، ولم تترك هذه السلطة ( سنتمتراً ) واحداً لقيم سودانية
(( كيف يكون مطلوب من أحدهم أن يتلقى العزاء في من شرده أو عذبه أو اعتقله، هل هؤلاء بشر أم ملائكة؟
حالة الهيستريا التي تفشت عقب طرد رئيس الوزراء وبعض المسؤولين فسرت أن حالة الإنقسام هذه شيوعيون معارضون مقابل السلطة ، لكنهم تناسوا حادثة طرد نافع على نافع من عزاء صلاح السنهوري، الذي فاطت روحه غدراً في تظاهرات سبتمبر، ولا يزال قاتله حراً يتبختر، هل كان ذلك الموقف شيوعياً، أم موقف أصحاب وجع؟!
(( القضية أكبر من شيوعي معارض وسلطة
(( ما حدث في أوقات سابقة، وما جرى أمس ليس مستغرباً، ولا يستحق كل هذا الذهول والبكاء على ما يُسمونه ( قيمنا السودانية )، هذه القيم التي نبكيها الآن وطأها الاستبداد ونسفها، ثم محى أثارها.
(( الذي حدث أمس، وقبله هو – ببساطة – حصاد، فلا تلوموا ( رد الفعل ) ، وتتركوا ( الفعل ).! )).
فاطنة .. إلى جوار الله:
سلكنا – نحن المشيعين – الطريق المفضي من ميدان الربيع إلى حي العرضة شمال حتى تلقتي بشارع العرضة نفسه ثم نفارقه لندخل في شارع ( 6 أبريل ) الذي يصل شارع العرضة بشارع الشنقيطي ليمر الموكب حي العرب وحي المظاهر وحي المسالمة وحي العمدة في طريقه لمقابر البكري والهتافات تصحبنا في حلنا وترحالنا وكان الموكب يضمن رجالاً ونساءاً من مختلف الأعمار ، بجوار سمعت هتاف يعلو بقوة
عاش نضال الشعب السوداني
عاش نضال المرأة العاملة
عاش نضال الحزب الشيوعي
إلتفت لصاحبة الهتاف فوجدتها سيدة كبيرة في السن ترتدي الثوب الأبيض - الذي كان الزي الرسمي لموظفات الدولة وطالبات جامعة الخرطوم واستاذات المراحل التعليمية بدأ من المدرسة الإبتدائية وانتهاءاً بمدرجات الجامعات. – كانت السيدة صاحبة الهتاف تسير بصعوبة - وقد تمايل جسدها في السير نظراً لإلتواء ساقيها بسبب نقص لعنصر الكالسيوم كما يحدث عادة للنساء التي في عمرها – فوجدني أسير بقربها وقد قربت بين خطواتي حتى ألازمها منعاً لسقوطها أثناء سيرها فوجدت عزمها أمض من عزمي في المسير حتى أصرت عليها إحدى السيدات أن تجاورزها في الركشة – مركبة صغيرة بثلاثة إطارات تسمى في مصر بالتُكتُك – فإنصاعت بعد كثر إلحاحٍ من السيدة الأخرى.
بعد انتهاء مراسيم الدفن ، خطب فينا أحدهم فعدداً مآثر أمنا فاطنة ويدعونا للصبر والجلد ومن ثم أشارعلينا بتلاوة سورة الإخلاص إحدى عشر مرة ، فإلتهجت ألسن الجموع بالتلاوة حتى صارلنا صوتاً كالهدير ، قبل أن يرفع كفيه بالدعاء لها. ومعظم المشيعين يرددون من خلفه آمين .. آمين... آمين .. آمين.
مزمل الباقر
الاثنين 14/ 8 / 2017م
قاعة عبد الله الطيب – جامعة الخرطوم
مراجع المقال:
(1) د. حسن مدن – مقال: إمرأة شجاعة من السودان - الموقع الإلكتروني لصحيفة الخليج : العدد بتاريخ 14/ 8/ 2017م على الرابط التالي:


http://www.alkhaleej.ae/.../545179E1-2970-4D92-A019...

(2) مزمل الباقر – قصيدة: يا فاطمة _ موقع الحوار المتمدن بالرابط التالي:
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=348781

(3 ) مقطع من قصيدة : عيناك للشاعر السوداني : احمد محمد الغالي ، وقد قام الموسيقار السوداني : عثمان النور بوضع لحن جميل لهذه القصيدة الرائعة وتغنت بها فرقته السودانية التي أسسها الأخير في النصف الأول من ثمانينيات القرن الماضي وأسماها : عقد الجلاد.

(4) ( Fiery activist who became the first female MP in Sudan and campaigned tirelessly for women’s rights - August 14 2017, 12:01am, The Times )https://www.facebook.com/abdullahi.ibrahim.5099/posts/1021317224677932

(5) جريدة الأنباء: جنبلاط: رحيل فاطمة احمد إبراهيم سيترك فراغاً كبيراً - التصريح بالعدد بتاريخ 15 أغسطس 2017م بالرابط التالي: http://anbaaonline.com/?p=552523

(6) مصطفى سيد أحمد : أغنية: قاسم أمين - في الاحتفال بالعيد الأربعيني لتاسييس الحزب الشيوعي السوداني - 1986م بالرابط التالي:

https://www.youtube.com/watch?v=kFvxS3GQp0Y&pbjreload=10

(6) شمائل النور: هذا حصادكم - عامود: العصب السابع - بموقع الراكوبة الإلكتروني عن صحيفة: آخر لحظة - عدد الخميس 17 0 8 0 2017 الجزء الذي اقتبسته من المقال بدأ من (( بكري حسن صالح، رئيس الوزراء، ....الذي حدث أمس، وقبله هو – ببساطة – حصاد، فلا تلوموا ( رد الفعل ) ، وتتركوا ( الفعل ).! ))) .. بالرابط التالي:
https://www.alrakoba.net/news-action-show-id-283760.htm

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى